الدوحة / قطر يوليو/2009م [email protected] 1- مفهوم الحوكمة و مبادئها الأساسية: يتحدث العالم بأثره اليوم في تناوله للأزمة المالية عن مصطلحات أصبحت متكررة في أجهزة الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية مثل الحوكمة، الشفافية، الإفصاح و غيرها من المصطلحات المشابهة! فماذا يفهم من هذه المصطلحات؟ و هل هي تعبر عن مفاهيم عالمية متعارف عليها؟ و إذا كانت كذلك ماهي الأسس و المبادئ التي تقوم عليها؟ و ما هي المعايير التي تحكمها؟ و لماذا لم تتمكن هذه الأطر و المعايير الحاكمة للشفافية و الرقابة و الإفصاح من منع حدوث الأزمة المالية العالمية الراهنة؟ نحاول في هذا الجزء من الدراسة و بإختصار شديد شرح مفهوم الحوكمة كما عرفته تعرف منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية (OECD) و الذي تعتبر الشفافية و الإفصاح أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها. - مفهوم الحوكمة: تعرف منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية (OECD) الحوكمة علي أنها (النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات التجارية و التحكم بها. و تحدد قواعد الحوكمة توزيع الحقوق و المسئوليات بين مختلف أصحاب المصالح في الشركة، مثل مجلس الإدارة و المدراء و المساهمين و أصحاب المصالح الآخرين، و توضح القواعد و الإجراءات الخاصة باتخاذ القرارات حول شؤون الشركة. (راجع: هيئة قطر للأسواق المالية – نظام حوكمة الشركات المدرجة – 27/0/2009م - ص 5) - عناصر حوكمة الشركات: و تعني مبادئ منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية و غيرها من المواثيق، بصورة عامة، بخمسة عناصر لحوكمة الشركات تتمثل فيما يلي: ü حماية مصالح الأقلية. ü مسئوليات مجلس الإدارة. ü المحاسبة و التدقيق (الداخلي و الخارجي). ü شفافية الملكية و التحكم. ü البيئة الرقابية بالإضافة إلي مخاطر التقاعس و القصور في الأداء و تحقيق المنافع الشخصية. - المبادئ الأساسية للحوكمة: ü المساءلة: و تعني أن الإدارة التنفيذية للشركة و جميع مدراء الإدارات و الوحدات التنظيمية التابعة لها و موظفيها مسؤولون عن قراراتهم و تصرفاتهم، و مدي إلتزامهم بالقوانين و الأنظمة و التعليمات و السياسات المعتمدة، و مدي النجاح في تحقيق الأهداف الموكلة لهم، و استخدام الموارد الموضوعة تحت تصرفهم وفقا للصلاحيات و الأسس المعتمدة، و أنهم مساءلون أمام مجلس الإدارة الذي هو بدوره مساءل أمام عدة جهات من بينها الجمعية العامة للشركة، البنك المركزي، هيئة سوق الأوراق المالية، وزارة الإقتصاد و الجهات المركزية العليا، السلطة القضائية في حدود صلاحياتها، منظمات المجتمع المدني في حدود اختصاصاتها و أهدافها المنصوص عليها قانونا، المدققين الداخليين و الخارجيين عليهم التعامل مع كل هذه الجهات بشفافية و عدالة دون لبس أو غموض أو مواربة. ü الشفافية و الإفصاح: و تعني ضمان إطلاع كل أصحاب المصالح في الشركة علي المعلومات التي يحتاجها كل منهم و بالقدر المطلوب، و في التوقيت الملائم، و بما يؤدي إلي خلق جسر من الثقة المتبادلة، و المصداقية في عمل الشركة و قراراتها و سلوك العاملين فيها، و أن تكون هذه المعلومات دقيقة و متسقة و متجانسة و قابلة للمقارنة. ü النزاهة و الإستقامة: و تعني الموضوعية، الحياد، الإستقامة، المساواة في التعامل، و الإلتزام بقيم الشركة و بالمعايير الأخلاقية و المهنية من قبل موظفي الشركة و من قبل كافة مستوياتها الإدارية، و العمل علي كسب ثقة و رضا المستفيدين من خدمات الشركة. ü القيادة و التوجيه: و تعني النمط القيادي الذي يعتمده و يمارسه مجلس الإدارة و الإدارة التنفيذية و كافة إدارات و أقسام الشركة و فروعها من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة و تنفيذ سياساتها المعتمدة بأفضل مستوي من الكفاءة و الفاعلية. ü الكفاءة و الفاعلية: و تعني الإستخدام الأفضل لكافة موارد الشركة المتاحة (المالية، البشرية، المادية الأخري، الفنية و التقنية، المعنوية و التنظيمية) من أجل تحقيق أهداف الشركة بدرجة مقبولة من الكفاءة و ضمن المدي الزمني المحدد. ü الأمانة و العدالة: وتعني ممارسة موظفي الشركة و مدراءها و قياداتها صلاحياتهم و مسئولياتهم الموكلة لهم بأمانة و حرص و مسئولية و توظيف أموال الشركة بالطرق المقبولة شرعا و قانونا و وفق ما تنص عليه سياسات الشركة و لوائحها و أن يكونا حراسا و أمناء علي أموال الشركة و أصولها. - أهمية الحوكمة و ضرورتها: تنبع أهمية الحوكمة و تطبيقها علي الشركات و المؤسسات و كافة الأجهزة التي لها علاقة بالقطاع المالي لعدة أسباب نذكر أهمها فيما يلي: ü يعتبر القطاع المالي القطاع الرئيسي الوحيد الذي تدار فيه حركة رؤوس الأموال و يعتبر سوقا لها و تتم من خلاله عمليات إنتقاله من الوحدات ذات الفائض إلي الوحدات ذات العجز سواء من خلال سوق رأس المال طويل الأجل المتمثل في سوق الإصدارات الأولية، أو في سوق رأس المال قصير الأجل الذي يعرف بسوق النقد و المتمثل في البنوك التجارية. ü يعتبر القطاع المالي بشكل عام قطاعا معقدا و يتمتع بدرجة عالية من الحساسية للمتغيرات الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية. ü يرتبط القطاع المالي إرتاط وثيق بالقطاعات الإقتصادية الأخري ضمن ما يعرف ب "دورة تدفق الدخل" و يؤثر و يتأثر بها، و بالتالي فإن أية تغيرات تحدث فيه ستنتقل بشكل تلقائي إلي القطاعات الأخري. و الشكل التالي يبين كيف تعمل دورة تدفق الدخل بين قطاعات المجتمع المختلفة: ü أن كل الأصول المتداولة في القطاع المالي عبارة عن أصول سائلة أو شبه سائلة و بالتالي فإن أية إختلالات جوهرية فيه ستؤثر علي حجم السيولة في البلد. ü يعتبر القطاع المالي هو القطاع الرئيسي الوحيد الذي يربط إقتصاد البلد مع إقتصاديات بلدان العالم الأخري.