في البداية أود أن أتقدم بشكري وامتناني لمؤسسة ضاحية هيرمانسبورغ الألمانية بمناسبة استضافة مؤتمر السودان الجامع- الذي ينعقد سنوياً منذ خمسة وعشرين عاماً - في الفترة ما بين 14 إلي 16 يونيو 2013 في أحضان هذه الضاحية, التي داومت علي بث نبض الحياة في هموم الوطن الحبيب من الخارج, وأمكانية نقاش ومباحثات هموم المواطن ومشاكله, والخروج بتوصيات لحل كثير من المشكلات العالقة. كل شكري وتقديري لمن شاركوا في هذا الحدث الهام من السودانيين والألمان والجنسيات الأخري في هذا المؤتمر, ومن المهتمين بأمر الوطن من أبناء وبنات وأصدقاء أوفياء. ولظروف طارئة لم أتمكن من المشاركة في هذا المؤتمر الهام . كان من المشاركين من قبل الجالية السودانية ببرلين, الدكتور الجليل حامد فضل الله , ومن قبل السفارة السودانية الأستاذ خالد موسي, كممثل لسفارة السودان ببرلين. ذلك نيابة عن سفير جمهورية السودان السيد الدكتور بهاء الدين حنفي. وأنا أكتب هذه السطور, راودني السؤال المنطقي, لماذا أكتب وعما أكتب, ثم وجدت الإجابة. أنا علي وعي تام بما أكتب وعما أكتب, أكتب عرض مبسط ومحايد, دون وجود أي ميول سياسي بعينه, أو تنظيم سياسي, أو تشدني هيجة من الهيجات العاطفية, أو تلقي فائدة مرتجاة من أي جهة سياسية أو فرد. أكتب من باب الأمانة, ومن منطلق قاعدته النزعة الوطنية الصادقة, التي لا تداري بالمواقف ولا تبالي بالأشياء. حامد فضل الله الذي أعرف, غني عن التعريف. الكل من السودانيين في المانيا يدرون من هو هذا الشخص "حامد فضل الله". هو فخرنا في جاليتنا المعتبرة. عرفته كمثقف وكاتب ومفكر وطبيب وإنسان وناشط في حقوق الإنسان, تتجلي في نفسه رؤية العالم بمنظار فلسفي آخر, يحاول أن يجمع عن طريقه جمع عالم تبعثرت رفاته. ويحمل بين أضلعه قلب خفاق, يحاول عن طريقه لم شمل وطن تشتتت أفكاره... بإلتماسه للأشياء, بخبرته الطويلة, بفكره الجم, وبقلمه المعطاه... في الكتب والصحف والمجلات الثقافية علي نطاق واسع. ورغم معرفتي القصيرة بالأستاذ خالد موسي كرجل ثاني لممثل سفارة جمهورية السودان, في حقبة وليدة العهد وظروف جمعتنا فيها سانحة مناقشة هموم ومشاكل الوطن الحبيب لا غير. أنا علي يقين بأني تعرفت علي شخص فريد وأخ حميم. ذلك رغم عدم أتفاقنا فكريا وسياسيا في كثير من الأشياء ووجهات النظر, فيما يخص كثير من المشكلات العالقة, علي سبيل المثال, أهم دعامات المجتمع الحديث كسياسة التعليم والصحة في الوطن الحبيب. الكثير من الناس, وحتي أفراد جاليتنا في المانيا يجهلون من هو هذا الشخص "خالد موسي". بل الكثير من الناس يجورون عليه, وبدوره يجورون علي شخص إنسان يحمل هموم وطنه بدواخله كحمله لقلبه. خالد لا ينوب ويمثل نظام سياسي بعينه, خالد يمثل وطن بأكمله "دولة". عرفت خالد كأخ يحمل علي يديه وطن ويجوب به بقاع العالم في أحداث ومؤتمرات عالمية عارمة, يلتمس فيها رأي الطرف الآخر بإحترام وأدب جم, يخطو في طريقه خطوات ثابتة وحثيثة, ليجسم للناس معني وطنه ولماذا هذا هو حال وطنه الآن. إنسان بسيط, بشوش, هميم, حميم, هاديء, متفاني, صامد, صامت, يؤدي واجبه العملي بجد وإجتهاد, وبطريقة متحضرة, تلائم كل حدث في زمانه ومكانه. خالد هو بمثابة الدبلوماسي الأمين, الذي لا يميل إلي خلق المواقف, ذو كلمات معدودات, وجمل مفيدة وواضحة المعاني, ويضع في نهاية كل جملة نقطة. ماذا نريد أكثر من ذلك كأفراد جالية في الغربة, من دبلوماسي نادر, دبلوماسي في ريعان الشباب "دبلوماسي واعد للوطن". يدرك أبعاد المسائل, ويتجاوب مع المواقف بما تتطلب من حلول. خالد يؤدي واجبه كدبلوماسي, يعيش حياته في الغربة ككل واحد منا, يدرك ما هو معني الغربة, وما هي هموم المغترب. خالد يعوض عن فروقات غربته وحنينه إلي وطنه الحبيب كأديب وشاعر وكاتب. يكتب بحصافة أدب رصين, ذو بعد ثقافي يحتفي به. هذا لم ياتٍ من العدم, بل محركه هو هاجس الوطن, مثله مثل رواد سلك الدبلوماسية السودانية في أوج زمانها وعظمتها, من امثال المرحوم جمال محمد أحمد, والمرحوم صلاح أحمد إبراهيم. خالد في ثلاث كلمات " مكسبا للدبلوماسية السودانية". من هنا تقدير حامد لخالد, والذي لم يأتي من العدم, هذا التقدير ورقم اختلاف الاثنين سياسيا وفكريا. وحامد حسب خبرته الطويلة في المانيا, التي تمتد جذورها إلي خمسينيات القرن المنصرم, يدري من هو المؤهل, ومن هو غير المؤهل لآداء عمل, علي سبيل المثال, في السلك الدبلوماسي. ببساطة ودع حامد إلي السودان وإلي بلاد أخري من بلاد العالم, وإستقبل في المانيا وأوروبا كثير من السفراء وأفراد السفارات العاملين والزائرين, فهو عنواننا في برلين وفي المانيا كجالية... ذلك بحكم خبرته "حامد" ونشاطه الذي لا ينضب معينه ولا ينقطع تقطره. ويجمع بين خالد وحامد أيضا الجانب الثقافي وحب الأدب, أيضا المساعدة الإنسانية التي قدمها, وما زال يقدمها حامد كطبيب ومستشار في المسائل الطبية, دون عائد مادي. علي سبيل المثال علاج المرضي المحولين, ومعاودتهم, حتي يبلغوا مرامي الصحة والعافية ويعودوا لوطنهم سالمين ومعافيين. وهنا أردت فقط أن أسلط الضوء علي علاقة, ربما تمني البعض جورا أن تزداد عتمة.... علاقة شخصين تفرقهم أشياء وتجمعهم أشياء أخري, في علاقة ودية وغير منفعية, علاقة يكسوها أكليل أخوي وأبوي صادق, علاقة دون قيود ودون حدود... أو كما نريد, لذا من واجبنا كأفراد جالية التفهم, أو محاولة فهم ما لم نفهم... كلمت في حق الناس والحق يقال... مع كل الحب والود للجميع تحيات د. حسن حميدة E-Mail: