السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلومَاسيْون بلا حصَانة .. بقلم: جَمَال مُحمَّد إبراهيْم
نشر في سودانيل يوم 10 - 07 - 2014


[email protected]
(1)
كنت في لندن بين عام 2000و2003 ، نائبا للسفير هناك، ونزلت الخرطوم لقضاء إجازتي فيها. صادفت صديقاً وسفيراً للسودان في بلد عربي قدم إلى الخرطوم لظرف طاريء ، أسرّ لي بحاجته مؤقتا لعدة آلاف من الدولارات على أن يعيدها لي إلى حسابي في لندن فور عودته إلى مقر عمله. تلك معاملات أخوية تقع بيننا ولا تثريب عليها بالطبع. حين أرسل صديقي السفير يبرقني من مقر عمله خارج السودان أنه أجرى تحويل المبلغ إلى حسابي سعيت إلى المصرف الذي أتعامل معه، فتردد الموظف المسئول وتلجلج، غير أن أمام إلحاحي أسرّ لي أن تحويلا بالعملة الأمريكية بين سفاراتنا أو العاملين فيها يقع في إطار الحظر الذي أقرته الولايات المتحدة على السودان، وأن المبلغ الذي يخص صديقي السفير احتجز في نيويورك. لم يصغ لحججي ذلك المسئول، ولم يملك إلا أن ينفذ ما فرض عليه من تعليمات. ولاختزال القصة الطويلة، فقد أخضعني ذلك المصرف إلى إجراءات مطولة، استمرت لأسابيع عديدة حتى تمكنت آخر الأمر من استرداد المبلغ .
ومحور القصة أن عملة الدولار الأمريكية القابلة للتحويل لأي عملة أخرى، هي التي باتت لغة التعامل المصرفي الأولى والمعتمدة في التداولات بين الدول، فكان طبيعيا ان تكون هي عملة تمويل معظم البعثات الدبلوماسية في العالم . فإن كانت لبلدك مع بلد العملة الأولى ما صنع الحداد، فإن سفاراتها في عنت إن تعاملت بتلك العملة. برغم الحماية والحصانات التي تتمتع أو ينبغي أن تتمتع بها البعثات الدبلوماسية في مختلف البلدان إلا أن القاعدة هي أن من يبغضك "يحمّر" لك في حالك الظلام..!
(2)
صارت وزارة الخارجية السودانية ومنذ أكثر من عقد من الزمان تتحايل على ذلك العنت وتجري سفن تمويل سفاراتها في الخارج على بحر لجي تثير موجه الصاخب غضبات الولايات المتحدة ، فالسودان المدرج في قوائم الارهاب والدول المارقة ، تحيط بتحركات مصادره المالية الشكوك ، وتتربص به وبتمويل سفاراته في الشرق والغرب الريب والظنون . .
في حين من الدهر كانت تحويلات التمويل تتمركز في عاصمة عربية ثم يتم تحويلها للبعثات. في حينٍ أصعب ، صار لزاما أن يكلف من السفارة من يسافر ليتسلم مبالغ تسيير عمل السفارة لدفع مرتبات العاملين وتمويل نشاطات البعثة الأخرى. ويطل السؤال الذي أثار ما أثار حول إقدام السلطات المصرية في مطار القاهرة إلى توقيف عضو يتبع لسفارة السودان في القاهرة بتهمة تهريب أموال مخالفا بذلك قوانين البلاد المصرية..!
(3)
تقول اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية أن للسفارات وللعاملين فيها حصانات وامتيازات قصد منها تيسير عملهم ونشاطهم في البلاد التي تستضيفهم. ونصت الاتفاقية في موادها على مواد تتصل بما أسمتهم "الرسل الدبلوماسيين" وبينهم بطبيعة الحال من يكلف بحمل الحقيبة الدبلوماسية والتي يفترض أن تحوي مراسلات ومكاتبات البعثة مع وزارة الخارجية في البلد الذي تتبع له السفارة.
قليل من الدبلوماسيين من جرب أن يكون رسولا دبلوماسيا أو "حامل حقيبة"، وأنا من بين هذه الفئة القليلة. كلفني السفير وأنا أصغر وظيفة دبلوماسية في سفارتنا بكمبالا ، أن أحمل حقيبة خاصة زعم سفيرنا هناك أنها تتضمن تقريرا مصيريا عن مسار علاقاتنا مع يوغندا. حملت الحقيبة الخاصة وهي بالمناسبة كيس من القماش القوي محكم الإغلاق وعليه أختام بالشمع الأحمر تحمل إسم السفارة والجهة المرسلة إليها تلك الحقيبة. لم تخضعني سلطات مطار عنتيبي ولا سلطات مطار نيروبي إلى أي نوع من التفتيش ويسرو وصولي إلى نيروبي آمنا وقمت بتسليم الحقيبة على حالها لسفيرنا هناك في تلك السنوات ، السفير الجنرال ميرغني سليمان خليل .
من أطرف الأمور بلغني بعد ذلك بسنوات، أن تلك الحقيبة الدبلوماسية التي حملتها بيدي إلى نيروبي حملت في أحشائها تقريرا واحدا يطالب فيه السفير بانهاء مهمة الدبلوماسيين الإثنين اللذين معه (وأنا واحد منهما) إضافة إلى القنصل الأمني. . !
تلك قصة ليس مكانها هنا. على أن المهم أن القانون والعرف الدبلوماسي يجيزان حمل حقيبة يحملها رسول دبلوماسي غير خاضع لتفتيش، فهو يتمتع بحصانة أقرتها اتفاقية دولية. لسلطات البلد المضيف إن راودها شك في محتويات تلك الحقيبة الخاصة، أن تعمد على الفور لاخطار وزارة الخارجية المعنية والتي بدورها ستعمل على إخطار السفارة صاحبة الحقيبة الدبلوماسية لحضور فتح الحقيبة ومراجعة محتوياتها - إن قبل السفير ذلك- وإلا فله خيار إعادة الحقيبة الخاصة قبل فتحها، إلى الجهة التي أرسلتها. في ظل تطورات لحقت بالممارسات الدبلوماسية فقد كثرت حوادث مخالفات الحقيبة الدبلوماسية ، فقد حملها بعضهم أسلحة ومتفجرات. مثال على ذلك فإن الأسلحة التي استعملت في عملية خطف وزراء منظمة أوبك في سبعينيات القرن الماضي في فيينا عاصمة النمسا، تمت بأسلحة هربت بحقائب دبلوماسية من بلد عربي "ثوري". .
(4)
أعود ثانية إلى خيارات وزارة خارجية السودان في تمويل أنشطة بعثاتها بالخارج، إذ مع مرور السنوات، ضاقت حلقات الحصار المالي وما عاد ممكنا أن يتم تحويل أيّ مبلغ مهما كان مصدره ، عبر القنوات المصرفية المعروفة. على أيامي سفيراً في لبنان، كنت أبعث بين فترة وأخرى، برسول من السفارة ليتسلم مخصصات بعثتي نقدا ويأتي بها إلى بيروت، موثقة توثيقاً محكماً، من حيث كانت وإلى حيث يراد لها أن تكون. لسنا وحدنا ، بل ظلت معظم سفاراتنا في المنطقة تتلقى تمويل أنشطتها وتسيير أعمالها مما يرد إليها من تلك السفارة المركزية. أما الذي جناه رسول سفارتنا الذي أمسكت به سلطات المطار في القاهرة، فأمر يحير . إن في الأمر بعض سذاجة وبعض استسهال، لا ريب. إن اضطرت البعثة إلى ذلك الإجراء فإنه ينبغي إحكام العمل وضبط مثل هذه الترتيبات ، دون أن تخالف القوانين المحلية، وأن تراعى سلامة تعامل البلد المضيف مع مثل هذه الحالات ومراعاة حصانة حاملي الحقائب الدبلوماسية، فهم تحت حماية القانون الدولي ، وإن كانوا على سذاجة مظهر أو على غفلة غير مقصودة.
(5)
لعله من المدهش أن لا يصدر بيان من وزارة الخارجية، بل أن يصدر عن وزارة الدفاع. إنه لمن البديهيات في العمل الدبلوماسي أن مثل تلك الحادثة والتي راح ضحيتها موظف غافل من السفارة السودانية في القاهرة، تعد شأناً يخصّ السفارة هناك ، لا وزارة الدفاع. لا يخرج الملحق العسكري ولا غيره من الملحقين من عباءة السفارة ، فهم أجمعين تحت مظلة السفير وهو المسئول مسئولية مباشرة وفق القانون الدولي الذي أشرنا إليه، عن حماية مقر السفارة وموظفيها ومكاتباتها وأموالها ، ولا جهة تتحمل ذلك عنه إلا الوزارة التي ابتعثته وهي وزارة الخارجية، وليس وزارة الدفاع. ومع كامل تقديري لصديقي العقيد الصوارمي فإن ما جاء منه حول الحادثة التي وقعت لسفارتنا في القاهرة، يعد تجاوزا ليس من التقاليد الدبلوماسية في شيء. والمزعج حقا هو أن لا يصدر ما يعيننا على فهم ما حدث، أو الإجراءات التي اتبعت لتلافي تداعياته، من الجهة التي ينبغي أن تنطق بإسم الدبلوماسية..
10/7/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.