من أقدار هذا الزمان و هذا الوطن أن يترجل الفارس محجوب الشربف عن صهوة جواده في الذكري التاسعة و العشرون لذكري انتفاضة السادس من أبريل العظيمة 1985 ، عاش محجوب محبوبا و شريفا و فقيرا, و قد كان لاتساق مواقفه السياسية و الاجتماعية مع المبادئ الكوكبية التي تنادي بالكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية و السلام ، مع مواقفه الشخصية ، أن أصبح رمزا و قائدا و ملهما للشعب السوداني الحر و استحق بذلك لقب شاعر الشعب و لقب المثقف الحر و الناطق الرسمي باسم الكادحين. ان أكثر الذين خرجوا لتشيع جثمانه أمسية الأربعاء الثاني من أبريل 2014 لم يكونوا قد وفدوا الي الحياة حينما كتب المحجوب الشريف مارسليز الشعب الحر.....( يا شعبا لهبك ثوريتك ...عمق احساسك في حريتك..... يبقي ملامح في ذريتك ...... ديل أولادك ...) !!!! هؤلاء هم الشعب و هؤلاء هم الذرية وهؤلاء هم الأولاد الذين ذكرهم محجوب في هذه القصيدة ..... جميعهم قاموا بتشيعه الي مثواه الاخير ... و كأنهم كانوا يقولون له : نحن هنا و قد استلهمنا العبر و الدروس و التجارب و نحن هنا لنكمل المشوار الذي بدأته و سوف نكمله ، بعد أن رسمت لنا خطوطه العريضة نحو التحرر و الانعتاق من شوائب الدهر و نواقص الحياة و زيف المتملقين و المتهافتين . ان مدرسة هذا الشاعر الضخم ( كان الأستاذ الطيب صالح يطلق هذا اللقب علي الشاعر محمد المهدي المجذوب ) لهي مدرسة تستحق أن تعمم علي الكوكب بأسره ، و لا يجب أن تقتصر علي الرقعة الجغرافية المسماة بالسودان. ان استخدام محجوب الشريف للعامية السودانية في أشعاره بهذه العذوبة و الفصاحة ، سوف ينقلها يوما ما الي العالمية ، فكما نقل الطيب صالح دراجيتنا السودانية الي أكثرمن مائة لغة ، سوف يأتي اليوم الذي تترجم فيه أشعار و معاني محجوب الشريف الي الكوكب، لأن قصائد محجوب الشريف عبارة عن مانفيستو للشعوب الحرة التي تبحث عن الكرامة و العزة و الحياة الانسانية الكريمة ، فهي قصائد مشبعة بالقيم الفاضلة ( يا بت كفتيرة ...أحسن من غيرا ..) ..( لا أخاف الموت ..و لكني أخاف أن يموت لحظة ضميري ..) ...( ماك الوليد العاق ... لا خنت لا سراق ..). ان مدرسة محجوب شريف ..... تتسم بالصدق و ابراز الفضائل في المجتمع ، و تحث علي التزين بالصفات الجميلة و الأخلاق الحميدة ، لذلك جاءت معبرة عن الوجدان السليم ، لم تكن قصائده سياسية جافة و صعبة و لكنها كانت عذبة و ندية و سهلة الكلام عميقة المعاني ..... جاءت تعبيرا عن ما يجيش به صدر محمد أحمد من أمنيات مشروعة ، هي أبسط حق من حقوق الانسان ....... (....حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي .....) وطن ( حدادي مدادي ) !! من بعدك - يا محجوب - يستطيع أن يكتب لنا ( بلا و انجلا ...انهد كتف المقصلا ...) بعد أن ينجلي هذا البلاء. [email protected]