كلام الناس لن تثنينا الأخبار المفجعة التي تجري في بلادنا أو في دولة جنوب السودان الشقيقة التي خرجت من رحم بلادنا وهي تعاني مثلنا من نزاعات واختناقات سياسية واقتصادية وأمنية توثر سلبا على المواطنين في كل من البلدين الشقيقين. لسنا في حاجة إلى التأكيد أننا ضد كل أنواع النزاعات والعنف المجاني الذي يروح ضحيته الأبرياء، وندفع ثمنه جميعا ولن يخدم حتى للأطراف المتنازعة قضية، لذلك فإننا ندين كل ما جرى في شمال كردفان وأن كنا نعترف بوجود قضايا خلافية ومظالم ومرارات تستوجب الاتفاق على حلها. ندين أيضا ماحدث من إشتباكات مسلحة في منطقة قولي شمالي أبيي التي راح ضحيتها عدد من القتلى من بينهم سلطان دينكا نقوك كوال دينق مجوك، ولكننا نرى أن كل ذلك ينبغي أن لا يصرفنا عن الجدية في السعي للوصول إلى الاتفاق السياسي الشامل الذي يقفل كل أبواب العنف والاحتراب. أثبتت الحرب الأهلية التي كان دائرة بين الشمال والجنوب سنين عددا أن النزاعات المسلحة فشلت في الوصول بين الطرفين إلى اتفاق، فيما تم الاتفاق بينهما على مائدة الحوار الذي حقق السلام في الجنوب وإنجاز تقرير المصير. نعرف أن هناك ثغرات ما زالت قائمة في دولتي السودان، لكننا نعلم أيضا أنه لا سبيل إلى سد هذه الثغرات وتجاوز اسباب الخلافات ومحاصرة الاختناقات السياسية والاقتصادية والأمنية في البلدين إلا بالاستمرار في طريق الحوار وليس بالعودة إلى مربع الحرب المكلفة بلا طائل كما يروج لذلك "الصقور" هنا وهناك. فيما يلي السودان الباقي فإننا نرى أنه لابد من الإسراع بعقد اللقاء السوداني الجامع لمحاصرة نيران العنف والاحتراب بما يحقق السلام الداخلي والتعايش السلمي ويؤمن لجميع أهل السودان حقهم في بناء مستقبلهم السياسي والاتفاق على دستور يقبله الجميع. مرة أخرى نقول إن الحرب التي فشلت في تحقيق السلام من قبل ستكبد بلادنا وأهلنا الطيبين المزيد من الخسائر وأنه لا مخرج من كل هذه الاختناقات إلا بالحوار الداخلي الجامع واستمرار الحوار مع دولة جنوب السودان لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه وتعزيزه لتأمين السلام ولدفع اتفاقيات التعاون لصالح المواطنين في بلدينا.