عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    ضياء الدين بلال: الرصاصة الأولى ونظريّة (الطرف الثالث)..!    وزير الخارجية يكتب: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان ..تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟    العطا يتفقد القوات المرابطة بالمواقع الأمامية في الفاو والمناقل – شاهد الصور والفيديو    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    حفظ ماء وجه غير مكتمل    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    خبراء: الهجوم الإيراني نتاج ل«تفاهمات أمريكية».. وجاء مغايرًا لاستراتيجية «طهران»    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    الجمارك السعودية: دخول الأدوية مرهون بوصفة طبية مختومة    حزب المؤتمر الوطني المحلول: ندعو الشعب السوداني لمزيد من التماسك والوحدة والاصطفاف خلف القوات المسلحة    ضمن معايدة عيد الفطر المبارك مدير شرطة ولاية كسلا يلتقي الوالي    محمد وداعة يكتب: الاخ حسبو ..!    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    تركيا تنقذ ركاب «تلفريك» علقوا 23 ساعة    تجاوز مع أحد السياح.. إنهاء خدمة أمين شرطة لارتكابه تجاوزات في عمله    بايدن بعد الهجوم الإيراني: أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل.. وساعدنا في إسقاط جميع الطائرات المسيرة    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    «العازفون الأربعة» في «سيمفونية ليفركوزن»    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    "طفرة مواليد".. نساء يبلغن عن "حمل غير متوقع" بعد تناول دواء شهير لإنقاص الوزن    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يختفي السودان من خارطة إفريقيا التي تكهنت بها الاستخبارات الأمريكية .. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 09 - 02 - 2014

آخر فترات الحكم الوطني الأسوأ والأحزاب السياسية ليست مبرأة من مشاركة الإنقاذ فيها
الحركة الاسلامية بين خيارين ان تختار تمزيق السودان اوان تختار الدولة المدنية التعددية
القوى السياسية بلا اسثناء لو تمتعت بصحوة ضمير لاعترفت بفشلها ولا أعادت الحق لأهله
الاتفاق على حكومة لا يشارك فيها العسكر والاحزاب لفترة مؤقتة لتكوين احزاب غيرطائفية اوعقائدية
حلقة قبل الاخيرة
اجملت حديثى فى الحلقة السابقة على ان القوى السياسية المدنية والعسكرية والتى هيمنت على الفترات الستة من الحكم الوطنى من ديمقراطية زائفة وانقلابات عسكرية شاركت فيها جميع الاحزاب التى تدعى انها ديمقراطية بلا استثناء كما اننى اكدت ان كل فترة من فترات الحكم جاءت اسوا من سابقتتها وان اخر هذه الفترات هى فترة الانقاذ الحالية والاسوأ فى مسيرة الحكم الوطنى يشهد على ذلك انها شهدت تمذق الوطن بانفصال جنوبه وكل ما تبعة من معاناة فى الشمال والجنوب دون استثناء وانتشار الحروب الاهلية فى اكثر من مناطقه التى لم تعرف هذه الحروب الا فى عهد الانقاذ والتى تتهدد السودان بمزيد من التمذق كما ان ما عاناه المواطن من جوع ومرض ومن فقد لاهم الخدمات الضرورية وما شهده السودان من تفشى للفساد على نحو لم يكن يخطر ببال الشعب عندما استأثرت طبقة الحكام وانصارها على قلتهم بكل امكانات البلد الاقتصادية ثم اخيرا ما شهده البلد من تردى اخلاقى وانتشار لعصابات السرقة والنهب جهارا (على عينك يا تاجر) حتى عرفت العصابات بمسمياتها علانية حتى لم يعد المواطن امنا فى منزله او موقع عمله نهارا وليلا.
وخلصت فى الحلقة السابقة الى ان ازمة البلد اصبحت مستعصية لعدم كفاءة القوى السياسية بجميع مكوناتها فى ان تقدم مخرجا للسودان من واقعه المأساوى لافتقارها المؤسسية الديمقراطية ولانها ظلت شريكا للانقلابات العسكرية فى كل ما لحق بالبلد من دمار واخرها الحكم اليوم الذى لم تسلم كل قيادات القوى السياسية من التورط فيه والمشاركة فيما الحقه بالبلد من دمار حيث انها كانت شريكة له فى تمذق السودان.
وكنت قد حددت ان مسولية هذا التردى تتقاسمها ثلاثة مراكز قوى وان تفاوتت فى المسئولية مركزها الاول الاحزاب الطائفية والعقائدية التى افشلت فترات الديمقراطية وتحالفت مع العسكر بلا استثناء وثانيها الجبهة الثورية الشمالية بالرغم مما تحمله من مبررات موضوعية الا انها اصبحت اداة للتامر الاجنبى لتقسيم السودان وثالثها الحركة الاسلامية ممثلة فى الفترة الحالية لحكم الانقاذ التى شهد عهدها كل ما لحق بالبلد من دمار وكنت قد تعرضت بتفصيل للمركزين الاول والثاتى فى الحلقة السابقة وفى هذه الحلقة تاتى وقفتنا مع المركز الثالث وهى فترة الحركة الاسلامية التى حكمت ولا تزال تحكم البلد بالرغم مما اصابها من تشتت وتمذق بسبب الصراع من اجل السلطة وهذا هو موضوع هذه الحلقة .
بداية لم تشهد فترة الحكم الوطنى فى السودان والتى اقتصرت على حزبى الامة والوطنى الاتحادى موحدين ومنقسمين والحزب العقائدى الوحيد الحزب الشيوعى لم تشهد اى وجود لحركة اسلامية سياسية فى السودان وانما اقتصر وجود الحركة على جماعات دعوية ليست سياسية وكان على راسها تنظيم الاخوان المسلمين الا ان نفس الفترة كانت قد شهدت بدايات توجهات المخابرات الغربية بصفة خاصة الامريكية فى استغلال الجماعات الاسلامية لمناهضةالفكر الشيوعى بحكم اعتقادها بانها حركة الحادية مما دفع بالحركات الاسلامية للتحول للعمل السياسى ونبذ الطريق الدعوى الذى كانت تسير عليه تحت رعاية وتمويل الغرب بعد ان جمعهما هدف واحد مشترك وهو مناهضة المعسكر الشيوعى وكان من الطبيعى ان تمتد هذه الروح للجماعات الاسلامية فى السودان والتى توحددت يومها فى فترة الحكم الوطنى الثانى فى جبهة الميثاق الاسلامى والتى اقتحمت مجال السياسة لاول مرة مناهضة للحزب الشيوعى ليتفجر صراع عقائدى كان مسرحه الحركة الطلابية فى الثانويات والجامعات ثم امتد الامر لصراعات فى الحركة النقابية والدوائر المخصصة للخريجين التى كان يهيمن عليها الحزب الشيوعى قبل ان تستولى عليها الحركة الاسلامية يومها بفعل فاعل يوم صممت دوائر الخريجين على نحو صب لصالح الحركة الاسلامية ليصبح السودان تحت قبضة صراع طائفى من جهة بين الحزبين الطائفيين المحتكرين للسلطة لما لهما من اغلبية برلمانية وبين حزبين عقائديين هيمنا على الحركة الطلابية والنقابية تمثلا فى الحزب الشيوعى وجبهة الميثاق الاسلامية وليصبح الصراع بينهما وسط قطاع الطلاب والنقابات. وهى الفترة التى شهدت نشاة اول تحالف بين الاحزاب الطائفية وجبهة الميثاق الاسلامية لاحساس الطائفية بان الشيوعية خطر على هيمنتها على السلطة ولما يجمع بينهم من النعرة الدينية وكان اول نتائج هذا التحالف ان نجحت الحركة الاسلامية فى ان تستغل مصالح الاحزاب التى عانت من الحزب الشيوعى الذى كان حزبا مؤثرا فى الساحة رغم عدم جماهيريته لانه هيمن على الحركة النقابية والطلابية التى تفعل الاضرابات والتظاهرات السياسية التى مكنته من ان يشكل القوى النقابية التى هيمنت على جبهة الهيئات التى الت اليها السلطة عقب ثورة اكتوبر والتى شهدت يومها اتجاه كوادر الحزب الشيوعى المهيمنة على حكم اكتوبر ان تبادر بالعمل على تصفية وجود الاسلاميين والطائفية المخالفين لهم فاتخذوا اجارءات تطهير الخدمة المدنية لتصفية وجودهم ليحتكر اليسار مؤسسات الخدمة المدنية فكانت تلك اول خطوة غير ديمقراطية لتصفية وجود الرأى الاخر بمعيار االولاء.
وكانت تلك الخطوة كافية لان تمهد للحركة الاسلامية استغلال معاناة الطائفية من هيمنة الحزب الشيوعى على الحركة الطلابية والنقابات لتتوحد هذه الكتلة التى قامت على تحالف الاسلاميين مع الطائفية فتقدم هذه الكتلة على اخطر خطوة تعرضت لها الديمقراطة مدنيا عندما اقدمت على حل الحزب الشيوعى و طرد نوابه المنتخبين من البرلمان ورفضهم الانصياع لحكم المحكمة الدستورية بعودة النواب للبرلمان لعدم شرعية طرد نواب منتخبون من الشعب ويومها افتعلت هذه الكتلة تعبيرا جديدا اهدر اهم مقومات العدالة ممثلة فى القضاء اعلنه يومها رئيس الوزراء السيدالصادق المهدى بكل جرأة عنما افتوا بان قرار المحكمة الدستورية حكم تقريرى غير ملزم وليس واجب التنفيذ وبهذا جردوا القضاء من سلطته كرقيب على الديمقراطية ولعل هذا الموقف هو الذى قاد صاحب اكبرمنصب فى القضاء فى ذلك الوقت ان يشارك فى انقلاب عسكرى وهو مولانا بابكر عوض الله الذى انقلب على الديمقراطية وشارك فى التخطيط لانقلاب مايو69 مع انه كان من القيادات التى قادت التظاهرات والاضرابات ضد انقلاب توفمبر فى ثورة اكتوبر.
كان ذلك الانقلاب ردة فعل لحل الحزب الشيوعى حيث شرعت جبهة يسارية عريضة من العسكر منبثقة مما سمى بتنظيم الضباط الاحرار الاقرب لليسار وبعض العناصر العسكرية ذات الميول اليسارية والقومية العربية مدعومة بالعناصر الشيوعية التى شكلت جبهة الهيئات وتمت تصفيتها من السلطة على يد الطائفية والاسلاميين وكانت قد شكلت جناحا انقساميا داخل الحزب الشيوعى بسبب ما تصاعد بينهم وبين الحزب مجموعة عبد الخالق محجوب عندما كانوا قابضين على السلطة باسم الحزب لهذا وقفت هذه الجبهة مساندة للتخطيط لانقلاب عسكرى يطيح بالديمقراطية الثاتية وتمسكت بموقفها من الشراكة فى تنظينم الانقلاب بالرغم من رفض الحزب الشيوعى جناح عبدالخالق مباركة تلك الخطوة فاستولى انقلاب مايو اليسارى على السلطة وانضم لقوة الانقلاب بعد نجاحه الحزب الشيوعى نفسه جناح عبد الخالق ومثل فى مجلس ثورته باثنين من عناصره وليصبح الحزب بجناحيه شريكا فى الانقلاب والذى كان على راس قيادته من المدنيين مولانا بابكر عوض الله الذى كان مطروحا مرشحا لرئاسة الدولة من قبل الشيوعيين بسبب موقفه من ثورة اكتوبر.وهكذا كان الدور الذى لعبته الحركة الاسلامية فى واد الديقراطية بحل الحزب الشيوعى و قدشكل دافعا لانقلاب مايو اليسارى ولكن الحركة الاسلامية لم تقف مكتوفة اليدبعد ان قويت شوكتها تنظيميا فاستغلت العداء الذى تفجر بين الحزب جناح عبدالخالق وانقلاب مايو والذى انتهى نهاية ماساوية باعدام قيادات الحزب الشيوعى على اثر انقلاب 19 يوليو الذى انهار فى يومه الثالث وعرفت الحركة الاسلامية كيف تتسلل لداخل السلطة المايوية عبر مشرو ع المصالحة الوطنية الذى ابرمه الاسلاميون و الطائفية مع مايو وكانت الحركة الاسلامية هى التى عرفت كيف تستغل المصالحة لتتغلغل داخل مؤسسات الحكم العسكرى وبصفة خاصة قواته المسلحة حتى امكن لقياداتها ان تزرع البذرة التى مكنتها من ان تخطط للانقلاب الذى استولت به على السلطة فى يونيو 89 منفردة هذه المرة بالحكم الذى لا يزال تحت قبضة بعض منها بعد تفجر الخلاف بين قياداتها وليصبح السودان تحت قبضة الحركة الاسلامية وشراكة صورية من الطائفية امتدادا لتورطها السابق مع انقلابى نوفمبر ومايو.
ولكن انقلاب الاسلاميين هذه المرة فى يونيو 89 كانت له خلفيات وابعاد سياسية خطيرة شكلت الدافع له و التى دفع السودان وحدته ثمنا غاليا لها ولا يزال مهددا تحت ظلها بدفع المزيد من انفراط وحدته بسبب ما شهده السودان تحت حكم الاسلاميين منفردين هذه المرة.ناهيك عن ما لازم هذا من مشكلات اخرى اقتصادية واجتماعية
وللوقوف على هذه الابعاد الخطيرة التى دفعت بالاسلاميين للانقلاب على الديمقراطية لابد من خلفية ترجع بنا :
اولا ان السودان بحكم تكوينه تاريخيا من دويلات صغيرة ممذقة قوامها عنصريات وجهويات واديان مختلفة ما بين شماله العربى المسلم الذى ظل مهيمنا على الحكم الوطنى وجنوبه الزنجى غير المسلم مهضوم الحقوق وما بين غربه وشرقه الذى تختلط فيه القبائئل من مختلف العنصريات والجهويات والاديان والذى لم يقل معاناة عن الجنوب مما يجعل ان قضية توحيده فى بلد واحد كانت هى قضيته الملحة التى لم تلتفت اليها القوى السياسية الشمالية العربية الاسلامية والتى كانت تفرض عليهم العمل للوصول لصيغة وحدوية لاتفرض هيمنة اى لون او عنصر او دين علي البلد حتى تسوده وحدة مستقرة حيث ان اى اتجاه لهيمنة اى جهة عليه انما تعنى تمذقه وعدم تحقيق وحدته وهى الوحدة التى لم يشهدها السودان بعد ان ظلت القوى السياسية العربية فى شماله تنفرد بالهيمنة عليه متجاهلة حقوق الجنوب والاقليات الاخرى من العنصريات غير العربية وغير الاسلامية لهذا فان اى توجه لفرض حكم اسلامى عليه انما يعنى تمذقه وهذا هو ما قام عليه انقلاب الانقاذ الذى نظمته الحركة الاسلامية وهى تهدف منه فرض الحكم الاسلامى.
ثاتيا ان الصراع الفكرى بين الاسلاميين واليسار اغرق السودان فى جدل بيزنطى لامكان له فى القضية السودانية وهو ما عرف بالصراع النظرى بين العلملنية والاسلامية مما ادى لتجاهل جوهر القضية التى تفرض توحيد العنصريات والجهويات والاديان تحت راية السودان وحده حيث صعب هذا الصراع من توحد بلد يستحيل ان يجمع بين الضدين مع ان هذا الصراع العلمانى الاسلامى لا يعنى السودان فى شئ وانما المعنى توحيد بلد متعدد الهويات والاعراق الاجناس والاديان وفق صيغة تحقق التعايش والاخاء بين هذه المتناقضات وهوما طرح بعد فوات الاوان فيما سمى بدولة المواطنة السودانية بعيدا عن صراع النظريات.ولكن بعدان افرزت هذه التناقضات حربا اهلية فى الجنوب وافرزت حالة احتقان فى اكثر من منطقة بالسودان خاصة فى غربه والنيل الازرق بل وشرقه
ولابد ان نعترف هنا ان الاحزاب السياسية والتى تشكلت قواها من طائفتى الانصار والختمية رغم ما سادهما من انقسامات تعددت بموجبها جبهات متنافرة من الطائفية نفسها ضاعفت من الخطرفى مرحلة تاريخية هامة والسودان يبحث عن هويته ان هذه الطائفية انساقت خلف الحركة الاسلامية والتفت حول طرح الحركة لدستور اسلامى متجاهلين بذلك جوهر القضية السودانية التى لا تقبل هذا الطرح الا ان الحركة الاسلامية نجحت فى ان تستغل ضعف هذه الكيانات وحبهافى السلطة ومخاوفها من انتشار الفكر الشيوعى رغم محدوديته وقلته فانساقت وراء الحركة الاسلامية رافعة ومؤيدة للدستور الاسلامى وكم كان غريبا ان تنساق قيادات الحركة الاتحادية التى تحررت من الطائفية بقيادة الازهرى حول هذا الطرح و انجرفت مع هذا التيار الا ان كل هذه القوى باستثناء الحركة الاسلامية تراجعت فى وقت لاحق عن هذه الدعوى عندما تضاءل نفوذ الحزب الشيوعى و عندما استيقظ ضميرها على خصوصية الوضع فى السودان التى لا تقبل هذا الطرح فاسقطت الحديث عن دستور اسلامى واصبحت تتسابق فى البحث عن حلول توفق بين الجهويات والاديان التى تهيمن على السودان لتبقى الحركة الاسلامية وحدها القوى السياسية المتمسكة بطرحها الاسلامى وان ادركت يومها انها يستحيل عليها ان تفرض هذا النظام عبر الديمقراطية التى لا تملك ان تحقق اغلبيتها بعدان انفضت الطائفية عن مساندتها فى هذا الطرح رغم انتمائها الدينى. .
وكان اهم نتائج هذا التحول فى فكر القوى السياسية الطائفية ان وقع زعيم طائفة الختمية وباسم الحزب الاتجادى الديمقراطى اتفاقا مع زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان والتى تطرح ما اسمته السودان الجديد القائم على التعايش بين الجهويات والاديان حيث استهدف الاتفاق تحقيق السلام وحل قضية السودان بالحوار فى اطار دولة تراعى الفوارق الدينية والعنصرية والتى املت يومها ان تتبنى الحكومةعبر تحالف الطائفتين فى الحكم الغاء قوانين سبتمبر الاسلامية التى اصدرها النميرى عام 83 والتى رفعت سقف حرب الجنوب ومطالبه وذلك امتثالا لمطلب الحركة الشعبية لتهيئة الاجواء للحوار الذى يحقق التعايش والسلام وكان قد تحدد لهذا القرار ان يصدر فى جلسة البرلمان فى مطلع يوليو 89 بان يصدر البرلمان قانونا بلغى قوانين سبتمبر الاسلامية من اجل توحيدالسودان بعيدا عن اى هيمنة دينية الا ان اليوم المحدد لعقد جلسة البرلمان شهد انقلاب الحركة الاسلامية التى اذاعت البيان العسكرى رقم 3 اعلانا بنهاية الديمقراطية الثالثة واعلانا لثالث حكم عسكرى وليحل قادة الطائفية بسجون الانقاذ والذى شهد لاول مرة فى تاريخ الانقلابات ان يكون زعيم طائفة الختمية الذى وقع الاتفاق مع الحركة الشعبية ضيفا على سجن الانقلاب مما يؤكد علاقة الانقلاب بذلك الاتفاق حيث كان الدافع للانقلاب اذن هو ان تحول الحركة الاسلامية دون وضع اتفاق الميرغنى موضع التنفيذ لتفعيل الحوار مع الحركة الشعبية لتحقيق وحدة السودان القائمة على نبذ فكرة الدستور الاسلامى.
من هنا كان دافع الانقلاب وباختيار هذا التوقيت تحديدا اذن الحيلولة دون تنفيذ الاتفاق الذى يسد الطريق اما فرض الحكم الاسلامى على السودان حيث لم يعد من طريق امام الحركة الاسلامية الا ان تستولى على السلطة باتقلاب عسكرى كانت قد مهدت اليه منذ شاركت النميرى فى الحكم بعدالمصالحة الوطنية والتى مكنتها من ان تتغلغل كما قلت فى القوات المسلحة. فسلكت طريقا جديدا خصما على فرضية الحكم الاسلامى فبادرت بسد الطريق امام الديمقراطية. بانقلاب 89وقبل ايام معدودة من جلسة البرلمان
لهذا ومن هذا السرد التاريخى للوقائع التى سبقت الانقلاب فان استراتيجية الحركة الاسلامية كانت واضحة تهدف لفرض الحكم الاسلامى ولانها كانت تدرك ان هذا لن يتحقق بموافقة الجنوب فانها لم تكن اذن رافضة لرحيل الجنوب عن السودان الموحدحتى لا يقف فى طريق الحكم الاسلامى لهذا كان انفصال الجنوب امر حتمى فى اجندة النظام وقدعبرت عن هذه النوايا منذ بداية مشوارها بابرامها لاتفاق بون عاصمة المانيا الشهير عام 90 مع العناصرالتى انقسمت على الدكتور قرنق فى الحركة الشعبية والتى كانت تنادى بالانفصال ووقع عن الانقاذ يومها الدكتورعلى الحاج ومحمد الامين خليفة والدكتور ريك مشار والدكتور لاما اكول من جانب دعاة الانفصال فى الحركة الشعبية. حيث نص الاتفاق على حق الجنوب فى تقرير مصيره وهو الاتفاق الذى اجهض بالمعارضةالعنيفة التى واجهته. والتى ساهم فيها التجمع الوطنى المعارض قبل انتكاسته والذى رفض الاعتراف بحق تقرير المصير للجنوب
وهنا اصبح الطريق معبدا للغرب المتامر على وحدة السودان ان يتخذ من الانقاذ شريكا له فى تحقيق مخططه لتقسيم السودان والذى سبق اننادى به علانية فيما اسماه تحرير السودان من الاستعمار العربى طالما ان طرح الحركة الاسلامية يسهل انفاذ مخططه الانفصالى.
لست هنا بصدد الحديث بتفصيل عن ماشهده السودان من احداث حيث سبق ان تعرضت اليها فى اكثر من مقالة الاان الثابت ان المسرح اعد لتنفيذ رغبة امريكاوالانقاذ فى فصل الجنوب يوم مهد التجمع الوطنى الطريق لنجاح المؤامرة الامريكية عندما تراجع عن موقف عام 90 وبصم على قرارها الذى فرضته على قرنق بمنح الجنوب حق تقريرمصيره فى مؤتمر القضايا المصيرية فى اسمرا عام 95 يوم كان التجمع يطمع فى دعم امريكا له لاسقاط النظام والعودة للسلطة وقيادته لا تعلم لجهلها او تعمدها ان تغض الطرف عن ما تعلمه من توافق الاجندة الامريكية مع اجندة الانقاذ وانها احرص على بقاء النظام وضدعودة الساعين لوحدة السودان ليخلو الجوتماما للانقاذ ولامريكا حيث انتهى السيناريو باتفاق نيفاشا الذى سلم مسنقبل السودان لامريكا فى طبق من ذهب بعدان تحقق للانقاذ وامريكا اخراس صوت التجمع المعارض وتسابق القيادت الطائفية والاحزاب بعد ذلك للتقرب من النظام بخثا عن شراكات ثانوية تحقق المصالح الذاتية والتى كان كان اخرها ان قيادة الطائفتين مثلتا فى القصر الجمهورى فى اعلى مؤسسات الانقاذ بابنى
زعيمى الطائفتين لتصبح القوى السياسية شريكة فيما انتهى اليه السودان ولم تعد الانقاذ رغم عظم مسئوليتها وحدها المسئولة عن تدمير السودان وهو المصير الذى لم يتوقعه الانقاذ او التجمع حتى تبين لهما ان مطامع امريكا لن تقف على فصل الجنوب وانما هدفها تمذيق السودان كله من غربه والنيل الازرق بل وشرقه لهذا اتسعت مناطق الحروب التى لها مبرراتها التى لم يتحسب لها من فصلوا الجتوب وفرضوا الحكم الاسلامى ولتجد امريكا المناخ المناسب لتحقيق المرحلة الثانية من مخطط التقسيم طالما ان الانقاذ مصرة على دربها الذى يحقق لامريكا اهدافها.وبعد ان اخرس موقف التجمع صوته. بل ودفعه لان يبحث عن نصيبه من السلطة حتى لو كان الفتات
هكذا بلغ السودان ازمته الحالية التى استعصى حلها كما قلت تحت ظل حكم العسكر المدعوم بمواقف القوى السياسية الحزبية التى شاركت العسكر الفشل فى كل مراحل الحكم الوطنى واخرها الحكم الحالى مما يؤكدعدم اهلية كل هذه القوى مدنية وعسكرية عن حل الازمة المستعصية التى يواجهها السودان حتى لو توافقت مؤقتا على اقتسام السلطة عبر فترة انتقالية مؤقتة تعقبها دورة ديمقراطية رابعة زائفة تنتهى كالعادة ببيان عسكرى رقم 4
وبهذا نصل للسؤال الاصعب فى تاريح السودان:
كيف اذن يكون المخرج للسودان اذا كانت هذه المكونات السياسية التقليدية والشريكة فى صنع الازمة فاقدة الاهلية للخروج به من هذا الماذق؟
دعونا نبحث عن الاجابة وليكن هذا موضوعا للحوار اذا كان هناك ثمة امل فى حل قضية السودان
عفوا عزيزى القارئ كنت احسب اننى ساتناول الاجابة على هذا السؤال فى هذه الحلقة الا ان السؤال ولاهميته لن يسعه ما تبقى من مساحة فى هذه الحلقة لهذا اعوداليه فى حلقة قادمة اخيرة.
ولكن هذا لا يمنع من ان اطرح بعد التساؤلات تمهيدا لموضوع الحلقة القادمة
1- هل القوى السياسية التى تعاقببت على الحكم الوطنى من عسكرومدنيين يمتلكون الشجاعة فى ان يعترفوا بما ارتكبوه فى حق الوطن عبر فترات الحكم الوطنى الستة؟
2- وان اعترفوا وهذا ما اعلم انهم لن يفعلوه هل لديهم الاستعداد للتنحى واخلاء الساحة ليردوا الحق لاهله ضحيا فشلهم سبعةوخمسين عاما حتى يحقق الشعب مصيره فى مؤسسات حزبية ديمقراطية لاتقوم على هيمنة الطائفية او العقائدية؟
3- وان لم يحققوا هذا للشعب المغلوب على امره فالى متى سيقى هذا الشعب صامتا عن حقوقه فينساق كعادته خلف اى توافق وهمى بين اطراف الفشل وهل يمكن لاى اتفاق بين رموز افشال الحكم الوطنى ان يقدم حلا جذريا لازمة السودان ام تدور البلد فى ساقية الدوش بسبب هذا التوافق الزائف المؤقت ؟
4- هل الحركة الاسلامية التى وضعت السودان اليوم امام خيارين اما ان تسير على طريقها لفرض الحكم الاسلامى ويتمذق الوطن او ترتضى الحكم المدنى التعددى حرصا على وحدة الوطن بل واعادة الجنوب لحظيرة السودان الموحد فاى خيار تختار؟
5- هل يمكن الاتفاق سلميا على تكوين حكومة انتقالية لفترة لايشارك فيها العسكراو الاحزاب الطائفية او الغقائدية يكون على راس اهدافها بناء مؤسسات حزبية ديمقراطية بديلة تؤمن على سلطة الشعب وليس اى جهة سواه؟
6- هل يمكن اعادة بناء القوات النظامية على ما كانت عليه قبل انقلاب نوفمبرلتصبح صمام امان للديمقراطية وكيف ذلك؟
7- هل نعلم نحن كسودانيين انه اذا لم تتحقق هذه الامنيات ان مصير السودان ان يحقق الخارطة التى اعدتها المخابرات الامريكة لافريقيا ولا تتضمن دولة اسمها السودان وقدمها محاضر امريك فى ندوة عن مستقبل افريقيا؟
8- واخيرا هل قواعد الاحزاب السياسية التى افشلت الحكم الوطنى لعدم ديمقراطيتها والرافضة لواقع هذه الاحزاب وتعددت مسمياتها هل لها ان تتوحد تشارك من اجل حل جذرى يخلص السودان من هذه الاحزاب طالما انها متفقة على مسئوليتها فى افشال الديمقراطية المفقودة؟
9- وهل الجبهة الثورية الشمالية مستعدة للتحرر من قبضة المتانمرين على وحدة السودان وتشارك بفاعلية فى الحل الجذرى للازمة؟
عفوا لست متشائما ولكن لاارى سببا للتفاؤل امام هذا المستحيل الذى يواجهه السودان ويبقى الاجتهاد واجب فى كل الاحوال
والى الحلق القادمة والاخيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.