السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفاظا على وحدة السودان سنرفع قضية دولية ضد بند الانفصال في اتفاقية نيفاشا .. بقلم: علي العماس
نشر في سودانيل يوم 06 - 09 - 2009

صحيح إن أنجع الطرق للحفاظ على وحدة السودان هي القضاء و بعنف على سلطة الكيزان. وبعنف ليس حبا للعنف ولا رغبة فيه و إنما انجبارا عليه لأن ما اغتصبوه من اموال الشعب وما أهدروه من كرامته وأمنه وسلامته لا يمكن استعادته منهم بلا عنف وما اخز بالعنف لا يسترد بلا عنف. و لكن لكي يتحقق هذا الحلم الواقعي الممكن ينبغي أن تتحد قوي المعارضة خلف هذا الهدف، وان تعيد ترتيب بيوتها، و تفتح الأبواب للقيادات الشبابية لتحل محل القيادات التقليدية لتستبدل الملاسنة والمحاصصة و المشاركة بوسائل نضالية اقوي وأكثر فعالية. و هذه مهمة بالطبع قد يستغرق انجازها وقتاَ طويلا؛ أطول مما تبقى من عمر السودان إذا مضى في طريق الصوملة الحالية. لذلك ينبغي أن نتحرك و بسرعة اكبر في طريق آخر، لا يلغي الطريق الأول وإنما يدعمه بإبقاء السودان كله موحداً و متحداً ضد عدوه الأوحد سلطة الكيزان الطاردة المفككة للوطن، الملك العضوض؛ سلطة الكذب والنفاق والجشع والسرقة والنهب والقهر والاضطهاد.
ينبغي أن نتحرك و بسرعة اكبر في طريق إيقاف تنفيذ مؤامرة نيفاشا قبل أن تصل إلى مرحلة تطبيق بند الإنفصال المسمى زورا ببند تقرير المصير. فتقرير المصير المضمن في القوانين والمواثيق والشرائع الدولية لا يبيح تقسيم الدول، وإن أي محاولة لتفتيت وحدة أي وطن واحد تعد جريمة تتعارض مع كل ما تقره او توصي به القوانين و المواثيق والشرائع الدولية. لذلك فإن تحوير مفهوم تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا وجعله يبيح تقطيع الوطن الى قطعتين، تسلم إحداها للإخوان المسلمين في الشمال ليحكموها بشريعة الصحراء و تسلم الأخرى في الجنوب لقتلة بطل الوحدة جون قرنق ليحكموها بشريعة الغاب هي جريمة في حق الوطن وشعبه، و في حق المنطقة وشعوبها، وفي حق الإنسانية و أمنها وسلامتها؛ وهي خرق صريح للقوانين والشرائع الدولية ينبغي أن يقف كل شرفاء العالم ضده.
أما نحن أبناء هذا الوطن فينبغي أن نقف كلنا صفاً واحداً جنوباً وشمالاً شرقاً وغرباً ونسمِع العالم كله صوتنا ونحن نقول و بأعلى صوت:-
- لا لنيفاشا ...... لا لنيفاشا “NO To Nivasha”
و نتبع القول بالعمل و نرفع قضية دولية ضد هذه الجريمة الشنعاء. جريمة نيفاشا التي تسوق بحسبانها تحقيق للسلام و نهاية لأطول حروب القارة الافريقية. هذه الحرب التي كان يمكن أن تنتهي قبل عشرين سنة بإتفاقية قرنق-المرغني لولا ان سلم الصادق السراج السلطة للاخوان ليمنعوا تحقيق ذاك الإنجاز ويعيدوا إشعال الحرب تحت شعارات دينية بالية.
لذلك فإن إتفاقية نيفاشا لم توقع من اجل تحقيق السلام، وإنما من أجل تنفيذ جريمة تقسيم الوطن الذي اغتصب الاخوان المسلمون سلطته اساساً ليمنعوا وحدته. وحدته التي تعني نهايتهم الحتمية بحكم تعارض وجودهم فيه مع تنوعه الإثني و الثقافي. و لقد اتفق الاخوان المسلمين في مسعاهم هذا مع بعض الإنتهازيين من قيادات الحركة الشعبية الساعين لخلق دولتهم الخاصة بشعبها تحت سيطرتهم و ثرواتها في اياديهم ليقهروا شعبها وينهبوا ثرواتها كما فعلت من قبلهم قيادات دول المنطقة المحيطة.
لكي نجنب بلادنا ويلات هذه المؤامرة التي توافق عليها الشريكان ونمنع جريمة تنفيذ بند الانفصال في إتفاقية نيفاشا ينبغي أن نقف كلنا صفاً واحدا تحت شعار :
لا لنيفاشا No To Nivasha
وان نتفاكر ونتفق حول كيفية إنجاز هذه المهمة، مهمة رفع قضية دولية ضد بند الإنفصال في إتفاقية نيفاشا. و ذلك بواسطة نخبة من القانونيين الوطنيين والعالميين. نتصل بهم، نجمعهم، ندعمهم ونقف من خلفهم حتى ينجزوا هذه المهمة الوطنية الإنسانية الشريفة؛ و يمنعوا جريمة تنفيذ بند تقسيم الوطن في إتفاقية نيفاشا. و يعلنوا تجريمها عالمياً ليجبروا القوى العالمية و الخونة المحليين على رفع ايديهم عن الوطن ووحدة ترابه. ثم يتركوا باقي المهمة؛ مهمة الإنصهار والتعايش والتمازج والحفاظ على وحدة الوطن القومية لشعبه.
و إننا حتما منتصرون. لأن القوانين والشرائع و المواثيق الدولية المعنية بالأمر كلها معنا. و لأن حق تقرير المصير كما جاء في القانون الدولي، و في ميثاق الأمم المتحدة، و في غيره من المواثيق والشرائع الدولية لا يبيح لأقلية أو أكثرية قومية تقسيم الوطن الواحد المعترف بحدوده القائمة من قبل الأقطار الأخرى و المنظمات الدولية. و تأكيدا لقانونية موقفنا ومسعانا إليكم في ما يلي صورة لحق تقرير المصير كما جاء في القوانين والمواثيق الدولية
حق تقرير المصير كما جاء في القوانين والمواثيق الدولية
جاء ذكر حق تقرير المصير بشكله القانوني اول ما جاء في ميثاق هيئة الامم المتحدة الصادر بتاريخ 26 يونيو 1945 و الذي يعتبر النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية والقانون الدولي جزءاً متمماً له. و قد جاء ذكر تقرير المصير في هذا الميثاق في الفصل الأول الخاص بتحديد مبادئ الهيئة ومقاصدها، في المادة 1 المصاقة على النحو التالي :-
المادة 1
مقاصد الامم المتحدة هي :-
1- حفظ السلم والأمن الدولي. وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها، وتقمع اعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، و تتزرع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي الى إخلال بالسلم.
2- إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ، و كذلك إتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام.
3- تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصفة الإقتصادية والإجتماعية و الثقافية و الإنسانية، وعلى تعزيز إحترام حقوق الإنسان.
4- جعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال الأمم، وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة.
و هذه هي المادة الوحيدة في ميثاق الأمم المتحدة التي تضمنت بنداً جاءت فيه إشارة لحق تقرير المصير. وكما ترى فهي مادة تتحدث عن الأمن الدولي وعن العلاقات ما بين الدول والأمم المختلفة. الدول المستعمِرة والدول المستعمَرة. وحق تقرير المصير الذي جاء فيها هو حق للأمم والشعوب المستعمرة من قبل دول أجنبية. و لا إشارة فيه من قريب او بعيد للصراعات الإقليمية او القبلية في داخل الدولة الواحدة. ففي عام 1945 لم تكن هناك حاجة للنظر لموضوع تقرير المصير إلا من تلك الزاوية. فقد كان بيناً وجلياً عندئذ أن العدوا الأساسي لحرية الشعوب وإستقلالها هو الإستعمار الأجنبي وفقط الإستعمار الأجنبي. اما الصراعات القبلية والإقليمية فلم تكن في ذاك الزمن بالحدة او الأهمية التي تجعل هيئة الأمم المتحدة تعرها اي إهتمام ؛ ناهيك عن تضمينها في الميثاق او في القانون الدولي. فالصراع بين الشعوب المستعمرة والدول الإستعمارية كان اكثر حدة من الصراعات القبلية والإقليمية لأن الشعوب المستعمَرة كان يوحدها النضال ضد الإستعمار الأجنبي وينسيها ذلك صراعاتها القبلية والجهوية. وشعوب الدول الإستعمارية كانت توحدها قوة دولها. و لكن مع الزمن و بظهور دول جديدة حديثة الإستقلال كانت لا تزال تصارع من اجل ترسيخ كيانها و تقوية بنيتها الداخلية إشتعلت الصراعات القبلية والإقليمية وإرتفعت بعض الأصوات النشاز تطالب بفصل اقاليمها عن الوطن الأم. و كانت تلك المطالب تأتي كلها إما من إنتهازيين يقدموا مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن او من هروبيين يروا ان حل مشكلة الخلافات القبلية هو بالهروب من الوطن والإنزواء في حضن القبيلة وحدود الإقليم. ولقد وصلت مطالبهم بفصل اقاليمهم عن الأوطان الى منظمة الأمم المتحدة في بداية الستينات. فكان موقف الأمم المتحدة من هذه المطالب الإنفصالية واضحاً و معلناً بلا لبث و لا غموض :-
إن الإقرار للأقليات بحق الإنفصال وإقامة كيانات صغيرة فيه من التفتيت للمجتمع الدولي ما يؤدي إلى عدم الإستقرار وتهديد النظام القانوني الدولي بالإنهيار وبالتالي تهديد السلم والأمن الدوليين. كما ان حق مجموعة من شعب الوطن في الإنفصال يتعارض مع حق باقي السكان في الإستمرار في تكوين أمتهم ودولتهم ورغبتهم في العيش المشترك. و كما جاء على لسان يوثانت السكرتير العام للامم المتحدة (حينئذ) "أنا اؤكد أن الأمم المتحدة لم يسبق لها ان قبلت ، ولا تقبل اليوم ، ولن تقبل ابداً مبدأ إنفصال جزء من اي دولة عضو فيها"
وليصدر الأمر بشكل قانوني اصدرت الامم المتحدة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم 1514(د-15) بتاريخ 14 ديسمبر 1960 والذي يحسم الأمر بشكل قاطع في نصوصه التي جاءت على النحو التالي :-
إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة
- إن الجمعية العامة تعلن ما يلي :-
- 1- إن إخضاع الشعوب للإستعمار الأجنبي و سيطرته وإستغلاله يشكل إنكاراً لحقوق الإنسان الأساسية و يناقض ميثاق الأمم المتحدة ويعيق قضية السلم والأمن و التعاون العالميين.
- 2- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي و تسعى بحرية الى تحقيق إنمائها الإقتصادي والإجتماعي.
- 3-
- 4-
- 5-
- 6-كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي او الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلدٍ ما تكون متناقضة ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
و كما ترى فإن البند السادس في هذا الإعلان يبين بما لايدع مجالاً للشك أن تقرير المصير المذكور في البند الثاني هو تقرير مصير الشعوب والدول المحتلة من قبل مستعمر اجنبي. وإن اي مسعاً لتحميله معناً آخر في محاولة لإستهداف التقويض الجزئي او الكلّي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلدٍ ما ( حتى ولو كان هذا البلد هو سودان الإنقاذ الطارد) تكون متناقضة مع مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
اعتقد ان ما جاء ذكره حتى الآن من مواثيق وقرارات الأمم المتحدة يكفي لتأكيد أن حق تقرير المصير المُسوق للإنفصال لا يعطى إلا للدول والشعوب المستعمَرة من قبل قوة أجنبية.
و لكن رغم كل هذه القرارات و المواثيق الدولية القاطعة بأن تقرير المصير لا يجيز إنفصال أي جزء من الوطن عنه إلا ان بعض الانتهازيين عديمي الوطنية من افراد الاقليات القومية ظلوا يعيدوا تفسير مضمون تقرير المصير على هواهم في محاولات يائسة لتحقيق رغباتهم المريضة في تكوين دويلات خاصة يحكموها بأنفسهم حتى ولو كانت فاقدة لمقومات الدولة. لذلك اضطرت المنظمات الدولية لإصدار المزيد من التشريعات والمواثيق و الإعلانات الدولية لقفل الباب أمام هؤلاء الخونة فاقدي الضمير والوطنية.
ففي يوم 18 ديسمبر من عام 1992 وبموجب القرار رقم 47/135 اصدرت الأمم المتحدة الإعلان العالمي بشأن حقوق الأقليات القومية او الإثنية او الدينية و اللغوية. و قد عدد هذا الإعلان حقوق هذه الأقليات كلها بالتفصيل و لم تأتي فيه بالطبع أي إشارة الى حق الإنفصال بدعوى تقرير المصير. بل أكد على أن أي نشاط من هذا النوع يتعارض مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
و لقد جاء هذا الإعلان في شكل ثمانية مواد أساسية حوت كل حقوق الأقليات القومية والعرقية و الدينية و الثقافية على النحو التالي :-
- على الدول ان تقوم بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية.
- لافراد الاقليات الحق في التمتع بثقافتهم الخاصة، و ممارسة دينهم الخاص، و إستخدام لغاتهم الخاصة. كما يحق لهم المشاركة في الحياة الثقافية والدينية والإجتماعية و الإقتصادية بدولهم.
- كما يحق لهم إنشاء روابط خاصة بهم. وعلى دولهم ان تتيح لهم الفرصة للتعبير عن خصائصهم، و دراسة لغاتهم و تاريخهم. كما ينبغي ان تتيح لهم دولهم المشاركة الكاملة في التقدم الإقتصادي والتنمية في بلادهم.
ثم يخلص هذا الإعلان في البند الرابع في نهاية المادة الثامنة الى تحديد الموقف من دعاوى الإنفصال ليؤكد الآتي:-
- 4- لايجوز بأي حال تفسير أي جزء من هذا الإعلان على انه يسمح باي نشاط يتعارض مع مقاصد الامم المتحدة و مبادئها بما في ذلك المساواة في السيادة بين الدول، وسلامتها الإقليمية ، وإستقلالها السياسي.
و هذا بالطبع توثيق كافٍ لان الاقليات القومية لها الكثير من الحقوق ولكن ليس من هذه الحقوق حق الإنفصال عن الوطن بدعوى تقرير المصير، إذ ان هذا الحق من الحقوق التي أقرت للشعوب الواقعة تحت حكم الإستعمار الأجنبي و فقط الشعوب الواقعة تحت حكم الإستعمار الأجنبي. و للتأكيد على هذه الحقيقة بشكل قاطع وبين لا يقبل اللبث أصدرت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة في عام 1996 توصيتها الحادية والعشرين بشأن الحق في تقرير المصير .
و قد جاءت هذه التوصية على النحو التالي :-
" تلاحظ اللجنة ان الجماعات او الأقليات العرقية او الدينية كثيراً ما تتخذ من الحق في تقرير المصير اساساً للإدعاء بالحق في الإنفصال. و في هذا الصدد تود اللجنة ان تعرب عن التالي:-
إن الحق في تقرير المصير هو احد مباديء القانون الدولي الأساسية. وقد ورد ذكره في المادة 1 من ميثاق الامم المتحدة وفي المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و كذلك في الصكوك الدولية الاخرى لحقوق الانسان. و ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق الشعوب في تقرير المصير و ينص علاوة على ذلك على حق الاقليات العرقية او الدينية او اللغوية في التمتع بثقافاتها او بالمجاهرة بدينها و ممارسة شعائرها او في إستخدام لغتها .....
و عليه فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها ينبغي تمييز جانبين. فحق الشعوب في تقرير مصيرها له جانب داخلي أي حق جميع الشعوب في السعي بحرية لتحقيق نماها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من دون تدخل خارجي. أي انه يحق لكل مواطن الإسهام في إدارة الشئون العامة لبالده على جميع المستويات على النحو المشار اليه في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري. و يتعين على الحكومات ان تمثل السكان كافة دون تمييزبسبب العرق او اللون او الديناو الأصل القومي او الإثني. أما الجانب الخارجي لحق تقرير المصير فهو ان لجميع الشعوب الحق في تقرير مركزها السياسي و مكانتها في المجتمع الدولي إستناداً الى مبدأ تساوي الحقوق من اجل تحرير الشعوب من الإستعمار و منع إخضاع الشعوب للإستعباد الأجنبي و سيطرته و إستغلاله .
و من اجل تحقيق الإحترام التام لحقوق جميع الشعوب ينبغي ان تتقيد الحكومات بالصكوك الدولية لحقوق الإنسان و بالإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و أن يكون الحرص على حماية حقوق الافراد من دون تمييز لأسباب عرقية او اثنية او قبلية او دينية هو الموجه لسياسات الحكومات."
و هذا بالطبع ما لا تستطيع حكومة الهوس الديني (الملك العضوض) في السودان الالتزام به. ولكن حتي عدم التزام الحكومات بهذه الاساسيات للحقوق المدنية و السياسية و تمييزها بين أفراد شعبها على اساس العرق او الدين او اللون لا يعطي احد او مجموعة من افراد الشعب الحق في الإنفصال. و لتأكيد ذلك تخلص لجنة القضاء على التمييز العنصري في توصيتها هذي الى الآتي :-
5- و تؤكد اللجنة على الا يؤول أي من إجراءات اللجنة بمقتضى الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية على انه تصريح او تشجيع بشأن اتيان أي عمل من شأنه ان يقطع كلياً او جزئياً اوصال السلامة الإقليمية او الوحدة السياسية للدول ذات السيادة و المستقلة. و تري اللجنة ان القانون الدولي لم يعترف بحق عام للشعوب في ان تعلن منفردة الإنفصال عن دولةٍ ما . وفي هذا الصدد تأخذ اللجنة بالرأي الوارد في خطة السلام ( الفقرات 17 وما بعدها) وهي ان تفتيت الدول يضر بحماية حقوق الإنسان فضلاً عن ضرره بالحفاظ على السلم والأمن العالمي.
أعتقد ان هذا يكفي لتأكيد ان جميع المواثيق و الشرائع والقوانين الدولية تجرم عملية إنفصال أي جزء من اجزاء القطر بدعوى تقرير المصير او بأي دعوى اخرى. وان تقرير المصير الذي يجيز تحديد المركز السياسي أي الإستقلال لا ينطبق الا على الدول المحتلة من قبل مستعمر اجنبي. اما الاقليات القومية و الاثنية والدينية والقبلية فلها الكثير من الحقوق ولكن ليس من بينها حق الانفصال عن الدولة الأم بدعوى تقرير المصير. و إن السعي لتقسيم الوطن الواحد بأي دعوى وتحت أي مسوِّق يعتبر عملاً إجرامياً حسب القانون الدولي و المواثيق الدولية لأن تفتيت الدول يضر بحماية حقوق الإنسان و يضر بالسلم والأمن الدوليين. و عليه فإن أي مواطن يسعى لفصل أي جزء من اجزاء الوطن عنه بأي دعوى وتحت أي مسوق لا يعتبر فقط فاقداً للوطنية بل هو مجرم بنص القانون الدولي و مهدِّد للسلم و الأمن والدوليين. لذلك أرجو ان تصمت هذه الاصوات الإنفصالية الوصولية النشاز قبل ان يضافوا الى قائمة المطلوبين من قبل محكمة العدل الدولية. اما جريمة نيفاشا فينبغي تقديمها لمحكمة العدل الدولية الآن و قبل ان تقع الفاس في الراس.
إذا كنت ترغب في المشاركة في هذا الجهد فإتصل بنا على البريد الإلكتروني
[email protected]
علي العماس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.