* أرجو أن يكون المدير السابق للهيئة القومية للكهرباء المهندس مكاوى قد فهم الآن أهمية الصحافة فى كشف الحقيقة وتصحيح الأخطاء بعد مساهماتها المتنوعة فى استعراض مشكلة كهرباء مروى وتناولها للكثير من الحقائق التى كشفت صحة مواقفه وتبيانها للرأى العام حتى بات منحازا له بشكل كامل ... وما عدا قلة قليلة جدا من الصحفيين الذين اندفعوا وراء قرار السلطة (كعادتهم ) وتهليلهم لعزل مكاوى من منصبه، فإن الأغلبية قد ساندته، ليس لسبب شخصى وإنما لاقتناعها بصحة مواقفه، لدرجة أن المجلس الوطنى الذى ينتمى غالبية اعضائه للحزب الحاكم يطالب اليوم بنفس ما طالب به المهندس مكاوى وتسبب فى عزله !! * كان مكاوى خلال سنوات عمله كمدير لهيئة الكهرباء الأكثر عداءاً للصحافة من أى شخص آخر، وعانى الكثير من الصحافيين من عدوانيته وبلاغاته الكثيرة لنيابة الصحافة أو للمجلس القومى للصحافة، ولنا فى جريدة (السودانى) تجربة مؤلمة معه بسبب خبر صغير نقله أحد المحررين على لسانه بأن دخول كهرباء سد مروى الى الشبكة لن يخفض قيمة تعريفة الكهرباء، فهاج وماج وفتح بلاغا ضد الصحيفة ورفض التنازل عنه بتاتا حتى بعد ان نشرت الصحيفة نفيا له واعتذارا عنه، وقد وضح جليا الآن أن المشكلة أكبر من تعريفة الكهرباء بكثير حسب التصريحات التى أدلى بها وزير الطاقة ومكاوى وآخرون بأن كهرباء السد تواجه مشكلة فنية كبيرة جدا فى الدخول الى الشبكة القومية، بل إن مكاوى صرح للصحف بأنها لن تدخل الى الشبكة حتى يلج الجمل إلى سم الخياط، كاستحالة لحدوث ذلك !! * القصد من هذا الحديث ليس الاقتصاص من الأخ مكاوى بعد أن فقد موقعه، ولكن حتى يفهم كل مسؤول بأنه بقدر ما يكره الصحافة ويعاديها فإنها الحصن الحصين له ما دام على الحق، وأنها عندما تكشف الأخطاء وتوجه الانتقادات لا تنطلق من منطلقات شخصية أو لاثارة الكراهية ضده أو ضد الحكومة، وان اختلاف الآراء وتباين الرؤى والأفكار لا يعنى الاستهزاء بالحكومة أو التآمر عليها فتوجه اتهامات الخيانة لمخالفيها فى الرأى وتستغل سلطتها وأجهزتها لقمعهم واسكات أصواتهم .. وإنما بغرض المصلحة العامة ودفع المجتمع الى الامام، وأكبر دليل على ذلك ان الجميع بما فى ذلك الحكومة باتوا أكثر فهما الآن لحقيقة الصراع حول كهرباء سد مروى مما يرجى منه أن يؤدى لتصحيح ومعالجة الأخطاء .. والفضل فى ذلك يعود الى الصحافة الناقدة التى أتاحت الفرصة لاراء وانتقادات مكاوى، وليس صحافة التطبيل والتهليل إياها !! * وأفضل ما نختم به هذا المقال هو ما قاله المدير المعزول للصحف حول خلافاته مع هيئة السدود بأن ( الشفافية مطلوبة وأن القضية منهجية وليست قضية شخصية ) ..!! * و لكن يبقى سؤال ..( هل يتحتم عزل أى مسؤول من منصبه كى يفهم ذلك ؟!). [email protected] جريدة السودانى، 21 أكتوبر، 2009