غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    صقور الجديان" تختتم تحضيراتها استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية الحاسمة    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    استقبال رسمي وشعبي لبعثة القوز بدنقلا    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الرقابة القبلية ... بقلم: السر سيد أحمد
نشر في سودانيل يوم 02 - 10 - 2009


alsir sidahmed [[email protected]]
يمثل الخلاف بين وزارة الطاقة و أدارة سد مروي حول معدل أستغلال الطاقة الكهربائية المنتجة من السد حالة نموذجية لنوع الفرص المتاحة أمام الصحافة والتحديات التي تواجهها في ذات الوقت. فهاتان جهتان حكوميتان تتعاملان مع مرفق استراتيجي يتصل مباشرة بأحتياجات المواطنين، ورغم ذلك فبياناتهما تتضارب وكأن الأرقام التي تستندان اليها تستمد من الخيال والرغائب، لا من الواقع، الأمر الذي يفرض وجود جهة مستقلة لها من المقدرة والمصداقية ما يجعلها الحكم الفصل في حرب الأرقام الدائرة بين الجهتين الحكومتين.
وبهذا تصبح الصحافة ضرورة للحكومة حتى قبل أن تكون من متطلبات التحول الديمقراطي الذي ترفع لافتته المعارضة، اذ توفر للحكومة نافذة للأطلاع على الواقع غير التقارير المكتبية ومن هنا وصفها سلطة رابعة. وهذا هو التحدي الذي يواجه الصحافة بعد أقرار ميثاق الشرف الصحفي ورفع الرقابة القبلية وكيفية تحولها فعلا الى سلطة رابعة تسهم عبر مهنيتها في البناء السياسي والأقتصادي والأجتماعي للبلاد.
وتزداد أهمية هذا الدور بسبب تسارع التطورات السياسية مع أستحقاقات مفصلية تحدد مستقبل البلاد الى جانب كثرة اللاعبين مصحوبين بتحركات وتصريحات تحتاج الى غربلة ووضعها في أطارها السليم كي تنير الطريق ولا تصبح في حد ذاتها عاملا من عوامل الغموض ومن ثم أضطراب الرؤية.
وفي هذا تحتاج الصحافة الى المهنية المعرفة بالألف واللام في كل أنحاء العالم أكثر من ميثاق للشرف يحتوى على الكثير من العبارات المطاطة التي تحمل أكثر من تفسير. فأذا لم تستطع وزارة الطاقة وأدارة سد مروي الأتفاق على حجم النسبة المستغلة من الكهرباء المولدة، فمن يستطيع تحديد اذا كانت مادة صحافية معينة ضارة بالأمن القومي مثلا وأنها تجاوزت بذلك الخطوط الحمراء كما يشير التعبير السائد مما يضعها تحت طائلة المسائلة.
يتطلب هذا النظر الى المرحلة الحالية، وهي قطعا متقدمة على ما كان سائدا، أي بعد رفع الرقابة القبلية والأستناد الى ميثاق الشرف أن تلتفت الصحافة الى شحذ قدراتها المهنية وتبني على ما تراكم من تجارب ومستفيدة من حالة التناغم مع أجهزة الدولة ومن خلال المجلس القومي للصحافة والمطبوعات. هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا الجانب والمسؤولية في النهاية تقع على الدور الصحافية نفسها، الا ان هناك خطوتان من الأهمية بمكان القيام بهما وعل المجلس القومي يتصدر هذه المهمة. والأشارة الى أهمية عمل مسح علمي وشامل للقراء على المستوى القومي والولائي لمعرفة ما يريد القراء فعلا. والثانية توفير برنامج مكثف للتدريب على اللغة الأنجليزية.
تشكو الصحف من تدني المبيعات وتتوزع الأسباب على طريقة تحطيب الليل بين متاعب صناعة النشرالعديدة ومعاناتها من ثقل اليد الحكومية ضرائبا وغيابها حوافزا الى سلوكيات الناس مثل تأجير الصحف، لكنها تتجاهل الخطوة الأولى والمنطقية وهي القيام بمسح للسوق الذي تتعامل فيه والجمهور الذي تستهدفه.
ان السودان يمر بحالة من التحولات الأجتماعية الكبيرة تكاد تغيب كلية عن مراكز الرصد وعلى رأسها الصحف. فوجئت قبل بضع سنوات عند زيارتي الى منطقة قنتي في الولاية الشمالية بوجود حي كامل من الذين نزحوا من غرب السودان أبان الجفاف الشهير في ثمانينات القرن الماضي، بل وحضرت بالصدفة عقد قران في ذلك الحي لفتى في الثالثة والعشرين من عمره بدا واضحا ان العشرين سنة الأخيرة من عمره قضاها في قنتي. ترى ماذا يعني له ما يجري في دارفور في الوقت الحالي. ونفس الشىء ينطبق على عشرات الالاف من أبناء الجنوب بمختلف قبائلهم ممن تفتحت أعينهم على الحياة في الشمال. وفي المقابل لاحظت وجود خمسة من منازل الأهل فارغة ويسكنها واحد من الأقرباء فقط يتنقل بينها وذلك بسبب هجرة الآخرين الى داحل وخارج السودان.
هذا نوع من الحراك الأجتماعي لم تشهده البلاد منذ تكوين دولة الفونج وله تبعاته السياسية والأقتصادية والأجتماعية، وهو يحتاج الى التعامل معه بصورة أكثر أحاطة وعلمية من مجرد ملاحظات عامة. ومن هنا ضرورة القيام بمثل هذا المسح لرسم صورة دقيقة لعالم القراء يمكن التخطيط على أساسها. وبما ان مثل هذا المسح بالصورة المطلوبة يتجاوز القدرات المحدودة للصحف، فالأمل أن يتبنى مجلس المطبوعات القيام بهذه المهمة بالتعاون مع أجهزة حكومية أخرى مثل مصحلة الأحصاء والأستفادة من نتائج الأحصاء السكاني الأخير الذي يبدو انه تم بطريقة فنية ومهنية لم تشهد البلاد مثلها منذ عقود رغم ما شابه من تراشق سياسي. وجود مثل هذا المسح الأساس يوفر لكل دار صحافية نقطة أنطلاق لتطوير نوع المسح الذي ترغب فيه.
وبنفس القدر هناك الحاجة الى رفع قدرات الصحافيين فيما يتعلق بمعرفتهم باللغة الأنجليزية وضرورتها واضحة للعيان، لا من أجل تيار العولمة الذي تنداح موجاته فقط، وأنما لحجم التدويل الذي أصاب الشأن السوداني مما يجعل من الأطلاع والتعامل مع ما يجري باللغة الأنجليزية فرض عين. وكم شعرت بالأسى في أحدى المرات وقد حضرت بالصدفة مؤتمرا صحافيا للمبعوث الأمريكي الأسبق أندرو ناتسيوس، حيث لم يقم أحد الصحافيين الموجودين بطرح سؤال باللغة الأنجليزية.
طبعا هذه من المهارات الأساسية التي يفترض في النظام التعليمي توفيرها، لكن والوضع على ما هو معروف يصبح من الضروري القيام بخطوة تكميلية لسد الفجوة المعرفية في هذا الجانب عن طريق برامج مخصصة يمكن الترتيب لها من خلال معهد(سلتي) والمجلس الثقافي البريطاني مثلا.
هاتان خطوتان أساسيتان تحتاجهما المهنة بشدة. أما الجانب المهني نفسه فهو ممارسة يومية والصحافة توفر الفرصة للتعليم والتطوير عبر كل عدد يتم اصداره. ولعل التركيز ينتقل من مجال الرأي والكتاب الى الخبر والتحقيق. فمثل الخلاف المشار اليه بين وزارة الطاقة وأدارة سد مروي لا يمكن التعامل معه مهنيا عبر نشر التصريحات المتطايرة والمتضاربة فقط، وأنما عبر تحقيق أستقصائي معمق. فحتى كتاب الأعمدة يحتاجون في نهاية المطاف الى أخبار موثوقة ومعمقة ليبنوا تحليلاتهم عليها. وغيابها يفسر جزئيا حالة التشويش وأختلاط الأولويات التي تعشعش في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.