دكان التعاون (الجمعية) كان هو المنتدى أو الملتقى للعديد من سكان الحي، وكان هو المتجر (الحصري) الوحيد الذي يبيع الناس كل متطلباتهم المعيشية من سكر وشاي وفحم وأرز وعدس وزيوت وغيرها من مستلزمات المعيشة، وكانت ملحقة به (جزارة) لبيع اللحوم (الضاني) و(البقري) التي كانت في متناول جميع قطاعات المجتمع، وكذا (طاحونة) لطحين (العيش)، الذرة بأنواعها المتعارف عليها آنذاك. وكانت هناك لجنة لإدارة ذلك المتجر تشرف على شراء وترحيل السلع والمواد التموينية وهناك عدد كبير من المساهمين في تلك المؤسسة (التعاونية) التي تؤمن جميع حاجيات العاملين في محطة الأبحاث الزراعية (التجارب) بودمدني، وهناك جمعية عمومية تجتمع دوريا لمراجعة وتقييم الأداء وتوزيع الأرباح وانتخاب أعضاء اللجنة الادارية الجدد. وكانت هناك عدة جمعيات تعاونية تنتظم المنطقة تتبع لادارة ملحقة بوزارة التجارة التي تطورت في ما بعد وأصبحت وزارة (مركزية) في الخرطوم تتبع لها كافة الجمعيات التعاونية على نطاق القطر. ورغم أن حالة من (الرخاء) تهيمن على الأجواء الاقتصادية آنذاك، الا أن الجمعيات لعبت دورا كبيرا في ضمان راحة واستقرار المواطنين اقتصاديا وحمايتهم من التعرض لأي من موجات الغلاء في الأسواق، التي كانت ايضا تنعم باستقرار تام. أما الآن ونحن في ظل الوضع الاقتصادي (المتارجح) وتقلبات الأسعار (اللحظية) والمعاناة القاسية التي يتعرض لها المواطن، فإن اعادة تأهيل قطاع (التعاون) سيكون المخرج الناجع من تلك الأزمة التي استعصى حلها نظرا للحالة غير المستقرة في الأسواق والتقلبات (غير المبررة) في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية التي تمس قوت المواطن. وستعمل الجمعيات التعاونية على تخفيف الضغوط الاقتصادية وحماية المواطن من جشع التجار ومن (جور) وظلم السياسات (التحريرية) المجحفة التي لها انعكاسات سيئة على المواطنين. وفي ظل ضعف الرقابة على الأسواق بل غيابها في بعض المناطق والأوقات من قبل جهازي الرقابة على الأسعار وحماية المستهلك، تكون الحاحة ملحة للتفكير في (تفعيل) بديل يكون قادرا على توفير السلع الاستهلاكية الضرورية للمواطن كخطوة أولى نحو رفع كثير من المعاناة عن كاهل المواطنين. وهذا البديل يتمثل في بعث وإعادة تأهيل دور التعاون في خلق وتكوين الجمعيات التعاونية على نطاق المحليات والأحياء في كافة أرجاء القطر. وهي دون شك سيكون لها وظيفة أخرى غير توفير الاستهلاكية وبيعها بأسعار معقولة للمواطن، الا وهي العائد الاستثماري لكل المساهمين كل حسب حصته في رأس المال المشارك الذي سيحصص بين المساهمين ويوزع في نهاية الدورة السنوية. وبعد نجاح الجمعيات التعاونية الاستهلاكية غبر المشكوك فيه، يمكن تعميم التجربة على قطاع الدواء بغرض تسهيل الحصول على الدواء لكل المواطنين بأسعار اقتصادية معقولة تكون في متناول جميع أفراد المجتمع، وذلك عن طريق انشاء وتكوين الصيدليات التعاونية التي سيكون دورها مماثلا للجمعيات الاستهلاكية وستضمن الحصول على كافة انواع الأدوية المنقذه للحياة وللأمراض المزمنة التي يعاني منها قطاع واسع ولا سيما كبار السن وغيرهم من المرضى. أرجو أن يرحب بهذا الاقتراح على المستويين الحكومي والشعبي وتهتم الدولة بتفعيله ووضعه موضع التنفيذ، حتى تعم الفائدة على الجميع وبالله التوفيق. alrasheed ali [[email protected]]