السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنوير صحفي من السيد نيلس كاسبيرج ممثل اليونسيف في السودان
نشر في سودانيل يوم 27 - 10 - 2009


تنوير صحفي يقدمه السيد نيلس كاسبيرج
ممثل اليونسيف في السودان
رئاسة بعثة الأمم المتحدة في السودان
الكلمة الافتتاحية:
أنعمتم صباحا. شكرا جزيلا لكم على حضوركم هذا التنوير. وشكرا جزيلا لزملائنا ببعثة الأمم المتحدة في السودان لتنظيمهم له.
إنني سعيد بهذه الفرصة التي أُتيحت لي لأعرِّفكم بنفسي. فأنا الممثل القطري الجديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) في السودان.
ستكون كلمتي قصيرة إلى حدٍ ما، وستتاح لكم الفرصة لطرح الأسئلة في النهاية.
مضت قرابة الخمسة أعوام منذ أن تم التوقيع على اتفاق السلام الشامل. وخلال تلك الفترة، أُحرز بعض التقدم في مجال مساعدة الأطفال في السودان. وقد أبدت حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان التزاما كبيرا بتحسين حياة صغار السن في هذه البلاد.
استفاد في العام الماضي ملايين الأطفال في عموم السودان من حزمة خدمات اشتملت على التحصين ضد شلل الأطفال والحصبة، وتوفير الناموسيات، وتقديم التوعية الصحية والغذائية، والدعوة للحرص على غسل اليدين.
وعلى الرغم من تلك الإنجازات وغيرها، فما تزال هناك العديد من التحديات والمعوقات أمامنا، ولاسيما أن السودان قد أشرف على مرحلة انتقالية تنطوي على الكثير من الاحتمالات.
هناك 5.7 مليون طفل بالمدارس في السودان و2.9 مليون طفل يعدون فاقدا تربويا منهم 1.9 مليون في شمال السودان ومليون آخر بجنوبه.
وإنه لمن المحزن أن يتوفي في كل عام قرابة 305.000 طفل دون سن الخامسة. 110.000 منهم يتوفون خلال 28 يوما من مولدهم.
وتعزى هذه المعدلات العالية للوفيات إلى المعدلات المرتفعة للمرض وفقر المعينات الصحية. وتعد الملاريا وانتشار حالات الإسهالات الشديدة والأمراض التي يمكن تجنبها بالتحصين هي أكثر العوامل المسببة للوفاة.
ومن غير المقبول إطلاقا أن تتوفى في كل عام 26.000 امرأة أثناء الوضوع في السودان، قرابة 13.300 منهن في الجنوب و12.700 في الشمال.
هذه الأرقام تشكِّل تماما حالة طواريء وتستوجب تحرك جميع المستويات وهي مستشعرة الوضع الحرج. ونعني الحكومة والمنظمات الوطنية والدولية.
ونحن نحتاج إلى أن نسأل أنفسنا عما يمكننا فعله لمعالجة هذه المشكلات. أود في خلال الثلاث سنوات المقبلة أن نحدد أهدافنا بحيث نتمكن من خفض كلٍ من معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة ومعدلات وفيات الأمهات والفاقد التربوي بمقدار الثلث. المطلوب الآن التحرك سريعا.
ونحن إذ نتطلع إلى المستقبل، يتضح لنا شيء واحد، وهو أن الطريقة الوحيدة لتحسين حياة الأطفال في السودان هي تحقيق السلام المستدام. ولا يتحقق هذا السلام إلا بأيدي السودانيين أنفسهم.
وليس من الصعب تفادي الصراعات في السودان. غير أن كل سوداني سواء أكان في الشمال أم الجنوب أم الشرق أم الغرب يحتاج إلى أن يستشعر بقوة أن الوقت قد حان لدفع ثمن السلام وليس ثمن الحرب.
زرت مؤخرا مدينة بها 20 دبابة وسيارة إسعاف واحدة تم استخدامها فقط لمدة ستة شهور في هذا العام. نحتاج أن نحدد أولوياتنا على نحو صحيح إذا ما أردنا أن نغيِّر من تلك المعدلات المخيفة للأطفال الذين يموتون من جراء أمراض يمكن تجنبها أوعلاجها وإذا ما أردنا تقليص معدلات وفيات الأمهات عند الوضوع.
\\\\\\\\\\\\\\\\
سلفاكير يقطع زيارته لمصر بصورة مفاجئة دون اكمال برنامجها
القاهرة سحر رجب:
تم الغاء اللقاء الجماهيرى الذى تقرر اقامته فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر للنائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميادريت لأسباب طارئة خارجة عن الارادة ووجود بعض التطورات المهمة التى تطلبت عودته إلى الخرطوم ومنها إلى نيروبى مباشرة للقاء الرئيس الكينى كيباكى.
كما افاد رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة نصر الدين كشيب ،
واضاف : أن الأسباب القهرية التى أدت إلى قطع زيارة النائب الأول للقاهرة والتى كانت ستستمر ثلاث أيام حسب برنامج الزيارة، مرتبطة بمشاكل امنية فى جنوب السودان خاصة على الحدود مع كينيا ، حيث غادر القاهرة بعد ظهيرة يوم الاثنين " ثانى أيام الزيارة " ووصل إلى مطار الخرطوم فى المساء ، وقد غادر معه معظم أعضاء الوفد الذى كان يرافقه مع تخلف عدد قليل من وزراء حكومة الجنوب .
ومن المرجح أن يلتقى سلفا كير الرئيس الكينى كيباكى اليوم فى مقر أقامته فى نيروبى لمناقشة بعض القضايا الهامة المتعلقة بالجانب الأمنى على الحدود الكينية وجنوب السودان وكذلك الحدود اليوغندية .
وقال رئيس مكتب الحركة بالقاهرة: ان الرئيس الكينى قد قام بدعوة الفريق سلفا كير قبل زيارته للقاهرة ولكنها اجلت لما بعد زيارة مصر ولكن تأزم الاوضاع ادى لعدم اكمال هذه الزيارة.
كما تخلف نائب الرئيس السودانى عن لقاء ثقافى ضم عددا من المفكرين والمثقفين المصريين أقيم فى فندق سونستا وتحدث نيابة عنه الدكتور لوكا بيونغ وزير شئون الرئاسة ، والدكتوربرنابا بنجامين وزير التجارة والصناعة وكان المتحدث الرئيسى الدكتور منصور خالد المستشار برئاسة الجمهورية ،وكذلك لم تتم لقاءات ثنائية كان مقررا لها ان تتم بين وزراء حكومة جنوب السودان ونظرائهم المصريين كما ورد ببرنامج الزيارة.
وقد قام الفريق سلفا كير بلقاء الرئيس حسنى مبارك والدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء وعمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرى وعمرو موسى الامين العام للجامعة العربية.
ومن الجانب السودانى بمصر قام السيد محمد عثمان الميرغنى ، رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى ، بزيارة الفريق سلفا كير فى محل اقامته بقصر الاندلس ، ثم بعد ذلك قام بمرافقته لفيلا السفير السودانى الفريق الركن عبد الرحمن سر الختم فى ضاحية المعادى لتناول وجبة الغذاء التى استبدلت بدلا من العشاء بسبب نفس الظرف الطارئ .
وكان من المقرر حسب برنامج الزيارة أن يقوم السيد سلفا كير والوفد المرافق له بزيارة بعض الأماكن السياحية فى القاهرة فى اليوم الثالث من الزيارة الموافق 27 أكتوبر وهى زيارة المنطقة الأثرية بالأهرمات ، وزيارة المتحف المصرى .
الجدير بالذكر ان زيارة الفريق سلفاكير نائب الرئيس السودان قد جاءت بصفته رئيسا لحكومة الجنوب ،وقد خلقت الزيارة اصداء واسعة فى المجتمع القاهرى ، كما توافدت حشود السودانيين من جميع انحاء مصر نحو قاعة المؤتمرات المصرية لحضور اللقاء الجماهيرى الذى تم الغاءه، الشىء الذى كان يحدث اثناء اللقاءات الجماهيرية بمصر للقائد الجنوبى الراحل دكتور جون قرنق ديمبيور.
\\\\\\\\\\\\\
مناظير
زهير السراج
كفاية .. !!
* إدارة مشروع الجزيرة لم يكفها القضاء على المشروع ودق المسمار الاخير فى نعشه بالسكوت عن تقاعس الدولة من دفع تكاليف الرى وعمليات تنظيف القنوات والترع حتى ماتت المحاصيل من العطش، برغم انها تعلم علم اليقين ان مئات الالاف من الفدادين قد زرعت بحماس كبير وصرفت عليها المليارات من تقاوى وعمليات زراعية .. إلخ وعندما انتظر الناس الماء ليروى الحقول اكتشفوا الكارثة الكبرى بأنه لن يأتى أبدا بسبب انسداد الترع والقنوات وامتلائها بالطين والاعشاب .. فتبخرت كل أحلامهم وأموالهم فى الهواء فى غمضة عين وأصابهم ما أصابهم من اوجاع واحباطات وهم الان فى انتظار الحراسات والمحاكم والسجون بسبب ديون البنوك التى أغرقتهم وأغرقت مزارعهم ومحاصيلهم بدلا عن الماء !!
* ليس ذلك فقط، بل هاهو السودان فى انتظار مجاعة جديدة حسب وزير الزراعة الذى قال بكل بساطة .. ( انها مسألة مقدور عليها) باستيراد عيوش من الخارج ( يعنى خسارة مضاعفة).. بدون أى اعتبار للازمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها البلاد ومعاناة العباد !!
* إنها جريمة كبرى بكل المقاييس لا بد ان يجد مرتكبوها العقاب العادل، ولكن من يهتم ومن يسأل، فمادام صولجان السلطة فى مكان آمن فلتحرق الجزيرة وغير الجزيرة وإلا فماذا تنتظر إدارة مشروع الجزيرة والذين تسببوا فى هذه الكارثة ؟! هل ينتظرون وسام الانقاذ والاعجاز والانجاز فى تجويع الناس، أم ماذا؟!
* إدارة المشروع لم يكفها قتل المشروع، ولكنها سعت وتسعى لتأطير الظلم وزرع الحساسيات والبغضاء فى نفوس العاملين فيه بالسياسة الظالمة التى اتبعتها فى تمليك المنازل للعاملين المستغنى عنهم كبديل لحقوقهم واستحقاقاتهم المالية وذلك بإعطاء البعض وحرمان الاخرين بدون اى معايير او مبررات موضوعية إلا ما اختلقته بمزاجها وأسمته ( مواقع الانتاج ) حتى تبرر التفريق بين العاملين !!
* أطلقت هذا الاسم على العاملين ببعض الادارات مثل المحالج والسكة حديد والهندسة الزراعية لتبرر تمليكهم المنازل فى السرايات ببركات ومارنجان، وحرمت العاملين فى الشؤون الادارية والمالية الذين يجاورونهم فى السكن باعتبار انهم (غير منتجين) كما يبدومن الاسم الذى ابتدعته، بينما أعطت هذا الحق لزملائهم الذين يعملون فى نفس الادارة ولكنهم يسكنون خارج السرايات .. واحتفظت ببعض المنازل داخل السرايات للتصرف فيها مستقبلا بواسطة ادارة المشروع ولا احد يعرف فيم الاحتفاظ بعدد قليل من المساكن بعد التصفية الكاملة لكل مرافق المشروع الذى صار جثة هامدة !!
*اتقوا الله .. وكفاية ظلم للعباد وخداع البسطاء بالعبارات المنمقة والجميلة التى أفقدتموها كل معنى وقيمة !!
www.alsudani.sd
[email protected]
جريدة السودانى، 27 أكتوبر، 2009
\\\\\\\\\\\\
أُستاذي الفاضل طارق الجزولي سلامات وتحايا نواضر... أرجوك نشر هذا المقال في جريدتكم الغراء سودانايل ولكم محبتي
أخوك/ جمال أبريدة...
مولانا الميرغني والتاريخ يُعيد نفسه (2-3)
جمال الدين أحمد الحسن
في خطابه العظيم الرصين الذي اختار كلماته بدقةٍ وعناية بالغتين؛ أملته عليه مشاعره الصادقة التي تنبض حباً وتقديراً لأسد حلة خوجلي ولما يُمليه عليه هوى النفس الأمَّارة... قال أُستاذ الأجيال و وزير التربية والتعليم حينها الأُستاذ/ يحيى الفضلي، مخاطباً الحشد الجماهيري الحزين بسراي السيد علي الميرغني مُعدداً بعض مآثر فقيد البلاد الحسيب النسيب مولانا السيد علي الميرغني (عليه السلام)... وفي مُفتتح خطابه توجه بالحديث إلى إبن الفقيد الذي تصدى -يومها- لذلك المصاب الجلل ولذلك الحادث الأليم بقلبٍ صبور وعقلٍ واعٍ بإمور الحياة ومعتركاتها وسنن البلاء، كيف لا وهو شبلُ ذلك الأسد الذي ملك قلوب كل السودانيين، فقد كان المُقدَّم في كل شئ بل كان العقل المُدبِّر لإستقلال السودان و سبب أمنه وأمانه و الممهد لرفاهيته، خاطب الفضلي نجل الفقيد يومها ب مولايَ السيد الأكبر محمد عثمان الميرغني... ثم تمثَّل بهذه الأبيات العظيمة:
ولم أرَ أعصى منك للحزن عبرةً... وأثبت عقلاً والقلوب بلا عقل
ويبقى على مر الحوادث صبره... ويبدو كما يبدو الفرند على الصقل
ومن كان ذا نفسٍ كنفسك حرة... ففيه له مغن وفيها له مسل
قالها وهو الصادق المأمون على مُفردات لغة الضاد، وها هو التاريخ يُعيد نفسه يا فضلي "سحائب الرحمة والغفران تتنزَّل على قبرك الطاهر" و التاريخ يُصِدق قولك ويُثبِتهُ و يسجِّل أن مولانا الميرغني هُو الكبير دوماً بصبره وجلده وتحمله فوق طاقته وانشغاله بهموم الوطن ومواطنيه ضارباً بذلك أسمى آيات النضال هو القابض على جمر القضية التي تغافل أو يتغافل عنها الكثيرين في معتركاتهم الحزبية الضيقة وهي وحدة السودان أرضاً وشعباً... هُو كما وصفته يا سيدي أهلٌ للفضل ثابت العقلِ يفتتح كلامه ويختتمه بالحكمة التي تجد في القلوب مقعدها بين ثوابت الإيمان و العقيدة...
لا يخفى على من تابع تدشين حملة الحزب الإتحادي الديمقراطي الإنتخابية الإسبوع الماضي بجنينة (سيدي علي) بالخرطوم وقع تلك الكلمات الصادقة الحكيمة التي خرجت برداً وسلاماً من زعيم الإتحاديين وهي حلمٌ طالما إنتظرته جماهير شعبنا التوَّاقة دوماً لمثل هذه البُشريات في هذا الزمن الذي رجحت فيه كِفَّة الجعجعة السياسية على الحكمة وحديث العقل بأن الحزب الإتحادي الديمقراطي عمل على الجمع لا التفريق ، وعلى الوحدة لا الانفصال ، وعلى الكليات لا الجزئيات . وظل على هذا العهد في تعامله مع كافة قضايا الوطن وأوضح إن تاريخ الحزب قائم على الوحدة والاتحاد ، وستظل مسيرته ونضالاته على هذا النهج الديمقراطي، ثم تبعتها كلمات الناطق الرسمي بإسم الإتحاديين الأُستاذ/ حاتم السر والتي جاءت مُقتبسة من بعض مُفردات بنود إتفاق القاهرة بين التجمع الوطني الديمقراطي وحكومة الوحدة الوطنية بأن العدل ورد المظالم وتنمية الإنسان الحقيقية ستكون هي أساس المشروع الإنتخابي لحزب الحركة الوطنية وهي من الثوابت التي لا حياد عنها.
إذ أثبتت التجارب بأن التنمية بمد الكباري والجسور وغياب الإنسان بينها ستكون محصلتها - صفر كبير- كما هو الآن واضح للعيان آثار تلكم الأحداث، فالإنسان ضائعٌ بينها في جُوعٍ وافتقارٍ لكثير من أساسيات الحياة التي تضمن له أن يعيش كريماً مكرماً... ومن عظيم ما قاله تأمينه ورهانه على نزول الإتحاديين براية واحدة تحت قيادة زعيمهم الميرغني المرضي من جموع شعبه السوداني المُخلص قاطبة ناهيك عن أبنائه الإتحاديين...
سفينة الحزب الإتحادي التي أبحرت من قِبالة تُوتي العظيمة التي شهدت أول ندوة سياسية أقامها الحزب الإتحادي في أُغسطس الماضي وحسب المراقبين فقد كانت ناجحة بكل المقاييس وقد كانت خير إفتتاحٍ للقاءات جماهيرية وهي التي وعد بها القيادي الإتحادي حسن هلال الذي أكد بأن المسيرة التي إنطلقت بالأربعاء الماضي ستطوف بقيادة صاحب السيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني "حفظه الله" وقادة أركان مكتبه السياسي كافة الولايات ومما لا شكَّ فيه أن جماهير الشعب الكريم من كل طوائفه الصوفية وأبنائه المُخلصين تنتظر هذه الإنطلاقة بشوقٍ ولهفةٍ شديدتين... وكم هي متعَشِّقة لتهتف لقائدها العظيم (عاش أبو هاشم... حوض العاشم،،، أمل الأُمَّة يا عُثمان... ولا أمان بلا عُثمان)...
نسأل الله لهذه المسيرة القاصدة كل التوفيق والنجاح الذي من أسبابه الصدق وهو شيمة هؤلاء النفر الكريم في قيادة الإتحادي حفظهم الله ورعاهم... ليحققوا لهذا الشعب آماله ويلبوا له رغباته و يصلوا بهذا السودان إلى مرسى الأمان...
ونواصل...
Jamal Ahmed El-Hassan [[email protected]]
\\\\\\\\\\\
ثمن القبول للسياسة الامريكية... عزل الرئيس والتنازل عن السيادة
أبوذر على الأمين يسن
Abuthar Ali [[email protected]]
ابتدرت واشنطن سياستها الجديدة تجاه السودان بتجديد العقوبات السارية عليه اصلاً، ودون ابعاده عن قائمة الدول الراعية للأرهاب ولو على سبيل الوعد!!!، وفوق ذلك جعلت مدخلها وأهم ثوابتها هي (عزل الرئيس البشير ) فلا يتم التعاطي المباشر معه!!. وبالطبع ليس هناك جديداً ضمن هذا السياق، فقد ظل المبعوث الأمريكي غرايشن يمارس ذلك عملياً فلم يحدث أن إلتقى الرئيس البشير لكنه (وهنا الاشارة الاهم) كان محل احتفاء المؤتمر الوطني والحكومة. ومن الاشارات المهمة ضمن هذا السياق أن التعاطي (الصحفي) المحلي لم يورد ذلك في عكسه للسياسة الامريكية، كما حرص من صرح بهذا الصدد من المسؤولين أن يسكت على موضوع عزل الرئيس وليس الابادة الجماعية بدارفور. وأمام هذه الحقيقة الساطعة والتي وردت ضمن أكثر من مصدر معلوم ومشهور ودولي، اذ أوردتها رويترز، والسي ان ان، والخليج، والراية القطرية، وعلى ذلك قس. وعليه يكون الخط الاحمر الذي رسم (دون تحديد) مع رفع الرقابة الامنية عن الصحافة قد سقط كونه أصبح سياسة أمريكية معلنة تجاه السودان. بل و قد أسقط معه كل الخطوط التي اعدت بألوان تشير إلي أنها سقف التعاطي الاعلامي والتي تستوجب ردع رؤساء التحرير لها ومن عند أنفسهم، خاصة وأن الرقابة وبقرار من المحكمة الدستورية أصبحت (دستورية) ويمكن اطلاقها من جديد وفي أي وقت. ويبقى السؤال ما جدوي رقابة تجابة سياسية معلنه أول مرتكزاتها عزل الرئيس والابقاء على العقوبات وعلى السودان راعياً للأرهاب!!!!؟. وفي ظل تقبل وقبول حكومي معلن لتلك السياسية!!.
والمستغرب حقيقة هو القبول الذي واجهت به الحكومة والمؤتمر الوطني السياسة الامريكية الجديدة، خاصة وأنها ظلت تتهم واشنطون بأنها بذلت الكثير من الوعود ومنذ توقيع اتفاقية السلام الشامل إلا أنها لم تفي بشئ من ذلك. والاغرب أن تقبل الحكومة وهي من استنكر عدم التزام واشنطن تعهداتها السابقة وأعلنت كفرها بواشنطون، أن تفرض عليها واشنطون سياسة تكون هي (الحكومة) ودائماً صاحبة الخطوة الاولي وأن تحسب واشنطن تلك الخطوات وعلى الارض ثم تقرر للخرطوم (جزرة) أو (عصا) بحسب توضيحات كلنتون ضمن مؤتمر اعلان السياسة الجديدة تجاه السودان.
والذي يزيد الاستغراب دهشة لقبول الحكومة للسياسية الامريكية الجديدة أن مدخلها ومنهجها وأهدافها المرسومة تقود إلى نهاية واضحة وهي تغيير النظام وجذرياً. ألم تبتدر واشنطون سياستها بعزل الرئيس والابقاء على كل العقوبات السابقة بل وتجديدها وفي الاسبوع الذي اعلنت فيه سياستها الجديدة تجاه السودان. فأهداف السياسة الجديدة تتضمن تنفيذ كامل لإتفاقية السلام الشامل بما فيها قضايا وتفاصيل التحول الديمقراطي من تغيير القوانين إلى اجراء انتخابات (نزيهه) وحتى ترسيم الحدود والمشورة الشعبية لجبال النوبة والنيل الازرق وحق تقرير المصير لشعب أبيي، وقانون واجراءات الاستفتاء على بقاء او انفصال الجنوب وما يترتب عليه بعد انتهاء الاستفتاء أنى كانت نتيجته. مروراً بدارفور وما أدراك ما دارفور. وهنا قد تبدو القضايا مألوفة بل ومعتادة ولكن ماذا هناك أيضاً مما يزيد مساحة الاستغراب ويجعل الدهشة على درجة غير معتادة كون التغيير التي تفرضه ذاتياً اتفاقية السلام وتحتمه أي معادلة تجري مستقبلا بدارفور مهدد بدرجة ما؟!!. ذلك ما تبرزه وبوضوح ما ورد من أهداف ضمن السياسة الامريكية الجديدة. وهذا ما يحتاج لشئ من قراءة فاحصة تنظر وتدقق مآلاته.
فقد جاء ضمن الاهداف: منع السودان من أن يكون قاعدة للإرهاب، ومنح واشنطن تسهيلات أمنية على البحر الأحمر واعطاء الشركات الأمريكية عقوداً نفطية. ولعله معلوم أن الارهاب شطر رضعت منه أمريكا حتى نضج عودها في مواجهة الحركات الاسلامية بل تمددت لتستهدف منهم من لا يمثل تهديداً لها ولو على مدى ألفي عام، وكل ذلك بفضل كبير وانبراش أكبر من الحكومة وعبر جهاز أمنها ومباشرة دون أن تقدم ذلك أو تحرص على مقابل وكان كل هدفها المعلن وقتها أنها نجحت بذلك من إبعاد السودان من تلقي ضربات عسكرية أمريكية مباشرة!!، والآن يمثل ذات هذا البعد أقوى مصادر القبول للسياسية الامريكية كما جاء واضحاً ضمن تصريحات غازي صلاح الدين بحسب رويترز 19 أكتوبر "... وقال المستشار الرئاسي غازي صلاح الدين ان عدم وجود تهديدات بتدخل عسكري في الاستراتيجية كان "مهماً" ويشكل روحاً جديدة عند أوباما... وأضاف في مؤتمر صحفي عقد في الخرطوم أن هذه استراتيجية تفاعل وليست استراتيجية عزلة".
أما (التفاعل) الذي أشار إليه غازي صلاح الدين فقد انبني كما هو واضح على إعطاء أمريكا تسهيلات أمنية على البحر الاحمر، تؤكدها وتحسم أمرها الغارات الاسرائيلية الاخيرة على شرق السودان والتي أوضح المبعوث قرايشن أنها تمت بتعاون تام من الحكومة السودانية أمام الكونغرس الامريكي كما هو معلوم. وحتى هنا الواضح أن تفادي (التدخل العسكري) هو الذي دفع الحكومة السودانية لقبول ذلك (ودون مقابل) بل قبل أن يكون ذلك ضمن الملفات التي ستصححها كلنتون ثم تعطي مقابلها جزرة أو عصا، ولكن أن تتم بمقابل كما هو معتاد في التعامل الامريكي مع الدول الاخري، فحتى هذا المستوي لم تحرص عليه الحكومة ولكن لماذا؟.
قالت –الراية القطرية 19 أكتوبر- " ذكرت تقارير صحفية ان هناك صفقة تم انضاجها على نار هادئة خلال الأشهر القليلة الماضية بين مسؤولين أمريكيين وسودانيين مقربين من الرئيس عمر البشير، سيتم بموجبها إسقاط التهم الموجهة للبشير والتي جعلته مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية، مقابل "حفنة" من التنازلات تتعلق بسيادة السودان ونهب ثرواته".- انتهي الاقتباس عن الراية-. والواضح أن ما ستحصل عليه أمريكا من تسهيلات أمنية وعسكرية بشرق السودان يمثل التنازل عن السيادة، ثمناً لاسقاط التهم عن البشير. ولكن مشكلة التهم الموجهة للرئيس البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية لا تنتهي باسقاط التهم عن البشير، كون المحكمة أولاً عرفته (بالمتهم غير المباشر)، وثانياً يبقى هناك متهمين أخر هم أحمد هارون وعلى كوشيب، وهؤلاء وحتى في حالة اعلان العفو عن البشير، أو اسقاط التهم عنه، أو أي شئ آخر، سيكون هؤلاء مهدداً كبيراً سيعيد البشير وبالباب للمحكمة مهما كان الشباك الذي سيخرج منه الآن، كما أن هناك آخرين أكثر رعباً من هذه المحكمة كونهم ضمن قوائم الاتهام التي قد تعيدها محاكمة هارون وكوشيب إلى قاعة المحكمة. وكل هؤلاء لن تكون نجاة البشير واسقاط التهم عنه ثمناً مقنعاً ينفض قلق المطاردة الدولية عنهم، وهم واعين لذلك تماماً وقد غيروا كثيراً في ترتيبات الانتخابات القادمة وفق خطة تفرض مرشحاً آخر للرئاسة ومن المؤتمر الوطني ضد البشير وما تزال التعبئة على مستوى القواعد تتفاعل في شكل صراعات مراكز متنافرة تعمل كل منها على اقصاء الاخرى ضمن المؤتمر الوطني، وكل ذلك في اطار انفتاح أوسع تجاه الخارج والقوى الدولية، وانفتاح على القوى السياسية والحرص على الظهور بمظهر من يقوم بتجاوز الازمات وفي أحلك احتداماتها كما جري مؤخراً بين على عثمان وريك مشار بشأن قانون الاستفتاء. وهذه السياسة لن يكتب لها أي نجاح إلا في حالة عزل الرئيس وقد فرضته أمريكا كسياسة رسمية، وضمان عدم وجود أي خطوط تعاطي داخلي مباشر مع الرئيس من قبل القوى السياسية الاخرى وهو الأمر الذي برز بقوة مؤخراً في ابتعاد حزب الامة عن المؤتمر الوطني والجلسات الدورية التي كانت تجمعه مع الرئيس البشير.
الواضح أن السياسية الامريكية الجديدة هدفها هو الدفع بتغيير النظام كون البديل سيكون انفلات كامل وانهيار لدولة السودان لن يكون التعاطي مع آثارها الداخلية والاقليمية سهلاً وستترتب عليها خسائر أفدح وستتسع دائرة المتضريين اقليمياً وعالمياً منها. لكن السياسة الامريكية الجديدة تحاول أن ترسخ رجلها بالاراضي السودانية ووفقاً لإتفاق مع حكومتها الضعيفة الحالية لضمان موقع عسكري أمني لها بالبحر الاحمر يكون هو الحارس لسياستها الجديدة تجاه السودان وضمانتها الرادعة، وتكسب بذلك موطئ قدم جديد وأكثر أهمية لأستراتيجيتها العسكرية ضمن الشرق الاوسط وشرق افريقيا. وأنها وقد سنحت لها الفرصة ستستغل حالة الضعف والصراع التي يعيشها المؤتمر الوطني والتي يمثل الرئيس البشير أكبر ثغراتها الراهنة وعلى مستوى المستقبل القريب.
وتبقى من مستجدات السياسة الامريكية الجديدة أنها قادمة للسودان وهي ترتدي (اسكرت) ولن تستطيع شرطة أمن المجتمع ايقافها بتهمة الزي الفاضح، كون الذي يقف عليها السيدة كلنتون أما قرايشن فقد جاء للسودان وغني بلسان لكنه عائد بلسان ولحن جديد.
\\\\\\\\\\\\\\
زفرات حرى
الطيب مصطفى
باقان وثورة أكتوبر..!! «22»
٭ قلنا في مقالنا بالأمس إن باقان عبَّر عن فرح غامر بانعقاد مؤتمر جوبا الذي قال إنه يشتم فيه رياح أكتوبر التي قال إنه يسعى إلى استنساخها مجدداً من خلال تحريك جماهير الأحزاب المنضوية تحت قبة مؤتمر جوبا في تظاهرات شبيهة بتلك التي أطاحت بحكم الفريق إبراهيم عبود.
٭ ونقول كذلك إن تصريحات باقان هذه تذكر بتصريحات أخرى سابقة لرفيق دربه ياسر عرمان الذي نشأ كذلك في أحضان الحزب الشيوعي السوداني، ولربما شارك الرجلان في ثورة أكتوبر التي أعقبها حكم جبهة الهيئات المُسيطر عليها من الحزب الشيوعي السوداني، ومعلوم أن عرمان كان قد هدد بتحريك الشارع من أجل إجبار شريكهم في الحكم «المؤتمر الوطني» على إجازة القوانين التي تطالب الحركة بتمريرها من داخل البرلمان.
٭ طبعاً الهدف من رياح أكتوبر التي استبشر باقان بقرب هبوبها، هو إسقاط النظام على غرار ما فعلته ثورة أكتوبر، وقلنا إن الانتفاضة كانت من الأجندة الثابتة التي كان قرنق يدعو إليها باعتبارها إحدى الوسائل لاقتلاع الحكومة. ومن هنا نستطيع أن نفهم كل مواقف الحركة من حكومة ما يُسمى بالوحدة الوطنية، بما في ذلك الموقف من الجنائية الدولية الذي يساند توقيف الرئيس البشير بهدف إحداث بلبلة واضطراب سياسي وفوضى «خلاَّقة»، كما يمكن أن نفهم قيام الحركة بتأليب أمريكا وكل العالم على الشمال والحكومة الذي نتجت عنه سياسة الإدارة الأمريكية تجاه السودان الشمالي المتمثلة في الضغط على الشمال ومساعدة الجنوب.
٭ باقان صرَّح عقب انفضاض مؤتمر جوبا بأن الحركة ستلجأ إلى المجتمع الدولي لضمان تنفيذ التوصيات التي خرج بها مؤتمر جوبا، وقال في التصريح المنشور بصحيفة «الرأي العام» بتاريخ 3/01/9002م إنه سيتواصل مع المجتمع الدولي لدفع الحكومة إلى تنفيذ تلك التوصيات.
٭ أعود للحوار الذي أُجري مع باقان، حيث قال الرجل ما نصَّه إنهم سيقدمون إعلان جوبا إلى «الشعب السوداني في حشود وتظاهرات جماهيرية في بقاع مختلفة من السودان»، وتشمل تلك التظاهرات الخرطوم وجوبا ونيالا وبورتسودان ومناطق أخرى..!!
٭ وأود أن أؤكد أن باقان يحلم فقط إن كان يظن أن تظاهراته هذه سيشارك فيها أبناء الشمال حتى وإن كان قد توسل إلى ذلك بالصادق المهدي الذي يفترض باقان أنه سيدعو جماهيره إلى المشاركة في تلك التظاهرات، وحتى إن فعل الإمام الصادق هذا فإني على يقين بأن التئام جماهير حزب الأمة مع مساندي الحركة الشعبية في تظاهرة واحدة ممكن تصديقه في حالة صدقنا أنه من الممكن الجمع بين الليل والنهار. وهل شارك أبناء الشمال في ثورة بعض أبناء الجنوب المساندين للحركة في شوارع الخرطوم في يوم الاثنين الأسود، أم أنها كانت حرباً من طرف واحد، بل عمليات تطهير عرقي ضد أبناء الشمال بمن فيهم جماهير حزب الأمة؟!
٭ وواهم من يظن أن لقاءات النخب الشمالية مع الحركة الشعبية يمكن أن تتنزل إلى القواعد، ولذلك فإن الحركة ستدعو جماهيرها إلى التظاهر الذي سيكون دموياً، وهو ما يدعوني إلى الطلب إلى القوات النظامية بأن تأخذ حذرها، وتتحسب لذلك اليوم المشؤوم..!!
٭ وثمة أمر آخر، وهو أن الأجهزة الأمنية تطلب من جميع التنظيمات السياسية أن تأخذ إذناً عند التظاهر، وأود أن أسأل هل حدث أن طلبت الحركة الشعبية إذناً من الحكومة في أي يوم من الأيام عند قيامها بأي نشاط سياسي؟! لماذا التدليل للحركة دون غيرها من القوى السياسية؟ وأين قرار الرئيس الذي قضى بمبدأ المعاملة بالمثل «العين بالعين والسن بالسن»..؟!
٭ ضحكت عندما قرأت حديث باقان عن «المصالحة الوطنية كآلية لتضميد الجراح»، وذلك بغرض «تجاوز المظالم والحرائق الكبيرة التي تم ارتكابها»!! وكذلك عن الاعتذار والاعتراف، وهو تهريج قديم ظل الرجل يهرف به كالببغاء دون أن يفكر في معانيه وأبعاده، وإلا فقولوا لي بربكم مَنْ الذي بدأ الحريق والقتل والتدمير..؟! مَنْ الذي ارتكب أول عملية تطهير عرقي، هل هم أبناء الشمال؟ أم أن أبناء الشمال هم الذين تعرضوا للقتل والذبح قبل استقلال السودان في ما عرف بتمرد توريت عام 5591م؟! ثم قولوا لي بربكم هل يعي باقان ما يهرف به حين يتحدث عن تضميد الجراح، وهو يعلم أن الحركة الشعبية قد أحيت ذكرى تمرد توريت قبل شهرين، واحتفلت بمقتل مئات الشماليين وسمت أولئك القتلة المجرمين بالأبطال، وسمى رئيسها الذي هو رئيس الجنوب والنائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية الذي يُعتبر الشماليون من رعاياه.. سمى تلك الذكرى الأليمة بيوم الأبطال ويوم قدامى المحاربين (The veteran day) عن أي تضميد جراح يتحدث هؤلاء وهم يصفون شهداءنا بأقذع الصفات، ويعتبرون أبطال السودان الشمالي تجار رقيق، ويسمون مجرميهم بالأبطال..؟!
\\\\\\\\\\\\\\
بسم الله الرحمن الرحيم
حول ما نشره د مصطفي المشردي
salah osman [[email protected]]
مثل هذا الكلام هو الهراء بعينه والمراوغة في أبشع صورها ، لتجنب قولة حق مفادها ( حلايب سودانية ) فقد واقع حديثه في إطار الباطل الذي يراد به الحق ، وهو واقع مبتلى بالزيف ويريد أن يلغي مقوما من مقومات التكامل بين الشعبين الشقيقين تحدث فيها بلغة النص المقلوب وبعيون سكنها الذهول . هو عندي في حالة إنكار لذاته ورأيه بعيدا عن الصواب ، كسيح المبدأ ضعيف الرؤية المستقبلية
كنا في برلمان وادي النيل مع نخبة مصرية لا يستهان بها في ميدان السياسة . وتعاظمت نشوة التكامل حين حضر الرئيس حسني مبارك والرئيس جعفر نميري رحمه الله وبجانبهما د. رفعت المحجوب ومعلم الأجيال عز الدين السيد . كان مشهد الفرح فوق الوصف ، وأنا عشته عن قرب أمتار أمام منصة اللقاء . انه ارتقاء عربي نموذجي من نوع خاص . ما أحلي تلك اللحظات و الوجوه الرضية أمامي والحضور المبارك يسجيني و الرضا الإلهي يحفني. فانا لم احلم بساعة أصفي من هذا الحضور. إنهم الكبار الذين خبروا العلاقة بين مصر والسودان أذكر منهم المرحوم عبد العزيز حجازي ، عزيز صدقي ، المشير أبو غزاله ، كامل ليله ، ومنهم أيضا الذين أفنوا زهرة شبابهم في جامعة القاهرة الخرطوم د. طلبه عويضه ، محمد محي الدين عوض وكمال الدسوقي وأميره حلمي مطر التي أرضعت طلابها معني التكامل و الوحدة والمحبة والوفاء . كنا نسمع النشيد مدويا ، السودان لمصر ومصر للسودان مصير محتوم ومشترك وليس اعتساف أحكام ومقترحات باتت الآن في مزبلة التكامل . نصيحتي ليك أن تحاسب نفسك وتتبصر الأمور ومذاكرة القانون الدولي جيدا فأنت تفتقر إلي أبسط قواعده .
وقديما قيل ( أجرأهم فتوى أقلهم علما ) والأكاديمي إذا ترك تخصصه فقد مركزه وأصيبت مقاتله . وأحسب الآن أنك حي كميت – رحمك الله – أنت تجب ملاحقته بلا شفقة لأنك لا تدري أبعاد كلماتك ولا معني الحرب بين الأشقاء وصلات الرحم بينهما . لايمكن للمرء أن يتخيل محاولة أكاديمي بذر الفتنه القاتلة ويبدو أن الهدف المبتغي الآن خدمة أجندة خفية دفعت بسخاء القوات التي تناديها هى الآن في دارفور تنشر الأمن . فأمن السودان أمن مصر وأمن مصر أمن السودان . القوات المصرية ضحت من أجل فلسطين واليمن والكويت ولا أحسب كما تريد برأيك الهزيل أن تكون معتدية لبلد عربي شقيق له إمكانات لايستهان بها ضحي بمدينة وادي حلفا من أجل سد مصر . عبرت قواته مع جند مصر وقدم من التضحيات علي مذبح سيناء حتي لا تذهب للعدو . ولسنا علي استعداد الآن أن نطرد دم التكامل من شراييننا ، بعد أن أثمرت مشاريعه . الخرطوم عشقت الزعيم جمال عبد الناصر ومن أحشائها خرج الشعار ( لا- لا- لا- ) ليتك تفهمه .ورفض ناصر وجود قوات مصرية في حلايب
لأنه وحدوي ويعلم أن حدوده مدينة ( نمولي ) في أقصى جنوب السودان وحدود السودان الساحل الشمالي لمصر. هذا منطق التاريخ الحق الذي تفتقر أنت وأمثالك من هؤلاء المتسلقين بألسنتهم ، لن يطول بهم الشوط حتى تظهر الهجنة في ركضهم و الحران في طبعهم و التقصير في خدمة بلدهم ولو تشدقوا أن خير عقولهم يمطر ذهبا .
أقول لك : عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذا عوى وصوت إنسان فكدت أطير .
نصيحتي ليك : دع الوشاة وما قالوا وما نقلوا بيني وبينكم ( شعب مصر ) ما ليس ينفصل .
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
أ.د/ صلاح الدين خليل عثمان أبو ريان
\\\\\\\\\\\\\
العلاقات المصرية السودانية فى عالم متغير(1-2)1 ... بقلم: أسماء الحسينى
[email protected]
نسجت إعتبارات الجغرافيا ومسارات التاريخ وحركة البشرعلاقة خاصة بين مصر والسودان ، على نحو ربما لم يتيسر لشعبين آخرين فى المنطقة ،لذا فإن هناك ثوابتَ وأسسا للعلاقة بين البلدين يظل من الصعب الخروج عليها،حتى فى ظل تغير الظروف والسياقات السياسية .وقد حظى السودان بأهمية خاصة فى العقل الرسمى المصرى ،وكانت السياسة المصرية تجاه السودان من بواكير الدوائر الخارجية التى رسمها حكام مصر خلال العصر الحديث .
وثمة محددات لا تخطئها العين حول طبيعة العلاقات المصرية السودانية ،وهى تلعب دورا كبيرا فى رسم السياسة المصرية تجاه السودان ،ولعل أهم هذه المحددات مايلى :
العمق الجيوإستراتيجى:
يظل السودان هو العمق الإستراتيجى الجنوبى لمصر ،لذا فإن ما يعانيه السودان من صراعات وأزمات حالية قد تهدد وجوده وتماسكه بما يؤثر سلبا على الأمن القومى المصرى،ومن هنا تبرز اهمية السياسة المصرية تجاه السودان للحفاظ على وحدته وإستقراره وتماسكه ،وبالتالى على المصالح المصرية المهددة بفعل أى تمزق أو إنفجارات على حدوده الجنوبية .وقد دخل السودان إلى مرحلة جديدة فى تاريخه بتوقيعه لإتفاق السلام الشامل بشأن جنوب السودان فى نيروبى فى 9يناير 2005،والذى عرف بإسم إتفاقية «نيفاشا «
،وقد حددت إتفاقية السلام فترة إنتقالية مدتها 6سنوات ،تنتهى بإستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان عام 2011،يختار فيه أبناء الجنوب مابين البقاء فى السودان الموحد أو الإنفصال وإقامة دولة مستقلة بجنوب السودان .وقبل التوصل لإتفاق سلام الجنوب كانت أزمة أخرى قد إندلعت بدارفور فى غرب السودان عام 2003،تصاعدت فى السنوات التالية سريعا ،وصدرت بشأنها العديد من القرارات الدولية ،كان آخرها القرار 1593،الذى حول قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية ،التى أصدرت قرارا بإعتقال الرئيس السودانى عمر البشير ،وهو الأمر الذى زاد من تعقيدات الأزمة السودانية فى ظل هذه التطورات الخطيرة وغيرها من الأحداث المهمة فى السودان خلال السنوات الخمس الأخيرة ،والتى يبدو أن تداعياتها وعواقبها ستكون كبيرة ومؤثرة للغاية فى تشكيل حاضر ومستقبل السودان.
وتعود جذور الإدراك المصرى لأهمية السودان الإستراتيجية فى العصر الحديث إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر منذ أن بدأ محمد على والى مصر فى بناء الدولة الحديثة ،وعلى إمتداد قرن ونصف (1820-1956) أنفق المصريون من الأموال فى السودان مالم ينفقوه فى أى مجال آخر .
وفى عام 1820تقدمت جيوش الدولة المصرية لأول مرة لتقوم بلملمة أطراف المناطق الواقعة جنوبها ،ممثلة فى سلطنات وممالك وقبائل السودان ،لتصنع من كل هذا كيانا إداريا وسياسيا واحدا ،وهو الذى اصطلح على تسميته بالسودان .
وبينما انصب العمل المصرى خلال العشرينيات من القرن التاسع عشر على توحيد السودان ،فإنه انطلق خلال ستينيات وسبعينيات القرن نفسه لتأمين هذا السودان ،سواء بالإندفاع جنوبا حتى وصل إلى أوغندا ،أوبالتقدم شرقا إلى الصومال وأريتريا والحبشة ،وهى المحاولة التى كلفت الحكومة المصرية عنتا ماليا شديدا .
وقد أدرك الساسة المصريون بشكل كبير أهمية السودان بالنسبة لمصر ،وعبر عن ذلك محمد شريف باشا رئيس وزراء مصر الذى فضل الإستقالة على تنفيذ سياسة تجاه السودان تعرض الأمن المصرى للأخطار بقوله «إن السودان ألزم لمصر من الإسكندرية «
وليس المقصود بالأمن القومى هنا الأمن المصرى وحده أو الأمن القومى السودانى وحده ،وإنما الأمن المشترك ،ويؤكد هذه الحقيقة الدور المصرى فى صنع وحدة التراب الوطنى السودانى فحسب،وإنما فى المحافظة عليه .
مياه النيل:
أبرزت الخلافات الأخيرة بين دول حوض النيل والتنسيق المصرى السودانى الذى تم فى إجتماع وزراء خارجية دول الحوض أهمية التنسيق المشترك بين مصر والسودان للحفاظ على حصتهما من مياه النيل من ناحية ،وللتعاون مع باقى دول الحوض من ناحية أخرى .
التعاون والتنسيق السياسى والإقتصادى :
مرت العلاقات المصرية السودانية بمراحل وأطوار كثيرة منذ إستقلال السودان وحتى الآن ،وقد تعرضت العلاقات لفترة قطيعة بين النظامين الحاكمين بعد محاولة إغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى أديس أبابا عام 1995،ثم عادت العلاقات ،وبذلت الجهود لتحسينها ،وقد تجاوز البلدان هذه المرحلة فى السنوات الخمس الماضية التى نركز عليها هنا ،وإن كان الأمر لم يسلم من بعض الإختلافات فى وجهات النظر ،خاصة على خلفية المواقف المتباينة من القضايا العربية بعد العدوان الإسرائيلى على غزة مطلع العام الحالى ،إضافة إلى خلافات حول رؤية مصر للحل داخل السودان ، ،ويمكن الإشارة هنا إلى فكرة المؤتمر الدولى الذى طرحته مصر لحل مشكلة دارفور ،والذى أعلنت الحكومة السودانية رفضها له مباشرة .
وقد ظلت مصر تحرص على علاقة متوازنة بجميع القوى السياسية السودانية ،وبقيت على مسافة واحدة من هذه الأطراف جميعا،وليس هناك طرف فى السودان تستثنيه مصر أولاتتعامل معه ،بما فى ذلك جميع حركات دارفور المسلحة ،وحتى حزب المؤتمر الشعبى المعارض الذى يتزعمه الدكتور حسن الترابى إستقبلت مصر مؤخرا نائبه المحبوب عبد السلام ،وأعلن الترابى بعدها رغبته فى لعب مصر دورا أكبر من أجل حل أزمات السودان ،كما أعرب عن أمله فى أن يزورها قريبا ،وهذا الأمر مكن مصر من لعب دور أكبر فى عدد من القضايا داخل السودان ،لاسيما فى الأزمات بين شريكى الحكم الرئيسيين :المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية ،مما يؤهلها للقيام بدورأكبرلتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة والتوافق الوطنى داخل السودان فى هذه المرحلة.
وقد أدت عدة عوامل إلى تزايد الحاجة إلى أهمية التعاون والتنسيق السياسى بين مصر والسودان بشكل ملحوظ خلال المرحلة الأخيرة ،حيث أصبح تدويل القضايا السودانية يحتاج إلى تنسيق أكبر بين الدولتين من أجل تجنيب السودان الدخول فى مرحلة المواجهة والصدام مع المجتمع الدولى ،والتوصل إلى حلول سلمية مقبولة ،كما تبذل مصر جهودا لمساعدة السودان فى حل الخلافات والمشكلات الداخلية المتعددة ،سواء كان ذلك فى الجنوب أودارفور.
أما التنسيق الإقتصادى فقد تزايدت أهميته فى الآونة الأخيرة أيضا فى ظل الأزمة المالية العالمية وأزمة الغذاء العالمى ، وقد ثبت انه لاحل حقيقى لمشكلات فى البلدين إلا من خلال الترابط والتعاون الوثيق بينهما ،خاصة فى مجال الزراعة ،لكن للأسف فإن الوضع رغم تحسنه عن السنوات السابقة مازال ضعيفا ،وأضعف حلقات التعاون بين البلدين هى الزراعة ،والإستثمار فيها ضئيل ،حيث تؤكد الأرقام أن الإستثمارات المصرية فى السودان فى القطاع الزراعى تبلغ 6 مشروعات فقط حتى عام2006 ،وأن إجمالى مساهمات رأس المال المصرى فى القطاع الزراعى تبلغ 20 مليون دولار فقط ،علما بأن هناك شركة مصرية سودانية للتكامل بين البلدين ،خصص لها 200ألف فدان فى منطقة الدمازين بولاية النيل الأزرق بهدف توفير الأمن الغذائى للبلدين عبر الإنتاج الحيوانى والزراعى ،،وقد بلغت صادرات مصر للسودان 442 مليون دولار عام 2007 ،ولايزال عدم إكتمال الطرق البرية بين البلدين المقرر إكتمالها قريباعائق أمام زيادة حجم الإستثمار والتبادل التجارى بين البلدين .
ثانياً :السياسة المصرية تجاه قضايا السودان :
أزمة الجنوب :
رغم التحفظ المصرى فى السابق على حق تقرير المصير ،وسعيها من أجل تحقيق وحدة السودان ،إلا أن ذلك لم يمنعها من القبول والعمل من أجل التطبيق الكامل لإتفاق السلام الشامل بشأن الجنوب ،ومحاولة حل المشكلات التى تعترض تطبيقه ،بحسبانه الإتفاق الذى أوقف الحرب الأهلية ،وكان يمكن أن يفتح طريقا لتحولات إيجابية كبيرة فى السودان لو صدقت النوايا وحسنت الأفعال،رغم كل النواقص التى شابته ،وأبرزها قصره على طرفين وكأنهما بمفردهما يمثلان الشعب السودانى .
وقد بذلت مصر جهودا كبيرة خلال الفترة التى أعقبت توقيع إتفاق السلام الشامل بشأن جنوب السودان من أجل تذليل العقبات التى تحول دون تنفيذ الإتفاق على أرض الواقع ،عبر علاقتها المتميزة بحكومة الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان ،وشاركت بطريقة عملية فى دفع عجلة التنمية والمشروعات الخدمية ومشروعات البنية التحتية ،فأقامت عيادة طبية مصرية بجوبا ووضعت حجر الأساس لجامعة الإسكندرية بالجنوب ،وأقامت محطات للكهرباء فى عدة مدن بالجنوب ،ومنحت أبناء الجنوب 300منحة سنويا للدراسة بالجامعات المصرية ،إضافة إلى العمل على تطهير النيل من أجل الملاحة والمشاريع المشتركة فى مجال المياه والتعليم والتدريب وتبادل الخبرات والتعاون المشترك فى جميع المجالات .
وقد مثلت الزيارة التاريخية للرئيس حسنى مبارك لجوبا عاصمة الجنوب فى نوفمبر 2008 لأول مرة حدثا بارزا ،وكانت بمثابة أكبر دعم تقدمه مصر للجنوب المنسى فى الذاكرة العربية المهمل سودانيا ،الذى يتباكى الجميع على إمكانية إنفصاله دون أن يقدموا شيئا حقيقيا كبيرا لتفادى ذلك.
وتدرك مصر تماما حجم التحديات والإشكاليات الكبيرة التى يواجهها جنوب السودان فى المرحلة الراهنة ،وهى تحديات سياسية وإقتصادية وتنموية وأمنية وإجتماعية وثقافية ،وتدرك أن هذه الإشكاليات والتحديات وسبل مواجهتها سيكون مؤثرا وحاسما فى صياغة خريطة السودان المقبلة عبر الإستفتاء المقرر لأبناء الجنوب عام 2011،ومن أبرز التحديات التى يواجهها جنوب السودان فى المجال السياسى هى قضية أبيى الغنية بالبترول المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والتى تم تحويل قضيتها إلى محكمة التحكيم الدائمة بلاهاى مؤخرا لتحديد حدودها ،وقد رحبت مصر بالقرار الذى صدر عن المحكمة ودعت الأطراف إلى الإلتزام به ،وهناك أيضا مشكلة ترسيم الحدود ،والتحديات السياسية المتمثلة فى التعامل مع الشمال وداخل الجنوب نفسه ،فضلا عن التحديات الأمنية الخطيرة المتمثلة فى جيش الرب الأوغندى الذى يمثل تحديا حقيقيا لحكومة الجنوب التى سعت لتسوية سلمية بين جيش الرب والحكومة الأوغندية لم تصل لنهاياتها ،إضافة إلى أعمال العنف التى تصاعدت وتيرتها ونوعيتها وإزدادت حدة بشكل مريع منذ مطلع العام الحالى فى الجنوب، ،فقد شهدت الشهورالأخيرة معارك طاحنة فى مناطق مختلفة من الجنوب ،يمكن القول إنها تتعدى أن تكون خلافات قبلية عادية حول الماء والمرعى كالتى كانت تحدث فى السابق ،بل كانت كما وصفها بعض المراقبين أشبه بغزوات وحشية متبادلة بين ميليشيات قبلية ،ولا أدل على ذلك من أن صراعا واحدا من تلك الصراعات فى ولاية واراب قتل فيه أكثر من ألف مواطن ، والواقع أن إنتشار السلاح في أيدي المواطنين بصورة عشوائية والفقر والجهل بالإضافة إلى البطالة و تدهور البنية التحتية ، من صحة وتعليم بالاضافة إلى الأوضاع المعيشية والصحية وإلى وجود آلاف الموظفين الذين فقدوا وظائفهم مؤخرا ،وهذه الأمور كلها تحديات تفرض دفع عجلة التنمية والتدريب والتأهيل للكوادر البشرية فى الجنوب.
ورغم أن موقف القاهرة كان ينطلق فى السابق من مبدأ عدم المساس بوحدة السودان أرضا وشعبا ،فإنها قد قبلت إتفاق الأطراف السودانية على مبدأ حق تقرير المصير وإقرارهم له عبر أكثر من إتفاق ،كان آخره إتفاق السلام فى نيفاشا ،وسعت مصرإلى تحقيق ما اجمع عليه السودانيون ،وهو إتاحة فرصة للوحدة الطوعية أو الإنفصال السلمى ،على أن يتم العمل خلال الفترة الإنتقالية التى تسبق إتفاق تقرير المصير عام 2011 من أجل الوحدة ،وهو ماسعت مصر جاهدة إلى العمل من أجل تحقيقه ،إلا أن البيئة لم تكن مواتية تماما لذلك،لقد تعثرت هذه الجهود بسبب فتح جبهة جديدة للحرب فى دارفور استقطبت كل الدعم والإهتمام السودانى والدولى ، كما لم تكن كل الأطراف سواء داخل السودان أم خارجه فى الإتجاه ذاته مع مصر من أجل إرساء دعائم وحدة السودان،فظهرت تيارات مناهضة لهذه الوحدة فى الشمال ممثلة فى منبر السلام العادل الذى يطالب علنا بالإنفصال ،والذى تحول مؤخرا إلى حزب سياسى ،كما اشتد عود التيار الإنفصالى بالجنوب ،بل وأصبح الصوت الداعى للوحدة أكثر خفوتا من أى وقت مضى ،
كما أن شبح إنفصال جنوب السودان لم يعد كما السابق يثير الخوف والشفقة على مصير البلد لدى الأحزاب والقوى السياسية السودانية ،ويبدو أنه لايثير حماسا كبيرا بينها للعمل من أجل تلافى مصير محتوم يواجهونه بعد اقل من خمسمائة يوم ،حيث ان بعضهم قد يأس واستعد لما أطلق عليه السيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة مصطلح»الجوار الأخوى «لدولة الجنوب التى تلوح فى الأفق وستصبح بعد قليل حقيقة ماثلة إن لم تحرك التهديدات القائمة ركود الساحة السياسية السودانية .
قضية دارفور:
ترى مصر دارفور جزءا من السودان ،وتنظر لابناء الإقليم جميعا سواء من ينتمون منهم إلى جذور عربية أوإلى جذور أفريقية بإعتبارهم مواطنين سودانيين ،وليس وفقا للتصنيفات التى قسمت سكان الإقليم إلى عرب وأفارقة ،وصورت الصراع على أنه عربى أفريقى ،وكان موقف مصر منذ اليوم الأول أن القضية بدارفور متشعبة الأسباب ،وأنه لابد من حلول سياسية إقتصادية وتنموية وإجتماعية وإنسانية لمعالجة الموقف .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.