في يومي الاثنين 26 نوفمبر 2007 والخميس 29 نوفمبر 2007 نشرت مقالاً بصحيفة الأيام السودانية المحترمة بالعددين 8969 – 8972 لبيان علاقة المصالحة الوطنية بقضايا المتضررين والمفصولين. أعيد نشر المقال – كما هو- دون أي تعديل بالحذف أو الاضافة.. نملك مداخل عديدة قد تكون صالحة لإيجاد الحلول العادلة لكثير من قضايا المتضررين ومنهم المفصولين من الخدمة تعسفياً، تسندها النصوص في الاتفاقيات الموقعة والدستور القومي الانتقالي تحتاج للتحول إلى حقائق في الحياة التي يكسوها البؤس. هذا التحول الذي يتطلب إقناع أو إجبار حزب الحركة الإسلامية الحاكم وحلفاؤه من القوى السياسية لإحترام وتنفيذ تلك النصوص. وأمامنا إرث إنساني وتجارب إقليمية ودولية نتعلم منها كيف تمكنت الشعوب من تحقيق المصالحة الوطنية وتضميد الجراح. وكيف استطاعت فئات المتضررين إحراز النجاحات بشأن رفع الظلم عنها وجبر أضرارها، وآثارها السالبة المادية والمعنوية. والإرادة القوية للجماهير قادرة على إنزال مفهوم المصالحة الوطنية وتضميد الجراح لكل أنواع الظلامات والمظلومين في كآفة أنحاء البلاد متى أمسكت بها... (!) إن بقاء اتفاقيات السلام، وتطورها، واستدامة السلام بعد وقف الحرب ووحدة الوطن والكف عن الاستعانة بالأجنبي في كل صغيرة وكبيرة (!) لن تتأتى إلا عن طريق الجماهير. عندما تتغير أنماط حياتها، وتتيسر لها حقوقها في الغذاء والصحة والسكن والتعليم والعمل والحماية الاجتماعية أو جزءاً من تلك الحقوق.. ولا تكون الاتفاقيات ذات جدوى وتدافع عنها الشعوب إلا عندما تحس بأنها حققت لها بعض مصالحها. لذلك اجتاحت سيول البشر بالملايين الساحة الخضراء وهي تستقبل الرمز الأول لاتفاقية السلام (نيفاشا) يحدوها الأمل في التغيير. ومن قبله وفد الطليعة الذي قضي ساعات طوال يستمع إلى الشكاوى والظلامات وطلب الإنصاف واستعادة الحقوق، ولم تفلح تصريحات قادة وفد الطليعة في إقناع المتضررين أن الحركة الشعبية (شريك أصغر) في الحكم.. (!) فالخطر الحقيقي الذي يواجه السلام أو (الهدنة المؤقتة!)لا يكمن في الخلافات بين الذين وقعوا الاتفاقيات لكن الخطر الحقيقي في كفر الجماهير بتلك الاتفاقيات التي لم تخفف من الضغوط الاقتصادية التي تنوء بها ولم توقف التنكر اليومي لحقوق الإنسان الأساسية والتباطؤ المتعمد في رفع الظلم وجبر الأضرار، أضرار العامة لا القيادات، واستمرار هيمنة فئة قليلة على كآفة أوجه الحياة، وتواصل ميلاد (أثرياء السوق القليلين الجدد) في حين تبحث الأغلبية عن القوت الضروري والعلاج اللازم في حالات الطوارئ... هذا هو الخطر الحقيقي الأشد أثراً من التدخل الأجنبي وأن (بؤس الحياة) هو في الأصل (مفتاح) التدخل الأجنبي الذي جعل البعض يتمنى – من كثرة المعاناة والعجز – زوال النظام الحالي بكل أركانه. وآخرون يتمنون فناء كل الرموز والنخب حكومة ومعارضة. وفئة قليلة لا تمانع أن يكون البديل استعمار تقليدي ولو من (دولة) اسرائيل..(!) لإن البؤس الذي غذى ويغذي تلك الأماني هو الذي دفع بالسودانيين للانتشار في كل أرجاء الكون وشهدنا كيف أن سودانيين بسطاء – مهما كان عددهم قليلاً – خاطروا بالتوجه لاسرائل في سبيل العيش وخلاصاً مما يعانون.. وجاء: أن تسوية تجاوزات الماضي الواسعة النطاق في السودان كغيره من الدول التي مزقتها الحروب يكتنفه أيضاً واقع المؤسسات المدمرة والموارد المستنفذة والأمن المنقوص وأحياناً المفقود والجماهير المصدومة والمنقسمة... وأن رفع الظلم وجبر الأضرار وتجاوز أخطاء الماضي وخلافاته لن تلغى الاهتمام الكافي لمعالجة: إنعدام الإرادة السياسية للإصلاح، وإنعدام الاستقلال المؤسسي داخل قطاع العدالة والنقص في الموارد المادية والمالية والأهم إنعدام ثقة الجماهير في الحكومة والنخب السياسية وإنعدام الإحترام الرسمي لحقوق الإنسان. وأكدت التجربة الانسانية خلال السنوات القليلة االماضية أن توطيد أركان السلام في فترة ما بعد الصراع مباشرة، فضلاً عن صون السلام في الأجل الطويل لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت الجماهير على ثقة من إمكان كشف المظالم وإقامة العدل بشكل منصف.. وأن قضايا الهجرة واللجؤ والنزوح والفصل من الخدمة... الخ والتي تتجلى في جميع حالات الصراع وما بعد الصراع تضفي عنصر استعجال على استعادة حكم القانون ورفع المظالم وجبر الأضرار، ولذلك فإننا نعتقد أن استبعاد لجنة (عمر محمد صالح 2007) النظر في القضاة المفصولين، واستمرار القوانين والاجراءات التي تعطل القضايا وتحاسب الضحايا هو من أشكال عرقلة استعادة حكم القانون. ما الذي يمنع التحول الإيجابي في بلادنا ويعرقل خطواته من بعد وقف الحرب وإجازة اتفاقيات السلام والدستور القومي الانتقالي الذي اهتم بحقوق الإنسان في وثيقة الحقوق؟ وهل ينفصل مفهوم (المصالحة الوطنية) وتضميد الجراح عن (الوفاق الوطني) الشامل؟ وما هي الآثار السالبة لاستراتيجية حزب الحركة الاسلامية الحاكم في التمكين لدولته ديمقراطياً على هذا المفهوم (الانقاذ في طورها الثالث)؟. وهل نستطيع التقليل من الآثار السالبة (للتحالفات السياسية) التي تتوالد ثم تموت مباشرة من بعد التوقيع على (الميثاق)! وتحيا من جديد باسم جديد لتموت قبل أن تنفذ البند الأول في البرنامج (!) – الذي يكون له أحياناً جدولاً زمنياً – وممارسة الابتزاز السياسي في وجه كل من يهتم بالإصلاح ويرفض احتكار قيادات (معلومة) وأسماء (محفوظة) باعتبارها معارضة للنظام أو ينتقد طبيعة تلك التحالفات: "بالعداء للديمقراطية والتقليل من شأن رموز العمل الوطني والسياسي بما يعني دعم المؤتمر الوطني وأحياناً جهاز الأمن والمخابرات" على مفهوم المصالحة الوطنية وتضميد الجراح وتحقيق مصالح المواطنين ورفع الظلم عن المتضررين وإشاعة العدل؟. إن التجربة أثبتت أن طريق المؤتمر الوطني للتمكين ديمقراطياً هو تجزئية القضايا وتعدد المنابر وآليات الحلول لإجهاض الاتفاقيات وتجميد نصوص الدستور القومي الانتقالي فحزب الحركة الاسلامية (نصفه الحاكم ونصفه المعارض) لا مصلحة له في التحول الديمقراطي الحقيقي وانزال وثيقة الحقوق في الدستور إلى أرض الواقع... ولا مصلحة له في قومية أجهزة الدولة ولا تسوية تجاوزات الماضي (لاحظ التعنت في رد الاعتبار الأدبي للمفصولين في سن الخدمة أو المحالين للتقاعد لأسباب سياسية أو المتوفين باصدار القرار السياسي للفصل السياسي الظاهر أو ذلك المبطن تحت مسميات أخرى). مثلما أثبتت التجربة أن فرض الوصاية على فئات المتضررين وتعدد أجسام تنظيمات متضرري الفئة الواحدة بالتكاثر غير المبرر سواء في حركات الدارفوريين و(الجياد) التي فاقت العشرين أو لجان المفصولين سياسياً دونما تنسيق بين أولئك أو هؤلاء تتكون (احتكارية القيادة) معادلة (لاحتكارية المؤتمر الوطني) للساحة السياسية والحكومة. ويكون تعدد الأجسام بلا تنسيق معادلاً لتجزئية القضايا وتعدد المنابر وآليات الحلول. ولذلك فإن ترياق استراتيجية المؤتمر الوطني يكون واضحاً ولا يحتاج لتفكير عميق. ومن هنا فإن (المعالجات) وانتزاع الحقوق القانونية لا تكون إلا (جماعية) وتجميع قيادات من الأحزاب السياسية أو قيادات تنظيمات المتضررين لا تعني (الجماعية) المقصود بها إمساك القواعد العريضة لفئات المتضررين بقضاياهم وامتلاك المعالجات والبدائل والمقترحات التفصيلية بمشاركتها. إن قضايا فئات المتضررين المتباينة لا تكون إلا قضية واحدة. وبرنامج تلك الفئات هو الذي يحدد تقديم قضية فئة على الفئات الأخرى وهي تدعم بعضها بعضا.. ولذلك فإن كل فئة يملك أصحابها من المتضررين (وحدهم) الحق في اقتراح أشكال رفع الظلم وجبر الضرر. جاء في قائمة مطالبة الحركة الشعبية التي تقدم بها القائد سلفاكير (17/10/2007) للرئيس البشير في البند السادس تحت عنوان (المصالحة الوطنية): (أن تبدأ مؤسسة الرئاسة عملية للمصالحة الوطنية معتمدة على الخبرة الاقليمية) وقبل ذلك نص اتفاق مشاكوس الإطاري (يوليو 2002) على: (لا السلام وحده يحل محل الحرب بل بالعدل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يحترم الحقوق الأساسية للإنسان والسياسية للشعب السوداني كله). والفقرة الأولى من البند الأول لاتفاق مشاكوس يقرأ: (إن وحدة السودان القائمة على الإرادة الحرة لشعبه وعلى الحكم الديمقراطي والمحاسبة والمساواة والاحترام والعدل لجميع مواطني السودان تشكل أولوية لجميع الأطراف وتبقى كذلك..). أما تقرير مفوضية التقييم والمتابعة (الأيام السودانية 10 نوفمبر 2007) فقد أشار إلى ما ورد في اتفاقية السلام (نيفاشا) من تكليف لحكومة الوحدة الوطنية بالشروع في اتخاذ اجراءات تهدف لتحقيق مصالحة وطنية شاملة وتضميد الجراح... ويثبت التقرير أن الحكومة لم تبدأ بعد برنامجاً لتحقيق المصالحة الوطنية وتضميد الجراح. وورد في كله (الأيام) بتاريخ 31 /10 /2007 تحت عنوان (حل مشكلة المفصولين) ما يلي: "وحقيقة الأمر إن قضية المفصولين كان ينبغي أن تعالج في إطار مفهوم المصالحة الوطنية وتضميد الجراح الواردة في المادة (21) من الدستور... (وإنّها لتذكرة): المصالحة وتضميد الجراح...(2) عرض: محمد علي خوجلي Khogali 17@ yahoo .com في يومي الاثنين 26 نوفمبر 2007 والخميس 29 نوفمبر 2007 نشرت مقالاً بصحيفة الأيام السودانية المحترمة بالعددين 8969 – 8972 لبيان علاقة المصالحة الوطنية بقضايا المتضررين والمفصولين. أعيد نشر المقال – كما هو- دون أي تعديل بالحذف أو الاضافة.. المادة (21) من الدستور القومي الانتقال تقرأ: (أن تبتدر الدولة عملية شاملة للمصالحة الوطنية وتضميد الجراح من أجل تحقيق التوافق الوطني والتعايش السلمي بين جميع المواطنين). ولذلك فإن قضية تضميد الجراح ، جراح المفصوليم والمبعدين ينبغي أن تعالج في أبعادها السياسية وليس كعملية روتينية. وأن يكون المدخل لها هو الإصلاح وجبر الضرر الذي حاق بأولئك الناس لتجاوز الإحساس بالظلم الفادح. إن المدخل الذي اعتمدته اللجنة (لجنة مجلس الوزراء 2007) هو منهج مكتبي روتيني ولا يحقق هذا الهدف. ومعروف أن المدخل الذي اعتمدته اللجنة هو الذي حدده لها مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية بحسب قرار المجلس الوطني رقم (9) لدورة الانعقاد الرابع الذي تمت إجازته بإجماع كل القوى السياسية داخل المجلس الوطني (حكومة ومعارضة أو نصف معارضة)! بعد اجازتها لتقرير لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة الذي جاء فيه: بعد إطلاع اللجنة على اتفاقيات السلام.. واتفاقية القاهرة وغيرها من الاتفاقيات الأخرى وما جاء في دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005 والذي يؤكد حرص الدولة على المعالجة. وفي سبيل تضميد الجراح وجمع شمل وكلمة الأمة السودانية نرى ضرورة الأخذ بالتوصيات.... الخ. وفي أخبار يوم 28/ 10/ 2007 أن نواب الحزب الاتحادي الديمقراطي بحثوا مسألة تحقيق المصالحة الوطنية وإزالة الأضرار وتعويض المتضررين والاتجاه لإحصاء الالتزامات في الاتفاقية التي لم يؤدها الشريكان وعلى رأسها قيادة عملية المصالحة الوطنية بين القوى السياسية.. وأن الاتفاق والدستور ألزما الطرفين بأن تكون مؤسسة الرئاسة لجنة سياسية لإزالة الضرر ومنها المتعلقة بالفصل من الخدمة والاعتقال والمصادرة والحبس غير المشروع بجانب (أضرار) سياسات الدولة بسبب الخصخصة وإلغاء الوظائف...الخ. ربطت كلمة (صحيفة الأيام) بين مفهوم المصالحة الوطنية وتضميد الجراح وانصاف المفصولين كفئة مؤثرة من بين المتضررين وكذلك كتلة الحزب الاتحادي في المجلس الوطني واعتبرت قيادات من الحركة الشعبية أن نتائج اللجنة الحكومية للنظر في المفصولين سياسياً (2007) هي جزء من تضميد الجراح. وفي جملة ما أشرنا إليه وما سيرد، فإن الواجب الأول الذي نعتقد بضرورته هو توحيد مفاهيم الكافة بما في ذلك المؤتمر الوطني سواء كان حاكماً أو خارج الحكم (!) حول مفهوم المصالحة وتضميد الجراح والنظر في كافة الظلامات استناداً على نصوص الاتفاقيات الموقعة والدستور المؤقت والبرنامج الموحد لفئات المتضررين متباين المعالجات والذي يكون أحد أهم نقاط الوفاق الوطني الشامل وتفادي تجزئية رفع الظلم عشوائياً والالتزام بالتعويض عن الأضرار سواء عبر حكومة الوحدة الوطنية أو الحكومة ذات القاعدة الواسعة أو الحكومة القومية(!) ولذلك لا نقول أنه لم يعد لدينا ما نكتبه أو نقوله للحكومة أو أننا نرفض مناقشة حقوق قانونية وأخرى أساسية مع المؤتمر الوطني الذي لا يلتزم بتنفيذ الاتفاقيات ويتنكر لها. حيث أن الثابت – كما سأعرض – أن قوى كثيرة تساعد المؤتمر الوطني صراحة على انقلاباته على الاتفاقيات على كافة المستويات ولا نتفق مع (مفصولين) أن معالجة فئة المتضررين من الفصل السياسي (كاملة) ولا نتفق أيضاً مع كثير من المفصولين أنه تم اسدال الستار وانتهى الكلام ويتبع ذلك تأجيل انتزاع الحقوق إلى ما بعد زوال النظام.. أنني أعتقد أن مساراً جديداً بدأ مع قيام اللجنة الحكومية 2007 هو الأكثر وضوحاً وأن تلك اللجنة قد فتحت الطريق أمام فئات المتضررين جميعاً وهو طريق لا يسهل على الجميع السير فيه فهو يحتاج للتماسك القوي والوعي بالحقوق والدفاع عن الحقوق بحزم وصلابة وعقلانية في وقت واحد... وأن اللجنة أكدت ضرورة ما ظللنا ندعو إليه بمثابرة: البرنامج الواحد للمتضررين، والمعالجات التي تجيزها القواعد والمعبرة عن مصالح جميع المتضريين. ومعلوم أن الأمين العام للأمم المتحدة بطلب من مجلس الأمن قدم تقريراً في 23/ 8/ 2004 حول دور الأممالمتحدة بشأن (المصالحة الوطنية) في مرحلة ما بعد الصراع. والجدير بالذكر أن مجلس الأمن عقد اجتماعاً على المستوى الوزاري لمناقشة دور الأممالمتحدة في إقامة العدالة وسيادة القانون في مجتمعات ما بعد الصراع في 24/9/2003/. ومن أهم ما جاء في تقرير الأمين العام: أن مفاهيم مثل العدالة وسيادة القانون والعدالة الانتقالية هي مفاهيم ضرورية لتعزيز حقوق الإنسان وحماية الأفراد من الخوف والعوز وتسوية منازعات الملكية وتشجيع التنمية الاقتصادية وتعزيز الحكم الخاضع للمساءلة وتسوية الصراعات بالوسائل السلمية. ومفهوم سيادة القانون هو جوهر مهمة المنظمة الذي يشير إلى مبدأ للحكم يكون فيه جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات والقطاعان العام والخاص، وبما في ذلك الدولة ذاتها. مسئولين أمام قوانين صادرة علناً وتطبق على الجميع بالتساوي ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقبل وتتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان ويقتضي هذا المبدأ كذلك اتخاذ التدابير اللازمة لكفالة الالتزام بمبادئ سيادة القانون والمسؤولية أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، والمشاركة في صنع القرار، واليقين القانوني وتجنب التعسف، والشفافية الاجرائية والقانونية. والعدالة تنطوي على احترام حقوق المتهمين ومصالح الضحايا ورفاه المجتمع بأسره. ويشمل مفهوم العدالة الانتقالية، تفهم المجتمعات لتركه تجاوزات الماضي بهدف كفالة المساءلة وإقامة العدل وتحقيق المصالحة بالآليات القضائية وغير القضائية ومحاكمات الأفراد، والتعويض عن الأضرار السالبة المادية والمعنوية وتقصي الحقائق وكشف التجاوزات ...الخ. تؤكد التجربة أن اتباع مناهج مجزأة في إقامة سيادة القانون لن تثمر في بلد مزقته الحرب أو نهشت فيه الفظائع. وحتى تتسم استراتيجيات سيادة القانون والعدالة بالفعالية يجب أن تكون شاملة تشارك في إطارها جميع مؤسسات قطاع الدولة الرسمية وغير الحكومية في وضع وتنفيذ خطة استراتيجية واحدة والاتفاق على معايير العدالة وآليات التنفيذ والرصد وفئات المتضررين الذين يجب أن يستفيدوا منها.. وأن العدالة الانتقالية تستلزم الإهتمام بتحديات بئيات ما بعد النزاع بنهج يوازن بين مجموعة متنوعة من الأهداف، منها السعي لتحقيق المساءلة وتقصي الحقيقة والتعويض عن الأضرار وصون السلام وبناء الديمقراطية وسيادة القانون. وينبغي للاستراتيجية الشاملة كذلك الانتباه والاهتمام الخاص للتجاوزات المرتكبة ضد الفئات الأكثر تضرراً من الصراع مثل المفصولين من الخدمة والمشردين من قراهم والمعاشيين والمسنين والأطفال واللاجئين والنازحين... واتخاذ خطوات جادة ومحددة لحماية هذه الفئات والانتصاف لها في عملية المصالحة. أن وجود برامج فعالة وعاجلة لمنح تعويضات إلى الضحايا لقاء ما عانوه من أذى تشكل عنصراً هاماً لتحقيق المصالحة وإعادة بناء الثقة في نفوس الضحايا بالدولة (ومن التعويضات) رد الحقوق القانونية للضحايا وتنفيذ الأحكام القضائية أما التعويضات غير المالية فهي من مثل الاعتزارات الرسمية وتنظيم الاحتفالات بذكرى الانتهاكات.. الخ. ومن المرجح ألا يحظي شكل واحد فقط من التعويضات رضا الضحايا وبدلاً من ذلك يلزم وضع مجموعة مختلفة ومدروسة على النحو الملائم من التدابير لمنح التعويضات كعنصر مكمل لإجراءات لجان المصالحة الوطنية واستجلاء الحقيقة، وأن ما تقتضيه العدالة ويمليه السلام يستوجب القيام بشئ ما لمنح تعويضات إلى الضحايا.