وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد.. مقطع فيديو للفريق أول شمس الدين كباشي وهو يرقص مع جنوده ويحمسهم يشعل مواقع التواصل ويتصدر "الترند"    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة الجمعة التي القاها الإمام الصادق المهدي في افتتاح مسجد قرية روضة المختار
نشر في سودانيل يوم 18 - 05 - 2013


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
خطبة الجمعة التي القاها
الحبيب الإمام الصادق المهدي
في افتتاح مسجد قرية روضة المختار
17 مايو 2013م
الخطبة الأولى
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد الله والصلاة والسلام وعلى رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد-
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
السلام عليكم ورحمة الله،،
قال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ) [1].
عمارة المساجد من جلائل الأعمال في البر والخير، وهو عمل يلبي نداء الله سبحانه وتعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) [2] لذلك حرصت على تلبية هذه الدعوة لتدشين هذا المسجد الذي بناه أنصار الله بروضة المختار، وعلى رأسهم أولاد الفكي النعيم، وأولاد الفكي النعيم جمعوا بين التقوى والفروسية.
الإمام المهدي عليه السلام عندما أراد أن يعين أميراً على الشرق سأل عن الناس في الشرق فذكروا له الشيخ المجذوب والشيخ عثمان دقنة وآخرين، فسأل أحد الناس المهدي: هذه الدعوة سبحة وفروة أم سبحة وفروة وقتال؟ قال: هي سبحة وفروة وقتال، فقال: إذن عثمان دقنة لأنه جمع بين التقوى والفروسية. المرحوم الطيب النعيم وقبله جبارة سُموا بعبارة عقيد الخيل، وهذه التسمية فيها تكريم لأن الجواد ليس مجرد بهيمة، إن للجواد قيمة خاصة في ثقافتنا وتراثنا، ففي الخيل أربعة محامد:
أولاً: هو الحيوان الوحيد الذي أقسم به ربه: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا) [3] هذه العاديات هي الخيل، وكذلك قوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [4] فالخيل ذكرت بهذا الخير في كتاب الله. والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن الخيل: "الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة" [5].
وأسماء الجواد كلها محامد: خيل من الخيلاء، وجواد من الجود، وحصان من الحصن، وفرس من الفروسية، كلها هذه محامد فالخيل سميت بهذه الأسماء ذات المحامد، ولذلك قال شاعر العربية المعروف، المتنبي، عن الخيل:
وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لم يجرّبُ
فمن لم يشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنهَ مُغَيَّبُ
يعني لا يعرف عن الحسن شيئاً، وكان للإمام عبد الرحمن علاقة خاصة بالخيل يقدرها ويسعاها ويستجلبها، وكان دائما يكون لديه جواده الذي يركبه باستمرار يسميه الصاحب، يموت صاحب فيأتي بصاحبٍ آخر، فكان دائماً يكون له جواد صاحب، وهذه علاقة خاصة بالخيل وهذا يدخلنا في سيرة الإمام عبد الرحمن ومعاني الأنصارية.
الأنصارية ليست طائفة لذلك ليست مسماة باسم شخص. الطريقة تسمى باسم شخص، والمذهب يسمى باسم شخص، لكن الأنصارية لا تتسمى باسم إنسان، لذلك لا يقول أحد أنصار المهدي، بل أنصار الله أصحاب المهدي، وهذا تنفيذ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ) [6] فهي ليست طائفة هي دعوة مقصود بها كل المؤمنين. وهي ليست طائفة ولا مسماة باسم شخص، نجد الطرق مسماة باسم فلان أو علان، نجد المذاهب باسم شخص، ولكنها مسماة بمعنى نصرة رب العالمين، لذلك نحن لسنا طائفة، نحن أنصار الله بفكرة مفتوحة لكل أهل القبلة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ) [7]، لذلك في حلقة الراتب عندما تأتي هذه الآية يكرر الحاضرون كلهم مع شيخ الراتب: نحن أنصار الله.
وهي دعوة باستمرار لإحياء الدين على أساس أن ربنا سبحانه وتعالى يقول: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ) [8]، وهذا المعني يعني باستمرار أنها دعوة لإحياء الدين، ومع أنها دعوة واحدة كما أعلنها الإمام المهدي عليه السلام، إلا أنها تجدد لأنه هو نفسه قال: لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال، بمعنى أن الدعوة تجدد لا تقف لأن الإسلام فيه قسمين: قسم ثوابت العقائد والشعائر وهذا ثابت، ولكن المعاملات تتغير، ولذلك فيها لكل وقت ومقام حال ولكل زما وأوان رجال.
ونحن الآن لدينا مشكلة نقوم بمخاطبتها لذلك دعوتنا الآن غيرت لكي تستوعب المستجدات.
ما هي المستجدات التي ينبغي الآن أن تخاطبها دعوتنا؟:
أولاً: التوفيق بين الوافد من الماضي أو التراث، والوافد من الخارج؛ وهذه مهمة نحن نقوم بها الآن، التوفيق بين الأصل والعصر، وهذا جزء مهم مما نقوم به الآن ومن رسالتنا الآن، وهذا مهم جداً ولازم نضعه في أذهاننا.
ثانياً: توحيد أهل القبلة: القبلة الآن أهلها مختلفون أهل سنة، وشيعة، وصوفية. نحن نقول يجب أن نخاطبهم جميعا لأن هناك قطعيات لا خلاف عليها: الإيمان بالله وملائكته وأنبيائه، وتوحيد لله سبحانه وتعالى، وبرسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، والأركان الخمسة، هذه ملزمة للناس كلهم، بعد ذلك هناك خلافات مذهبية. نحن الآن نعمل على أن نوحد أهل القبلة كلهم على أن نتفق على القطعيات التي لا خلاف عليها ويعذر بعضنا الآخر في المسائل الخلافية ونعتبرها مسائل مذهبية.
إذن مهمة أنصار الله الآن تقوم على ركيزتي التوفيق بين الأصل والعصر وتوحيد أهل القبلة، لأن أعداء الأمة الآن صاروا يعملون على تفريق كلمة المسلمين بناءاً على أن أهل السنة وأهل الشيعة يكفرون بعضهم الآخر، وهذا كله خطأ. ولا بد أن نخرج منه بما ندعو له من توحيد أهل القبلة فيما هم متفقين عليه ويعذر بعضهم بعضاً فيما هم يختلفون عليه.
دعوتنا الآن إذن هي دعوة لإحياء الإسلام بصورة تحدد الملزم من الماضي وكيفية التعامل مع الوافد من الخارج، وأسس توحيد أهل القبلة، وذلك استجابة لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [9] إن شاء الله نكون ممن يحبهم الله ويحبونه.
ابن مسعود (رض) قال: ما من شيء وإلا للشيطان فيه نزغتان واحدة للإفراط وواحدة للتفريط. وللأسف الآن كثير من المسلمين إما مفرِّطين أو مُفْرٍطين، وواجبنا أن نعمل ما لا يكون فيه إفراط ولا تفريط.
وقال ابن القيم إن واجب الفقيه حقاً أن يحيط بالواجب الديني اجتهاداً وليس تقليداً، ويعرف الواقع إحاطة ويزاوج بينهما، وهذا ما نحن بصدده الآن، وما نفعله في كل كتاباتنا واجتهاداتنا وفي كل أعمالنا هذا التزاوج بين الواجب والواقع.
وعلى هذا الأساس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِين" [10].
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، استغفروا الله.
الخطبة الثانية
اللهم إني أحمدك وأثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم، وأسألك اللهم بحمدك القديم، أن تصلي وتسلم علي نبيك الكريم، وآله ذوي القلب السليم وأن تعلي لنا في رضائك الهمم وان تغفر لنا جميع ما اقترفناه من الذنب واللمم.
نحن أصحاب دعوة صادقة ونقول إنها صادقة. النظام الحاكم اليوم نفاوضه لكي نحاول أن يستجيب لدعوة الحق، ولكن لا نشترك فيه أبداً، نحن نتبع الحق وندعو إليه ونتحدث معهم فقط في إطار إمكانية أن يستجيبوا للحق أما أن نشترك معهم فلا. لماذا؟ هناك أربعة أسباب تجعلنا لا نشترك معهم لأنهم هم:
- يمارسون الاستبداد على الناس.
- والفساد في إدارة الحكم.
- وتشويه الدين.
- وتخريب الوطن.
لهذه الأسباب لا يمكن أن نضع يدنا في يد النظام إلا إذا غير كل هذه السياسات كما ذكرنا، وكذلك نرفض أن نشترك مع الذين يقولون تعالوا نسقط النظام بالقوة لأننا رأينا ما يحدث في سوريا. هذا العمل على إسقاط النظام بالقوة سيقاوم وسيؤدي إلى تخريب الوطن، ثم من ينتصر دائماً بالقوة سوف يستبد على الآخرين لذلك نحن نفاوض جماعة الجبهة الثورية ليتفقوا معنا أيضا على مشروع الإصلاح بوسائل ذكرناها، ليست الاطاحة بالنظام بالقوة، لأن القوة ستؤدي إلى المقاومة، والمقاومة يمكن أن تدمر الوطن كما شهدنا الآن في سوريا.
نحن نؤيد المطالب التي ينادي بها المهمشون من السودانيين الذين تظلموا، وننادي بالحرية والعدالة في توزيع الخدمات وتوزيع الثروة والمشاركة في السلطة، هذا لا خلاف عليه بيننا، بل نعتقد أننا، نحن أنصار الله وحزب الأمة، أننا من المهمشين الذين يتطلعون للإنصاف. صحيح كنا نشارك في السلطة بالانتخابات، ولكن التوزيع للمال والتوزيع للنفوذ في المجتمع كنا ولا زلنا قسمتنا فيه قسمة ضيزى، لذلك نحن أيضاً من هؤلاء المهمشين الذين يتطلعون، للإنصاف وكل إنسان عاقل يرى حتى الأرض التي نحن فيها الآن كيف أنها جرداء ومجردة من الخدمات المختلفة، وكيف أن المشاريع التي كانت خضرتها تعم الأرض الآن بلقع، المشاريع التي كانت خضراء وتكفل معيشة كثير من الناس الآن صحراء جرداء. إذن نحن نطالب نعم، ونؤيد كل المطالب التي تتعلق بلا مركزية في السلطة، والتوزيع العادل في السلطة، والتوزيع العادل للخدمات...إلخ، هذه الاشياء لا نختلف فيها بل نؤيدها ولكن مع هذا لدينا وسائل مأمونة في تحقيق تطلعات ومطالب شعبنا. لأنه لو عملت أية جهة انقلاباً وقالت إنها جاءت تصلح الحال فإنها عندما تستولي على السلطة ستدخل هذه الجهة الانقلابية مع الآخرين في الحديث عن أننا ضحينا بحياتنا وعملنا ما عملنا ويتخذون لأنفسهم امتيازات, نفس الشيء أية جهة غيرت النظام بالقوة ستجد نفسها أمام الآخرين لا يمكن أن تتعامل معهم بالندية والمساواة وإنما ستحتكر لنفسها القرار في كل الأمور لأنها ستقول نحن ضحينا وواجهنا العقبات وواجهنا الصعوبات ...إلخ. ولذلك نحن ضد أي جهة تريد أن تنتزع السلطة بقوة سواء كانت مسلحة أو عسكرية لأنهم سيأتون باستبداد جديد، ليس لأنهم زرقة أو عرب لا نحن عندنا كل السودانيين أخوة وربنا سبحانه وتعالى جعلنا كلنا سواء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم) [11]، "ولا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى". ولذلك عندنا السودانيون كلهم أخوة، الشيء المرفوض ليس إثنية أو انتماء قبلي لجماعة من الناس وإنما المرفوض هو الاستيلاء الانفرادي على السلطة بالقوة، لأن هذا سوف يؤسس لاستبداد جديد، ونحن ضد الاستبداد الحالي والقادم لأننا ضد الاستبداد من حيث هو، والاستبداد دائماُ يأتي معه الفساد لأن ربنا سبحانه تعالى يقول: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) [12] أي إنسان يشعر بأنه لديه حاجة امتاز بها على الآخرين يطغى، إن كان لديه مالاً أكثر مما ينبغي يطغى، أو سلطة أكثر مما ينبغي يطغى، ولذلك لا بد من الموازنة في هذه الأمور والمشاركة.
لذلك ندعو نحن الآن بأسلوب لتغيير هذا النظام بوسيلة مأمونة:
- نكتب الآن ميثاق لنظام جديد وقد فسرته.
- سنجعل هذا الميثاق أساساً توقيع كل الناس بالملايين عليه.
- ثم نخاطب به كل الناس، الجبهة الثورية، المؤتمر الوطني، وكل القوى السياسية.
إن أيدوه فلله الحمد وإن لم يؤيدوا سنمشي في مشروع الاعتصامات وذلك بأن نعتصم بأعداد كبيرة جداً في الميادين العامة داخل السودان، وفي السفارات في الخارج، ونرفع شعارات ميثاق النظام الجديد. هذا أسلوب مجرب ومجدٍ حدث في بلدان كثيرة، حدث في تشيلي، وفي جنوب أفريقيا، وفي بلدان كثيرة غيرهما. هذا الأسلوب الناعم، باستخدام القوة الناعمة، وهي قوة ولكنها ناعمة ليست القوة الخشنة التي تقوم على السلاح.
بعض الناس يقولون لنا شاركوا في النظام، قلنا ونقول لا وأسبابنا بأن هذا النظام مربوط بالأشياء الأربعة التي ذكرناها. وبعض الناس يقولون لنا أيدوا الجبهة الثورية، ونقول لا، والسبب أن الإطاحة بالقوة ستؤسس لحكم استبدادي يكون مثل هذا النظام، فنكون غسلنا الدم بالدم. نحن لا نريد أن نغسل الدم بالدم بل أن نفعل شيئاً يكون فيه الخير، نغسل الدم بالماء، نحن اصحاب غسيل الدم بالماء ولكنا لسنا أصحاب غسيل الدم بالدم، ونهجنا هذا هو الصراط المستقيم الذي فيه التوفيق المطلوب، وهذا هو طريق الصادقين ولأننا صادقون في دعوانا ونعتقد أن الله سبحانه وتعالى نفسه أيد هذا التوجه الصادق: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) [13]. كذلك لأن موقفنا هذا ليس موقفاً فردياً، هذا موقف درسته كل أجهزتنا وخرجت بهذا الفهم المستقيم الذي يدل على الطريق المستقيم لأنه قام على الشورى ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما خابَ مَنْ استخارَ ولا نَدِمَ مَن استشار" [14]، ولأننا أيضاً نتحرى فيه دائماً حراسة مشارع الحق ونتحرى فيه الصدق والرسول صلى الله عليه وسلم قال في هذا المعنى: " اتَّقُوا فِراسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ" [15].
ولذلك نقول موقفنا هذا ليس في هذه القضية فقط بل في قضايا كثيرة جداً، الناس في البداية يرتابوا ويحتاروا وفي النهاية يجدون أنه هو الموفق الصحيح، وحدنا نحن الذين قلنا اتفاقية السلام التي عقدوها سنة 2005 معيبة قالوا لا واشتركوا فيها وبعد فترة وصلوا إلى حقيقة كيف أنها كانت معيبة. وليس تلك فقط بل في عشرات الأشياء نقول فيها كلام في البداية يحتار الناس ويندهشون في النهاية يتضح لهم الموقف:
لنور الله برهان عجيب تضيئ به القلوب المطمئنة
يريد الظالمون ليطفئوه ويأبى الله إلا أن يتمه
اللّهُمَّ يَا جَلِيْلَاً لَيْسَ فِي الكَوْنِ قَهْرٌ لِغَيرِهِ، ويَا كَرِيْمَاً لَيْسَ فِي الكَوْنِ يَدٌ لِسُواهُ، ولَا إِلَهَ إِلَا إِيَّاهُ. بِحًقَّ الطَوَاسِينِ، والحَوَامِيمِ، والقَافَاتِ، والسَّبْعِ المُنْجِياتِ، ويس، وخَواتِيمِ آلِ عِمران؛ نَوِّر قُلوبَنا أفراداً وكياناً، رِجَالاً ونساءً، واغفِر ذُنُوبَنا أفراداً، وكياناً، ووفَّق جِهادَنا أفراداً وكياناً لبعثِ هدايةِ الإسلامِ في الأمةِ، وحماية الوطنِ من كلِّ فتنةٍ وغمةٍ، اللهمَّ أنتَ تعلمُ أنَّ كيانَنَا قد صمدَ فِي وجْهِ الابتلاءاتِ وتصدَّي للموبقاتِ، فوالِهِ بلُطفكَ يَا لطِيفٌ، لنصرةِ الدينِ ونجدةِ الوطنِ. (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [16]. (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) [17] يَا مُغِيثٌ أغِثنا ويا نورٌ بالتقوَى نوِّرنَا ولا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَا بكِ.
قوموا إلى صلاتكم يرحمنا الله وإياكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.