Mohamed Abdo [[email protected]] لاشك ان الانتخابات القادمة والتي اذا نظمت في ظل هذه الأجواء السائدة غير المواتية الان، نتيجة لرفض المؤتمر الوطني دفع إستحقاقات التحول الديقراطي وتغيير القوانيين المقيدة للحريات ،لا سيما قانون الأمن الوطني حتي يتوافق ويتؤم مع الدستور الانتقالي لحكومة السودان ،وايضاً الشكوك الكبيرة التي أثيرت إزاء عمليتي التعداد السكاني وتوزيع الدوائر الجغرافية فالإنتخابات القادمة التي حددت وفقاً لإتفاقية السلام الشامل وجداولها الزمنية والتي تراهن عليها بعض الأطراف لكي تؤدي إلي إرساء العدالة ودولة المواطنة والديمقراطيةوالسلام المستدام في السودان،ولكن نخشي عليها أن تكون نزير بؤس وشؤم علي إستقرار البلد ووحدته ، فهذه الأجواء اذا لم تتغيير وتمهد الطريق إلي عملية إنتخابية نزيهة ومبراءة من العيوب والمشاكل فأن تداعياتها المتوقعة ربما تؤدي الى نتائج عكسية وتكون وبالاً علي الدولة السودانية وربما ستعيد السناريوهات التي حدثت في بعض الدول مثل كينيا وزمبابوي والمعلوم أن الدولة السودانية تمر بمرحلة المخاض العسير لكى تتحول إلي دولة مدنية تحترم فيها الحقوق والواجبات الدليل علي ذالك الصراع الماثل الان بين دعاة التغيير والمحافظين ،علاوة عن الإحتقان السياسي والاجتماعي السائد. المعلوم من التجارب الإنسانية عبر التاريخ أن الأنظمة الشمولية القابضة علي مفاصل الأمور بيد من الحديد لا تستطيع التأقلم في الاجواء الديمقراطية المعافاة ،ودائماً تكون مصابة بفوبيا المؤامرات حيالها ،فهي تعلم علم اليقين إذا تم إرساء وبسطت الديمقراطية وحرية التعبير سوف تعري وتفضح وتعذل مما يجعل الشعوب تثور ضدها وبالتالي تذهب إلي مذبلة التاريخ،فإلتفاف المؤتمر الوطنى ومقاومته المستميتة ضد تعديل قانون الأمن الوطنى وتعديل القوانين المقيدة للحريات لتتوافق مع الدستور ،فهو لايريد كتابة نهايته بيده وفقاً للأسباب آنفة الذكر ولكن إرادة الشعب هي الفيصل. فمؤتمر جوبا في إعتقادي وضع النقاط علي الحروف وتواضعت القوى السياسية علي برنامج الحد الادني وهو لابد من التحول الديمقراطي وحل مشكلة دارفور وتهيئة الاجواء تمهيدا للإنتخابات القادمة ووضع آليات لانفاذ مقراراته لا سيما وجود الحركة الشعبية ومستضيف هذا المؤتمر تعتبر إحدي آليات الضغط الفعالة كما حدث في قبة البرلمان و إنسحاب كتلتها البرلمانية من البرلمان يعتبر خطوة موفقة ولكن نخشى مقايضة قانون الأمن الوطني مع قانون الإستفتاء فمالمضمار السياسي حتما مبني علي المساومات والمصالح وليس علي المواقف فقط . المؤتمر الوطني علي مايبدو يخطط علي إفشال مخرجات مؤتمر جوبا وذالك عن طريق تعنته القوي للحيلولة دون تعديل قانون الأمن الوطنى والذي سوف يفضي الي التحول الديمقراطي ،فالقوي السياسية وضعت نفسها أمام تحدي حقيقي أما ان تناضل من أجل التحول الديمقراطي وإستخدام مقررات جوبا لتنتشل السودان من براثن الأزمات المزمنة أو تستسلم لهذا الوضع الماثل الان وتترك الحبل علي الغارب للمؤتمر الوطني يواصل سياساته التي رسمته حتى يضمن إستمراره في السلطة غير آبهة لمستقبل البلد ،فالمؤتمر الوطني يتشبط بالسلطة الان لان إذا فقدها سوف يكون مصيره كالإتحاد الإشتراكى (المايوى)إنذاك والذي انتهي الماتم بإنتهاء مراسم الدفن بواسطة الإنتفاضة الشعبية ،ولكن موقف المؤتمر الوطني أكثر تعقيداً من رصيفته السابقة وخاصة ملف محكمة الجنايات الدولية وبالتالي يعضون علي السلطة بالنواجز حتي لا يكون مصيرهم في يد غيرهم وهي بالنسبة لهم مسألة حياء أو موت. فمشكلة دارفور التي يراها كل عاقل بأن حلها أهم من قيام الإنتخابات فهي تعتبر حجر زاوية لإستقرار وعافية الدولة السودانية وأيضاً عقبة حقيقية لقيام الإنتخابات ،فالإنتخابات بدون دارفور لا تساوي ولا تعني شيئاً ولا تؤدي الي الاستقرار المنشود ،لا سيما وجود طرف أخر يحمل السلاح ولديه تحفظاته لمسألة الإنتخابات برمتها والتعداد وتوزيع الدوائر الجغرافية فضلاً عن التحفظ الخطير بوجود وافدين جدد جلبوا من خارج السودان لتغيير الخارطة الديموغرافية والسياسية لدارفور ،ومن خلال متابعتنا ومراقبتنا لازمة السودان في دارفور فأن قيادات هذه الحركات لا يريدون ان يكونوا جزءاً من هذه الأوضاع فهم لا يودون إبرام إتفاقيات في ظل هذا الوضع السياسي السائد والانتخابات علي أبواب وتحكمها ما يعرف بقانون الإنتخابات والمفوضية التي حتي اللحظة لم تعتمد حركة مناوي كحزب سياسى ناهيك عن الحركات التي ستوقع فيما بعد ،فالمتابع الفطن يستنتج بجلاء بأن هذه الحركات تنظر إلي الأمور الي ما بعد الإنتخابات القادمة إن لم تحدث مستجدات او مساومات كالتي حدثت في ابوجا وطرابلس....الخ. فعلي المؤتمر الوطني وضع مصلحة البلاد العليا فوق مصلحته وألا يربط مصيره بمصير الدولة السودانية ،وعليه أن يتواضع ويقدم تنازلات لحل مشكلة دارفور ودفع إستحقاقات السلام وإنفاذ الإتفاقيات الموقعة وتهيئة الاجواء السياسية لخوض غمار الإنتخابات (والحشاش يملأ شبكته) ليختار الشعب السوداني مايراه مناسباً لينال ثقته وعليه ان يفطم نفسه من ثدي الدولة ومؤسساتها وينبغي ان تكون الدولة محايدة من دعم طرف ضد اخر وأن تكون الفرص متكافئة لا سيما وسائل الاعلام المملوكة للدولة والتي تسيير من اموال الجبايات التي تدفعها الشعب السوداني ،وايضاً من المسائل الجوهرية في الإنتخابات هي الرقابة الدولية والاقليمية حتي لا تزور الانتخابات وتتلاعب بنتائجها وبإرادة الشعب الذي يتطلع لدولة المواطنة والحكم الراشد والتنمية المتوازنة. فعلي الاحزاب السياسية تحمل مسؤولياتها كاملاً حيال الشعب السوداني وعليه أن تقيم الوضع تماماً قبل الشروع والتهافت بالمشاركة في الانتخابات حتي لا تضفي شرعية وبعدها تبكي علي اللبن المسكوب حين لا ينفع الندم بعد فوات الآوان ،والمعلوم انه تبقي للانتخابات مئة ونيف يوماً ولكن حتي اللحظة لم تبدء الحملة الإنتخابية للقوي السياسية في بلد مترامي الاطراف كالسودان سوي المؤتمر الوطني وقبل ايام الحركة الشعبية التي دشنت حملتها الانتخابية بدار الرياضة بإم درمان ولكن تكمن المشكلة في عملية التحول الديمقراطي كما تواترت الانباء بان السلطات منعت أكاديمي يريد ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية من ممارسة حملته الانتخابية فمسألة الحريات أساسية لاي عملية انتخابية. فاذا لم يتواضع المؤتمر الوطني الممسك بزمام امور الدولة السودانية ويضع مصلحة البلد فوق المصالح الحزبية الضيقة فحتماً سوف يورد البلد مورد الهلاك وتكون تداعيات الانتخابات وخيمة وقد تعجل بإنفصال الجنوب وتؤدي الي إشتعال الحرب في كل الهامش السودانى و تفجر الوضع السياسي المحتقن اصلاً ،لان بعض القيادات صرحوا في وقت سابق بأن نتائج الإنتخابات مضمونة وفي جيبهم الخلفي وهذا مؤشر خطير مما يعني مشاركة الأخرين تمومة جرتق وتحصيل حاصل فقط ،فهل تؤدي الإنتخابات القادمة الي تحقيق التغيير المنشود وتخرج الدولة السودانية الي بر الامان أم ماذا؟ .....فلننتظر ونري!