في الصحيفة الرائدة (الأخبار) كتبت ونشرت قبل شهر مادة بعنوان ( مالو حزب الأمة القومي والتجمع الوطني الديموقراطي ).. تناولت فيها علاقة الحزب (التكتيكية أم الاستراتيجية !!) بالتجمع بعد أن خلع الحزب الكبير رداء التجمع في خارج الوطن أيام معارضة ( نظام حكم الإنقاذ) في أعلى قمم أدائها والانقاذ باسطة أياديها باطشة بأعاديها.. وما نيل الأماني بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.. وقلت مناقشاً ما دار في (متدى الصحافة والسياسة) في 8 / 7 / 2009م بدار الحبيب السيد الصادق المهدي رئيس الحزب بحي الملازمين بأم درمان وشاركه كثير من قادة السياسة والفكر والرأي والأحزاب والعمل العام متحدثين عن (الكافات الأربع) ومنها كاف الحكمة لمعالجة مسألة انتهاء زمن حكومة (الوحدة الوطنية) بين شركاء اتفاقية نايفاشا ومن والاهم وتوالى معهم بحلول صباح 9 / 7 / 2009م وعدم شرعية الحكومة.. فاتفق الجميع يومها على مناقشة ومعالجة الأمر بالحكمة والتشاور مع الحكومة.. ولكن وبعد 48 ساعة فقط في مساء يوم الجمعة أقيمت (ندوة الجمعة) الطارئة ب (دار الأمة) هذه المرة وشارك وتحدث طيف متعدد من قادة العمل العام الوطني.. وقرروا مناهضة الحكومة والخروج إلى الشوارع وتعبأة الجماهير ومنازلة الحكم جهاداً مدنياً سياسياً.. حتى يستجيب لمطالب الشعب ويترك الحكم أو يقيمه قومياً شاملا.. بادرني نفر من إخوتي الأحباب زملاء وشركاء درب الجهاد المدني السياسي الطويل بعد أن اطّلعوا على ما كتبت.. وعشنا من الدهر حيناً تخللته بعض من خشونة ومخاشنة في المواجهة في تسعينيات القرن الماضي.. والتي هي أصلاً تقوم في وجه كل نظام عسكري شمولي استئصالي يطيح بمكتسبات وخيارات الشعب الشورية والحريات العامة والخاصة ما قامت الدنيا.. وعندما عاد المجاهدون ب ( تفلحون) بسبب مكتسب هامش الحريات الذي أتيح مع بدايات هذا القرن في 2000م.. بدأ التفكير في إيجاد السبل القومية لمعارضة تُفضي إلى إخراج الوطن من بؤر الوحل التي هو فيها.. ودرء مخاطر التشتت والتمزق لأركان الوطن.. أقول بعد أن قرأوا ما سطر قلمي جادلني وحاورني -مزاحاً كان أم جادة- إخوتي في مرابط الجهاد المتصل لبلوغ هدف تمكين الحريات والحقوق العامة وإزكاء الواجبات المفروضة نحو الوطن وأهله.. نعتوني بما ليس في تاريخي ولا مبادئي وركائز وطنيتي ومنهجي.. فتعجبت من القول لأن كل هؤلاء الرجال الذي أخذوا رواحلهم وغادروا الكيان البيت الكبير (حزب الأمة) أحسب وموقن أنا بأنهم أنصار الله أحباب الرسول أصحاب الإمام أبناء وأحفاد من تربوا على الأنصارية ونهلوا منها ورضعوا دسم ثدييها الكامل من مكمن (( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله)) أمراً قاطعاً جازماً لكل مؤمن أن ينصر الله ومن ينصر الله ينصره ويثبت أقدامه ومن يخذل الله يخذله ويزلزل أقدامه.. ضارباً سبحانه وتعالى لنبيه الصادق الأمين وللمسلمين أجمعين المثل الأعلى بحواريي عيسى الذين قالوا هم أنصار الله.. والأنصارية ليست حكراً على أعضاء وأفراد آل بيت الإمام المهدي عليه السلام ولا هي لحزب الأمة فقط بتعدد مسمياته التسعة.. فاختار إمام الأمة والدين الإمام محمد بن عبد الله المهدي أنصار الله والدين بمعيار ومثقال الإيمان الصادق والنصرة الخالصة لوجهه تعالى مقدماً خليفته للناس من خارج البيت بصفات من تقلد بقلائد الدين ومالت له قلوب المسلمين. في المؤتمر العام السابع لحزب الأمة القومي وبخطابه الرئيسي تحدث السيد الحبيب الصادق المهدي رئيس الحزب بأن في حزب الأمة القومي عشرة قياديين مؤهلين أكفاء ليكون كل منهم رئيساً للحزب في غيابه.. وأن هناك عشرون آخرون أكفاء مؤهلين ليكونوا شاغرين لمنصب الأمين العام.. وإني والله لأحسب أن بعضاً من هؤلاء العشرة يكونوا الإخوة مبارك المهدي والزهاوي مالك وبابكر نهار و د/الصادق الإمام الهادي وبرمة ناصر ونصر الدين المهدي وعبد الله مسار وغيرهم كثر بعدد يتجاوز العشرين رجلا.. ولكن بعقلي سؤال يتجول بكثرة واستمرار منذ أن أدلى السيد الصادق بهذا ( البيان القنبلة).. عن الشخص المؤهل بين هؤلاء كلهم من يملك الصفات والقدرات والذي يستطيع منافسة وإقصاء المشير عمر البشير في الانتخابات الرئاسية العامة القادمة ويفوز عليه.. الآن وعند هذه السطور ستثور ثورة في بعض الصدور لأنهم قد فهموا ما أقول بأنه إنقاص من قدرات وكفاءة ومؤهلات قيادات ورموز وزعامات وأقطاب وكوادر الحزب الموجودة والممارسة.. لأني أعلم هذه الذهنية في (كيان أحزاب الأمة) بعمومه وقد خبرتها وعايشتها في أصقاع الأرض شرقاً وغرباً وشمالا.. وقد كنت نفراً من جموع كثيرة بالحزب ومنذ الثمانينيات ننادي بالإصلاح مع التجديد والتغيير ومع التنوع والتمكين ومع التأصيل والتحديث.. وكان على رأس الداعين المجتهدين لتحقيقه السيد الحبيب الصادق وعمر نور الدائم رحمه الله ورضي عنه وأرضاه وآدم مادبو وبكري عديل والأمير عبد الرحمن نقد الله شفاه الله وبسط عليه العافية والصحة والقوة ومبارك المهدي ويونس مختار وعبد الرسول النور ورجال كثيرين آخرين غيرهم.. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا لا يسع المكان ذكرهم كلهم.. وذلك لبناء حزب عصري متمكن مالياً وتنظيمياً وعضويةً لا تزحزحه أعاصير الشموليات ولا تهزه براكين المؤامرات.. ولكن تبدلت المواقف وتغيرت المصالح وجارت الأيام فغادر نفر من الناس ليس بقليل (حوش البيت) الدار الأم وسلكوا دروباً رأوا أن بها ومنها تحقيقاً لما كان يطرحونه.. وبهم وعندهم مقدرة لتأسيس منافذ التغيير والإصلاح والترقي بمؤسسات الحزب وتفعيلها.. رغم ما واجهوا من عقبات ومتاريس بالطريق إلا أنهم سائرون متحركون بذات القوة واليقين.. ويتمسكون بأنهم ما خرجوا عن الأهل الأنصار ولا هجروا البيت بل على ديمومة الحراك اليومي في دوران (الساقية المدورة) وصولاً للغايات المطلوبة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. إن بعض ما يعايشه المرء السوداني المهموم المسكون بوطنه في بلاد هذا (العم سام) المتغطرس المتعجرف أنهم -وبمعايشتنا لهم وحراكنا بينهم السياسي والعام في كل منحى- تجدهم يلتقون ويلتفون حول بعضهم ويتراصّون كلهم في دفع كل ما يواجههم وينذر بخطر على أمتهم وأمنهم العام.. ومعهم تعلمنا أن الكيد السياسي غالبه من أجل الوطن والمواطن أولاً وفي ذلك يستفيد ويكسب الحزب مكاسبه السياسية والعامة والاجتماعية وغيرهاعند خدمة الناس وقضاء مصالح المواطن.. عندهم تدربنا ألا حسد أو بغضاء أو حقد في السياسة والعمل العام وأن الشحناء السياسية هي لإزكاء روح الغيرة على قضايا الوطن وهموم المواطنين.. عندهم تمرّسنا على أن إغتيال الشخصية العامة والسياسية والاعتبارية للآخر هي ميزان ضعف وفقر وهزال وخواء عقل من يقوم بذلك ويمارسه.. وهذا في شرعنا الإسلامي الحنيف هو ضعف في الدين والإيمان بالله وبقضائه وقدره تعالى واتّكال على النفس الأمارة بالسوء ووساوس اللعين إبليس.. عرفنا منهم أنه لا توجد ديموقراطية كاملة مطلقة بمعانيها ومحتوياتها.. وأن الديموقراطية الشاملة كاملة الدسم لا وجود لها في واقع الحياة السياسية الخاصة والعامة.. وأن في العمل العام والسياسة هناك (( مغارز وشنكلة وتهابيش)) وغيرها من الوسائل والأساليب ضد من يستخدم العمل العام لتحقيق منافع وفوائد خاصة وشخصية.. ولكن لا توقف هذه مسار الحراك الوطني العام ولا تُعطل إنجاز مبتغياته.. أحسسنا بينهم باننا بشر أحرار سواسية أمام القانون والنظام والجهاز ولسنا (عبيداً مقهورين محرومين من حرياتنا ) مقيدة أعمالنا وأفكارنا بسلاسل من أوامر قمعية وإقصائية واستئصالية تحجر على حرياتنا وكلاماتنا وأنفاسنا ونبراتنا وحتى آهاتنا.. خلقنا الله بجسد وروح واحدة وعقل واحد ولسان واحد وأذنين وعينين وهدانا النجدين فإما نشكره تعالى أو نكفر به وأن الله يفعل ما يشاء ويهدي إليه من ينيب. (أحزاب الأمة) التسعة تشكل ما يربو على 15% من مجموع الأحزاب السودانية المسجلة اليوم وبحسب إعلان مسجل الأحزاب الرسمي.. وكلها قد أقامت مؤتمراتها العامة بدءاً بالقاعدية على مستوى المحليات والوحدات الإدارية حتى انتخاب الرئيس والأجهزة التنفيذية والتشريعية كلها.. فأحسب أن هؤلاء 9 رؤساء للحزب من مجموعة العشرة التي أعلن عنها السيد الحبيب الصادق المهدي دون أن يسميهم.. ولا أحد يعلم للآن شيئاً عن أسمائهم وشخصياتهم.. فخروج كل هذه القيادات ومغادرتها للبيت الواحد وتشكيل أحزاب موازية من أصل وذات الإسم ( حزب الأمة .....) يشكل خسراناً وإنقاصاً ويبعد أعداداً لا حصر لها تشكل سندا رقمياً وحصرياً (لحزب الأمة) الواحد في موازين العمل العام بالسودان وخارجه.. وثم ما نقيس به اليوم أن بمجموع (كيان أحزاب الأمة) ولدت قيادات مؤهلة كفؤة لا غبار عليها بكامل المقدرة على منافسة ومنازلة القيادات المتمرسة بحزب المؤتمر الوطني وغيره في الانتخابات العامة القادمة.. مع الأخذ في الاعتبار أن حزب الحركة الشعبية ما زال رضيعاً في قياس السياسة والعمل العام لأن الفكر والثقافة العسكريين ما زالا يعشعشان في أقوال وأفعال كافة (الكوماندورز) وهم قيادات الحزب والحكومة والسياسة بشتى مجالاتها ودروبها.. وليس لديهم حليف أو عمل استراتيجي لأن أداء حروب الغابات والعصابات تحتم الأداء التكتيكي المرحلي المؤقت لحين انقضاء المهمة المرسومة.. وكما يعلم الجميع فقد أصبح الإنسان السوداني في درجة من الوعي العام الوطني ما يجعله يقارن ويفاضل ويتحرى ما بين موجبات ومسالب (( البعشوم أو المرفعين )) مثلا وما بينهما قطعاً من اختلاف كثير.. فهل في شتات أحزاب الأمة واختلافها فلاح ونجاح مع العلم بأن الخلاف قد أضحى تنظيمياً ومؤسسياً وليس منهجياً ومحورياً ولا جماهيرياً.. فالجمهور مربوط بعضه بعضاً ولكن (الرؤوس الكبيرة) المسافات بينها بعيدة متباعدة.. وأحسب أن المستحيلات أصبحن أربعاً بدلاً من ثلاث وهن: الغول والعنقاء والخل الوفي وحزب الأمة الواحد. كبسولة: قضى قاضي محكمة مقتل الأميريكي غرانفيل بإعدام المسلمين الخمسة الذين ثبتت باعترافاتهم التهمة عليهم.. فهل يا تُرى لا يعلم السيد المحترم القاضي بأن من أصل الشرع أنه : لا يقتل مسلم بكافر.. فما بالك وهم خمسة مسلمين رجال !!.. فهل يُقتل خمسة في مقابل واحد !!.. وبأي نص شرعي هذا. وأبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا... وكل أجزائه لنا وطن. ** سودان الشتات / أميريكا ..... [email protected]