تضج صفحات الرأي بالعديد من المقالات ، وطفحت على سطحها أعمدة كثيرة كل يعبر عن مواقفه من منطلقات متعددة منها المنتقد بموضوعية للوضع الراهن في كافة المجالات السياسية والخدمية والإنسانية ، هناك من يقف مدافعاً عن النظام وسياساته ، وآخر يقف بجانب المعارضة ويتقن عملية البحث عن إخفاقات النظام ليطلع الرأي العام عما يحدث في دهاليز النظام .. كل هذا الحراك منطقي ومقبول من منطلق حرية الرأي و التعبير ، وحرية الانتماء لاحد المعسكرين ( الحكومة والمعارضة ) او الوقوف في محطة المراقب الحصيف والناقد الموضوعي للشأن العام من اجل مصلحة الشعب والبلاد ، الا ان هناك حلقة مفقودة او غموض وضبابية في مواقف بعض من نطلق عليهم كتاب الرأي .. وتأتي هلامية الموقف الذي يثير التساؤلات هو ان الكاتب او الكاتبة الصحفية احيانا يكون او تكون جزءا من مؤسسات الحزب الحاكم الاقتصادية و الاستثمارية سواءا في مجال الاعلام ، او غيره ، ثم يأتي الى صفحات الصحف وينصب نفسه منتقد ، وناصح ، ومصلح لسياسات الإنقاذ وحزبها الحاكم مع انه قاسم مشترك في دالة مؤسسات الإنقاذ التي يعيش على أموالها .. انه سودان التناقضات ، من يطعن في فعل هو جزء منه فان طعنه مردود عليه ، لا هو ؟ او هي جزئئ من مجموعة سائحون الذين يؤكدون انتمائهم للوطني بيد انهم ينادون بالاصلاح.. بل مستمتعين بنعم الحزب الحاكم التي قطعا لم تتنزل عليه من السماء.. وما يثير الدهشة ان الكاتبةاو الكاتبةاكثر شراسة من المعارضين الحقيقين في سب ولعن النظام في محاولة لتغطية فاتورة الانتماء لمؤسسات الحزب الحاكم الذي يتقاسمون معه اكل اموال الشعب ليلاً ، ويعارضونه نهاراً على صفحات الصحف ، (شر البلية ما يضحك ) ويجعلنا نطرح التساؤلات هل نظر الى هذا الموقف باعتباره مسخرة ؟ ام ظاهرة تسيطر على واقع تطفو فيه الكثير من الطفيليات ، هل هذا الموقف يدخل في اطار محاولة غسيل الذات لارضاء الضمير ، ام تمويه يقصد منه استغفال القراء الذين يظنون ان كل الكتاب يتبعون الصدقية في الانتماء الى قضاياهم ؟، ام الظروف المعيشية الصعبة تجبرهم على اتخاذ هذه المواقف؟ دفوعات اعضاء المؤتمر الوطني من الصحفيين والكتاب عن سياسات نظام الانقاذ داخل الصحف هذه مقبولة ولهم حق مشروع في صد الهجمات التي يتلقونها بسبب الفشل في اخراج اهل السودان من الفقر والحرب والمرض والجهل كما وعد بذلك بيان الإنقاذين في 30 يونيو1989، ولهم مشروعية تزين وجه النظام وانتقاده وقتما شاءوا ، وللآخرين الحق في يعكسوا لهم الواقع في مرآة الحقيقة، ولكن ان يختبئ كاتب او كاتبة نهارا في مؤسسات الحزب الحاكم نهارا ويجلس على مكاتبهم الفاخرة ليسب الإنقاذ ويوهمنا لنضاله عبر القلم من اجل الشعب، وبلا حياء يقف امام صراف مؤسسة عضو الحزب الحاكم ليقبض راتبه الشهري اي دعارة سياسية هذه؟..( البرقص ما بغطي دقنو).. ( ويا حراز ما تبقى رقراق يا شمس يا ضل). ام هؤلاء الكتاب والكاتبات معجبين بفكرة التنوقراط الذين يأكلون في كل موائد الأنظمة الشمولية والديمقراطية ، فساروا على دربهم، ام مخطط من الحزب الحاكم ليملئوا مساحات الرأي في الصحف. المرحلة مرحلة فرز الكيمان يا مع الإنقاذ بحلاوة سلطتها وأموالها وتسهيلاتها ، او مع اهل الحق الذين يتحدثون عن معاناة الشعب ، ورهق المساكين من الفقراء والجوعى والمرضى الذين لا يستطيعون شراء القطن لتنظيف جراحاتهم.. كرهنا النفاق ورائحته أزكمت أنوفنا .. سب الإنقاذ ومسح أحذية اهل الثراء من منسوبها لا يلتقيان الا في أوكار الدعارة السياسية. الجريدة fatima gazali [[email protected]]