سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة وإسهامها في عدم الاستقرار .. بقلم: عاصم فتح الرحمن
نشر في سودانيل يوم 06 - 09 - 2009

انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة وإسهامها في عدم الاستقرار وإكمال بناء عملية السلام في السودان ودول الجوار
المقدمة:
شهد السودان ودول الجوار وكل دول القارة الأفريقية بعيد نيل الاستقلال السياسي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية العديد من النزاعات الحدودية التي نشأت نتيجة لعدم الدقة في رسم الحدود(1) التي خلفها الاستعمار وأيضا نتيجة لعدم قدرة الدولة على فرض كامل سيطرتها على تلك المناطق الحدودية,حيث أسهمت هذه المشاكل على تغذية الصراعات بين السودان ودول الجوار وعلى دعم كل دولة للجماعات المسلحة المعارضة للدولة الأخرى فى سبيل تحقيق مصالحها, كما كان للتحولات فى العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية أثر كبير فى إثارة النزاعات بين السودان ودول الجوار بل وفى كل دول القارة الإفريقية حيث إنقسم العالم الى قطبين عظميين, معسكر غربى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, ومعسكر شرقى بقيادة الإتحاد السوفيتى السابق,حيث عملت كل من هذه الأقطاب الى نقل الصراع الذى بينهما الى المسرح الأفريقي اسوة بالمسرح الأوربي ومسرح جنوب شرق آسيا والبحث عن مناطق نفوذ فى إفريقيا مما اسهم في زيادة حدة الصراعات فى القارة الأفريقية نتيجة لإنقسام دول القارة بين المعسكرين وتأيدهما لأحد القطبين,وقد تأثر السودان ودول الجوار كثيرا بهذه الحرب الباردة التى نشأت بين الإتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة الأمريكية حيث اسهم هذا الصراع فى ظهور ظاهرة سباق التسلح على المسرح الأفريقى حيث اسهمت القوى العظمى فى دعم الدول الحليفة لها عسكريا وإقتصاديا من أجل حماية مصالحها, حيث اسهم تدفق الأسلحة الى الدول الحلفية الى انتشار الأسلحة الصغيرة فى يد القوات الثورية فى إفريقيا وبالأخص فى منطقة القرن الأفريقى وشمال القارة حيث عمدت الدول الحليفة لتسليح الجماعات المعارضة للدول الأخرى من أجل تحقيق مصالحها ومصالح الدول الكبرى الموالية لها.
لقد تأثر السودان ودول جواره الأقليمي كثيراً بتغير العلاقات الدولية حيث أسهم التحول في العلاقات الدولية بقيام العديد من الصراعات الإقليمية وقيام الحركات المسلحة في السودان ودول الجوار ومثالا لذلك قيام الحرب الأهلية الأولى في عام 1955 حيث تلقت حركة الأنانيا الدعم من دول الجوار الأفريقي والدول الغربية وإسرائيل وقيام الحرب الأهلية الثانية بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تلقت دعمها في البداية من أثيوبيا والمعسكر الشرقي حيث كان السودان في ذلك الوقت يدور في فلك المعسكر الغربي,عليه نجد ان انتشارالأسلحة الصغيرة منذ فجر الاستقلال فى السودان ودول الجوار قد أثر سلبا على عملية إتمام بناء السلام فى السودان, وأثر سلبا على علاقات السودان بدول الجوار .
إن انتشار الأسلحة الصغيرة فى يد الجماعات المسلحة ذات الأهداف السياسية والإجرامية فى السودان ودول الجوار من المواضيع الهامة والتى تؤثر فى استقرار انسان هذه المناطق وتعطيل عمليات التنمية وبالتالى تهدد الأمن القومى والإستقرار السياسى وبناء السلام الشامل فى السودان ودول الجوار,وهذا هو دافع هذا البحث, وهو التعرف على كيفية انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار الإقليمى, والدور الذى لعبته فى تأجيج النزاعات وعدم الاستقرار وبناء عملية السلام فى السودان ودول الجوار.
تعريف الأسلحة الصغيرة:
المقصود بالأسلحة الصغيرة في هذا البحث كل الأسلحة التي يسهل حملها بواسطة الأفراد والنقليات الصغيرة كالبنادق الآلية والمدافع الرشاشة قصيرة ومتوسطة المدى والقاذفات المضادة للدروع المحمولة بواسطة الأفراد أو النقليات الصغيرة والقنابل اليدوية والمدافع الهاون 60,75 قصيرة المدى والمدافع المضادة للدروع ال(م/د), والرشاشات المضادة للطائرات (م/ط), بالإضافة للألغام المضادة للإنسان (م/أ),والألغام المضادة للدبابات والدروع (م/د), وكل وسائل القتال التي يسهل حملها بواسطة الفرد أو العربات والتي تستخدم في القتال,بما فيها وسائل الاتصال والمتفجرات الصلبة والعجينية ,حيث أن كل وسائط القتال التي ذكرت أعلاه هي التي تستخدم من قبل الجماعات المسلحة ذات الأهداف السياسية والأخرى ذات الأجندات الخاصة والمجموعات الإرهابية وعصابات النهب المسلح لتحقيق أهدافها ضد الأنظمة الحاكمة.
تعريف الجماعات المسلحة:
المقصود بالجماعات المسلحة في هذا البحث الجماعات المسلحة المعارضة ذات الأهداف السياسية, والجماعات المسلحة ذات الأهداف الإجرامية ,والجماعات الإرهابية المسلحة, والجماعات القبلية المسلحة, وكل الجماعات الأخرى التي تحمل السلاح من أجل تحقيق مصالحها في وجه الأنظمة الحاكمة, وكل الجماعات المسلحة الأخرى التى خارج إطار القوات النظامية لأي دولة.
كيف انتشرت الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار عبر التاريخ:
انتشرت الأسلحة الصغيرة فى السودان ودول الجوار منذ أواخر القرن التاسع عشر حيث بدأت بالدخول بصورة كبيرة مع الغزو التركي(1) للسودان حيث قام الأتراك بعد اكتمال سيطرتهم على السودان بتدريب أعداد كبيرة من ابناء القبائل السودانية في الجيش لنية محمد على باشا التخلص من عنصر الألبان الذي يتكون منه أغلب قواته,ثم أتى الحكم الإنكليزى للسودان حاملاً معه كميات لا يستهان بها من الأسلحة الصغيرة حيث فرض سيطرته على السودان, ولكن كان لقيام الثورة المهدية وإسقاطها الخرطوم وقتل غردون ومن ثم سيطرتها على كل بقاع السودان بالإضافة لدخولها المستمر فى نزاعات مع الحبشة وقتلهم لملكها يوحنا بالإضافة لحروب المهدية الأخرى قد أسهمت كثيراً فى إنتشار هذه الأسلحة فى كل السودان ودول الجوار الإقليمي, ثم أتت بعد ذلك حملة كتشنر التي أنهت حكم المهدية وإعادة السيطرة على كل السودان بالقوة مما أسهم أيضا في تعرف السودانيين على نوعيات جديدة من الأسلحة وتسرب بعضها الى بعض القبائل,كما ساهم نظام الإدارة البريطانية في اتباع أسلوب تسليح زعماء القبائل لكسب ود الإدارات الأهلية التي أنشؤها لتسهيل دولاب العمل,ثم فتح باب التجنيد لأبناء القبائل السودانية فيما بعد وإشتراكهم فى الحرب العالمية الثانية(2) التي بدأت عام 1939 في كرن وكسلا وقلابات ضد إيطاليا عام 1941, ومشاركتهم فى المعارك التي دارت فى مصر ضد الألمان حيث تمت هزيمتهم في معركة العلمين 24 أكتوبر 1942 ,كل هذه الأحداث لعبت دوراً في تعريف السودانيين بالأسلحة الصغيرة وبالتالي انتشار الأسلحة الصغيرة السودان ودول الجوار.
وأيضاً أسهمت تجارة الرق والعاج (1) التي إنطلقت من الحدود الجنوبية الشرقية للسودان فى القرن التاسع عشر فى انتشار الأسلحة الصغيرة فى السودان, وقد كانت الأسلحة الصغيرة تأتى الى تجار المرتفعات الأثيوبية عبر ميناء جبيوتى ومصوع من ايطاليا وبقية دول أوربا لهؤلاء التجار ليقوموا بعمليات الرق وتحصيل العاج فى السهول الجنوبية والشرقية فى مناطق الأنقسنا والنيل الأزرق وإمتدت هذه العمليات حتى وصلت مناطق النوير والأنواك فى أعالى النيل واستمرت هذه العمليات حتى العام 1925 حيث تدخلت الإدارة البريطانية لوقف تجارة الرق والضغط لتقليص الأسلحة الصغيرة التي تستخدم فى هذه التجارة.
كما أسهمت التحولات فى العلاقات الدولية فى تدفق الأسلحة الصغيرة فى السودان ودول الجوار, بالإضافة إلى النزاع الليبى الشادى الذى أسهم فى إنتشار الأسلحة الصغيرة فى الحدود الغربية فى ثمانينيات القرن الماضى, كما اسهم النزاع الداخلى فى شاد وإنطلاق بعض عناصره من قواعد لها فى السودان فى تسليح معظم القبائل فى دارفور التى لها إمتدادات قبلية فى شاد,كما أسهمت حرب التحرير الأرترية بقيادة حركة التحرير الأرترية التى أسسها إدريس عواتى والتى كانت تنطلق من قواعد لها فى السودان فى إنتشارالأسلحة الصغيرة, حيث قامت الدولة السودانية بدعمها منذ مطلع العام 1960 ومن بعدها الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا فى أنتشار الأسلحة الصغيرة فى شرق السودان نتيجة للتداخل القبلى بين السودان والغرب الأرترى,كما اسهم قيام الحرب الأهلية الأولى 1955 فى السودان بقيادة حركة الأنانيا التى يقودها جوزيف لاقو والتى انتهت بإتفاقية أديس أبابا 1972 تحت رعاية ملك أثيوبيا هيلا سلاسى, ومن بعدها الحرب الأهلية الثانية التى بدأت فى عام 1983 بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرن والتى انتهت فى العام 2005 بأتفاق السلام الشامل, والتدخلات الإقليمية والدولية فى هذه الحروب قد أسهم بما لا يدعو للشك فى تسرب كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد الحربى فى جنوب السودان ومناطق جبال النوبة والنيل الأزرق,هذا بالإضافة للحركة النشطة لجماعات النهب المسلح فى دارفور منذ مطلع العام 1983 والتى تسلحت بفعل اشتراك معظم عناصرها فى الحرب الشادية الليبية.
أثر التحولات فى العلاقات الدولية على إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار:
كان للتحولات فى العلاقات الدولية إسهام كبير فى انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار,حيث شهدت الفترة بعد الحرب العالمية الثانية التى إنتهت فى العام 1945 تفكك التحالف الدولى ضد دول المحور الثلاثى (المانيا – ايطاليا-اليابان), حيث انقسم العالم الى قوتين عظمتين(1), الأولى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, والثانية بقيادة الإتحاد السوفيتى السابق, حيث ان لكل منهما أيدلوجيته ونظامه الإقتصادى الذى يدين به,ونتج من هذا التباين بين القوتين العظمتين توتر فى العلاقات ادى الى قيام الحرب الباردة بينهم, مما ادى الى سعى كل قوة للحصول الى مناطق نفوذ لها فى القارة الأفريقية من أجل تحقيق المصالح الخاصة بها وتأمين الموارد الخام النادرة التى تشتهر بها القارة الإفريقية,ونتيجة لهذا الصراع بين القوى العظمى اسهم الصراع بينهما الى إنتشار السلاح بالسودان ودول الجوار وإلى بروز الجماعات المسلحة, حيث نجد ان السودان منذ الإستقلال عام 1956 كان يحتفظ بعلاقات متميزة مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وكان يساهم مع الغرب فى وضع حد للمد الشيوعى عبر القارة الأفريقية, مما ادى الى إسهام الغرب فى دعم السودان اقتصاديا وعسكريا حتى أيام حكم عبود فى ستينات القرن الماضى, وعند مجىء انقلاب 25 مايو 1969 بقيادة جعفر نميرى توجه نحو المعسكر الشرقى مما اسهم فى دعم المعسكر الشرقى له إقتصاديا وعسكريا ,ولكن سرعان ما تبدلت تلك الصداقة مع المعسكر الشرقى الى عداوة حيث توجه نميرى الى الغرب مرة أخرى بعد إنقلاب هاشم العطا والشيوعيين عليه فى يوليو 1971, الشىء الذى أدى الى زيادة دعم السوفيت الى لحلفائه حول السودان فى إفريقيا ليبيا وأثيوبيا,وفى الجانب الآخر أسهمت أمريكا فى إعادة تسليح السودان منذ السبعينات حتى اوائل الثمانينيات من القرن الماضى.نتيجة لهذه التحولات فى العلاقات الدولية قامت العديد من الصراعات الإقليمية فى المنطقة والحركات المسلحة التى تناضل من أجل الإستقلال أو من أجل السيطرة على الحكم,فانطلقت وتكونت فى الحدود الشرقية للسودان حركة تحرير أرتريا ومن بعدها الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا وجبهة تحرير التقراى وجبهة تحرير الأروموا وكلها حركات كانت تناضل ضد نظام منقستو الذى يوالى السوفيت, وكانت تنطلق من قواعد لها فى السودان الموالى للغرب,هذا أسهم فى إنتشار كثيف للأسلحة الصغيرة فى شرق السودان إستفادت منه جماعات التهريب والجماعات المسلحة الأخرى فى أوقات لاحقة,وعند وصول الثوار الأرتريين والأثيوبيين الى الحكم بالمساعدات السودانية والغربية التى تمر عبر السودان عام 1991, وإنهيار الإتحاد السوفيتى السابق, دخلت معظم جيوش نظام مقستو المنسحبة الى السودان بكامل أسلحتها وعتادها,وقد أدى ذلك الى إنتشار قدر كبير من الأسلحة الصغيرة فى المناطق الشرقية للسودان نتيجة لتبادل أهالى المنطقة والقبائل فى الحدود الشرقية السلاح مقابل الغذاء وبعض المال مع جنود نظام الدرك المنسحبة, الشىء الذى أسهم فى إنتشار قدر لا يستهان به من الأسلحة الصغيرة فى الحدود الشرقية للسودان,وعندما وصلت الحركات المسلحة فى أرتريا وأثيوبيا الى سدة الحكم قامت بعد فترة قصيرة بدعم الجماعات المسلحة السودانية المعارضة لنظام الإنقاذ إثر إختلافها معه نتيجة للمد الثورى للإنقاذ داخل أراضى اثيوبيا وأرتريا, ودعمه للحركات الإسلامية المعارضة لأنظمة الحكم هناك.
أما على صعيد الجبهة الغربية فقد كان للصراع الليبى الشادى أثر كبير فى إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى إقليم دارفور السودانى فى العقد الثامن من القرن الماضى مما ساعد فى قيام جماعات النهب المسلح والجماعات المسلحة فى ألإقليم لاحقا,كما قام النظام الليبى فى دعم جماعات المعارضة السودانية فى فترة السبعينات من القرن الماضى إثر إختلافه مع السودان أيام الحرب الباردة,مما أدى الى دعمه لحركة يوليو 1976 التى حاولت دخول الخرطوم وإسقاط نظام الرئيس السابق نميرى, حيث تدفق قدر لا يستهان به من الأسلحة الصغيرة عبر الحدود الغربية فى ذلك الوقت ,كما أسهم تردى الأوضاع الداخلية فى الجارة شاد, بالإضافة الى تردى وتوتر العلاقات السودانية الشادية حتى أيامنا الراهنة,كل هذا أدى الى إنتشار غير مسبوق للأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى دارفور وأغلب حدود السودان الغربية,هذا بالإضافة لتدخل الغرب وإسرائيل فى النزاع فى دارفور مما أسهم فى تأجيج الصراع فى دارفور, وذلك عن طريق تمرير المساعدات المسلحة عبر شاد الى حركة جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة والحركات الأخرى المنشقة عنهم.
أما بالنسبة الى جنوب السودان فكان لقيام الحرب الأهلية الأولى 1955, والثانية 1983, بالغ الأثر فى إنتشار كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة فى أراضى جنوب السودان والتى دخلت الى الجنوب عبر دول الجوار فى تلك المنطقة, وقد أسهم المسكر الغربى والشرقى السابق والنظام العالمى الجديد على التوالى فى دعم هذه الحرب بالأسلحة الصغيرة وعتاد القتال, كما كان لإسرائيل دور فى دعم هذه الحركات المسلحة بكل وسائل القتال, مما ادى الى انتشار السلاح والجماعات المسلحة فى جنوب السودان.
اما فى شمال السودان فقد كان تدفق الأسلحة يتم عبر عمليات التهريب المنظمة عبر قبائل الرشايدة والعبابدة والبشاريين حيث كانت تستخدم تلك الأسلحة فى عمليات حماية تهريب السلع من الجنوب المصرى,وكانت تصل هذه الأسلحة عبر ممرات من مناطق الصراعات فى شرق وغرب السودان.
أثر عدم قوة قبضة الدولة على المناطق الحدودية والطرفية فى انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة:
السودان دولة مترامية الأطراف تبلغ مساحته المليون ميل مربع,و تحده تسعة دول إفريقية, وتوجد به العديد من الإثنيات العرقية والقبائل المتداخلة مع الدول الحدودية التسعة,ونتيجة لإتساع حدوده وكبر مساحته ظهرت العديد من المشكلات الداخلية والخارجية التى أثرت على علاقات السودان بدول الجوار, كما أثرت على عملية بناء السلام فى الداخل,فمنذ نيل السودان إستقلاله فى 1956 كانت التنمية توجه نحو الوسط وكانت البلاد تدار من المركز (الخرطوم) الشىء الذى أسهم فى ضعف قبضة الدولة على المناطق الحدودية والطرفية,الشىء الذى أسهم فى انفلات الأوضاع الأمنية حيث نشطت الجماعات المسلحة ذات التوجهات السياسية وعصابات النهب المسلح فى تلك المناطق لضعف الرقابة من قبل السلطات المتعاقبة على تلك المناطق,إن عدم قدرة الدولة السودانية منذ الخمسينات من القرن الماضى حتى الوقت الراهن ودول الجوار على ضبط المناطق الطرفية ادى الى تفاقم الأوضاع فى هذه المناطق كما أسهم فى توتر علاقات السودان بدول الجوار نتيجة لعدم ترسيم الحدود بشكل دقيق ونهائى الشىء الذى أدى الى قيام العديد من النزاعات حول هذه المناطق الحدودية,لقد اسهم ضعف قبضة المركز فى السودان ودول الجوار الأفريقى الى جعل المناطق الحدودية والطرفية بئية صالحة لنمو وتطور الجماعات المسلحة وعصابات التهريب, ونتيجة للدعم المتبادل من قبل كل دولة للمعارضة المسلحة ذات الأهداف السياسية, أسهم هذا الدعم فى انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى هذه المناطق, مما أسهم فى عدم إستقرار انسان هذه المناطق فى السودان ودول الجوار, وإستنزفت مقدرات الدولة الإقتصادية فى محاربة هذ التفلتات ألأمنية التى تهدد الإستقرار السياسي فى السودان,ونتيجة مباشرة لذلك فقد قامت العديد من الحركات المسلحة فى الشرق والغرب والجنوب وأنتشر السلاح الصغير بصورة كبيرة فى هذه المناطق الطرفية, مما أسهم فى تفاقم الأوضاع فى السودان ودول الجوار,إن قيام الحركات المسلحة التى تنشد الوصول الى الحكم فى بلادها إنطلاقا من قواعد لها فى المناطق الحدودية السودانية أسهم فى إنتشار أعداد مقدرة من الأسلحة الصغيرة فى يد جماعات النهب المسلح وفى يد القبائل الحدودية المتصارعة فيما بينها من أجل الكلأ و الماء والمرعى ,كما سهام التداخل القبلى بين السودان وجيرانه الى دعم القبائل المتداخلة للصراعات التى يدخل فيها عنصرها فى دول الجوار .والأمثلة كثيرة فى الشرق والغرب والجنوب, وعليه نلاحظ أن عدم قدرة الدولة على السيطرة على مناطقها الحدودية يعد عامل أساسى فى إنشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار, وفى انتقال هذه التفلتات الأمنية الى المركز, الشىء الذى أدى الى عدم الإستقرار السياسى
إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة عبر الحدود الشرقية للسودان ودول الجوار المتاخمة لها:
منذ فجر الإستقلال وقبله بدأ إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى الحدود الشرقية للسودان, وكان للنزاع الأثيوبى الأرترى(1) دور كبير فى تدفق الأسلحة الصغيرة عبر الحدود الشرقية السودانية, حيث كانت الحركات الثورية الأرترية التى نشأت لمقاومة الإحتلال الأثيوبى ونيل الإستقلال دور كبير فى انتشار الأسلحة الصغيرة ,حيث دعمت الحكومات السودانية المتعاقبة جبهة التحرير الأرترية التى أسسها إدريس عواتى من اجل استقلال أرتريا من الإحتلال الأثيوبى منذ بداية ستينات القرن الماضى بالمال والسلاح والمؤن, ومن بعدها قام السودان بدعم الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا المنشقة من جبهة التحرير الأرترية بقيادة أمينها العام محمد نور سعد, كما سمح لدول أخرى من المنطقة العربية بتمرير الدعم عبر الأراضى السودانية لهذه الحركات الأرترية الثورية فى قتالها ضد الحكومة الأثيوبية منذ عهد الأمبراطور هيلا سلاسى, وهذا اسهم بدوره بتدفق قدر كبير من الأسلحة عبر الحدود السودانية الشرقية الى الجارة أرتريا كما أسهم القتال الذى دار بين الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا وجبهة تحرير التقراى من جهة وجبهة التحرير الأرترية بالقرب من الحدود السودانية الشرقية فى أواخر سبعينات القرن الماضى فى تدفق الأسلحة فى المناطق المتاخمة لمسارح القتال فى شرق السودان,كما قام السودان بدعم جبهة تحرير التقراى التى كانت تناضل ضد النظام الأثيوبى من أجل التهميش ونيل حق الحكم الذاتى لإقليم التقراى الأثيوبى, حيث قدم السودان الدعم لهذه الحركات طيلة صراعها مع النظام الأثيوبى وكانت لها مكاتب فى المدن السودانية الشرقية (القضارف –كسلا وبورتسودان), كما لها قواعد تدريب وإنطلاق من الأراضى السودانية, كما قدم السودان الدعم لحركات أثيوبية أخرى مثل حركة تحرير الأرومو, وحركة تحرير البنى شنغول,فى المقابل قامت أثيوبيا منذ السبعينات بدعم عناصر المعارضة السودانية وقدمت التسهيلات لحزب الأمة فى منطقة شهيدى الحدودية, وأوت عناصر الجبهة الوطنية المكونة من حزب الأمة والإتحادى الديمقراطى والأخوان المسلمون فى نضالهم ضد نميرى,كما قام نظام منقستو هايلى مريم بإحتضان وإيواء الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ نشأتها عام 1983, كرد فعل لقيام السودان بإيواء ودعم الحركات الأثيوبية المعارضة,حيث كانت كل من أثيوبيا والسودان تتأثران بمناخ العلاقات الدولية السائد فى ذلك الوقت(الحرب الباردة),حيث كان السودان يدور فى فلك الغرب, وأثيوبيا تدور فى فلك المعسكر الشرقى السابق,ونتيجة لهذا التوتر فى العلاقات الأثيوبية السودانية, عملت كل من الدولتين على تبنى سياسات داعمة للمعارضة المسلحة فى كل من البلدين,الشىء الذى أسهم فى عدم إستقرار المناطق الحدودية بين البلدين وإنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة وثقافة القتال بين مجتمعات تلك المناطق الحدودية,هذا ساهم فى إنتقال الأسلحة والذخائر الى أغلب القبائل فى الحدود الشرقية, مثل قبائل الرشايدة التى استخدمت الأسلحة الصغيرة فى حماية عمليات التهريب التى تقوم بها عبر الحدود مع أرتريا, وبعض قبائل الأمهرا التى يطلق عليها إسم ( الشفته), والتى تقوم بعمليات السلب والنهب على كل المناطق الحدودية فى أثيوبيا والسودان, مما أسهم فى عدم إستقرار إنسان تلك المناطق, وانتشار النهب والفوضى فى تلك المناطق.
كما كان لبداية الحركة الشعبية لتحرير السودان عملياتها فى مناطق الحدود الجنوبية الشرقية للسودان ومنطقة النيل الأزرق فى مطلع العام 1983, انطلاقا من الأراضى الأثيوبية, إسهام كبير فى قيام الحركات المسلحة والمليشيات وإنتشار الأسلحة الصغيرة بكثافة فى هذه المناطق ,وعند سقوط نظام منقستو هايلى مريم(نظام الدرك) فى أثيوبيا فى نهايات العام 1991 إستولت الجبهة الشعبية لتحرير أرتريا على مقاليد الأمور فى أرتريا, ونالت إستقلالها من أثيوبيا,كما إستولت جبهة تحرير التقراى, على مقاليد الأمور فى أثيوبيا,وقامت قوات جيش أثيوبيا التابع لنظام منقستو هايلى مريم بالدخول الى الأراضى السودانية هربا من محاكمة الجيوش الثورية له, حيث كانت هذه الجيوش تقوم أثناء دخولها السودان بتبديل بنادقها وأسلحتها الصغيرة, مقابل بعض المال والغذاء, مع قبائل وسكان الحدود الشرقية السودانية, حيث تسربت كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والذخائر الى سكان هذه المناطق الحدودية قبل أن يتم إستلام أسلحة وعتاد هذا الجيش بواسطة القوات المسلحة السودانية فى منطقة اللفة وحمداييت السودانية بالحدود الشرقية,بعد ذلك سادت فترة من الهدوء والأستقرار فى الحدود الشرقية نتيجة لطبيعة العلاقة بين السودان والأنظمة الثوريية التى تقلدت مناصب الحكم فى كل من أثيوبيا وأرتريا, والتى دعم السودان وصولها الى السلطة,ولكن سرعان ما تدهورت العلاقات بين السودان وكل من أثيوبيا, وأرتريا مرة أخرى نتيجة لمحاولة إغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى أديس أبابا عام 1995, حيث إتهمت أثيوبيا السودان بمحاولة الإغتيال, ومن ثم تدهورت العلاقات مرة أخرى وتبعت أثيوبيا, جارتها أرتريا, نتيجة لإتهام السودان بدعم الحركات الإسلامية المسلحة فى كل من أثيوبيا وأرتريا (حركة الجهاد الإسلامى الأرترية) و (حركة تحرير إقليم الأرومو الأثيوبية) وإتهام كل من الدولتين للسودان (حكومة الإنقاذ) بتصدير الثورة الإسلامية من السودان الى كل من أرتريا وأثيوبيا لقلب نظام الحكم وتسليم السلطة فى كل من الدولتين لحكومات موالية للخرطوم ,بالمقابل قامت كل من أرتريا وأثيوبيا بإيواء المعارضة السودانية التى تسمى(1) (التجمع الوطنى الديقراطى) والذى يضم فصائل المعارضة السودانية التالية: قوات التحالف السودانية (ساف),وقوات الحزب الديمقراطى الإتحادى (فتح) والحزب الشيوعى السودانى (مجد) وحزب الأمة القومى(جيش الأمة) ومؤتمر البجا (قوات مؤتمر البجا) والحركة الشعبية لتحرير السودان(جيش السودان الجديد) وتنظيم (الأسود الحرة) الذى يتبع لقبيلة الرشايدة,نتيجة لذلك قامت حكومة أثيوبيا وأرتريا, بضخ كميات لا يستهان بها من السلاح الى هذه المجموعات وفتح معسكرات التدريب لها فى كل من ساوا وهيكوتا الأرتريتين, وفى كا من المهل ومنكوش وشهيدى وتمد والحمراية فى أثيوبيا,اما الجانب السودانى فقد قام بتبنى حركة الجهاد الإسلامية الأرترية, وفتح مكاتب لها فى كل من كسلا والخرطوم كما قام بتوفير معسكرات لها بالقرب من كسلا, لتنطلق منها الى داخل أرتريا,كما قام بتبنى حركة تحرير الأرومو وحركة تحرير البنى شنغول المناهضة لأثيوبيا وإمدادها بالسلاح وقواعد التدريب بالقرب من مدينة الدمازين حاضرة النيل الأزرق,هذه الأحداث دفعت لقيام حرب طويلة على طول الحدود الشرقية من قرورة حتى منطقة اكوبو فى أعالى النيل مما دفع الأوضاع فى الحدود الشرقية لمزيد من التوتر,إلا أن التحول فى العلاقات الأثيوبية السودانية, فى عام 1998 نتيجة لقيام (1) الحرب الأثيوبية الأرترية حول منطقة بادمبى الحدودية بين أثيوبيا وأرتريا, أجبرت أثيوبيا للإتجاه نحو تحسين علاقاتها مع السودان لعدم وجود منفذ بحرى لها, وبالتالى شاب الهدوء الحدود الشرقية المتاخمة لأثيوبيا بينما إستمر توتر الأوضاع على الحدود الشرقية المتاخمة لأرتريا,وكانت للحرب الأرترية الأثيوبية, إنعكاستها الخطيرة على مجمل الأوضاع فى شرق السودان حيث قامت كا من أثيوبيا وأرتريا, بدعم تحالف المعارضة المناهض لحكومة الأخرى, وكان هذا الدعم يمر عبر الأراضى السودانية, كما كان يتم تنقل القوات خلسة عبر حدود السودان الشرقية للقيام بعمليات عسكرية داخل كل من الأراضى الأرترية والأثيوبية على حد سواء,كما ساهم حلف صنعاء المكون من كل من السودان وأثيوبيا واليمن التى كانت لها علاقات سيئة مع أرتريا وصلت لدرجة النزاع المسلح, فى ضخ كميات من الأسلحة والعتاد للمعارضة الأرترية عبر الحدود الشرقية للسودان, وعبر حدود إقليم التقراى مع أرتريا,وبالرغم من هدوء الأمور وتحسن علاقة السودان بأرتريا ودعمها لدخول جبهة الشرق السودانية التى تضم تنظيم مؤتمر البجا, وتنظيم الأسود الحرة التابع لقبيلة الرشايدة, للوصول الى صلح مع الحكومة السودانية,إلا ان الحدود لا زالت تشهد إنتشار للسلاح, وتحركات للجماعات المسلحة المعارضة الأثيوبية والأرترية عبر الحدود الشرقية للسودان, نتيجة لحرب الإستنزاف بين كل من أرتريا وأثيوبيا,كل هذه الأوضاع أسهمت فى إنتشار الجماعات المسلحة والأسلحة الصغيرة فى حدود السودان الشرقية ودول الجوار المتاخمة لها.
انتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة عبر الحدود الغربية للسودان ودول الجوار المتاخمة لها:
لقد كان للتحولات فى العلاقات الدولية, والصراعات الإقليمية, والصراعات الداخلية فى الجارة تشاد, اثر كبير فى إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة ذات الأجندة السياسية, وجماعات النهب المسلح وإنتشار ظاهرة التهريب ,فمنذ أوائل السبعينات توجهت السياسة الليبية نحو المعسكر الشرقى, وتبنت أيدلوجيته الإشتراكية, الشيء الذي أسهم في توتر علاقاته مع جارته السودان لتوجه السودان نحو الغرب,حيث قامت الجماهيرية العربية الليبية بدعم المعارضة السودانية التي تعمل ضد نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري(الجبهة الوطنية), المكونة من أحزاب الأمة والإتحادى والأخوان المسلمين وفتح معسكرات تدريب لها فى أراضيها, ومدها بجميع أنواع الأسلحة الحديثة, حيث تسللت هذه القوات عبر الحدود الغربية, وقامت بمحاولة إسقاط نظام نميرى السابق فى 23 يوليو 1976, ولكن هذه المحاولة بالرغم من دخولها الخرطوم, وإستيلاءها على بعض المناطق, لم تنجح, وتم دحرها من قبل الجيش السودانى الموالى لنميرى, وكان لهذه المحاولة أثر بالغ فى إنتشار أسلحة صغيرة متطورة بكميات كبيرة, بعضها تم الإستيلاء عليه, والآخر لم يعرف مصيره حتى الآن, كما دخل السودان منذ ذلك الوقت عدد لا يستهان به من الكوادر المدربة على التعامل مع هذه الأسلحة,كما أدى الصراع الليبى الشادى(1) فى ثمانينات القرن الماضى الى ضخ كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى منطقة الحدود الغربية للسودان,كما اسهم التداخل القبلى بين السودان وتشاد لإشتراك القبائل السودانية مع القبائل التى تنتمى لها بصلة الدم فى تشاد, وتسربت نتيجة لذلك قدر كبير من الأسلحة الى اقليم
________________________________________
(1) Dr. Faroug Adam Ateem Darfur Crisis fact and solutions, work shop on China and the challenges of peace and development in Sudan, Khartoum friendship hall, 8 Nov 08.
دارفور السودانى,كما ساهم تبنى السودان للجماعات المعارضة التشادية, فى زيادة حدة
التوتر بين السودان وتشاد,فقد كانت معظم الجماعات المسلحة المعارضة لنظام الحكم فى تشاد, تنطلق من قواعد لها بالسودان, والجدير بالذكر أن الرئيس الحالى لتشاد إدريس دبى , قد تقلد منصبه من الخرطوم وبدعم سودانى,ولكن كان للحرب الليبية الشادية والصراعات الداخلية فى تشاد, والمستمرة حتى اليوم, أثر كبير فى إنتشار الأسلحة الصغيرة فى يد قبائل الحدود الغربية للسودان, وبالأخص فى إقليم دارفور, ومن هناك بدأت تتسرب حتى وصل انتشارها الى تخوم كردفان,فأصبحت الصراعات المحلية التى كانت بين الراعى والزراعى, والتى كانت تستخدم فيها الأسلحة البيضاء فى السابق, أصبحت تستخدم فيها الأسلحة الصغيرة الحديثة وتكتيكات القتال المتطورة, مما أدى الى تفاقم الأوضاع وتعميق الأزمة فى دارفور(1), كما أصبحت عمليات النهب المسلح منتشرة انتشارا واسعا فى الحدود الغربية للسودان منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضى ,ونتيجة للتحولات الدولية وبعض العوامل الخارجية الأخرى, وتوتر علاقة السودان بالجارة تشاد, إشتد الصراع بينهما, واصبح نظام دبى صديق الأمس عدوا للسودان اليوم, حيث قامت تشاد بإحتضان حركات دارفور المسلحة منذ مطلع العام 2001 (حركة العدل والمساواة) و (حركة جيش تحرير السودان) الأولى بقيادة خليل إبراهيم المنشق من النظام الحاكم فى السودان, والذى ايضا تربطه صلة دم بالرئيس التشادى إدريس دبى, والثانية بقيادة عبد الواحد محمد نور من ابناء قبيلة الفور والتى إنشقت من حركته العديد من الحركات المسلحة الأخرى, منها حركة تحرير السودان جناح منى أركورى, التى وقعت إتفاق سلام مع الحكومة السودانية فى أبوجا أخيراً,نتيجة لذلك توترت العلاقات, وتصاعد التوتر بين تشاد والسودان الى الآن, بالرغم من معاهد
(1) Dr. Faroug Adam Ateem Darfur Crisis fact and solutions, work shop on China and the challenges of peace and development in Sudan, Khartoum friendship hall, 8 Nov 08.
الصلح التى وقعت فى كل من غانا, والمملكة العربية السعودية,وقد شهدت الفترة السابقة تصاعد فى العمليات المسلحة فى غرب السودان, حيث هجمت الجماعات المسلحة المعارضة مدينة الفاشر ومناطق متفرقة فى دارفور انطلاقا من قواعد لها فى تشاد,ومن جانبه قام السودان بدعم قوات اتحاد المعارضة التشادى, التي دخلت الى ندجامينا فى مطلع نوفمبر 2008 وكادت أن تسقط نظام الرئيس دبى لولا تدخل القوات الفرنسية لصالح الرئيس دبى فى اللحظات الأخيرة,ونتيجة لهذا قام النظام التشادى بدعم تسلل قوات(1) العدل والمساواة للخرطوم فى 10 مايو 2008 لقلب النظام ولكن باءت المحاولة بالفشل, وتم القبض على معظم أفرادها وعتادها ,نتيجة لهذا الصراع دخلت كميات كبيرة من الأسلحة عبر الحدود الغربية, من و إلى كل من السودان وتشاد كما إنتشرت الجماعات المسلحة فى إقليم دارفور, الشىء الذى أسهم فى عدم إستقرار إنسان المنطقة, وتردى الأحوال الأمنية فى تلك المناطق, كما كان لإسهام الغرب ودعمه لمواقف الحركات المسلحة الدارفورية, وبالأخص فرنسا, وإسرائيل أثر كبير فى إشتعال فتيل الأزمة فى دارفور, وتأجيج الصراع على حدود السودان مع تشاد.
إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة عبر الحدود الجنوبية للسودان ودول الجوار المتاخمة لها:
لعبت الحرب الأهلية الأولى بقيادة حركة الأنانيا فى مطلع العام 1955, بزعامة جوزيف لاقو, والحرب الأهلية الثانية, بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان فى مطلع العام 1983. بزعامة العقيد جون قرنق, فى إشتداد حدة الصراع بين الحكومات المركزية المتعاقبة فى المركز وبين القوات المتمردة على الحكم فى جنوب السودان,حيث قامت الدول الغربية والجماعات الكنسية وإسرائيل ودول الجوار الإفريقى بدعم حركة الأنانيا بالأسلحة والأموال منذ مطلع العام 1955, ما أدى الى إشعال وتأجيج الصراع بين الحكومة المركزية وحركة الأنانيا لأمد طويل حتى إنتهاء الحرب بتوقيع إتفاقية أديس أبابا للسلام فى عهد الرئيس السابق نميرى فى عام 1972, برعاية أمبراطور الحبشة هيلا سلاسى ,وفى خلال فترة الحرب الأهلية الأولى لوحظ دور الدعم المقدم من الغرب, والجماعات الكنسية, وإسرائيل عبر دول الجوار, يوغندا وكينيا والذى أسهم فى إنتشار كميات لا يستهان بها من الأسلحة فى ذلك الوقت فى جنوب السودان, ونشر ثقافة التعامل مع هذه الأسلحة عبر مجتمع الجنوب,ولكن كان لقيام الحركة الشعبية لتحرير السودان فى عام 1983, وتبنى أثيوبيا والمعسكر الشرقى لها, دوراً كبيراً فى إنتشار الأسلحة الصغيرة, وبالأخص البندقية الآلية الروسية الصنع (الكلاشنكوف), والرشاش الخفيف (قرينوف),حيث أسهمت هذه الوسائط القتالية المتطورة الروسية الصنع, فى تأجيج الحرب الأهلية, حيث إنتشرت فى كل بقاع جنوب السودان فى يد القبائل الموالية للحركة الشعبية,وبالتالى نتيجة لتدخل المعسكر الشرقى السابق فى القتال, تدخلت أمريكا, بدعم نظام الرئيس السابق جعفر نميرى حليفها فى المنطقة بأكبر عتاد حربى من جميع وسائط القتال المسلح لمجابهة المد الشيوعى القادم من أثيوبيا وليبيا واللتان تقدمان الدعم للحركة الشعبية لتحرير السودان,فإذدادت الحرب الأهلية ضراوة نتيجة لدخول وسائط جديدة فى القتال لكل من الطرفين المتصارعين, وإنتشرت الأسلحة الصغيرة بصورة كبيرة فى الجنوب كما إنتشرت الجماعات المسلحة, والمليشيات التابعة للحكومة والأخرى التابعة للحركة الشعبية,وعندما سقط نظام منقستو فى أثيوبيا فى أواخر العام 1991 نتيجة لإنهيار الإتحاد السوفيتى السابق,توجهت الحركة الشعبية للكنيسة الغربية لتلقى الدعم منها, ومن ثم نتيجة للتحول فى العلاقات الدولية, وسيادة الأحادية القطبية, وهيمنة الولايات المتحدة على مجريات الأمور فى العالم, تحولت الحركة الشعبية بفعل الكنيسة الغربية لحليف للغرب وأمريكا, ونالت الدعم الغير محدود منهما, كما قامت إسرائيل بتقديم دعم لوجستى وتدريبى لقوات الحركة الشعبية,واصبح السودان بعد مجىء حكومة الإنقاذ عدوا للغرب وأمريكا,فدارت المعارك الشرسة بين الحكومة والحركة الشعبية منذ اواخر العام 1991 حيث دفعت الحكومة بكل ثقلها وعتادها لإسترجاع كافة الأراضى التى تسيطر عليها الحركة الشعبية فى الجنوب, وجنوب النيل الأزرق, فى أكبر حملة عسكرية فى تاريخ السودان المعاصر, أطلق عليها عمليات (1)صيف العبور, والتى بالفعل إسترجعت كافة المناطق فى الجنوب عدا مدينة نمولى,ونتيجة لهذا الهجوم الكاسح قامت الول الغربية وأمريكا وإسرائيل, بتوفير دعم لوجستى وعتاد حربى لقوات الحركة الشعبية المنسحبة من معارك صيف العبور عبر يوغندا وأطراف الحدود الكينية, مما أسهم فى تحرك الحركة الشعبية فى هجوم مضاد مدعوم من يوغندا وبعض دول الجوار الأفريقى فى نهاية العام 1995 ,كل هذا الصراع أسهم فى إنتشار الأسلحة الصغيرة فى جنوب السودان وإنتشار الجماعات المسلحة الجنوبية التى قاتلت فى صفوف الحكومة السودانية ضد الحركة الشعبية مثل (2)(قوات دفاع جنوب السودان) التى تشمل كل المليشيات التابعة لأبناء النوير فى أعالى النيل,(ومليشيات المندارى) فى تركاكا شمال جوبا والتى يتزعمها اللوء كلمنت وانى,(ومليشيا الفراتيت) والتى يتزعمها اللواء التوم النور بواو,كل هذه الجماعات المسلحة الموالية للحكومة كانت تتلقى الدعم بالأسلحة والذخائر والدعم اللوجستى من وقت لآخر من الحكومة السودانية,وبالرغم من توقيع اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية فى نيروبى فى 2005, إلا إن آثار الحرب فى جنوب السودان لا زالت باقية حتى الآن حيث لا زالت توجد كمية من الألغام (م/أ) والألغام (م/د), واعداد كبيرة من السلاح فى يد المواطنين, مما أسهم فى زيادة عدم الإستقرار الأمنى فى الجنوب وظهور العديد من التفلتات الأمنية من قبل الجيش الشعبى, وبعض العصابات المنبثقة منه, مما أسهم فى زيادة تردى الأوضاع الأمنية, وعدم الإستقرار السياسى فى جنوب السودان حتى وقتنا الحاضر,هذا بالإضافة للتوترات بين قوة دفاع السودان التى تربطها صلات بالحكومة المركزية فى الخرطوم, وبين قوات الجيش الشعبى فى ملكال حاضرة ولاية أعالى النيل, والتى أسهمت فى قيام قتال مرير بينهما فى فترات متقطعة حتى الآن, مما اسهم فى عدم الإسقرار الأمنى والسياسى فى منطقة أعالى النيل,كما إن عدم قوة قبضة حكومة الجنوب على المناطق الحدودية مع دول الجوار, أدى إلى انتشار الفوضى فى هذه المناطق الحدودية مع الجارة أثيوبيا ويوغندا وكينيا والكنغو,حيث لا زالت القوات اليوغندية موجودة داخل اراضى الجنوب لقتال قوات جيش الرب المعارضة لها,كما إتخذ جيش الرب من قواعد له فى الجنوب فى الشريط الموازى للحدود مع الكنغو نقاط إنطلاق له لمقاتلة الجيش اليوغندى,بالإضافة لإشتباكه عدة مرات مع الجيش لشعبى لجنوب السودان بالرغم من وساطة حكومة الجنوب لإنهاء لنزاع بينه وبين الحكومة اليوغندية,هذا بالإضافة للدعم الذى تلقاه بعض الحركات الكنغولية عبر الحدود السودانية منذ إستلام كابيلا للسلطة وحتى الآن,بالإضافة الى تحرك بعض جماعات النوير والأنواك المعارضة للنظام الأثيوبى, و التى لها وجود بأثيوبيا بشن غارات على القوات الأثيوبية إنطلاقا من السودان بدعم أرترى, وعدم قدرة الحركة الشعبية على وقف هذه الهجمات,كل هذه الأحداث أسهمت فى إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى جنوب السودان, مع ملاحظة عدم قدرة حكومة الجنوب على السيطرة على المناطق الحدودية نتيجة لعدم إنضباط الجيش الشعبى, وإسهامه فى هذه التفلتات الأمنية.
إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة عبر الحدود الشمالية للسودان ودول الجوار المتاخمة لها:
لم يشهد شمال السودان منذ خمسينات القرن الماضى وحتى عصرنا الحالي اى تفلتات أمنية كبيرة, مثل ما شهدته الحدود الشرقية والغربية والجنوبية من السودان, سوى بعض(1) الأنشطة التهربية المنظمة التى تقوم بها القبائل الحدودية مع الجارة مصر, مثل قبائل البشاريين المشتركة بين السودان ومصر, وقبائل العبابدة, وبعض قبائل البطانة والرشايدة التى تشترك معهم فى هذه الأنشطة,ولكن نتيجة لأنشطة التهريب التى تقوم بها هذه القبائل ومكافحة الحكومة لهذه الأنشطة التى تضر بإقتصاد البلاد, فقد إشتد التنافس بين الحكومة وجماعات التهريب, ما أدى الى سعى هذه الجماعات للتزود بالأسلحة الآلية الصغيرة لحماية أنشطتتها التهربية, ومقاومة قوات الحكومة الخاصة بمكافحة التهريب, مما أدى الى وقوع إشتباكات عديدة بين هذه الجماعات وقوات مكافحة التهريب التى طورت الحكومة تسليحها وتدريبها لمجابهة جماعات التهريب التى هى الأخرى طورت من أساليب قدرتها للحركة, بإقتناء وسائل نقل فائقة السرعة, بالإضافة لإدخال أسلحة حديثة أتوماتكية ذات قدرات فعالة فى حماية أنشطتهم التهربية,وقد أسهمت الصراعات فى الشرق والغرب, الى إنتقال قطع الأسلحة الصغيرة من هذه المناطق الى شمال السودان عبر منطقة البطانة ونهر عطبرة من الشرق بواسطة قبائل الرشايدة التى تربطها مصالح مع هذه القبائل التى تسكن الشمال, وعبر درب الأربعين التجارى التى تسلكه الإبل فى رحلة تصديرها الى مصر, حيث تقوم بعض الجماعات التابعة للقبائل العربية التى تسكن دارفور وكردفان, بتسريب بعض الأسلحة القادمة من مخلفات الصراع فى دارفور الى القبائل التى تسكن الحدود الشمالية التى تربطها مصالح مشتركة معها فى تهريب الجمال من السودان الى مصر, وتهريب البضائع من مصر الى السودان عبر الأربعين الى تلك المناطق, مع عدم إغفال الدور الذى تلعبه القبائل المصرية فى الحدود الجنوبية فى مصر, بتهريب الأسلحة الى جماعات التهريب فى السودان والتى أيضا تربطها معها مصالح مشتركة فيما يختص بعمليات التهريب,كما لوحظ فى السنوات الماضية وحتى هذه الأيام إنتشار ظاهرة(1) تهريب البشر, وبالأخص الأثيوبيين والأرتريين عبر الحدود الشمالية الى مصر ومنها الى إسرائيل أو الى ليبيا, ومنهما الى أوربا عبر البحر من ليبيا الى إيطاليا, مما يدل على ترابط شبكات التهريب فى كل من السودان وأثيوبيا وأرتريا للقيام بمثل هذه الأنشطة,ونيجة لهذه الأنشطة ذادت نسبة الأسلحة الصغيرة فى الإنتشار عبر الحدود الشمالية الشى ء الذى قد يؤدى فى المستقبل إلى تفلتات أمنية لا تحمد عقباها إذا لم يتم الحد من إنتشارها وفق خطة محكمة من قبل الحكومة السودانية والمصرية على حداً سواء
الآثار المترتبة على إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة:
نتيجة لإنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى المناطق الحدودية للسودان ودول الجوار الإقليمى تزايدت حدة الصراعات الإقليمية بين السودان ودول الجوار كما إنتشرت الصراعات الداخلية فى هذه الدول, مما اسهم فى زيادة عدم الإستقرار السياسى والإقتصادى والأمنى والإجتماعى فى السودان ودول الجوار, الشىء الذى أتاح فرصة للتدخلات الخارجية التى عمقت من أزمات السودان ودول الجوار, نتيجة لأن هذه التدخلات من قبل الدول الكبرى هدفها الرئيسى هو تحقيق مصالحها من خلال تأجيج الصراعات فى المنطقة,إن تزايد تدفق الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة سوف يزيد من تعقيد الأوضاع فى السودان ودول الجوار كما يعمل على تغذية الصراعات الداخلية والإقليمية التى سوف تؤثر على عمليات التنمية وبناء السلام ,كما إن إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة تسهم مباشرة فى نشر ثقافة العنف التى حتماً سوف تؤدى الى شرخ فى النسيج الإجتماعى يصعب معالجته فى المستقبل,كما سيؤدى الى زعزعة إستقرار إنسان هذه المناطق المتأثرة بهذه الصراعات مما يؤدى الى زيادة أعداد اللاجئين والهاربين من هذه النزاعات ,بالإضافة الى هذا كله نجد أن إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة تؤثر بشكل واضح على زيادة عدم الإستقرار السياسى وتهدد الأمن القومى وتستنزف مقدرات الإقتصاد الشىء الذى يسهم فى تعطيل عمليات التنمية مما يؤدى الى تدهور الأوضاع السياسية والإقتصادية والأمنية الشىء الذى يسهم فى فقد الحكومات الى شرعيتها السياسية الشىء الذى يؤدى الى تعميق أزمات هذه الحكومات فتفشل فى إدارة البلاد,إن إنتشار الجماعات المسلحة والأسلحة الصغيرة سوف يؤدى الى خلق بئية خصبة لنمو الصراعات وإستمرارها فى السودان ودول الجوار مما يؤدى الى زيادة حدة التوترات الداخلية والإقليمية وإستمرارها .
النتائج المرتبة على إنتشار الأسلحة الصغيرة والجماعات المسلحة فى السودان ودول الجوار:
1.نتيجة للصراعات الحدودية والحروبات الأهلية فى السودان ودول الجوار إنتشرت الجماعات المسلحة ذات الأهداف السياسية , وجماعات النهب المسلح والتهريب, وكميات لا حصر لها من الأسلحة الصغيرة فى المناطق الحدودية والطرفية فى السودان ودول الجوار, مما أسهم فى عدم إستقرار هذه المناطق ,وإستنزاف القدرات العسكرية والإقتصادية للسودان ودول الجوار, وتأخير عجلة التنمية.
2.أثرت التحولات فى العلاقات الدولية, وعد م ترسيم الحدود بدقة, بالإضافة الى ضعف قبضة السلطة المركزية على المناطق الحدودية والطرفية فى السودان ودول الجوار, فى إيجاد بئية مناسبة لنمو الجماعات المسلحة المعارضة, وجماعات النهب المسلح والتهريب, وإنتشار الأسلحة الصغيرة فى هذه المناطق.
3.الصراعات الإقليمية بين السودان ودول الجوار, وبين دول الجوار فيما بينها, أسهمت فى دعم وتكوين الجماعات المسلحة ذات الأهداف السياسية, وإنتشار الأسلحة الصغيرة فى المناطق الحدودية والطرفية فى السودان ودول الجوار.
4.أدى إنتشار الجماعات المسلحة, والأسلحة الصغيرة فى المناطق الحدودية للسودان ودول الجوار, الى انتشار ثقافة العنف وعدم التسامح, وطغيانها على ثقافة السلام, فى تلك المجتمعات التى تسكن المناطق الحدودية.
5.عدم تنمية وتهميش المناطق الحدودية والطرفية فى كل من السودان ودول الجوار, أسهم فى إنخراط انسان هذه المناطق, فى صفوف الجماعات المسلحة, من أجل حماية نفسه, وتحقيق مصالحه عبر العنف المسلح.
6.أسهمت الولايات المتحدة الأمريكية ,والدول الغربية, فى تأجيج الصراعات المسلحة فى السودان ودول الجوار, ودعمها للجماعات المسلحة من أجل تحقيق مصالحها فى المنطقة.
7.تزايد نشاط الجماعات المسلحة, وإنتشار الأسلحة الصغيرة, والذخائر, فى السودان ودول الجوار, وإنتشار أسواق سرية لتجارة الأسلحة والذخائر فى السودان ودول الجوار.
8.ملاحظة أن هناك دور إسرائيلى فى الصراعات الإقليمية والداخلية فى السودان ودول الجوار منذ خمسينات القرن الماضى, من خلال الدعم بالسلاح والتدريب وتقديم الخبرات والمشورات العسكرية والفنية والمعلومات الإستخباراتية.
9.تصاعد حدة الصراع فى دارفور مباشرة بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل فى السودان بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة المركزية عام 2005, حيث وجدت قضية دارفور, رواج إعلامى لم تشهده قضايا معاصرة أكثر منها حدة,مما يثير التساؤلات حول أن هناك أجندات وأهداف تسعى قوى كبرى لتحقيقها عبر هذا الصراع.
10.أسهم تشابك العلاقات بين القبائل الحدودية, ووجود قبائل مشتركة بين السودان ودول الجوار, فى إنتقال الصراعات والأسلحة الصغيرة عبر الحدود من وإلى السودان.
التوصيات:
1.اتباع سياسات داخلية فى السودان ودول الجوار تهدف لتنمية المناطق الحدودية وإزالة التهميش الذى يعانى منه إنسان هذه المناطق.
2.إتباع سياسات داخلية صارمة لنزع أسلحة جماعات النهب المسلح, والتهريب وتصفيتها وتجفيف المصادر والمنابع التى تدخل بها الأسلحة الصغيرة, مع وضع خطط إجتماعية تنموية لإدماج أفراد هؤلاء الجماعات فى المجتمع المدنى بعد قضاء العقوبة الموقعة عليهم.
3.توسيع مظلة رقابة الدولة, وبسط هيمنتها على المناطق الحدودية والطرفية فى السودان ودول الجوار.
4.وضع خطط لنشر ثقافة السلام فى كل من السودان ودول الجوار, عبر الوسائل الإعلامية والمدارس والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى.
5.إتباع سياسات داخلية تهدف لتحقيق السلام الداخلى, عبر التفاوض المباشر أوغير المباشر مع الجماعات المسلحة ذات الأهداف السياسية, والوصول لنقاط إتفاق, وتقديم التنازلات من قبل الحكومات المركزية والجماعات المسلحة من منطلق تحقيق المصالح الوطنية العليا, عبر تحقيق السلام الدائم فى السودان ودول الجوار
6.تصنيف المقاتلين التابعين للجماعات المسلحة المعارضة, وإداجمهم فى المجتمع المدنى كقوى منتجة أو فى القوات النظامية حسب نتيجة التصنيف.
7.إتباع سياسة خارجية تهدف الى إحتواء التدخلات الخارجية فى كل من السودان ودول الجوار, وتفعيل الحوارات بين هذه الدول من أجل الوصول الى تفاهمات سياسية ,امنية تخدم المصالح المشتركة لكل منهم.
8.إنشاء آلية لإعادة ترسيم الحدود ومراقبة الخروقات الأمنية والتفلتات فى المناطق الحدودية, لكل من السودان ودول الجوار.
9.إنشاء آلية إقليمية ضمن إطار الإتحاد الأفريقى لفض النزاعات والتوصل الى تفاهمات فى القضايا الخلافية بين السودان ودول الجوار, وبين دول الجوار فيما بينها, لقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية التى تزيد من تعقيد المشاكل فى السودان ودول الجوار.
10.إتباع سياسة خارجية تهدف لتفعيل التعاون السياسى والإقتصادى والأمنى فى السودان ودول الجوار, كما تهدف للإتفاق على تصيفة الوجود المسلح المعارض فى كل من أراضى السودان ودول الجوار, كما تهدف لإحتواء التدخلات الأجنبية فى المنطقة.
11.تفعيل دور العلاقات الشعبية بين السودان ودول الجوار.
12.لابد من وضع خطة إستراتيجية, ومنهج وأسلوب عمل, للحد من التدخل الأسرائيلى الواضح فى الصراع الداخلى فى السودان, والصراعات الإقليمية للسودان مع دول الجوار, ومعرفة الأهداف التى تود إسرائيل تحقيقها فى المنطقة, وفى السودان بالأخص.
13.توضيح مدى تأثير إنتشار الجماعات المسلحة, والأسلحة الصغيرة, فى زعزة الإستقرار وتوقف التنمية فى كل من السودان ودول الجوار, وأهمية الإتفاق على آلية لنزع الأسلحة الصغيرة التى توجد خارج نطاق القوات النظامية, وتصفية كل الجماعات المسلحة والأنشطة التى تقوم بها, من أجل صيانة السلم والأمن فى كل من السودان ودول الجوار, وبالتالى التوجه نحو التنمية .
قائمة المصادر والمراجع
أ.قائمة المراجع باللغة الإنكليزية:
1. John Young, Armed Groups along Sudan's Eastern Frontier: An Overview an Analysis, Small Arms Survey ,Graduate Institute of International Studies,47 Avenue Blanc, 1202 Geneva, Switzerland, (2006).
2. Dr. Hassan Elhag Ali, The Eastern Sudan Peace Agreement, work shop on China and the challenges of peace and development in Sudan, Khartoum friendship hall, 8 Nov 08
3. Dr. Faroug Adam Ateem Darfur Crisis fact and solutions, work shop on China and the challenges of peace and development in Sudan, Khartoum friendship hall, 8 Nov 08.
4. Prof. John young, South Sudan Defense front SSDF, Sudan, 2006
5. James Avery Joyce, the War Machine, 1981
6. www.sudan.net,Government, Political History of the Sudan
8. www.aljazeera.net, Sudan, Chad, Eretria, Ethiopia, Kenya, Uganda, Congo, Central Africa, Egypt, Libya, news.
9. www.bbc.net, Sudan, Chad, Eretria, Ethiopia, Kenya, Uganda, Congo, Central Africa, Egypt ,Libya, news.
10. www.sudan.net /news.
ب.قائمة المراجع باللغة العربية:
1- د.إسماعيل صبرى مقلد ,العلاقات السياسية الدولية دراسة فى الإصول والنظريات,المكتبة الأكادمية, القاهرة,الطبعة الرابعة ,1991 .
2- بروفسيوعمر حاج الزاكى, دور الإتحاد الأوربى فى مشكلة دارفور, ,فرع البحوث العسكرية,الخرطوم ,دورية الدفاع العربى الإفريقى, العدد 72, ديسمبر 2008.
3- لواء ركن (م) على الصديق خوجلى, النظم السياسية والصراعات البينية فى القرن الإفريقيى,فرع البحوث العسكرية,الخرطوم, دورية الدفاع العربى الأفريقى, العدد 72, ديسمبر 2008.
4- فريق أول ركن حاج أحمد الجيلى, آلية الإيقاد للإنذار المبكر والإستجابة,فرع البحوث العسكرية,الخرطوم,العدد 72 ,ديسمبر 2008 .
5- أ مظفر الصديق الحسن,حروب وصراعات, جامعة الزعيم الأزهرى, كلية العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية.
6- جمال عبدالملك(إبن خلدون) السياسة والإستراتيجية فى الحربين العالميتين الأولى والثانية,مروى بوكشوب و دار الجيل بيروت, 1988.
7- ضرار صالح ضرار, تاريخ السودان الحديث, مكتبة الحياة بيروت,لبنان, الطبعة الرابعة, 1968.
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى
بكالريوس فى الدراسات الإستراتيجية من كلية العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية جامعة الزعيم الأزهرى
ضابط متقاعد بقوات الشعب المسلحة السودانية
Mobile: 00249-121949950
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.