ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    تحالف "صمود": استمرار الحرب أدى إلى كارثة حقيقية    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    "صمود" يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني "المحلول"، والحركة الإسلامية وواجهاتهما ك "منظومة إرهابية"    شاهد بالفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تدعم الفنان عثمان بشة بالترويج لأغنيته الجديدة بفاصل من الرقص المثير    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    كمين في جنوب السودان    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحة امدرمانية.. 9... كلام ناس امدرمان ... بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 30 - 09 - 2009

يكرمني اخي الاصغر علي فوراوي بتلفونات من لندن. وينشط ذاكرتي بأحداث و ذكريات. وذكرني في احد المرات بما كتبت عن ما حدث في ليلة رأس السنة 1984-1985 . فلقد قضيت الليلة مع السويديين الذين كانوا يعملون معي, في الشقة التي جهزتها لهم في الامتداد-الخرطوم. وعندما حضرت في الصباح الى, امدرمان دخلت البيت قائلا صباح الخير. وكان الرد من اختي نضيفة صباح الخير يا زايع يا عايب يا خايب...كيف تنوم بره بيتك.
وقتها كان لنا مكاتب في باريس والامارات ولندن وكوبنهاجن وسويسرا. ولكن هذا لا يشفع لان تنام خارج امدرمان. فعندما اعتذرت بعدم وجود البنزين. كان الرد.. تمشي بكرعينك وكان غلبك تحبى بالواطه. وتنوم جوه بيتك هنا في امدرمان . وتاني ما في ليك مرقة بعد الساعة عشرة..ولقد كان. وكانت تلك اول مرة وآخر مرة انام خارج بيتنا او امدرمان.
اخي علي فوراوي قال انه عندما وصل في اجازة الى السودان قال لزوجته السودانية التي من الخرطوم ,عندما استعد للخروج في المساء وسألته ماشي وين؟ .قال لها انا امي وصتني من زمان ما انوم برة بيتنا ماشي امدرمان.
الاخ علي فوراوي يحكي لي انه عندما يذهب لامدرمان, يذهب لزنك اللحمة وزنك الخضار وسوق امدرمان القديم. وفي احدى المرات سأل احد الجزارين... الاخ من وين؟..فقال الجزار انا من تلاته اربعه... وعلى شفتيه ابتسامة وفي عينيه نظرة امتحان. فقال علي انا من اتنين اتنين..وضحك الاثنان. وسقطت الكلفة بينهما وتوصلا كاخوين. فهذا هو تقسيم امدرمان القديم ..ارباع وحارات. وهذا ما نسيه الجيل الجديد. وكانت هنالك قطعة حديدية سوداء اللون عليها نمرة على باب كل منزل في امدرمان..ومنطقة اتنين اتنين هي منطقة شرق السوق..
في سنة 1956 كنا نجلس تحت اللمبة في شارع الركابية غرب شيخ مرسي. وهذا الشارع ياتي من قلعة صالح جبريل ويعبر شارع الوادي وينتهي بشارع كرري. وكان معي الاخ محمد دوكة, وهو من ظرفاء امدرمان وجاري عبدالله دواي واحمد البشير وشقيقه محمود البشير ومحمد مكي ويس مكي الذي صار طبيب اسنان في الشارقة وغريب الله كاورو الذي كان صبي حداد. و والده شيخ الدباغين في الدباغة.
وكان بعضنا يضقل بكورة الشراب. فأقترب منا ثلاثة من الشباب وسالونا. من هم الهلالاب؟ ومن هم المريخاب؟. وكانوا من الهلالاب. واشادوا بالهلال وعظمته. ونحن الذين كنا في معسكر المريخ , عوملنا كمساكين. والشاب كان يقول لنا مافي احسن فريق من الهلال ونحن المريخاب يجب ان نغير انتمائنا . فنظر اليه محمد دوكة بإستخفاف واشار للحائط . وقال المكتوب في الحيطة ده شنو. وكان مكتوبا على الحائط 9/1 . وتعني المربع الاول الحارة التاسعة. وكان هذا مكتوبا بالجير بأرقام ضخمة لزوم عملية التعداد . والذي كان اول تعداد في السودان . واذكر انه كان مكتوبا في الصفحة الاولى في جريدة الايام تعداد السكان 12.232000 نسمة .
ولم يفهم الشاب الهلالابي الامر في الاول. الى ان شرح له محمد دوكة ان فريق هونفيد المجري قد فاز على الهلال بتسعة مقابل اصابة واحدة سجلها السد العالي سليمان فارس. ولم يحتسب الحكم اصابتين دخلا شباك سبت دودو.
المريخ ابلى بلاءا حسنا والنتيجة كانت خمسة ثلاثة. ولقد اشاد فريق الهونفيد الميجري بقيادة الكابتن بوشكاش بأداء المريخ . وهنالك لوحة بهذه المناسبة في نادي المريخ. والهونفيد كذلك لعب مع فريق الاتحاد في مدني. وكانوا سعداء باللعب في مدني لان استاد مدني كان منجل. ولم يكن هنالك نجيلة في دار الرياضة في امدرمان. واستاد الخرطوم لم يكن قد شيد بعد. المجر بهدلوا الفريق القومي الانجليزي وهزموهم بستة اهداف. مما جعل رئيس الاتحاد الانجليزي يمنع اشتراك الفريق القومي من الاشتراك في اي ماتشات دولية لفترة طويلة. واظن ان رئيس الاتحاد كان ماكنتوش. الذي رأس الاتحاد لفترة طويلة.
وفي اغنية يا استاذ بالقزاز, وهي اغنية شعبية امدرمانية بحق وحقيقة,. لان الاغنية الشعبية ليس لها مؤلف معروف. وهذه غلطة مفهوم الاغنية الشعبية. تبدأ الاغنية الكثيرين يضيفون اليها بعض الابيات ومنها.
يا بوشكاش التسعة كتيرة خلاص..
ويا بوجيك السد راجيك..
وبوجيك كان هداف الهونفيد المجري . مات وهو صغير السن..كما عرفت من صديقي يوسف المجري فيما بعد. ان اغلب اعضاء اسرة بوجيك يموتون قبل الاربعين. وبوجيك كان لقب الخال عبدالوهاب الحاج حمد والذي لعب لبيت المال والكراكسه. ثم انتقل للسعودية ورجع قبل فترة صغيرة.
الشاب الذي كان يحثنا للانضمام لمشجعي الهلال وقف محتارا. فقال زميله ضاحكا ..ياخي ديل اولاد ملاعين بعد كلامم ده تاني ما عندك كلام. شقيق محمد دوكة الاكبر هو ابوطالب الذي كان (مكشكشا) ومحبوبا جدا في امدرمان . كانت منطق المحطة الوسطى منطقة نفوذه. يركب الترام والباصات بدون ان يدفع. كان متمحنا في يوم من الايام فسألوه مالك يا ابوطالب...فقال له والله الواحد بس داير ليه غابة وبنقو وبحر مريسة وترماج...... وقطر......
وناس امدرمان كثيرا ما يقولون والله لو لقيت طلب ابوطالب...
زميل الدراسة وصديقي الدكتور عمر العبيد بلال الذي صار وزيرا في حكومة نميري. تزوج من الآنسة داشا سكومالوفا. ولانه كان قد اكمل دراسته ورجع الى السودان, فلقد ارسل توكيلا لي لإكمال الزواج. وفي مكتب الزواج الذي يدعو الى الرهبة, وهو مبنى عتيق له مئات السنين سالتني المسؤولة عن عنواني في وطني الاصلي فقلت لها منزل 990 مقسوم على 4-3. فطلبت مني ترديد العنوان. وعنما رددته قالت.... ووووووووو...هذه طريقة جميلة وحديثة للعناوين . فقلت لها هذه طريقة مر عليها اكثر من خمسين سنة. فقالت اذا كان عندنا هذا النظام في براغ لسهلنا العمل لساعي البريد.
زميلة الآنسة داشا كانت الرفيقة آلنا كلاشوفا. كن طالبات في مدرسة الهوتيلات. وعرفت منهن كيف يعرف الجرسونات حساب الزبائن والطريقة ان تقسم الصفوف الى أ.ب.ت....الخ والطولات 3.2.1 ....الخ. في امدرمان والمقاهي الشعبية هنالك اشارات بين الجرسون والمعلم. وكنت تسمع ( لبس تكسب 17 قرش ). (كرشليق 6 قروش) (جناح امجكو 9 قروش) والكرشليق هو الجلابية ابوزراير. جناح امجكو الجلابية الانصارية الضخمة. لبس تكسب الجلابية جيب ورا وجيب قدام.
وتسمع كذلك ربع الدستة 21 قرش . وهذا عندما يكون الآكلين ثلاثة. او كارب صليبو. للذي يلبس الحزام. او قالب كمر. لصاحب الكرش. او يقولون ابو تلاجة. ولشخص ممتلئ قد يقولون جري الفيل 3 قروش. ويستمر هذا الوصف حسب الظروف والاوضاع. وهذا طبعا يقال همسا للمعلم. والجرسون ماشي في طريقو...فيعرف الملم الحساب والشخص, حسب هذه الاوصاف. وحسب الظروف. مثل ابو طاقية وابوشال.
سمعنا قديما ان العم بيطار الذي صار من اغنياء السودان, كان من سكان امدرمان. وكان ساعي بريد في امدرمان. ولقد ذكرت في حكاوي امدرمان, ابراهيم البوسته الذي كان قليل الحجم وكان يطوف كل امدرمان. وعلى رجليه. وعلى رأسه شال ضخم ليقيه من الشمس. ويعرف كل اهل امدرمان حتى الذين رحلوا. والبريد كان يأتينا قديما ..امدرمان منزل ابراهيم بدري, بالرغم من اننا انتقلنا الى كل احياء امدرمان..
في كتاب حكاوي امدرمان هنالك فصل لكلام ناس امدرمان. وقلت فيه..مع ناس امدرمان لازم تكون ناقش. وما طاسي. والكلام حتى في داخل امدرمان يختلف من منطقة لمنطقة..وممكن ناس الموردة يتكلموا بطريقة, انو زول ودنوباوي او بيت المال ما يكون عارف الحاصل شنو.
عندما طلب كمال سينا من ابن حيه وصديقه جعفر نميري فلوسا . اعتذر النميري الذي كان ريئسا بأنه ما شايل معاهو قروش. فأشار سينا لدكتور بهاءالدين الذي كان يرافق النميري كل الوقت . فقال سينا (طيب ما تشوف باب الله). والعم باب الله كان مرافقا للسيد عبدالرحمن المهدي. كان يحمل شنطة الفلوس. وينفذ طلبات الامام. ابنه كان زميلي في مدرسة بيت الامانة والاحفاد الثانوية. هذه الملاحظة قد لا يفهمها شخص لم يرتبط بالانصار او ودنوباوي..
عندما كنت جالسا مع بض الاصدقاء في العباسية , سمعت احدهم يقول (نقوم نمشي القماير) . فأردت الانصراف. وانصرف شخص آخر . فنادوني وقالوا لي... مالك انت يا زول ما زمان كنت بتفهمها طايرة ...انحنا ما ما شين اي حته. لكن زهجنا من الزول الجا حقنا ده بي وشو المحفر ده. و القماير قديما اشتهرت بالحفر.
بكلمة واحدة يفهم الآخرون. فعندما يقولون كريت. يقصدون الذي اطال الجلوس او الاقامة وهذا اشارة الى المعزة سنية واختها كريت. حسب كتاب المطالعة في الاولية. فعندما اخذت سنية اختها كريت الى المرعى الجيد (كريت ابت الرجوع الى البيت).
وعندما يقول انسان ..والله ما فضل لي الا امشي اقيف تحت الصاري, وهذا نهاية الامر والاستسلام وعدم الحيلة. في المولد يوصي الناس ابناءهم او رفاقهم قائلين ...انه في حالة انفصالهم في الزحام يجب ان يتجهوا الى الصاري مباشرة لكي يلتقوا بالآخرين. الصاري عمود عالي, بعلم وإضاءة يرفع في بداية ربيع الاول وسط احتفال كبير .
(ما انا برضو بنزل عكس ) او ( كلنا اولاد امدرمان وبننزل في الكشة). الكشة هي المحطات الطويلة التي ينطلق فيها الترام مثل كشة العصاصير بين مكي ود عروسة والمحطة الوسطى. او السينما الوطنية والمجلس البلدي. ولم اشاهد سوى صبي واحد ينزل عكس وهو محمود جاد الله. فمن العادة ان ننزل ونواصل الجري مع الترام حتى لا نسقط. ومحمود كان يقفز ووجهه عكس سير الترام. ولا يتحرك ابدا. شاهدته ينزل في محطة كالتكس في الركن الشمالي الغربي لجامع الخليفة فمنزلهم كان في مساكن المستشفى الارسالية ..التجاني الماحي فيما بعد. فوالده كان ممرضا في المستشفى.
(ده لو بكرة قام فتل ....لوموني).
اخونا الحنان كان ممرضا .. وآل الحنان وكانوا يسكنون في فريق ريد وكان اهلنا الرباطاب كثيرا ما يحضرون مع مرضاهم للعلاج في امدرمان . وبعد حفلة لطيفة رجع الحنان في منتصف الليل وكان بعض الرباطاب في انتظاره. ولم يصبروا الى الصباح. واصروا على الكشف على قريبهم. وكما قال فالمريض كان متقطع النفس. وبالنظر الى داخل جفونه كانت... دبلان... ما فيها اي لون. وكان لا يتحرك. وبسبب التشدد والاصرار على معرفة رايه قال لهم... ده لو بكرة قام فتل لوموني.... واهلنا الرباطاب كانوا مشهورين بفتل الحبال . وكان ناس الموردة والعباسية يرددون هذه الجملة لاي امر حتى عربة قديمة او فريق كرة..
احد شفع الرباطاب اتى به اهله من البلد وهو مريض جدا وبعد فترة والمضادات الحيويوة والعلاج بقى شديد وسمن واظنه كان من ضيوف العم الطيب الخزين الذي كانت تمتلئ داره بالزوار من الرباطاب. شمال غرب ميدان الربيع. فقام الشافع بنجاضة اهل الحي فساله احد اهل العم سليمان والد الاستاذ بدرالدين والمحامي غازي سليمان. فقالوا له انت يا ولد بترجع بلدك متين...فقال الولد برجع لمن اكمل رغيف امدرمان. واهل العباسية كانوا يرددون , عندما يسألون عن مواعيد محددة, زي ما قال شافع الرباطاب لمن يكمل رغيف امدرمان.
الرغيف قديما لم يكن معروفا في كل بقاع السودان , خاصة الرغيف الشمسي اذي نملأه بالفول السمح وزيت السمسم. والطعمية . ويحكى ان البدوي سألوه ...يا عربي الرغيف بتعرفو ...فقال (بلحيل ود اعما لي ضاقو عمن اول...)
ويقول ناس السوق و ودنوباوي عندما يكون الامر مظبوط وكل شي تمام... (زي ما قال بشير الحلاق جوة وبره). فبشير الحلاق كان يحلق للزبون ويبيع الصنف ويقول نحنا بنوزن الراس جوه وبره.
والكلام يمكن ان يكون وليد اللحظة. ونحن جلوس في معدية توتي , ركب صاحب حمار. وكان جيب العراقي مقفول بسستة صفراء اللون. فقال صديقي عثمان ناصر, وهو ميكانيكي, لصديقنا رحمة الله عليه الزين قبور وهو ميكانيكي وحداد. شايفكم خليته لحام الاوكسجين.. لحامكم بقى ستلين. فقال الزين مباشرة ..ما الستلين حنين ما بكسر في الدقداق. ولحام الاوكسجين هو اللحام العادي بلون الحديد. اما الستلين فهو من النحاس وهو اصفر اللون. وواصل عثمان وكمان المكنة غيرتو ليها الشيالات. وكان هذا اشارة (للضناب) وهو السير الجلدي الذي يربط سرج الحمار مارا تحت ذنبه . وكان السير جديدا.
عندما انتقلت من شمال امدرمان الى منطقة العباسية اكتشفت ان هنالك اشياء كثيرة مختلفة. فأغاني الروك اندرول قد اثرت في مذاق شباب العباسية, خاصة بعد تكوين فرقة شرحبيل. وكانت المعارك تدار عن طريق الملاكمة. او ضرب الراس روسية . والركل في الاماكن الحساسة. وكان هنالك تعابير وكلمات غريبة بالنسبة لي . وفي كل منطقة في امدرمان هنالك تعابير محلية.
احدى الفتيات قامت بشتم شاب وانا لم اكن افهم اي شيء. الا بعد ان عرفت بعد تفسير انه كان يتكلم عن كنكنه. وعرفت ان الكنكنه هي البطيخ حسب كلام اولاد فريق فلاته. الذين كانوا يقولون للفول المدمس مررو. وكانوا يقولون ..يا زول شي تمام باي وتراي. ولان ابناء العباسية كانوا مهووسين بحمل الاثقال وكمال الاجسام والاشارة هنا ... لل بايسبت او ترايسبت... والباي هي العضلة الامامية في نهاية الذراع والباي هي العضلة الخلفية. او يقولون عن البنات كالفات تمام والكالف هو عضلة الساق.
وللانسان القوي يقولون ياخي فلان ...ياخي الراجل التلومية .وتعني قوي او مكرب. بتوكه تعني في العباسية فلوس. اول اسمعها كان من الكوتش عبدالقادر هاشم الذي كان يدرب فريق التضامن وفرق اخرى. وكان له نشاط رياضي ضخم . وينظم ويقدم في العباسية وميدان الربيع بطريقة عقائدية.
ويقولون مثلا لانسان يهجم على الاكل او يدخل في الكلام بإندفاع ياخي ده داخل سوينق وآبر ..والاسوينق هي عندما يضرب الانسان بقبضته ضربة جانبية . والأبر هي عندما يضرب الانسان من تحت لفوق آبر -كت.
ويقولون بكرة كيته واقاشي. والكيته هي نوع من الموسيقى والاقاشي هو اكلة دسمة تتكون من اللحم والفول السوداني. وهذا يعني عندما يتوقع الانسان شيئا كبيرا.. حتى لو كان فلوس او هدية. وعندما يقول الانسان في لعبة الكنكان عاوز انزل يقولون له تنزل في الطنبرة. والطنبرة هي نوع من الزار. ولكن الكلمة مختلفة في العباسية والطقوس مختلفة .واذكر ان اولاد السروجية يقولون بكرة نمشي الدايف ويقصدون العوم وتاتي من الكلمة الانجليزية دايف او يغطس.
اول مرة اسمع بدبرياش. كان من صديقي عثمان ناصر بلال الذي كان ميكانيكيا ويسكن في شارع السيد الفيل قبل انتقاله الى ابي سعد الآن . وكان الشقيق الاكبر لصديقي وزميل الدراسة عبدالله ناصر. وهذا عندما اشار عثمان لطعمية مستورة, التي كانت ضخمة ومستديرة. والدبرياش طبعا هو طارة الكلتش وكاانت كلمة دبرياش تستعمل كذلك للريال ابوعشرين. ويقولون عن الجنيه اضان فيل. واضان حمار للخمسين قرش .وللطرادة اضان غنماية . ومستورة كانت تبيع الصنف كذلك.
وعندما يكون الانسان خاملا ولا يتحرك يقولون له مالك ضارب بغو..والبغو هو المريسة.
من العادة عندما لا يتحرك الانسان او يطلب من الآ خرين القيام بعمل يقال له مالك محنن. اما في العباسية كنا نسمع مالك حارس قورو. والقورو هو ثمرة يمضغها اهل نيجيريا وغرب السودان. تعرف عالميا بالكولا. والقورو كان يفرش في الطاحونة امام العباسية.
او يقولون مالك ماسك كدنكه والكدنكه هي الطورية بلغة نيجيريا وغرب السودان والطورية هي كلمة نوبية قديمة اتت من شمال السودان. وعندما يتشدد الانسان يقولون له خلاص يا عبدالله بون. عبدالله بون كان امباشا بوليس ب شريطين. ويسكن العباسية . كان صارما واسع الانتشار. وهو من اهلنا النوبة يسوق الكومر ويحفظ النظام في دار الرياضة والسينما . ولا يتنازل ولا يقبل اي وساطة..
اثنين من اهلنا الرباطاب كانوا يعملون في السوق ....يوسرو العناقريب ...فأتى زائر. فقال احدهم للآخر امشي جييب شاي لي عمك ده فقال الآخر ما تمشي انت..وكان ارد...انا ما شغال...وكان الرد ...آآي انا ما بسوي في الحردفه. والحردفه هي الحجلة لعبة البنات التي هي عبارة عن مربعات او دوائر في الارض تلعبها البنات الصغار. مثل هذا الكلام يقال في محيط ناس الشمكالية والرباطاب . والا لم يفهم المستمع..
او يقولون لك... والله ما بديك لو تعمل باك سمر صول... وتعني ان تقلب هوبة بالقلبه . وهذا طبعا من خلفية الجمباز . فكثير من اهل العباسية والموردة, وبانت خاصة ,كانوا جنودا في الجيش. او نص تعيين عندما كانوا صبيانا في بلك الاولاد . ولهذا تعتبر هذه الاشياء جزء من ثقافتهم ولكنها قد تكون غريبة في حي العرب اوابوروف.
التحية.....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.