أتابع باهتمام شديد حلقات برنامج " أغاني وأغاني " كما تابعت باهتمام الحلقات التوثيقية التي نشرتها الصحيفة الإلكترونية " أخبار المدينة " عن السر احمد قدور وكتبها محمد عبدالوهاب في ذات يوم من الأيام أنشد الشاعر الكبير ابراهيم العبادي قائلا : ببكي وبنوح وبصيح للشوفتن بتريح فرع النقا المميح منو المسك بفيح وكتين صباحو يبيح بلبل قلوبنا يصيح وأنا أظن أن بلبل السودان القديم هو محمد احمد سرور والحديث هو السر أحمد قدور . كثيرة هي الأسماء السودانية التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه كما يقولون ، وفي كل المجالات الإبداعية الأدبية والفنية والعلمية ، والتاريخ القديم والحديث يحكي لنا العشرات وربما المئات من المبدعين ، بل هي قائمة من الصعب جدا حصرها ،ويكفي فقط الإشارة إلى بعض الأسماء في مجال الشعر والغناء مثل محمد احمد سرور ، ابراهيم العبادي ، خليل فرح ، كرومة ، عبدالرحمن الريح ، الأمين برهان ، عبدالله الماحي ، أولاد شمبات ، أولاد الموردة ، ود الرضي ، سيد عبدالعزيز ، عبيد عبد الرحمن وغيرهم علاقتي بالسر تبدأ منذ عام 1967 ، وبمعنى أصح منذ أول موسم للمسرح القومي بأم درمان ، وتعمقت العلاقة أكثر في موسم 1970- 1971 فقد شهد هذا العام ولوج الكاتب الكبير حمدنا الله عبدالقادر بمسرحية : * المنضرة إخراج مكي سناده وبطولة مكي سنادة ، هاشم صديق وانور محمد عثمان *" الثمن " تأليف الكاتب المسرحي الأمريكي آرثر ميللر ومن إخراج صلاح قوله . *" الزؤبعة " تأليف الكاتب المسرحي المصري محمود دياب ، سودنة يوسف خليل وإخراج عوض محمد عوض *" مدير ليوم واحد " تأليف الكاتب المسرحي المصري علي سالم وهي بعنوان " الرجل الذي ضحك على الملائكة " سودنها وأخرجها عثمان أحمد حمد " أبو دليبة" وبطولة الممثل الفنان السر أحمد قدور ، وعلى الرغم من أنها المسرحية الوحيدة التي شاهدتها له بالمسرح القومي إلا أني أعترف له بأنه كان ممثلا بحق وحقيقة ، صال وجال ما شاء له ذلك ، واستطاع أن يمسك بكل تفاصيل المسرحية بشكل كان يدعو للدهشة والإستحسان فصفق له الجمهور كثيرا ، وكان يستحق ذلك . ينطبق على السر القول بأنه " أب سبعة " ، فهو ممثل وفنان وكاتب مسرحي " يحلها الشربكا ، شهر العسل الرابع ، الرجل الذي ضحك أخيرا والمسمار " وشاعر وفنان وملحن ومادح من طراز فريد ومتميز ، وهو أيضا صحفي ومن أبرز أنشطته عموده الشهير " أساتذة وتلاميذ " بصحيفة الخرطوم التي كانت تصدر في السعودية ولها مكتب في القاهرة . حكاياته من طراز فريد يتفوق فيها حتى على المصريين خاصة في ماسبيرو ، ولديه منجم حكاوي عن الفن والدراما والغناء والموسيقى والسياسة والصحافة والرياضة لا ينضب ولا تمل حكاياته مهما إمتدت الساعات ، وكان فارس إذاعة "ركن السودان " في القاهرة . في عام 1973 قدت وفدا من المسرحيين السودانيين صوب القاهرة لإقناع السر احمد قدور بالعودة إلى السودان حيث خلو مكانه ولكنه إعتذر ، ولم نناقشه في ذلك ، ولكن عند عودتنا حاصرتنا الأسئلة من كل جانب : ماذا فعلتم مع السر ؟ كانت الإجابة قاسية ومرة ، فقد تبين لنا أن السر مسكون بالسودان وتفاصيل طقسه وتاريخه وفنه وأدبه وأوضاعه السياسية أيضا ، كان ناقما وغاضبا جدا من نظام مايو وانخرط في العمل العسكري لإسقاطه . إلتقيت السر مرة أخرى في الثمانينات مع إنتظام التجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض في القاهرة ،إلتقيته في دار حزب الأمة وصحيفة الخرطوم وفندق " سونيستا " ومكتبه الذي كان بمثابة مركز للقادمين من السودان شعراء وفنانين وسياسيين وكل ذلك أثناء تواجدنا في القاهرة ، كنت معجبا به جدا وأحب الجلوس إليه مستفيدا من حكاويه وثقافته وتاريخه المضيء ولا أمل مطلقا من حديثه مهما طالت الساعات ،وغالبا ما أكون في حالة من الإندهاش الشديد لقوة ذاكرته وحديثه العذب . لكن الإبداع الحقيقي للسر قدور يتم الآن من خلال البرنامج الناجح "أغاني وأغاني" حيث أضاف السر احمد قدور صفة إبداعية أخرى لإبداعاته العديدة وأقصد نجاحه كمقدم برامج . السر أحمد قدور فنان كبير جدا وعلينا أن نفتخر به دائما وأبدا ، يديك الصحة و العافية يا سرور وطولة العمر . [email protected]