انتبهوا أيها السادة كشف تقرير نشر في واشنطن أن إدارة اوباما الجديدة قد قررت عدم التجديد لعقد شركة بلاك ووتر الأمنية سيئة السمعة وإنهاء تعاقدها في العراق بعد أن تسببت في مقتل عشرات المواطنين العراقيين وشكلت استنزافا حقيقيا لموارد العراق. تجدر الإشارة أن بلاك ووتر تقوم بعمليات توفير الأمن للدبلوماسيين والمتعاقدين الأميركيين في العراق ولعدد من البعثات الدبلوماسية الأخرى. مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية رفض أن الكشف عن اسمه قال إن الإدارة الأميركية الجديدة قد اتخذت قرارا بعدم التجديد لشركة بلاك ووتر في العراق بعد انتهاء مدة عقدها الذي ينتهي في مايو القادم. ورجحت مصادر الخارجية الأميركية أن يتحول العقد إلى شركتين أخريين هما DynCorp وشركة Triple Canopy لتولي عمليات حماية الدبلوماسيين الأميركيين في العراق. وكانت الحكومة العراقية قد نددت بما وصفته تجاوزات بلاك ووتر واستغلالها لحصانتها في الاستهتار بأرواح العراقيين، وقال وزير الداخلية العراقي إن حكومته سوف لن تسمح لبلاك ووتر بمزاولة نشاطها وتجديد عقدها في العراق ومقاضاتها في مقتل عدد من المدنيين العراقيين بصورة عشوائية. بلاك ووتر وجدت دعما كبيرا من إدارة الرئيس بوش السابقة حيث امتد نفوذها في العراق رغم وجودها في عدد من بقاع العالم في عمليات حماية وتدريب وعمليات خاصة لا تخضع للمراقبة. وقد كشف الكاتب الصحفي الأميركي جيرمي سكيل مؤلف كتاب "بلاك ووتر" سعي شركة بلاك ووتر الحثيث في التأثير على عدد من النافذين في إدارة الرئيس بوش للحصول على عقود في إقليم دارفور لتعمل كقوة سلام. ويضيف سكيل أن الرئيس السابق جورج بوش بذل جهداً كبيراً من أجل إدخال هذه الشركة سيئة السيرة للعمل في السودان وتمهيد الطريق أمامها وفي هذا الصدد وقد نجح بالفعل في إدخالها إلى جنوب السودان بعد ان تم تكليفها بتدريب وتسليح الجيش الشعبي في جنوب السودان وهو السبب المباشر الذي حمل إدارة بوش على رفع العقوبات عن جنوب السودان، وأشار الكاتب إلى أن ممثل إقليمجنوب السودان في واشنطن قال أنه يتوقع أن تبدأ شركة "بلاك ووتر" أعمال تدريب قوات الجيش والأمن في جنوب السودان في وقت قريب جداً. ولا تملك الحكومة المركزية في السودان سلطة حقيقية على جنوب السودان الذي يتمتع بحكم شبه مستقل الأمر الذي يمكن بلاك ووتر من تثبيت نفوذها في الجنوب كنقطة انطلاق إلى وسط القارة الأفريقية. ولا تزال شركة بلاك ووتر تأمل في وضع أقدامها في إقليم دارفور حيث عبر كريس تايلور أحد مدراء "بلاك ووتر"، عن أن قوات شركته من "المرتزقة" مستعدة لاستعادة الأمن والسلام فى دارفور السودانية، مشترطا أن يتم ذلك تحت غطاء رسمى من الناتو أو الأممالمتحدة. وهو ما يحتم على الحكومة السودانية درجة من الحذر في تعاطيها مع ملف القوات الدولية في اقليم دارفور وإعلان رفضها الصريح لأي وجود محتمل لبلاك ووتر في صورة من صور التواجد ضمن القوات الدولية في دارفور،بعد أن أصبح وجودها حتميا في جنوب السودان. ولشركة بلاك ووتر علاقات أخطبوطية حول دول العالم الثالث ومناطق الصراع الساخنة حيث لا تزال تسعى للانتشار والتمدد وقد عبر عن ذلك مدير "بلاك ووتر" العسكرية، في حديث صحفي نادر بقوله إن الشركة توقع عقودا مع حكومات أجنبية منها حكومات دول مسلمة لتقديم خدمات أمنية بموافقة حكومة الولاياتالمتحدة. وتضم شركة بلاك ووتر في صفوفها كجنود مرتزقة أفراد لا تقيدهم أي قيم تحول بينهم وبين ممارسة القتل في أبشع صوره مثلما حدث في العراق ويقول مدير الشركة ان شركته لا تمانع في وجود الشواذ في صفوفها. وأجاب رئيس "بلاك ووتر" على سؤال مباشر هو هل توظفون الشواذ، بالقول "لا نبالي إذا كان بيننا موظف شاذ ومثلي، وما يهمنا منه فقط أن يؤدي عمله". علماً أن الجيش الأمريكي يمنع وجود الشواذ في صفوفه عندما يعترفون بذلك، ولكن لا يسألهم عن هذا الأمر قبل انضمامهم للجيش لا يخضعون لأي قانون في بلادهم. وتعتبر هذه التصريحات هي الأولى من نوعها ل"غاري جاكسون"، مدير "بلاك ووتر" أو " الماء الأسود" وذلك بعد سلسلة من التقارير التي أشارت إلى تورط الشركة في تجاوزات دموية حدثت في العراق. ويتهم فيلم وثائفي بعنوان " العراق للبيع:حرب الرابحون" شركة بلاك ووتر بالمسؤولية عما جرى في سجن أبو غريب جزئياً . ويذهب سكيل إلى أن عمليات الشركة في العراق جاءت بناءً على قرار أصدره الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر في السابع والعشرين من يونيو 2004 منح الشركات الأمنية حرية العمل في العراق، كما منحها حصانة قضائية ضد ملاحقة القانون العراقي لها. كما يبيح لهذه الشركات استخدام معدات تقترب من الجيش النظامي؛ إذ إنها تستخدم أدوات قتالية متوسطة، وفي بعض الأحيان ثقيلة، بل إن جزءاً منها تستخدم الهيلوكبتر والمدرعات لتنفيذ أعمال قتالية وهجومية. والتساؤل الذي يمكن طرحه الآن ما هو المتوقع أن يحدث إذا دخلت هذه الشركة إلى السودان عبر التسلل إلى إقليم دارفور تحت أي مسوغ في وضعه الراهن الذي يعاني فيه من انتشار السلاح وضعف القانون في أجزاء واسعة منه ؟ وحتى في ظل وجود الشركة في جنوب السودان يطرح كاتب الكتاب سؤلا منطقيا حول قدرة حكومة جنوب السودان على الإيفاء بمستحقات الشركة العالية إلا أن يكون ذلك من خلال استحواذها على معظم موارد بترول جنوب السودان ويعكس ما كانت تتقاضاه في العراق حجم الاستنزاف المتوقع . أول عقد أبرمته الشركة في العراق كان تحت مظلة " توفير الحماية للدبلوماسيين الأمريكيين والمرافقين التابعين لهم في العراق كان بقيمة 21 مليون دولار وقد بدأ العقد في عام 2003 بالتكليف المباشر لتوفير الحماية للحاكم الأمريكي بول بريمر. وتبع هذا العقد توقيع عدد لا حصر له من التعاقدات ذات الصلة بين الشركة والإدارة الأميركية السابقة حتى أن التعاقدات التي وقعتها الشركة مع الخارجية الأمريكية فقط بلغت قيمتها 750 مليون دولار منذ شهر يونيو 2004 وحتى اليوم. ويقدر مؤلف الكتاب بأن أجر المقاتل من جنود الشركة يصل دخله اليومي حوالي 1500 دولار أمريكي ،ويشير سكيل إلى أن شركة بلاك ووتر لا تزال تسعى بقوة لكي تحصل على عقود في إقليم دارفور بالسودان لتعمل كقوة سلام، إلا أن وجودها وممارسة نشاطها في جنوب السودان قد بات قريبا جدا حسب تصريح ممثل حكومة الجنوب في واشنطن . تجدر الإشارة على أن أكثر من نصف ميزانية الجنوب الحالية تذهب إلى تأهيل الجيش الشعبي لجنوب السودان مما يعنى ان وجود بلاك ووتر في جنوب السودان سيشكل استنزافا حقيقا لموارد الجنوب المتواضعة كما أنه سيمثل في نفس الوقت بؤرة اختراق حقيقية تنعكس سلبا على امن المنطقة.