العالم اليوم يتخلق ليولد من جديد. في إنتظار الميلاد يظهر خطاب البشارة. فشل النظام المالي يعلن عن نهاية النيولبرالية. ففي منتدى دافوس الأخير كانت الحيرة هي المسيطرة حتى على الجهه المنظمة. وقد كان حذر فرنسا هذة المرة واضح من نتائج المنتدى. رغم أن جاك أتالي كان من الحضور إلا ان أفكاره قد أصبحت تسيطر علي الساحة الفرنسية. قدم جاك أتالي فكرة الإقتصاد الإيجابي للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وربما يكون طريق الإنسانية للديمقراطية الإشتراكية. ففي خطاب فرانسوا هولاند الأخير حينما أعلن أنه ديمقراطي إشتراكي إنتقده اليسار الفرنسي وإتهمه بأنه قد تخطى حدود اللياقة. جاك أتالي يتحدث عن الإقتصاد الإيجابي كموديل جديد لصورة الإقتصاد العالمي فيه لم يكون الربح كنواة بل أن الإنسان هو محور النشاط الإقتصادي.وهنا تكمن الشجاعة التي يسبقها الراي وهي قد غابت عن أحزاب اليسار واليمين لكي تطرح مشروعا سياسيا. ففي 2007طرح جاك أتالي فكرة الحكومة العالمية وكانت أفكاره تجسيد لأفكار الفيلسوف الكبير ايمانويل كانت.واليوم وبعد مرور مايقارب الخمسة أعوام من الأزمة الإقتصادية يقدم جاك أتالي مشروع الإقتصاد الإيجابي. طرح فكرة الإقتصاد الإيجابي تدل علي تخلق أوروبا لكي تولد من جديد وأن النيولبرالية قد شارفت علي النهاية. أوروبا في ميلادها الجديد يسود فيها لطافة التعبير الإقتصادي وسيجبرها حال الإقتصاد العالمي لكي تكف عن فكرة حتمية التقشف التي يقودها الإقتصاد الالماني. فاذا اصرت ألمانيا على فكرة التقشف ستكون أوروبا حسب رأي إيمانويل تود كعبيط القرية الكونية في ظل فشل النظام المالي لأنها لا تستطيع متابعة إيقاع الإقتصاد الصيني الذي يتلاعب بسياسته النقدية.بالرغم من منتقدي خطاب فرانسوا هولاند الأخير الذي أعلن فيه أنه ديمقراطي إشتراكي أي أنه قد بداء إنعطافا يقربه من فكرة حتمية التقشف التي تفرضها ألمانياعلي الإقتصاد الأوروبي. من علامات فشل النظام المالي للنيولبرالية تفشي ظاهرة البراشوت الذهبي لإنزال الشركات الفاشلة ومكافئة المدراء بمعاشات قد بلغت إثنين وعشرون مليون يورو في آخر باراشوت ذهبي في فرنسا مما أدي لإحتجاج النقابات الفرنسية فتنازل صاحب البراشوت الذهبي عن المبلغ أمام الصحفيين كحدث غير مسبوق. أما هنا في السودان تأتي فكرة الباراشوت الذهبي دالة على كثافة التعبير السياسي من أجل إنزال نظام الإنقاذ الفاشل. وهنا تتضح الفكرة. ففي اوروبا مشكلة نظم الحكم لم تكن هاجسا لذلك تظهر لطافة التعبير الإقتصادي وعندنا في السودان مازالت مشكلة نظم الحكم هي المهيمنةز لذلك نجد الباراشوت الذهبي في أوروبا لحل مشكلة إقتصادية وعندنا في السودان يستخدم لحل مشكلة سياسية. هناك في أوروبا لإنزال الشركات الفاشلة وهنا في السودان لإنزال نظام الإنقاذ الفاشل. أكثر الناس حماس لفكرة الباراشوت الذهبي لإنزال نظام الإنقاذ الفاشل هو السيد الصادق المهدي. وبعده تاتي فلول الإسلاميين المنشقين عن نظام الإنقاذ. لذلك كان حضور الترابي وغازي صلاح الدين لخطاب البشير. إنزال نظام الإنقاذ الفاشل بالباراشوت الذهبي سيفرح الأسلاميين ويجعلهم يفلتون من العقاب علي جرائمهم التي لا تسقط بالتقادم. يبدو أن الإمام الصادق المهدي لم يستطع سماع هدير التغيير القادم كما كان يسمعه فيلسوف الثورة الفرنسية فولتير قبل حدوث الثورة الفرنسية.ولكن فولتير كان يزرع ويعرف أنه لا يحضر الحصاد والإمام الصادق يزرع ليحصد ما زرع.لأن الزمان الجميل في نظر الإمام هو الماضي وليس المستقبل. وإذا أردت أن تعرف أن الزمن الجميل في نظر الإمام الصادق المهدي هو الماضي أنظر الي محتوى خطابه الإحيائي وفكرة أهل القبلة. فليعلم الصادق المهدي وعبدالله علي إبراهيم أن الزمان الجميل هو المستقبل وليس كترويجهم له علي أساس أنه الماضي كل منهم حسب قدرته. حضور كل من الترابي والصادق المهدي وغازي صلاح الدين يدل علي أنهم يزرعون وفي نيتهم حضور الحصاد عكس فولتير لأن عقله عقل الفيلسوف أما قلوب هؤلاء أي الترابي والصادق وغازي صلاح الدين بشعة كقلوب رجال الدين كما كان يردد الفنان العالمي نصف القسيس فينسنت فان غوغ. ولكن إذا نظرنا لواقع الحال نجد هولاء الكهنة لهم أسبابهم التي تجعلهم يزرعون ويطمعون في الحصاد. لأن الثورة في العادة يسبقها إنفجار معرفي كما سبقت فلسفة إيمانويل كانت للثورة الفرنسية. وكما يقال لولا قوانين إسحق نيوتن لما كانت فلسفة إيمانويل كانت.فهنا في السودان مازال يسيطر صراع الكليات. مازالت كلية اللاهوت تسيطر علي كلية الفلسفة. كلية اللاهوت تقوم ركائزها علي علي أكتاف كل من الصادق المهدي والترابي وغازي صلاح الدين والطيب زين العابدين وعبدالوهاب الأفندي وكل من لف لفهم. صراع الكليات كان هاجس إيمانويل كانت من أجل إخراج الفلسفة من نير كلية اللاهوت . كانت الفلسفة خادمة مطيعة للاهوت عبر حقبة القرون الوسطى. الى لحظة تفجير أيمانويل كانت الي فكرة صراع الكليات الذي مازالت دائرة رحاه في السودان الي اليوم. نقول صراع الكليات مازالت رحاه دائرة عندنا في السودان. فنحن لم نغادر بعد حقبة القرون الوسطى.ومازالت القشور تمثل الظل الحاجب للدين الذي يقره العقل. إذا أردت أن تعرف أننا ما زلنا في مرحلة صراع الكليات أنظر الي كتابات الإمام الصادق المهدي حينما يتحدث عن أوجست كونت. مازالت روح التوفيق والتلفيق تسيطر على عقل الإمام. يتضح تلفيقه في إدخال أبناءه لمساندة نظام الإنقاذ الذي يحاول الإمام إنزاله عبر الباراشوت الذهبي. يذكرنا الإمام الصادق المهدي بخالد محي الدين حينما إختزل فكره وحزبه في إشتراكية جمال عبدالناصر فسمى عبد الناصر إبنه خالد. كذلك نجد أن نظام الإنقاذ وخطابها الديني المنغلق يمثل للصادق المهدي ما مثلته إشتراكية جمال عبدالناصر لخالد محي الدين. للصادق المهدي مقولة ورثها عن جده الإمام المهدي "الفشى غبينته خربت مدينته"ولكن أن التاريخ أكبر من جده الأمام المهدي. يعلمنا التاريخ أن خراب المدن جزء من نظام البناء والهدم. والقطيعة مع التراث لابد من أن يصاحبها فش غبينة وخراب مدينة.والتاريخ أكبر من المهدي الكبير. اين بابل القديمة ومروي وحتى أورشليم القدس كم مرة هدمت حصونها؟ يقول حبقوق أحد أنبياء بني إسرائيل "الويل لمن بنى قرية بالإسم ومدينة بالضلال".السيد الإمام يريد أن ينزل نظام الإنقاذ بالباراشوت الذهبي وهذا مايماثل بناء قرية بالإسم ومدينة بالضلال. ويبدو أن فلسفة الإمام نالت إعجاب الكثريين نذكر من ضمنهم صاحب مقال الكرة في ملعب الرئيس ومنهم الصاوي الذي يحاول طرح فكرة جنوب أفريقيا وأسبانيا وشيلي والمغرب. ولكن نقول للصاوي لا يوجد مانديلا في السودان ولا ملك كما في أسبانيا أما المغرب فان تجربته قد وقفت في مراحلها الأولي ولم تتقدم خطوة وهناك ملفات مازالت عصية علي الفتح كملف المهدي بن بركة.أما في شيلي فقد وعدت الرئيسة المنتخبة بفتح ملفات حقبة الدكتاتورية من جديد لأنها لا تسقط بالتقادم. لماذا لا ينظر السيد الصادق المهدي الي تونس ومصر بعد إنطلاق قطار الربيع العربي بروح الدستور المنتصر للدولة في مصر والمحترم للمجتمع المدني في تونس؟ لأنه لا يخدم مصالحه ويقول للأمام الصادق المهدي إذا أردت أن تذهب عبر بوابة الربيع العربي المفضي الي الحرية والكرامة عليك أن تزرع وسيحصد الآخرون ما زرعت وهذا الذي لا يعجب الإمام. الإمام يريد أن يزرع ويحصد. لذلك كان من ضمن الحضور للخطاب المحبط الذي قدمه رئيس النظام الفاشل. خطاب رئيس نظام الإنقاذ الفاشل يترك السيد الصادق المهدي ولسان حاله يردد مقولة نابليون حينما أنهزمت جيوشه في حصارها لمدينة عكا. فقد قال نابليون"تحت أسوار عكا قد دفنت آمالي في الشرق". فآمال الصادق المهدي اليوم تحت ركام خطاب رئيس نظام الإنقاذ الفاشل. علي الشعب السوداني ألا يترك الذين يريدون أن يزرعوا ويحصده لأنفسهم أمثال الإمام الصادق والترابي وغازي صلاح الدين والطيب زين العابدين واخوان الصفاء أن يخوضوا فيما بينهم والله.إن الله قد وضع ثقته في الأنسان ووعده بالحرية والكرامة. وطريق الحرية والكرامة قد عبدته شعوب كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا في ثورات الربيع العربي. وكما يقدم إيمانويل تود إستشاراته للإتحاد الأوربي بأن ألا يكون عبيط القرية الكونية ويستمر في الإصرار علي فكرة حتمية التقشف علي الشعب السوداني ألا يكون عبيط العالم العربي وحتي لايكون عبيط العالم العربي علي الشعب السوداني أن يلحق بقطار الحرية والكرامة.