الحكومة تصدر قراراً بإيقاف نشاط اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالبلاد.. الصليب الأحمر يؤكد تسلمه خطاب الإيقاف.. الخلافات نشبت بين الحكومة السودانية والصليب الأحمر حينما قدمت اللجنة الدولية للحكومة خطة عملها للعام 2014م، فكان للحكومة رؤية حول تنفيذ خطتها هذه، فأرادت الحكومة أن يكون لها اليد الطولى على أنشطة المنظمة الدولية ومعاملة الصليب الأحمر كبقية المنظمات الصغيرة، الأمر الذي رفضته المنظمة الدولية فكان قرار مفوضية العون الإنساني بتعليق نشاطها في السودان، وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس بأن السلطات السودانية أمرتها بتعليق أنشطتها في السودان، وسارع الناطق الرسمي باسم اللجنة في السودان رفيع الله قرشي بالتعليق قائلاً لوسائل الإعلام: "لقد تلقينا رسالة رسمية من لجنة المساعدة الإنسانية (هيئة حكومية) تبلغنا بتعليق أنشطتنا اعتباراً من اليوم الأول من فبراير وبالفعل تم تعليق أنشطتنا"، إلا أن قرشي عاد مؤكداً أن اللجنة الدولية مازلت تجري مفاوضات جديدة مع لجنة الشؤون الإنسانية ووزارة الخارجية والسلطات المعنية المختصة بغرض استئناف أنشطتنا في أسرع وقت ممكن لمساعدة ضحايا النزاع المسلح". ويرى المتحدث باسم الصليب الأحمر أن التوقف به ضرر كبير على المتضررين، ويزيد: "لابد من مساعدة ضحايا العنف والنزاع المسلح في السودان"، وأردف قائلاً رغم تعليق المشاريع فإن موظفي الصليب الأحمر البالغ عددهم حوالى 700 شخص من المحليين والأجانب سيبقون في مكاتبهم فيما تجري محادثات "في الأيام المقبلة" مع وزارة الخارجية ولجنة المساعدة الإنسانية ووكالات حكومية أخرى. ظلت الصحيفة طوال يوم أمس في محاولات لمعرفة أسباب القرار وتداعياته من قبل الجهات المختصة التي آثرت أن لا تجيب، إلا أن مصادر في الحكومة عزت هذا القرار الى عدم الاتفاق حول خطة العمل الخاصة بالصليب الأحمر في البلاد، وقالت المصادر إن لجنة المساعدة الإنسانية أشارت الى "بعض القضايا التقنية" تتعلق بالعمل الذي كانت تأمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إنجازه هذه السنة في السودان. مصادر من داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان تحدثت ل(الخرطوم) أمس، أكدت حرص اللجنة على الحياد في أداء واجباتها مع كافة الأطراف باعتبار أن هذه سياستهم في كل دول العالم، وترى ذات المصادر أن أي تقارب لها مع الحكومة السودانية قد يفقدها هذا الحياد وثقة الأطراف الأخرى، وقالت المصادر إن استمرار توقف نشاط الصليب الأحمر سيسبب خسارات كبيرة في العديد من مناطق السودان لاسيما مناطق النزاعات بجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والمناطق الحدودية مع دولة الجنوب، ورفض المصدر كشف حجم الخسارة إلا أنه أعرب عن أمله في أن تسفر المحادثات مع الحكومة السودانية عن نتائج إيجابية وأن تتفهم سياسية الصليب الأحمر والسماح بمزاولة نشاطه. القرار الذي أصدرته مفوضية العون الإنساني ليس في صالح الطرفين الحكومة والصليب الأحمر، والضرر الأكبر على المستفيدين. هذا ما قاله خبير دبلوماسي بالمعاش مختص في الشأن الإنساني، ويضيف أن الضرر الذي يقع على اللجنة الدولية بأنها تعمل في المجال الإنساني وبتوقفها يتضرر العديد في مناطق دون ذنب، كما أن دورها كوسيط في إعادة الأسرى والمفقودين سينتفي وستهتز صورة اللجنة الدولية الى جانب فقد العديد من موظفيها للعمل وهي منظمة بهذا الحجم تفشل في التوصل لتفاهمات مع الحكومة سيكون ليس من صالحها لاسيما وأن القرار ليس سياسياً وإنما اختلافات إجرائية. ويرى ذات الخبير أن الحكومة من واجبها أن تطلع على خطط المنظمات لتأكيد سيادتها لاسيما وأن بعض المنظمات تستقل عملها في أعمال بعيدة عن اختصاصاتها دون علم الجهات المختصة، لذلك على الصليب الأحمر عدم إعلانه توقف نشاطه قبل الفراغ من الحوار مع الحكومة. ويضيف الخبير الدبلوماسي إن قرار الحكومة ليس بالحكيم باعتبار أن الصليب الأحمر يعمل على حد العديد من المسائل في المناطق التي يصعب على الحكومة الوصول اليها، كما أن هذا القرار سيؤلب عليها الرأي العام لاسيما مع منظمة بعراقة الصليب الأحمر، ودعا الحكومة للتوافق مع اللجنة الدولية بدلاً من خسارتها والتوافق بين الطرفين من أجل المستفيدين من اللجنة الدولية. بدأت اللجنة الدولية عملها في السودان عام 1978م. وهي تعمل منذ عام 2003م على تلبية الاحتياجات الناتجة عن العمليات العدائية في دارفور، وكان الصليب الأحمر قام بتسهيل وإعادة العديد من السجناء الذين كانوا محتجزين لدى مجموعات في إقليم دارفور، وبتأمين خدمات صحية ومساعدات غذائية ومعدات ومساعدات أخرى ساعدت أكثر من 1,5 مليون شخص في مناطق مختلفة بالبلاد خلال العام الماضي. وتمثلت أولويات اللجنة الدولية في تعزيز حماية المدنيين، وتوزيع مواد الإغاثة العاجلة، والحفاظ على وسائل كسب العيش عن طريق توفير المستلزمات المنزلية والأدوات والبذور، وتأمين الحصول على مياه نظيفة، وتسهيل تقديم الرعاية الطبية في المناطق المتضررة من النزاع المسلح، ودعم خدمات إعادة التأهيل البدني، ولم شمل أفراد العائلات التي شتتها العنف، وتعزيز احترام القانون الدولي الإنساني. وتبقى جمعية الهلال الأحمر السوداني الشريك الأول للجنة الدولية في السودان. ويشار الى ما نفذته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان من يناير إلى سبتمبر 2013م اشتمل على تقديم المساعدات الإنسانية لأكثر من مليون شخص في السودان، توزيع المواد الغذائية على 400000 شخص وتوزيع البذور على 321000 شخص في دارفور، تحسين حصول 473000 شخص على مياه الشرب، بشكل رئيسي في دارفور، تقديم 49300 استشارة طبية داخل مراكز الرعاية الصحية التي تدعمها اللجنة الدولية، تقديم الخدمات ل 4900 شخصاً من ذوي الإعاقة البدنية داخل مراكز تقويم العظام التي تدعمها اللجنة الدولية. وقامت اللجنة الدولية بصفتها وسيطاً محايداً بتيسير تسليم 67 شخصاً، من بينهم أسرى حرب، ومدنيين، وأفراد في القوات المسلحة السودانية كانوا محتجزين لدى جماعات مسلحة، تحصين أكثر من 860000 رأس من الحيوانات، بشكل رئيسي في دارفور.