لم يعد الخطر الذي يجابه أهلنا في إقليم دارفور هو خطر تداعيات العنف في الإقليم الذي كانت الحكومة طرفا فيه عند اندلاع الصراع في الإقليم الذي جذب إليه أنظار العالم والذي لا تزال آثاره باقية يدفع ثمنها السودان تدخلات خارجية من كل حدب وصوب بل أصبح الخطر الداهم الذي يتهدد المواطنين في الإقليم هو خطر الصراعات القبلية من ناحية وعمليات السلب والنهب التي تقوم بها المجموعات المسلحة ضد المواطنين الآمنين في القرى النائية من ناحية اخرى . ليس من شك في ان الحكومة الاتحادية وحكوماتها الولائية قد فشلت في ايجاد حد لهذا الصراع الذي يحصد في كل يوم مئات الارواح بحكم مسؤليتها في الحكم كما انها فشلت حتى في مراجعة أخطائها الجوهرية بتهميش دور الادارة الأهلية وتشويه دورها وتغيير ملامحها واستنساخ قيادات موالية للحزب الحاكم لا سلطان لها ولا تأثير لدورها . غير أن الفشل الحقيقي هو لسلطة ابناء دارفور أنفسهم ممن هم في شراكة مع النظام او ممن هم يحملون السلاح ضده فالسلطة الاقليمية مشغولة بتفعيل انشطتها الشكلية والدبلوماسية في الخرطوم اما الحركات المسلحة فقد اصبحت تنظر الى قضية دارفور باعتبارها قضية ثانوية فيما أضحت المجموعات المسلحة المنشقة عن هذه الحركات تشكل اكبر مهدد لأمن المواطنين في دارفور من خلال عمليات السلب والنهب التي تستهدف المواطنين البسطاء ممن هم في حاجة الي الدعم والمساعدة. وهناك من يرى ان المجتمع المدني لابناء دارفور خارج الاقليم سواء في العاصمة او مدن السودان الاخرى لم يقم بواجبه على اكمل وجه لوقف تلك الصراعات او التاثير الايجابي عليها باستخدام آليات الانتماء للاقليم في تنكر بائن للاقليم الذي خلفه الجميع وراء ظهورهم إلا من ينتظرون ويقبضون الجمر من المواطنين البسطاء سواء في القرى والمدن او في معسكرات النزوح التي استطال عمرها . الاحزاب السياسية بدورها ما انفكت توجه نقدها للحكومة التى تحول بينها والتحرك في الاقليم للمساهمة في وقف نزف الدم القبلي لاعتبارات سياسية تخشى منها الحكومة وحزبها الحاكم اليس مايجري في دارفور من صدامات قبلية يروح ضحيتها المئات كل يوم يستدعي وقفة من مثقفي وابناء دارفور قبل غيرهم لوقف هذا النزيف . أليس مايجرى أدعى ان يحمل الحكومة على مراجعة سياساتها بشان عودة الادارة لأهلية الحقيقية ورفع يدها ويد الموالين لها من أبناء الأقليم ألا يكفي دارفور هذا الشلال من دماء البسطاء والأبرياء. وبنظرة موضوعية ثمة سؤال لابد من طرحه على الحركات التي تحمل السلاح والتي ترفع شعارات التغيير ليس في دارفور وحدها بل في مجمل السودان هل فيما يجري من استهداف لأقوات المواطنين ونهب ممتلكاتهم وتدمير بناهم التحتية في القرى والنجوع والأصقاع النائية مايؤثر على سلطة النظام او مايبخس من كسبهم ؟ الحقيقة هي أن أكبر مايشكل تهديدا حقيقيا على النظام الحاكم القائم الذي يختصمون يكمن في النضال السياسي والعمل الشعبي وسط الجماهير فقد أثبتت آليات الجهاد المدني أنها الأجدى والأكثر أمنا والأنفع لبلد كالسودان فيه مايكفيه من جراح . أما مايطيل عمر النظام حقا هو في مثل هذه العمليات الساذجة التي يدفع ثمنها التعساء والفقراء والتي لن تكسب تلك الحركات التي تنفذها إلا بعدا عن طريق الجماهير التي يرفعون شعاراتها. [email protected]