كان من سوء حظي أني استمعت لخطاب الرئيس مرتين .. مباشرة" مرة, ومرة أخري عند الإعادة!! كنت أقول ربما أني لم أركز مع السيد الرئيس في المرة الأولي فلأفعل عندما يعاد الخطاب !! لا شئ !!! في المرتين كانت النتيجة صفرا" كبيرا". لم أر في حياتي خطاباً أبأس من هذا الخطاب وأدعي للرثاء والشفقة منه!! أنا هنا أتحدث فقط عن لغة الخطاب لا غير.. فمضمون الخطاب إن كان هناك ثمة مضمون فمتروكٌ لآخرين!! إن المستمع إليه ليكاد يجزم أنه إنما أملي علي صاحبه إملاءاً! ثم إن الرجل بدا كما لو أنه تلميذ يتحسس طريقه إلي فك الخط : متلعثما و مترددا" وخارما" لقواعد اللغة وخارجا" عن النص ومرتبكا" في جملٍ غير مفيدة, كالتلميذ المهمل غير المستذكر لدروسه, فإذا أضفت إلي ذلك رهبة حضور خصومه وغيرهم من أمثال الترابي والصادق وغازي صلاح الدين ومنصور خالد وهم ما هم عليه من ثبات و معرفة باللغة وفنون الخطابة فإن الموقف كان مزرياً حقاً!! وتلاحظ أن السيد الرئيس كان في ورطة عظيمة و من فرط ورطته كان قد بدا واضحا" أنه أنهي الخطاب المطول بغير النهاية المقررة له من السياق وتدفق التحذلق والتقعر السائد فيه . ربما هذه عواسة غندور أو أمين حسن عمر أو غيرهما ممن صعد نجمه وتبسم حظه آخيرا", ولكأني أري شماتة رفاقهم فيهم ممن أخرجهم التعديل الوزاري الآخير من الفريق الآخر وفيهم يضحكون ,ويمدون عليهم ألسنتهم ساخرين!! لقد رسب طاقم السيد الرئيس الجديد في أول إختبار و أظهروا رئيسهم بصورة بائسة أشمتت به كل فضائيات الدنيا والعالمين!! هذه ليست لغة الموقف ولا الزمان ولا المكان ولا لغة الرئيس البشير المباشرة المرتجلة المصحوبة بعلي الطلاق وعلي الحرام والمختومة بالعرضة الصقرية المعروفة. لقد أدخلوا الرجل في لولوات وفلسفات وفذلكات ليس ذاك المكان مكانها ولا هو من أصحابها وأهلها. هل نسي هؤلاء أن الرئيس رجل عسكري ليس له في هذه اللولوات وأمثالها؟؟ ووالله لو كنت أملك من أمر الاصلاح المدعي شيئا" لبدأت بمعدي هذا الخطاب المهزلة وللعنت سلسفيل أبيهم!! هل كان السيد الرئيس يتلو فذلكة فلسفية لحال السودان البائس وما سيؤول إليه من حال أبأس؟؟ هل كان يحلم ويدغدغ وينظر ويتأمل؟؟!! هل كان السيد الرئيس منوما" ويريد أن ينوم سامعيه؟؟ لقد كان الخطاب جماع كل هذا وأكثر!! ومثلما كان الرئيس في ورطة فلقد كانت قناة الجزيرة في ورطة كذلك. وكان الطاهر ساتي في ورطة وكان ضيوفه في ورطة وكان الشعب السوداني كله في مزيد ورطة!!! ماذا قال السيد الرئيس ليتم تحليله والتنظير له والتبشير به؟؟؟ لا شئ.. لا شئ مطلقا".. وبالمناسبة ألم تلاحظوا أن تلكم اللغة كأنها تشبه لغة سبدرات وتقعره أو أمين حسن عمر وتحذلقه؟؟؟؟ لقد تم الضحك علي المعارضة وأمريكا والشعب السوداني والرئيس البشير!!! من ضحك علي كل هؤلاء؟ لا أعلم ولكن علي كل حال فإن هذا الخطاب المبهم يحكي تماماً ما آل إليه السودان من ضياع وغبش وإبهام وودار درب ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!! [email protected]