أعجبني المقال الذي كتبه الأخ/ محمد بشير أبونمو عن ملاوي تحت عنوان " خذوا ديمقراطيتكم من هذه الدويلة....ملاوي الأفريقية" .المقال يعبر عن جهد مقدر ومساهمة من كاتب يستحق التشجيع خاصة وأنه يوعز للسياسيين قبول الهزيمة الانتخابية حفاظاً على الدماء والانتقال الديمقراطي السلس للسلطة . بدا الكاتب المقال بمقدمة تعريفية عن ملاوي وتجربتها الديمقراطية وهى تجربة تضاف الى تجارب معظم دول الجنوب الأفريقي من حيث تبادل السلطة والتمسك بولايتين في الحكم مدتهما عشرة أعوام وبعدها لا يحق له ترشيح نفسه لانتخابات رئاسية مدى الحياة . قمت بزيارة ملاوي مرتين وأعجبني السلوك الحضاري والاهتمام بالاجانب كضيوف حيث استقبلتنا وزيرة الشؤون الخارجية آنذاك السيدة /جويس باندا( الرئيسة المنتهية ولايتها) في المطار وأقامت لنا حفل كبير دعت اليه عدد من زعماء المسلمين ومن بينهم أكثر من عشرين سوداني يعملون في شركة بترودا والدعوة الاسلامية . وحيث أنني من الذين يتابعون الأوضاع السياسية في اقليم الجنوب الأفريقي رأيت أن أُوضح بعض الحقائق وهى ان ملاوي لم تكن أول دولة تهزم فيها المعارضة الحكومة في الانتخابات الرئاسية فقد فاز الرئيس الزامبي الراحل فردريك تايتس شيلوبا رئيس حزب الحركة الديمقراطية التعددية الحزبية المعارض (MMD )على الرئيس الزامبي الأول كينيث كاوندا عام 1991م واعترف كاوندا بالهزيمة الانتخابية وهنأ الرئيس المنتخب ودعا الزامبيين للتعاون معه ونسيان الماضي الانتخابي علماً بأن كاوندا حكم البلاد لمدة سبعة وعشرين عاماً وساهم في تحرير معظم دول الجنوب الافريقي وتكرر نفس المشهد في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 2011م عندما فاز السيد/ مايكل شيلوفيا ساتا زعيم حزب الجبهة الوطنية المعارض(PF )على الرئيس الحاكم روبيا بويزاني باندا بأغلبية ساحقة واعترف الرئيس روبيا باندا بالهزيمة عبر الاثير وهنأ الرئيس المنتخب كما شهد مراسم أداء القسم بالرغم من حبسه لدموع الهزيمة ولهذا لم تكن جويس باندا أول الذين تنازلوا عن السلطة طواعية بعد الهزيمة الانتخابية. ولدينا في السودان مثل حي عندما أوفي سعادة المشير سوار الذهب بوعده بتسليم السلطة للشعب. والمثير في الأمر أن الرئيس الزامبي السابق روبيا باندا طلب من جويس باندا الاعتراف بالهزيمة والحذو حذوه قائلاً " خذي العبرة من هذا الغبي... stupid Learn from this- يعني نفسه - وسلمي السلطة للفائز". الدرس الذي يجب أن نتعلمه من انتخابات ملاوي هو أن على الدول الافريقية الاعتماد على نفسها والتمسك بمواقفها الوطنية فقد تمسك الرئيس الملاوي الراحل بمبادئ السيادة الوطنية بالرغم من انتقاد الدول المانحة لسياسته وذلك ايماناً منه بأنه منتخب شرعياً وله الحق في اتخاذ سياسات تحمي سيادة دولته حتى ولو حُرمت دولته من مساعدات مهينة. صحيح أن سياسة جويس باندا وجدت استحساناً لدى المانحين عندما صرحت بعدم ترحيب ملاوي بالرئيس البشير ولكن نفس الدول المانحة تخلت عنها بسبب ما يقال بوجود فساد ولم تحصل على مساعدات الأمر الذي زاد من حدة الفقرفي هذه الدولة. ولهذا على الدول الافريقية أن تعتز بشخصيتها والنظر الى مصالحها فالشرعية الدولية سواء في المحكمة الجنائية أو غيرها انتقائية والا فإن هناك جرائم تُرتكب في عدة دول قوية لا يُلقى لها بال.