adam abakar [[email protected]] معانى كبيرة وسامية تلك التى رسمها اتفاق السلام الشامل عندما أوقف حالة الحرب ولهيب المدافع التى كانت تقضى على انسان البلاد ومواردها ، وتعطل كل سبيل للتنمية والوحدة بين أبناء الوطن الواحد . وقيم سامقة تلك التى أرساها الاتفاق بتأسيسه لقسمة الثروة والسلطة لأول مرة بين أطراف الاتفاق ، كأول سابقة فى تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب ، دون أن يغفل بقية مكونات المجتمع وشرائحه التى ظلت خارج مظلة السلام وصولا للتعايش المفضى للوفاق والتراضى الوطنى ! . والروح التى أشاعها كتاب السلام ومواثيقه كانت كفيلة بأن تضمن حسن تطبيقه فى سلاسة وانسجام وتقود الى غاياته الكبار لأنه يقوم بين أبناء لوطن واحد تنوعت أعراقه وأديانه وثقافته وألسنته وعاداته قدراً ، لكنها تعايشت وأنسجمت فيما بينها على ما أنتابها من مكدرات ومرارات كان سهم التآمر الخارجى واليد الأجنبية فيها كثير لمن يراجع تاريخ الاستعمار ونهجه الذى اختطه للقطيعة بين الشمال والجنوب عبر سياسة ( فرق تسد ) وقانون المناطق المقفولة ، وتقييد حركة البشر باتجاه الجنوب بموجب اذن خاص ، ليضرب فصاماً نكداً ويبنى حواجز من صنعه تعصف بتمازج اللغة وامكانية التزاوج والتبادل المنفعى على صعيد الحياة والاقتصاد ردحاً من الزمان !. كل ذلك لم يمنع أهل الجنوب من منهاضة الاستعمار والوقوف ضده بصلابة ومناصرة الثورة المهدية والمشاركة فى مسيرة التحرر الوطنى حتى بلوغ الاستقلال ، من لدن على عبد الطيف وعبد الفضيل الماظ وصحبهم ، وبرغم كيد الأعداء فى تمزيق نسيجنا وبذر نواة الانفصال باكرا الا أن ذلك كله لم يقتلع ( عربى جوبا ) من حواضر الجنوب وأريافه ، ومضت الكنائس تبنى هناك الى جانب المساجد والتواصل يمتد رغم المتاريس ، فى حياة سلمية ونسيج مجتمعى متباين ومتداخل لا يعرف هذه الحساسيات التى ولدتها نزعات العرق والجهويات ليصورها بعض الساسة عندنا من أبناء الجنوب والغرب ومناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ، ويسوقونها خارجياً فى صراع عنصرى بغيض دخل الى حياتنا ومجتمعاتنا وتغلغل الى أبعاد أراها عصية على العلاج والتجاوز وشواهدها أوفر من أن تحصى !. مفردات كثيرة فى كل شئون الحياة لم تترك كرة القدم ولا المهن الحرة والحرف التى امتهنها البعض فى كل مداخل أبواب الرزق الحلال ، وقواميس جرى تداولها ( الجلابة – الزرقة – النيل الشمالى – الاستعلاءالدينى والثقافى و العرقى) وغيرها من المسميات التى أشاعوها وعمقتها بعض عقليات شمالية لها ارتباطات خارجية معروفة ، ومجموعة اليسار من لدن الشيوعية ومن لف لفها والتى عجزت فى ابقاء عقيدتها السياسية فى الساحة ، فذهبت تنخر فى جسد المجتمع عبر اشاعة هذه الفتن الوليدة يوم أن اخترقت الحركة الشعبية والعديد من أحزابنا الطائفية لتغزى تيار العنصرية الجامح، لم تترك التجمع الوطنى ولا حركات التمرد فى دارفور التى أنشئت من رحم تمرد الجنوب ، لتؤسس للمباعدة بين مكونات المجتمع، وتضع العثرات أمام المفاهيم والقواسم المشتركة التى تجمع أكثر مما تفرق ، لتأتى خيرات السلام فى ثورة النفط تكذب حملتها ولتضيف الى عناصر الوحدة الجاذبة يوم أن وجدت آبار النفط فى الجنوب ، وقضى القدر والجغرافيا أن تجعل عبور أنبوبه بالطبيعة يمر عبر الشمال تعزيزاً للآصرة القومية التى تريد بعض القيادات الجنوبية فى الحركة أن تشوشها وتزايد عليها !. فالوحدة فى معناها الكبير تخرج عن دائرة السياسة كقيمة اجتماعية وثقافية ودينية وروحية وقومية تلزم تضافر الجهود والتواصى بها عبر العمل الجماعى التضامنى المشترك !. الاتفاق الذى بين أيدينا كان وسيظل نصيرا لوحدة البلاد على تضمينه لمبدأ تقرير المصير لأبناء الجنوب، وأن الدستور الذى تولد عنه وما نتج من قوانين جميعها لم تكن محايدة فى مسألة خيار الوحدة الجاذبة بحسبانها الأصل والغاية من السلام دون سواها !. والاتفاق يعطى الفرصة لاختبار هذه القيمة الوطنية من خلال مضامين الاتفاق بعد أن حدد لكل طرف ما عليه من التزام ومسئوليات للعمل سوياً لجعل الوحدة جاذبة !. وكون أن قامت حكومة الوحدة الوطنية بالوفاء بما عليها التزامات و جعل الجنوب تحت سيادة وحكم أبنائه فى كل شئونه وما اتصل من قسمة السطة والبناء السياسى القومى من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء نزولاً للحكومات الولائية حتى مداخل الخدمة المدنية بصلاحيات واختصاصات كاملة ، وتبعت ذلك بالقوانين والتشريعات والمؤسسات والآليات ، وأطلقت يد الحركة الشعبية فى تصريف دولاب العمل دون تدخل من المركز !. ثم أيدته باستحقاق قسمة الثروة من مال وموارد بنزاهة وشفافية حتى تعزز بناء الجنوب واستقرار مؤسسات الحكم فيه وفق ما طالب به قادة الجنوب وأقره الاتفاق وشهد من يقومون على شأن المال فى الجنوب وآليات التدقيق والمراجعة الدولية المساندة للاتفاق ( JAM) جميعها تقف شاهدةً على استلام أكثر من ثمانية مليارات من الدولارات لخزينة حكومة الجنوب كان ذلك من قبيل خلق الوحدة الجاذبة بارادة وعزيمة ! . ويبقى السؤال الذى يفرض نفسه هل نجح قادة الجنوب فى امتحان الحكم ومنزلقاته بما يحقق الرفاه والاستقرار والقبول بهم كتيار سياسى ؟ ، هل تمكنوا من اسعاد مواطنيهم والسهر على راحتهم فى التشريع والتنفيذ والبرامج ؟،هل فشلوا و أين فشلوا ولماذا تلك مسئولية حكومة الجنوب وقادتها باقان وعرمان فى جعل الجنوب جاذب لمواطنيه ! . ذهبت حصة المال للجنوب ولكن أين هذه الأموال الآن ، وفيما صرفت ، وأين شواهدها فى البنى التحتية والخدمات والمشروعات ، من بددها أو اساء استخدامها فهذه مسئولية من يقفون على صناعة الحرب والانفصال من قادة الحركة !؟. أن تفى الدولة طواعية بسحب قواتها المسلحة كما نادى بروتوكول الترتيبات الأمنية والعسكرية ويخلى مواقعه طواعية فى خطوة لا مثيل لها فى العالم رغم تعثر الحركة ازاء ما يليها ، كان ذلك بخيار قادة السلام لأجل ارساء دعائم الوحدة واذابة الشكوك التى تكرسها فعال هؤلاء القادة الذين جاءوا خلسة لباحة السلام !. أن تمضى الدولة فى تنفيذ مستحقات السلام لتبلغ نسبة عالية فى التنفيذ بشهادة المجتمع الدولى الذى تراجع فى التزاماته ووقف مكتوف الأيدى ازاء الصراع فى دارفور والبلاد تتعاظم مهدداتها ، وحلقات التآمر الخارجى فى اتساع ، تفعل الدولة كل ذلك رغم شح الموارد والالتزامات الوطنية الأخرى ، ودافعها الى ذلك رغبتها فى سلام حقيقى مستدام لا التهريج والهذيان الذى تمضى به ألسنة باقان وعرمان فى التحول الديمقراطى ومطلوباته ، والجنوب أصبح سجناً كبيرا ومرتعا للفوضى الأمنية والعصابات !. ترك الجنوب لقادة الحركة الذين أشركوا فى ادارة الشأن القومى عدداً وكيفاً على كل المستويات ، ولو قدر أن تتاح الحريات ويستفتى أهل الجنوب فيما قامت به الحركة الشعبية عبر تاريخها فى حكمه لتكشفت حقائق مريرة ، وتوصلنا الى مفارقة ستكون بمثابة الصاعقة على عرمان وباقان الذين أردوا أن ينفردوا بحكم الجنوب ويدمروا الشمل فاذا بالنتيجة تقلب ، وصناديق الانتخابات وخيارالاستفتاء قادم لفرز الصفوف واقامة الحجة ان كان فى مسيرة حركتهم أى عمل مفضى للوحدة الجاذبة ،ودوافعهم للانفصال والترويج له باتت مفضوحة الأهداف !. تمضى الدولة على المستوى الاتحادى فى مسئولياتها لاعمار الجنوب ضمن برنامج المناطق المتأثرة بالحرب ، وتقيم صندوقاً خاصا للوحدة ، وتعزز هذا البعد بالطرق القومية التى تتمدد صوب الجنوب ، وتأهيل النقل النهرى ومواعينه، الذى يتراجع لبروقراطية القادة بالجنوب وبالذرائع التى ينسجها باقان وعرمان ، والسكك الحديدية تصل أويل و واو ، وتقيم المدارج للطائرات وتشيد مطار فلوج ، كما عملت على صيانة المطارات القائمة فى مدن الجنوب الرئيسية ، فالجامعات والمستشفيات فضلاً عن العون الانسانى كل ذلك بدعم المركز لاعلاء قيمة الوحدة الجاذبة، ,بينما ارباب السودان الجديد تشغلهم حملات الابتزاز السياسى وارباك المعادلة الوطنية باثارة القضايا الانصرافية والتحريض! . والدولة تفتح الباب للحوارات الوطنية تمتينا لهذه الارادة لأن المشاعر الانسانية تحتاج لمسئولية مشتركة لتعزيز المصالحة الوطنية ازاء الجروح التى أصابت الطرفين ، الأمر الذى لم ينطلق بالقدر الكاف ولم يأخذ حقه فى النقاش ، و البلاد بحاجة لحوار اجتماعى متعمق وغير مسبوق ، ولكن أرباب الوحدة المنفرة منهمكين فى ارسال الاشارات المربكة والتضليل المتعمد ، والمحاصصة لأجل الثراء على حساب البسطاء فى الجنوب !. ولننظر لجهود قادة الحركة عبر ملتقى جوبا ورحلاتهم الخارجية التى تغرد خارج دائرة السلام واصابة جهود الدولة تجاه مسارات السلام الأخرى والهروب من الاستحقاقات الأخيرة عبر رفضهم لنتيجة التعداد السكانى ، وما تم التوصل اليه بشأن مسودة قانون الاستفتاء ، وتعطيلهم لمسيرة الانتخابات ، والاستمرار فى ثورة الشعارات الزائفة واطلاق الحملات المعادية للسلام وميثاقه بالتشكيك والمكايدة السياسية !؟. قادة السلام الحقيقيون ضربوا المثل فى الزهد والترفع عن الغنائم والمتاجرة بمكاسب السلام ، والبعض غارق فى وحل الفساد والانفلاتات الأمنية ، ويراهن على وعود الغرب وأمانيه فى انفصال معقد يحتاج لاتفاقيات عديدة تفوق جهود نيفاشا للفصل فى القضايا الموضوعية طالما استهلكت المسائل الاجرائية هذا الوقت ! قادة السلام يخوضون معركة الوحدة الجاذبة بيد ممدودة للسلام والاجماع الوطنى ، ويقينهم أن سعيهم يرحج خيار السلام ارتكازاً لحكمة أهل السودان ورجاحة عقلهم دون تفريط أو تنازل فيما تحقق من مكتسبات ، يعملون لأجل هذه الغاية دون يأس أو فتور والى جانبهم قوىً فاعلة لايستهان بها فى الجنوب تشربوا قيم الوحدة وعاشوا مرارات الحرب ، ومن خلفهم الموقف العربى والافريقى والاسلامى اضافة الى الاقليم ودول بحجم روسيا والصين . وفرص الوحدة تتسع بجهد الدولة وتيار السلام الغالب فى ظل عالم يمضى نحو التكتل والكيانات الكبيرة ، والموقف الأممى يساند وحدة البلاد ولو بالقول ويبقى الجهد الحقيقى فى هذه المعركة لأنصار هذا التيار رغم الأعداء الكثر ، مقابل حركة لهتيفة لا يملكون سندا او تفويضا من شعبنا يسعون للانقضاض على الوحدة من داخل الاتفاق وعيونهم وقلوبهم الى الأجنبى الذى يطوى أجندته فى تمزيق البلاد عبر هتافهم ودخانهم الكريه الذى يتصاعد هذه الأيام !. أهل الوحدة ماضون فى سبيلها ويعلمون أن طريقها غير معبدة تواجهها عقبات كأداء وبها الكثير من المطبات ، والزمن المتاح عبر الاتفاق لا يمكن لاكتشاف هذه الرغبة ولا يف بمستلزماتها من حيث البرامج والمشروعات الماضية والمدرجة والتى ستمتد الى ما بعد العام 2011م ، وعومل الطرد فى الحالة السودانية التى تمازج بين العروبة والافريقانية هى بعض سمات الوحدة المكتنزة فى وجدان أمتنا وعقلها الجمعى مهما تكالب عليها صناع الانفصال المنفر من أمثال باقان وعرمان وهم يطرقون كل باب حتى وان عاد بهم للحرب والقتال الذى يجمعون سلاحه ، ويسعون لتعظيم قدراتهم الدفاعية والعسكرية وبرغمها لم تفلح حركتهم فى ضبط المسألة الأمنية أومعالجة الأوضاع الانسانية بالجنوب أو وقف الفساد !. حتى رئيس الحركة ( النائب الأول ) لم يعد يعكس فى حركته السياسية وتعاطيه الداخلى والخارجى غير الاشارات المربكة والمواقف المتناقضة والهلامية ، التى ترجح الانفصال وتوحى بالسياسة الجديدة لحركته لاصطناع المزيد من الأزمات الداخلية والمواجهة مع الشريك ، بغرض حمله على التصرف غير اللائق بما يؤمن تعاطف أطراف دولية هددت من قبل بأنها تراقب حركة الحكومة وأفعالها لتبنى عليها سياساتها !. والذى يعتمد نهجاً كهذا فى مرحلة كالتى نعايش لا شك أنه يعيش أزمة فكر سياسى لا يستبصر أى وجهة يقود اليها الجنوب طالما يتقدم صفه باقان وعرمان ، الذين ضاقت بهم السبل ويحاصرهم الزمن فى سياق التفكك الذى تشهده الحركة بتعدد ألسنتها وتمضى معركة الزعامة فيها دون هوادة ، مهرها خطبة الأجنبى وخططه باشاعة روح الانفصال وفرضه عبر الأمانى الواهمة والسجال الحقيقى قادم لا محالة!!؟ .