أنا لم أقرأ مقالك الذي اعتذرت عنه والذي تم سحبه من صحيفة سودانايل ، ولكن ما أحسه من أدب ونبل في اعتذارك الجميل يجد في نفسي مساحة من الاحترام لك ، ومساحة أيضا للتسامح . كثير يا أخي من المسلمين أنفسهم من أساء للإسلام وكثير منهم من يدس ليل نهار لهذا الدين وتحت شعار محاربة المؤتمر الوطني ، ولكن يا أخي لا تظن أن مفرزة المسلمين تعوزها الغرابيل الناعمة لفصل السم عن الدسم ، ولا تظن أن الناس لا تفرق بين الحرب للمؤتمر الوطني ، والحرب للإسلام تحت ستار المؤتمر الوطني ، فأنا أدعوك وأدعو الجميع هنا أن يحترموا الأديان ، علما بأن أي مسلم يكون إيمانه ناقصا إن تعرض للدين المسيحي (الحق) أو تعرض لسيدنا عيسى عليه صلاة الله وسلامه ، وكما تنتظرونه أنتم ليملأ الأرض عدلا ، فإنا ننتظره بنفس القدر ، حتى يزيح عنا الظلم في السودان وفي أبيي وفي كل الدنيا. ولا تظن أخي أن إنفصال الجنوب وتكوين دولتكم الجديدة سيحرمنا من تقدير أخوتنا في الجنوب ، فإن فيهم من نحبه ونكن له كل الود والإحترام ، وأن تكونوا دولة أخرى ، فما ضرنا وما ضركم أن نحاط بعشرات الدول الأخرى ، ويا أخي الدنيا واسعة ! ونحن أو أنتم لا نملك نواصيها ، وهنا أهديك قصيدتي التي كتبتها في العام 2009 ونشرت في سودانايل أيضا ، بعنوان (هل حان وقتك يا كوال ) ، وداعا للأخ السفير السابق لجمهورية السودان بجنوب أفريقيا ، كوال ألور ، أظنه الأن في وزارة السياحة في الجنوب ، والتي أرفقها لك مقتبسا لك من مقدمتها ما يلي :- " هذه قصيدة بسيطة لا تصف الرجل ..... الذي ترحل محاسنه أمامك مثلما يرحل السراب ، فلا تستطيع ملامسة أعطافه ، والرواء من أنداءه .... ولكني قصدت فيها أن أعبر عن ما يجيش بخاطري عنه ، فقد أعطانا مثالا .... كنا نظن أننا وحدنا في الشمال .... أدب .... وذوق ... وإباءا وعطاء .... ولكنه أثبت أن من أخواننا في الجنوب ما تقصر عنه هامتنا وهممنا .... وفتح في رأسى كوة جديدة من الفهم .... والإدراك ... وصحح فيه أوراقا كتبت أحرفها بالجهل والتجاهل لأداء الغير ... وسكًن في قلبي حجرا ثقيلا من طمأنينة ... أنه يمكن لسوداننا أن يعيش محبة وإخاء وإرتقاء ولقاء ..... ، والقصيدة تصلح أيضا لوداع كوال الفقيد ، سلطان دينكا أنغوك ، نسأل الله له الرحمة ولكم ولنا في أمثال كوال حسن العزاء ، وعبرها أعزي أيضا أخي الكبير المهذب كوال ألور في إبن عمه كوال . القصيدة : هل حان وقتُك يا كوال ؟!!! *** هل حان وقتُك يا كُوال؟ هل حان وقتُك والرحيلُ يكفكفُ الأيدي الطِوال ؟ ويداكَ حُبلى بالعطاء وأنت تنفقُ باليمين وبالشمال كنا نُغني إذ نراك سعادةً .... كنا نمني النفسَ دوما باللقاء وبالوصال الناس تسعدُ حين طلعتكَ البهيةَ تنجلي ... ومضاً ... ونوراً .... وجلال بالود دومًا تنحني بالذوق شوقاً تنثني فيعم مِعطفَِك الجمال ونراك تنشرُ رأيكَ الفواح طيباً .. ورضاً ...وزنابقاً فرحى ... وفال تتمدد الأضواءُ ... والأشياءُ .... والأهواءُ .... نحوك في إمتثال ولأنت تًصُدق كلَ حين ... في المقال فتكون رمزاً ودليلاً وعظيماً ومثال ... وتفوق هامات الرجال .... الفارهين أناقة ... الشامخين تأدبا ... عند المحافل والمداخل والوصال وتطول قامات الجبال الشامخات معزةً ... نحو المعالي والعوالي والكمال *** والناسُ تخشى الإنفصال سيظلُ حبُكَ للوطن أندى من المُزُنٍ الثقال ويداك باستطا كؤوس الحب من أقصى الجنوب إلى الشمال بالود تَرعى ، بالندى ، بالشوق تطفحُ بالنضال فالصدقُ فيك مقالةَ والحبُ فيك أصالةَ والذوقُ بعضاَ من خصال *** ولأنت ترحلُ يا كوال ..... فالدور تحزنُ للفراق فجيعةٌ .... والناسُ تخشى الإرتحال سيعمُ في الدار الرحيبِ كآبةُ ويحومُ فيها الإبتذال ستتوقُ للمسِ البريءِ زهورُها ويسودُ فيها الإنحلال وتعمُ مكتبَك الوثيرِ رتابةٌ وتموتُ بالحزن المَحال سيودعُ العمالُ شخصَك بالنحيب وبالوجيب وبالسؤال! من بعدَكم سيكونُ فينا هاديا؟ من بعدَكم سيكونُ عيداَ للعيال؟ من بعدَكم سَيُهشُ فينا باسماَ ؟ من بعدَكم سيكونُ رمز الإعتدال؟ *** ولأنتَ ترحلُ يا كوال ..... ستظلُ تحرُسُنا على الدهر الخلال الهادياتِ إلى الطريقِ محبةَ الباقياتُ هنا ... دليلا ومُقيلا وظلال ويظلُ وهجُك هادياً ويظلُ فينا شاديا ... لا الصوتُ يخبو لا سماتِ البِشرِ فيك ولا المثال سيكونُ مثلُك يُحتذى أدباَ وحباَ دائماَ ويظلُ ينبُضُ بالجمال ويظلُ شخصُك يستطيلُ مودةَ دوماَ هنا... يا خيرَ من ورث الرجال الرفيع بشير الشفيع 2009 " إشارة هامة لنا ولكم في جنوب السودان : (من يقرأ هذه الإشارة من ذوي الغرض .. المغبشين للحق... سيقول يجب ألا نعلق مشاكلنا على الغير) :- لا أنسى هنا أن أذكرك بقول الشاعر (كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا) ، وهنا أشير إلى أن بعض الدول المجاورة والبعيدة ، يا عزيز لها المصالح التجارية والمصالح الدنيوية الأخرى في إبقاء الجنوب والشمال متحاربين على مر الساعة ، ولا تنسي يا أخي أنه بعد أسبوع واحد من نايفاشا إشعلت حرب دارفور ، وعند الشعور بالتقارب بين الجنوب والشمال بفترة وجيزة جدا أشعلت هجليج ، وبعد التوقيع على المصفوفات الأخيرة جن جنون يوغندا فجمعت الثورية وأقامت عودها ، وبعد لقاء .. ما يسمى الحركة الشعبية – شمال ، والمؤتمر الوطني أشعلت أم روابة وأبو كرشولا ، وبعد الإعلان عن ضخ البترول الجنوبي ليسري في شرايين الشمال منفعة للدولتين وبعد إعلان زيارة السيد سلفا كير للشمال ، تمت الفتنة بيد القوات الأثيوبية (عنوة) وفي الوقت المرصد ، تم إغتيال الأخ الفقيد كوال ، وقبله إبراهيم والحكاية بدأت بإغتيال جون قرنق ، ولا نعتقد أن إغتيال البشير في الجنوب أة إغتيال سلفا في الشمال ، إزكاءا لهذه الفتنة ، ببعيد ، وسوف يكون سعارهذه الفتن موقدا إلا أن يكون وعينا قدر الحدث . ألرفيع بشير الشفيع