انتهت زيارة النائب الاول لرئيس الجمهورية الفريق اول سيلفاكير ميارديت للقاهرة دون أن تنتهي تبعات هذه الزيارة "المصيرية" ، والتي قال عنها الفريق سيلفا نفسه ل " الأحداث " ( سيكون لهذه الزيارة مابعدها في الأيام المقبلة ) ، دون أن يمضي ولو خطوة واحدة للأمام ليفصح عن مزيد!! ، الا أن الذي دار في القاهرة التي ذهب اليها الفريق سيلفاكير بصفته النائب الاول لرئيس الجمهورية وليس كما يذهب دائما باعتباره رئيس حكومة الجنوب ، يؤكد بأن هذه الزيارة ناقشت القضايا بوضوح ودون لف او دوران ، وطرحت مصر مخاوفها التي لطالما كانت تشغل بال القيادة فيها ، وذلك عندما باغت مسوؤل مصري رفيع الضيف الكبير بأن القاهرة تخشي علي السودان من مصير الانفصال ، وأنها لاتري بان الاجواء الحالية تساعد علي جعل الوحدة خيارا جاذبا ، ودفع المسوؤل الرفيع بالمقترح المصري الذي دعت الفريق سيلفا للقاهرة من أجل مناقشته ، ودعت الي تأجيل الاستفتاء عن الموعد المحدد لمزيد من تهئية الاجواء واختيار المناخ المناسب لتنفيذ هذا الاستحقاق المصيري لمصر والسودان معاً ، وهو المطلب الذي رفضه سيلفاكير وأصر علي قيام هذا الاستحقاق كما نصت عليه اتفاقية السلام ، الا انه دفع بجملة من التطمئنات للحكومة المصرية ، حول القضايا التي كان يعلم جيدا بانها تشغل البال ، ومنها مياه النيل والحفاظ علي الجنوب من التدخلات الخارجية وعلي رأس تلك المخاوف الخشية المصرية من تغلغل اسرائيلي يؤثر علي مصالحها الاستراتيجية هناك ، وهي مصالح طالما رددت مصر بانها اوجدت جيشها الثاني من أجل الدفاع عنها وعن وحدة السودان لكنها ربما لن تقبل بان تكون مكلية أكثر من الملك . تطمئنات الفريق سيلفاكير الحميدة لم ترغ للمصريين ، فكرروا المحاولة من جديد بمقايضة النائب الأول بتأجيل الانتخابات باعتباره مطلب تسعي اليه الحركة الشعبية ، علي ان يتم في سبيل ذلك تأجيل الاستفتاء علي مصير الجنوب ، وبالرغم من بريق هذه المقايضة الا ان الفريق سيلفاكير جدد رفضه واكد بان الاستفتاء أستحقاق لامفر منه وهو ذات الموقف الذي أعلنه الرجل بوضوح يحسد عليه ، عند ما وطأت قدما مطار الخرطوم وأكد للصحفيين فور وصوله بان الاستفتاء سيكون مطلع 2011 ، ليدلل - دون قصد - علي صعوبة المهمة التي أضطلعت بها مصر لأقناع الرجل ، وفات عليه ان يعطينا ذات الدليل في أستحالة وثوق القاهرة في تعهداته التي لاتغني في ظل الرغبة المصرية الملحة علي اقرار الوحدة ، وأن لا طمأنينا قد تدخل القلب من غير أستئذان سوء التعهد باتخاذ طريق الوحدة حتي وأن كان غير معبد او في الوقت الضائع ، الامر الذي دفع القاهرة الي عدم الاستسلام والتفكير في الدعوة لحوار تشارك فيه جميع القوي السياسية للأتفاق علي خطوط وطنية عريضة بخصوص هذا الشأن ، وعرضت هذه الفكرة علي رئيس الحركة الشعبية الذي ربما شعر بالحرج من معارضته لكل مايعرض عليه من مضيفه ، فاتخذ موقفا " رماديا " بربط المشاركة بتعهد الاحزاب الأخري بتنفيذ ماسيخرج عن هذا اللقاء ، وأن كان قد أشار الي أن مؤتمر جوبا عمل علي ذلك ، وبما بان ماخرج من جوبا لم يدخل عقل المصريين ، فقد وافقت القاهرة وتعهدت بعرض هذا المقترح – اللقاء الوطني في القاهرة الذي يهدف الي ميثاق دعم الوحدة دون غيرها - علي زعماء القوي السياسية السودانية التي ستشارك في المؤتمر العام للحزب الوطني الحاكم في مصر الجمعه المقبلة وعلي راسهم السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي والدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني بالاضافة الي السيد الصادق المهدي رئيس حزب الامة . القيادة المصرية التي تشعر بعدم الأطمئنان من توجهات الحركة الشعبية خصوصا عندما قدمت الكثير من المقترحات بخصوص الاستفتاء علي مصير الجنوب ، ووجدت جميعها ذات الرفض من زعيم الجنوب الأول الذي أستمسك بموقفه الذي حمله من جوبا ، بما في ذلك حديث مصر بانه أن كان لا مفر من هذا المصير فليكن هناك اتفاق علي النسبة التي يقر بها هذا الانفصال المر ، وأبدت خشيتها من نسبة 50+1 ، فلم تجد أجابة شافية ، فاكتفت بالتشديد علي الالتزام بالمواثيق والعهود والحفاظ علي المصالح المشتركة في حال وقع امر الله ، فخرجت الزيارة وكأنها محاولة لترتيب الاوضاع بشكل مباشر بين العاصمتين - القاهرةجوبا - ، دون ان يضعف ذلك من عزم القاهرة الحديدي لبذل مزيد من الجهد من أجل تحقيق الوحدة .