هذه المقالة ليست دعوة للإحباط ولا هي نظرة متشائمة أو بكاء على أظلال لم تكن موجودة أصلاً . الماضي في تاريخ الشعوب والافراد لا يعود حتما ً وليس هو في اي حال من احواله أفضل من المستقبل ، لكن هذا الماضي يمثل عبرة وخبرة لصناعة المستقبل أو هو مرأة للمستقبل ولذلك فأن الشعوب التي ليس لها ماض لا يمكن أن يكون لها مستقبل . الاستقلال مبدأ ونهاية هو الحرية التي تؤلد الثقة بالنفس والكرامة وحب الوطن ومواطنيه وبلا حرية يصبح اي تعبير عن الاستقلال عبثاً خطابياً ، الاستقلال لا يتحقق بخروج المستعمر الاجنبي فقط وإنما يتحقق بأفول نجم المستعمر "الوطني" الاستقلال الحقيقي تمارسه كل الحيوانات البرية من طير وبقر وحوت تحميه باستمرار من الاعداء وتحافظ على كياناتها الداخلية بدأ من الاسرة وإنتهاءاً بالقطيع وفي ذلك تصنع الحدود لكل مجموعة منها لا يحق لغيرها عبور هذه الحدود اي لاتدخل اجنبي مهما كان السبب . وإذا كان هذا هو استقلال الحيوان فأين كان ويكون استقلال السودان ؟ خرج استعمار كان يسعى لمصالح مواطنيه ودخل إستعمار لا يزال يسعي لمصالح قادته من الطائفية والعسكر والانتهازيين والمستعمر الذي ذهب صورياً . وبما أن كل الاشياء نسبيه فلن يجادل احج في ان حرية شعبنا وهو مستعمر من الاجنبي كانت اكبر من حرية شعبنا وهو مستعمر من الوطني ! ولن يجادل احد في انهم حققوا مصالحهم وتركونا نمارس حقوقنا الوطنية دون إملاء او وصاية او استعلاء . الكوب السوداني ليس مليئا الي النصف ليتفاءل او يتشائم من يريد ولكن هذا الكوب كان فارغاً كجوف ام موسي ، لا نصنع الحياة ولكننا نبتدع الفتن ، ولا نريد أن تعترف بحقوق المواطنة ولكننا وبإستمرار نبحث عن هوية زائفة وباطله تتمثل في العرق او اللغة او الجغرافيا او الدين وننسي عمداً هوية المشترك جميعاً عليه والانساني والاخلاقي ولذلك لم نساهم في بناء الانسان المحلي والاقليمي او العالمي . نستهلك افكار الغير ونركب مركبات الغير ونأكل من فتات الغير ونسكن في مباني وأثاث الغير حتي الكلام فهو من صناعة الغير تعبيراً ومعني ثم اخيراً نسعد كثيراً بالحديث في الموبايل عن ذكر الله وذكر الوطن والدعاء المستجاب وكاننا نحن الذين ابتكرنا هذه التقانات ثم ناتفت لنلعن الاجنبي بلا خجل ولا حياء ولا حق . لكل ذلك وغيره نقول عاش الاستقلال .. مات الاستقلال لأن هذا الاستقلال كان ولا يزال عطاء من لا يملك لمن لا يستحق وآن الوان لان يناضل الشعب السوداني من أجل ان ينال استقلاله الذي يستحق . [email protected]