ما أن إنتهى المشير / عمر البشير من تلاوة خطابه ليلة البارحة والذى أطلق عليه إسم (الوثبة) حتى إنهالت تعليقات السخرية فى المواقع الإجتماعية ، وجزء غير يسير من تلك التعليقات يستند على مواقف ومفردات رددها نجوم الكوميديا فى مصر أمثال عادل إمام -أطال الله عمره - والمرحوم يونس شلبى رحمه الله ، والواضح أن الشعب المصرى بات يلاقى منافسة عنيفة ونظيفة من نظيره السودانى فى مجال التنكيت السياسى وأتمنى أن يكون سبب التنكيت نابع من زيادة الوعى وليس الجوع لذى قالت به الشائعات بلسان الرئيس المصرى الراحل أنور السادات حين بلغه أن السودانيين أصبحوا يكثرون من النكات السياسية إبان نهاية سبعينيات القرن المنصرم. على أى حال ، قد جاء خطاب المشير محبطاُ لغالبية الشعب السودانى لعدة أسباب منها:- 1. خلوه من المفاجأة التي وعدهم بها . 2. الأخطاء النحوية التي اعترت الخطاب. 3. أخطاء المشير فى القراءة وغيرها . هل كان محتوى الخطاب الذى تلاه المشير بحوجة لإعلانات مسبقة غير مدفوعة الأجر بأن هنالك مفاجاة تنتظر الشعب؟ ضرورة الحال تقتضى الإجابة بالنفى .. هذه الضرورة فرضها واقع الخطاب وإستماع العالم بأسره لفحواه. هل كانت هنالك مفاجأت حقيقية سيطلقها المشير؟ وإذا توافرت تلك المفاجاءت ...فما الذى حداه لعدم إطلاقها؟ الأمر لا يخرج عن شقين ... الأول ، أنه قد أرغم أو أنه قد رأى عدم إطلاقها ، ومن الشواهد التى تؤيد هذا الإحتمال:- 1. أن الخطاب حدد له موعداً مسبقاً وهو الثامنة مساء ولكنه أتى متأخراً بساعة . 2. المشير بدأ عليه الوهن والمرض وأن حباله الصوتية كانت متراخية بصورة ملحوظة. 3. المشير بدأ عليه الإرتباك الشئ الذى جعله يكثر من الأخطاء النحوية، وقد إتصلت بأحد الضباط المعاشيين الذين زاملوا المشير وأكد لى أنه طيلة فترة عهده به لم يلحظه مرتبكاً أو خطاءاً فى هكذا موقف . 4. أن المشير قد لف عمامته بطريقة غير معتادة منه مما يشى بأنه كان متعجلاً. 5. الأخطاء النحوية التى لازمت لغة الخطاب مما يؤكد أن كتابته تمت على عجالة . 6. الخطاب لم تعقبه أى أسئلة صحفية وإستفهامات. ما هو الشى الذى يمكن أن يرغم المشير على أن يتراجع من مواقفه؟ أ. أنه يسيطر على الجيش فقط أما حركة الشارع وعضوية المؤتمر الوطنى يتحكم فيها آخرون وهم أهل التمكين الذين ينادون بوأد وإخفاء مفاجأته. ب. أن الإقتصاد والمال والأعمال فى قبضة الغير . ت. سلاح المحكمة الجنائية الدولية. ث. إدراكه مؤخراً ثقل حجم نافع وعلى عثمان ومدى قدرتهم على إدارة الأمور السياسية من خلف الكواليس. تبقى أمامنا الإحتمال الثانى والأخير لرفض إطلاق المشير لمفاجأته عبر المؤتمر العام وهو أن طبيعة تلك المؤتمرات بالإضافة للأحداث العامة وما يواجهه هو (شخصياً) من مؤامرات تهدف لتفتيت جهده ومنعه من ذلك الإعلان.. هذا الإحتمال تقول به الأسباب الآتية :- 1. المحاور التى ذكرها المشير تحتاج لقرارات رئاسية تضعها موضع التنفيذ بلغة أكثر سلاسة. 2. الرجل إختار أن يؤجل المفاجأة لحين ترتيب وضعه الداخلي مع آل البيت. وفقا لهذا الإحتمال الثانى لا يمكن بأى حال من الأحوال وصف ما تم ليلة أمس بأنه مسرحية ضعيفة الإخراج. هى فقط دعوة للتأنى فالأيام العشر القادمات كفيلة بإماطة اللثام عن ما هو مخبأ. ومهما كانت النتائج المتوقعة فإن المشير قد إستنفذ كل طلقاته وما عاد فى جعبته ما يقدمه من عمل أو حتى مصداقية. على السودانيين فقط إنتظار نتائج المعارك الداخلية. ملحوظة الإجابة التى ستفرضها الظروف على تلك الأسئلة ستكون أيضاً وافية للإجابة على الأستاذ/ الواثق كمير حول مقاله الذى زاع صيته (الكرة فى ملعب الرئيس). محمود Mahmoud Dafalla Elsheikh [email protected]