يتبدل الواقع فتسايره القوانين: نتيجة لتداعيات احداث 11 سبتمبر ولمكافحة الإرهاب أجرت الدول الغربية وعلي رأسها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا تعديلات جوهرية في قوانينها تسمح لأجهزتها بتلك الملاحقة، ومنحتها صلاحيات واسعة تسمح لها بالقبض علي أهدافها ولفترات طويلة لمجرد الإشتباه ، فالكونغرس الأمريكي وافق علي تعديل قانون السلامة الوطنية وأعطي صلاحيات متسعة لجهاز مخابراتة ال CIA حرية القبض والإعتقال التحفظي والتفتيش بقوانين صادق عليها بالإجماع لهذا الغرض ، كما تم إجراء تعديلات جوهرية فيما يتعلق بسلطات الضبط والإعتقال والتفتيش في القانون الإنجليزي لمجرد الإشتباه أيضا ولعل الإنجليز هم أصحاب ترويج هذه المفرده (القبض للإشتباه) ، وفرنسا منحت أجهزتها المختصة سلطات كبيرة هي الأخري في الإيقاف والإعتقال والتفتيش والتصنت علي مكالمات جمبع مشتركي الهواتف النقالة ، وهذه الصلاحية منحتها كل الدول الغربية بلا إستثناء وامريكا ..!! ، جميع دول العالم لديها قوانين لحماية أمنها الوطني وهي مسألة لاجدال عليها بطبيعة الحال ، لأن السؤال البديهي يقول : أي دوله محترمة تلك التي تترك بلدها نهباً للمتفلتين دون رقابتهم وتوقيفهم تحفظياً حتي يزول سبب التحفظ ..؟؟! ، هكذا تفعل الدول .. تتحفظ علي من تأنس فيه خطراً عليها فتوقفة ولفترات طويلة ، فجميعنا شهدنا وحتي هذه اللحطة مايفعلة كل الغرب إزاء هذه قضية الأمن ، فالتوقيف لكل من تستشعر أجهزة الأمن أن فيه خطراً ولو كان ذلك الخطر محتملاً فقط ..!! ، فغوانتنامو وأبوغريب شواهد علي الإحتياط وحالة الإحتراز التي يتخذها هؤلاء من أجل حماية أمن بلادهم ، وأغلب تلك الدول تصل لدرجة قتل من تشتبه فيه مجرد إشتباه ..!! ، فما حادثة جهاز الامن البريطاني ال(FI5) بقتله أحدهم هكذا في الشارع العام وأمام أعين الجميع كان لمجرد الإشتباه فقط ، والبديل لذلك بطبيعة الحال هو الإمساك بالرجل والتحري معه .. غير أنهم آثروا التخلص منه وقفل آذانهم (دي بي طينة ودي بي عجينة) ..!! ، وفى هذا الشأن توسعت تلك البلدان بدعوي ان الامن الوطني قضية لا يجب المراهنة عليها ، والدول التى سعت لتطوير صلاحيات أجهزتها الامنية هي الدول الموصوفة بإيغالها في الديمقراطية والحريات الواسعة ، فدولة مثل الهند صادقت علي قانون يسمح لجهاز أمنها بالإعتقال التحفظي لمدة إثني عشر شهراً .. يتم تجديدها بواسطة الجهات المختصة (الأجهزة القضائية والعدلية) ، وطبيعيا جداً ان تكون هناك صلاحية للأجهزة الامنية والعدلية لكي تقر الأمن وتحقق العدالة ، لم تكن تلك الحصانة إختلاق سوداني وهو أمر طبيعي في كل الدنيا ، وبدونها لن يكون لرجل الأمن جدوي أو أهلية ليمنع مكروه من الوقوع أو تكون له أهليه ليسأل أحداً أو يقوم بمراجعة أحدهم يحمل (شنطة) وردت معلومة تفيد بأنه يحمل بداخلها ممنوعات ..!! ، فالحصانة هي من أسباب تحقيق الأمن ذاته ، كما إنها لاتطلق لإستخدامها في الحق ووفي الباطل بل يراجع كل من أساء إستخدامها .. فيجرد ويعرض علي المحاكم سواء كانت خاصة أو محاكم مدنية ، فالحصانة ضاربة في الجذور لكونها نابعة من مبدأ أن الحاكم لايخطئ ، وقد تمت الإشارة لذلك في بعض المراجع القانونية المعتمدة .. بأن القضاة ليسوا معصومين وهم عرضة للخطأ والنسيان وكذا بطبيعة الحال أصحاب الحصانات من الأجهزة العسكرية والأمنية ، فمنهم جميعا ينجم ظلم وخسارة وضرر وهو ما يمكن جبرة بواسطة ذات القانون الذي منحهم تلك الصلاحية ، فهي لم يتم تركها من دون أن يوضح لصاحبها مدي العقاب الذي سيوقع علية إذا ما إعتسف في إستخدام ذلك الحق بحكم الوظيفة التى إمتهنها سواء في سلك العسكرية أو الأمن والمخابرات (فالحصانة) منجت لتعين علي أداء العمل لا لكي يستخدمها المرء إعتسافاً أو إفتئآتاً علي الآخرين ، ومبدأ الحماية من المساءلة القانونية ليست مطلقة .. هي حماية مقيدة كما يظن الذين يودون أن تسير بلادنا بلا شيئ يستر عورتها ..!! ، والهدف منها هو التأكد من أن الفعل قد أرتكب لأداء الواجب وبحسن نيه وبالعدم تنتهي الحماية وترفع الحصانة ويقدم الفاعل للمحاكمة ، وسودانيا لم يثبت حتي الآن أن أجهزة الامن السودانية قد إعتسفت في إستخدامها ولم يتم تسجيل حالة واحدة تمسك فيها (جهاز الأمن) بالحصانة وأهدر بموجب ذلك حقوقاً لآخرين سواء كانت شرعية أو شخصية ، فهناك أمثلة عديدة تم فيها رفع الحصانة عن أعضاء جهاز الامن وقدموا للمحاكمة عندما تجاوزوا حدود تلك الصلاحية والإعتساف بأخذ الحصانة الممنوحه لهم ، فقد تناقلت الصحف قضية الجندى الذي يتبع لجهاز الامن والمخابرات السوداني الذي إعتدي علي أحد التجار في (مدينة سنار) ، والخبر وقتها تصدر الصفحات الأول لجميع صحف الخرطوم في ذلك الوقت ، فالقضية ليست ككل القضايا التى يحكم فيها بالإعدام علي مرتكب لجريمة قتل .. فطرف القضية هذه المره عضواً بأخطر أجهزة البلد أنه عضواً بجهاز الامن والمخابرات الوطني ، فتم تغطية مداولات القضية علي غير ما تفعل الصحف عادةً ، فالجميع يظنون أن الجهاز سيتدخل بنفوذه لتوقيف إجراءات المحكمة ، غير أنه وعلي غير ماتوقع الجميع صدر الحكم بالإعدام وتم التنفيذ ..!! ، والجميع فاغرين أفواههم من الدهشة ..!! ، ومره أخري يدلل فيها جهاز الأمن بأنه الأكثر أهلية للقيام بمهامه وفق مقتضيات الشريعة والقانون فيقوم هذه المره برفع الحصانة من ضابط رفيع (الطيب عبدالرحيم) عام 1996م ليحاكم بالمادة (130) وتم تنفيذ الإعدام بحقه ، وعضوه الآخر (محمد الطيب المرضي) رفع عنه الحصانة لتتم محاكمته بذات المادة السابقة وحكم بموجبها .. غير أن الحكم عدل بعد ظهور بينات جديد ليعدل الحكم بالسجن سبع سنوات .. والعضو يؤدي عقوبته الآن ..!! ، و(إسماعيل آدم) حكم هو الآخر بالإعدام غير أن أولياء الدم تنازلوا بالعفو المعروف بين أهل السودان وتم دفع الدية ، فجهاز الأمن السوداني القول بحقه بغير حصافتة تجاه إرسائه كامل الحقوق فيه تقصير وهضم لحقه الواضح .. فهو الأطول يداً عند الملمات التي تحيط ببلدنا وهو الأكثر ورعاً وتقوي عند التعاطي في الحق العام ..!! ، يفعل كل شئ ويحول ملف إنجازة ليخرج في أجهزة الإعلام بإسم غيرة ، لايريد بذلك جزاءاً ولاشكورا ، كما أن القول بسلبه حقوق هي من صميم أجهزة الأمن ينم بقصر النظر ومحدودية النظرة وسوء النيه لمن ينادي بذلك .. فليس من العقل ولا من المنطق ولا من طبيعة فكر العمل الأمني تأسيس مؤسسة بذلك المفهوم .. أن تكون بلا صلاحيات فنغل يديها ونعصب عينيها لتأمننا وتصون كل شئ عندنا .. عقلنا وعرضنا وروحنا و .. ديننا ..!!