دوافع :- السيد السفير كوال ألور من خيرة أبناء السودان .... من جنوبنا الحبيب ، منطقة أبيي ، كان فينا مثالا وأدبا ماثلا وذوقا ورأفة ورحمة وتواضع وعطاء ، بل كان خيرنا في الدفاع والمنافحة عن الوطن في كل المحافل ، كان صادقا ، ونابغا ، وسابقا للخير مع كل الناس موطأ للعاملين في السفارة ، وكان أنيقا ، وسيما ، رفيعا ، رقيقا ، حليما عظيما عند اللقاء ، أبيا ، حفيا ، كريما في العطاء ، يهش عند الملتقى ، يعفُ عند المبتغى ، صلب في عنفوان ، لينا كالخيرزان ، تظنه طرفا في الناس وهو سيدهم ودليلهم وعروتهم الوثقى ، ينداح ظله الخفيف عند اللقاء كالغيم الخفيف اللطيف ، طراوة في الوجه ونداوة في اللسان ، تحسه يمدحك بكل بريق في عينيه ، يعظمك مهما بلغت وضاعتك ، فيرفع الكُلفة ويزيد الألفة ، فينطلق لسانك ويرقى إنسانك . وإذا كان السيد السفير مثالا من الدرر التي أهدتنا إليها أبييي .... فلا عجب أن يرقص الناس الأن فرحا عفويا ... من الأعماق ، ويعيشون إلفة ومحبة وإخاء صادقا .... حقيقيا في ربوع أبيي الزاهية النضرة المخضرة ... ..... ويفرضون سلاما بواقع التعايش في أبيي على كل الدنيا، أي كان شكل القرار من الغير ، ومهما إتخذت السياسة المحلية أو العالمية خيوطا كخيوط العنكبوت حول رقابنا ....... وضربت لنا أبيي مثلا شعبيا حقيقيا في الإخاء.... والتعاش ، ينطلق خيرا من ضروع أبقارنا ... وعطاءا من ثمرات شجيراتنا وأعشابنا التي تنبت هنا وهناك .... إخاءا من غير تكلف أو صلف ، نتخذه طريقا وديدنا في كل أنحاء السودان ... دون سياسة أو أمم متحدة .. أو دخيل ذو شجون أخرى . نحن نحتاج نفَساً شعبيا ينطلق من جوانا .... باردا هادئا، راضيا بالآخر ، دون إملاءات السياسة ، والأطماع ، والأنا ... نحتاج أن نتعمق في أعماق بعضنا لا ألوانهم ، وأفعال بعضنا لا أشكالهم ، وما تحمله دواخل بعضنا نحو الآخر ، دون خداع الإعلام المغروض في تفرقنا ، وتجافينا ، سوف نجد نفس الروح السودانية الواحدة ، نفس الهوية ، نفس الأحاسيس ، نفس الشبه في الحب للوطن والتوق إليه ، والرجاء له بالعافية من قبضات أنياب السياسة الصدئة . أيها السياسيون ، دعونا نتنفس ، لا نتنافس ودعونا نتعانق، لا نتخانق ، ودعونا نتعرف على بعضنا .... لنعرف بعضنا ، أعطونا فرصة فقط لمنارس حقنا كشعب في أن نتسامح عن أخطائكم ، وجرائركم التي أقتفرتموها بحقنا ..... صدقونا أننا نحب بعضنا ... بدونكم ، نرجوكم ألا تقدمونا لبعضنا ..... وأفعلوا في باقي الوطن ماشئتم .... فكلنا شوق ليضم بعضنا بعضا ...... بالضلوع العارية .... والوجوه المكشوفة الواضحة دون تعميم . هذه قصيدة بسيطة لا تصف الرجل ..... الذي ترحل محاسنه أمامك مثلما يرحل السراب ، فلا تستطيع ملامسة أعطافه ، والرواء من أنداءه .... ولكني قصدت فيها أن أعبر عن ما يجيش بخاطري عنه ، فقد أعطانا مثالا .... كنا نظن أننا وحدنا في الشمال .... أدب .... وذوق ... وإباءا وعطاء .... ولكنه أثبت أن من أخواننا في الجنوب ما تقصر عنه هامتنا وهممنا .... وفتح في رأسى كوة جديدة من الفهم .... والإدراك ... وصحح فيه أوراقا كتبت أحرفها بالجهل والتجاهل لأداء الغير ... وسكًن في قلبي حجرا ثقيلا من طمأنينة ... أنه يمكن لسوداننا أن يعيش محبة وإخاء وإرتقاء ولقاء ..... إيهِ لو كانت الأوطان بلا سجان ، ولو كانت الرياسة بلا سياسة ، وإيهِ لو كانت البنادق بلا طلقات ، والرؤى بلا إملاءات ! هل حان وقتُك يا كوال ؟!!! *** هل حان وقتُك يا كُوال؟ هل حان وقتُك والرحيلُ يكفكفُ الأيدي الطِوال ؟ ويداكَ حُبلى بالعطاء وأنت تنفقُ باليمين وبالشمال كنا نُغني إذ نراك سعادةً .... كنا نمني النفسَ دوما باللقاء وبالوصال الناس تسعدُ حين طلعتكَ البهيةَ تنجلي ومضاً ونوراً وجلال بالود دومًا تنحني بالذوق شوقاً تنثني فيعم مِعطفَِك الجمال ونراك تنشرُ رأيكَ الفواح طيباً .. ورضاً ...وزنابقاً فرحى ... وفال تتمدد الأضواءُ ... والأشياءُ .... والأهواءُ .... نحوك في إمتثال ولأنت تًصُدق كلَ حين ... في المقال فتكون رمزاً ودليلاً وعظيماً ومثال ... وتفوق هامات الرجال .... الفارهون أناقة ...... الشامخون تأدبا عند المحافل والمداخل والوصال وتطول قامات الجبال الشامخات معزةً نحو المعالي والعوالي والكمال *** والناسُ تخشى الإنفصال سيظلُ حبُكَ للوطن أندى من المُزُنٍ الثقال ويداك باستطا كؤوس الحب من أقصى الجنوب إلى الشمال بالود تَرعى ، بالندى ، بالشوق تطفحُ بالنضال فالصدقُ فيك مقالةَ والحبُ فيك أصالةَ والذوقُ بعضاَ من خصال *** ولأنت ترحلُ يا كوال ..... فالدور تحزنُ للفراق فجيعةٌ والناسُ تخشى الإرتحال سيعمُ في الدار الرحيبِ كآبةُ ويحومُ فيها الإبتذال ستتوقُ للمسِ البريءِ زهورُها ويسودُ فيها الإنحلال وتعمُ مكتبَك الوثيرِ رتابةٌ وتموتُ بالحزن المَحال سيودعُ العمالُ شخصَك بالنحيب وبالوجيب وبالسؤال! من بعدَكم سيكونُ فينا هاديا؟ من بعدَكم سيكونُ عيداَ للعيال؟ من بعدَكم سَيُهشُ فينا باسماَ ؟ من بعدَكم سيكونُ رمز الإعتدال؟ *** ولأنتَ ترحلُ يا كوال ..... ستظلُ تحرُسُنا على الدهر الخلال الهادياتِ إلى الطريقِ محبةَ الباقياتُ هنا دليلا ومُقيلا وظلال ويظلُ وهجُك هادياً ويظلُ فينا شاديا ... لا الصوتُ يخبو لا سماتِ البِشرِ فيك ولا المثال سيكونُ مثلُك يُحتذى أدباَ وحباَ دائماَ ويظلُ ينبُضُ بالجمال ويظلُ شخصُك يستطيلُ مودةَ دوماَ هنا... يا خيرَ من ورث الرجال ***** الرفيع بشير الشفيع بريتوريا 2009م