[email protected] اتى تقرير المراجع العام عن السنة الماضية كعادته حافلاً بالكثير من حالات الإ عتداء على المال العام فى السودان ككل و ولاية الخرطوم التى إحتلت المرتبة الاولى فى الإعتداء على المال العام. واكد تقرير المراجع بان حالات الإعتداء على المال المكتشفة بولاية الخرطوم للفترة من سبتمبر 2007م حتى اغسطس 2008 بلغ (2.4) مليون جنيه. و إحتلت خيانة الأمانة المرتبة الاولى من حيث الإعتداء على المال العام، بملبغ (174.803) جنيه و حالات التزوير و الإختلاس المرتبة الثانية مما يعنى بان ولاية الخرطوم وحدها بلغت نسبت الإعتداء العام فيها نسبة 150% . وكشف التقرير بان هنالك (7) حالات بتت فيها المحاكم و (5) امام المحاكم و (4) امام النيابة. فى محاولة بائسة و يائسة من ديوان المراجع العام لإسترداد اقل من 1% من الاموال المنهوبة. و هنالك (34) وحدة حكومية ما زالت متهربة من المراجعة للدرجة التى إستعان فيها البرلمان بالشرطة و المباحث للقبض على (الكابين الزوغة) من تلك الوحدات. وفى الواقع الفساد لا لون له فهو موجود فى مكان و تكاد لا تخلو ولاية، و ما ظهر منه فى ولاية الخرطوم ما هو الا راس جبل الجليد. و الحقيقة هى بان النهب (المصلح) فى إزدياد مستمر و دور الأجهزة الرقابية فى تراجع و ما حالات الإعتداء على المال العام التى كشف عنها المراجع العام بزيادة قاربت النصف عن العام قبل الماضى سوى تعبيراً عن ضعف و عجز الاجهزة الرقابية و المحاسبية و الشفافية فى إدارة الشان العام. وناهبى هذه الاموال يمدون بالسنتهم لجهاز المراجع العام الذى لا حيلة له سوى الشكوى كل عام عن إزدياد أعداد الناهبين التى يقابلها إزدياد فى المنهوبات. اعتقد بان المشكلة ليس فى جهاز المراقب العام و إنما فى الاجهزة التى هى اعلى منه و عدم إعطاءه كافة الصلاحيات فى مطاردة ناهبى المال العام خصوصاً بان بعضهم يعتبر من (القطط السمان) و لديه علاقات و اموال تفوق قدرة ديوان المراقب العام على ان يقول (بقم) و بل تجعله فى بعض الاحيان ان يقول بان (الفيلة عايزه ليها رفيقة)، و إلا ما الداعى لان يخرج علينا مدير جهاز المراجع العام سنوياً بطلته (البهية) ليخطب فينا قائلاً: ايها الشعب السودانى الفضل، اموالك قد نهبت و انتم نيام، فماذا انتم فاعلون؟ و طبعاً ليس لدى الشعب القوة و القدرة و المستندات ليثبت حالات النهب المصلح و كل ما بوسعهم فعله هو الدعاء بان يولى الله من يصلح من عباده الصالحين!. ثم يذهب بعدها ديوان المراجع العام الى ثباته العميق حتى ياتى العام المقبل ليخرج علينا مرة اخرى معلناً بان مزيداً من الاموال نهبت، ودافع الضرائب المسكين على الرغم من علمه بان الضرائب و رسوم المعابر التى يدفعها يومياً الى المحليات لا تعود عليه فى شكل خدمات مثل إصلاح الطرق، المستشفيات و المدارس و إنما تذهب الى اخرين من دونه لا يعلمهم سوى ديوان المراجع العام، و لا يستطيع ان يرفع دعوى ضد (القطط السمان) بسبب فساده و إفسادها فى الارض لان المستندات عند المراجع العام، و المراجع العام يخشى ان يجرجر (القطط السمان) فى المحاكم لان المسالة سوف (تطير فيها رقاب) و فى احسن الفروض الفصل من الخدمة. و الويل كل الويل لمن يقول بان (القطط السمان) سرقت قوت الغلابة و مصت دماءهم لان الحديث عن هذه الامور من المحرمات، وهو من المعلوم من النهب بالضرورة. فاذا كانت الحكومة جادة فى محاربة الفساد عليها ان تتسلم ملفات (القطط السمان) من ديوان المراجع العام حتى تتولى هى –اى الحكومة- بنفسها التحقيق فى هذه الملفات و محاسبة كل من تثبت إدانته فى هذه القضية، و لا يفوت علينا بان جهاز المراجع العام مؤسسة حكومية و لكن ليس لديها صلاحيات لمطارة اصحاب (النهب المصلح) خصوصاً بان مجالس المدينة تتحدث عن (القطط السمان ) بكثرة هذه الايام. و لننظر لحاكم ولاية الينوى بلقويا فيتش الذى حاول بيع مقعد اوباما فى برلمان الولاية و تدخلت المباحث الفيدرالية للتحقيق فى وجود شبهة فساد فى الامر مما حدا بالمحكمة العليا للتدخل ايضا و إقالة بلقويا فيتش من منصبه رسمياً و عدم السماح له بالدفاع عن نفسه لان المباحث الفيدرالية كانت قد طلبت اذن مسبق من المحكمة العليا بالتنصت على مكالمات حاكم ولاية الينوى و بحسب المباحث الفدرالية بان المكالمات التى سجلت له تحتوى على محاولته بيع مقعد اوباما فى مجلس نواب ولاية الينوى بما لا يدع مجالاً للشك مما إستدعى إقالته من غير السماع لشهادته. فهذه هى الإجراءات المفترض إتباعها لمحاربة الفساد و استغلال النفوذ للتلاعب بالمال العام، لا بالإعلان عن كشوفات الفساد لكل عام مثل إمتحانات الشهادة الثانوية و لا احد يحرك ساكناً. و لكن ماذا نقول غير حسبنا الله و نعم الوكيل ،،،