سلم رئيس الوزراء الأسبق عبد الله خليل مقاليد الحكم للعسكر بقيادة الفريق إبراهيم عبود خوفاً من تدهور الوضع الأمنى بالبلاد او لأى سببٍ آخر فى شهر نوفمبر من عام 1958م. إستمرت فترة حكم حكومة الفريق عبود لمدة 6 سنوات لم يهدأ فيها بال للشعب السودانى فدائما ماً كان يطالب حكومة العسمر بالرحيل و يطالب بعودة الحكم المدنى الديمقراطى فى كل مناسبة او من غير مناسبة رغم الإنجازات التى حققتها حكومة الفريق إبراهيم عبود، و لكن كل ذلك لم يشفع لحكومة الفريق عبود لأن ما كان يشغل الشعب السودانى هو تمسكه بالحكم الديمقراطى المدنى الذى لا مساومة فيه و لا بديل عنه. فى شهر أكتوبر (الذى يبدأ بحرف الألف) زاد الضغط على حكومة عبود حتى جاء يوم 21 أكتوبر و كان اليوم الموعود كما كان يوم شاهد و مشهود حيث خرج الفريق إبراهيم عبود إلى شرفة القصر الجمهورى، و رأى بإم عينيه جموع الشعب السودانى كشعب واحد (لا حزبية، لا طائفية، و لا أيدولوجية) تملأ ساحة القصر، شارع القصر، و شارع الجامعة. هنا قال عبود قولته المشهورة " كل هؤلاء لا يريدون حكمى" فذهب عبود إلى مكتبه و أصدر قراراً بإستقالته و إستقالة حكومته، و عادت الديمقراطية للشعب مرة آخرى. (2) فى مايو 1969م إنتزع العسكر بقيادة العقيد جعفر محمد نميرى الحكم من الشعب السودانى. إستمر حكم المشير نميرى لمدة 16 سنة. حيث تم التخلص من عباقرة السياسة السودانية مثل: الزعيم إسماعيل الأزهرى، السيد محمد أحمد المحجوب، و السيد الشريف حسين الهندى. أحكم الرئيس نميرى قبضته على كل شئ فى البلاد من خلال إنشائه لجهاز الأمن القومى الذى فتك بأبناء الشعب السودانى، 16 سنة بحلوها و مرها، كما شهدت فترة حكمه إعدامات لم تشهدها البلاد من قبل فاقت بكثير إعدامات فى حكم الفريق إبراهيم عبود حيث قام الفريق عبود بإعدام بعض العسكريين فقد شهدت فترة حكم المشير نميرى بإعدام الكثير من العسكريين و المدنيين على حد السواء. كعادة الشعب السودانى صبر كثيراً حتى بدأ يثور و يفور على حكم المشير نميرى حتى جاء شهر أبريل (الذى يبدأ بحرف الألف)، حيث خرجت جماهير الشعب السودانى غير آبه بأجهزة نميرى الفتاكة. خرج الشعب السودانى عن بكرة أبيه كشعب سودانى واحد (لا حزبية، لا طائفية، و لا أيدولوجية) و أطاحوا بحكم المشير نميرى حيث كان البعض يقول من المحال إسقاط نظام مايو. كان المشير نميرى خارج البلاد و عندما علم بخروج كل الشعب السودانى إلى الشارع للإطاحة به لم يصدق نميرى و أصر على العودة إلى السودان و إعادة مايو للسلطة غصباً عن إرادة الشعب، و لكن نصحه كثير من الأصدقاء من قادة الدول بعدم التوجه للخرطوم لكنه رضخ بصعوبة لنصائح الأصدقاء على عكس ما فعل الفريق عبود الذى رضخ هو لإرادة شعبه و تنحى عن الحكم. (3) سلب المشير عمر حسن أحمد البشير مقاليد السلطة بإنقلاب عسكرى - من حكومة منتخبة و لكن فشلت فى تحقيق و لو القليل من طموحات الشعب السودانى- شابُه الكثير من الغموض و التعتميم حتى ظهر على حقيقته. بسط قادة الإنقلاب سيطرتهم على مقاليد الحكم بعد أن أعلنوا فى بيانهم أنهم جاءوا لإنقاذ السودان و أطلقوا على إنقلابهم ثورة الإنقاذ، و بهذا الإسم "الإنقاذ" تجردوا من كل القيم و التقاليد السودانية و الإنسانية فقاموا بإعدام كل من تسول له نفسه بالوقوف فى طريقهم. فى فترة حكمهم إستخرجوا البترول - الذى أكتشف إبان حكم مايو- الذى عادت عوائده لجيوبهم و حساباتهم المحلية و الخارجية. و فى نفس الوقت بدأوا يشيدون و يبنون بقروض ذات فوائد عالية - بإسم بترول السودان- بدون إستخدام عائدات البترول لإنشاء مشاريع ذات إنتاج عالى و إصلاح ما خربه التخطيط الفاشل، فأصبح السودان مديوناً و عليه فوائد قروض فاقت حد القروض نفسها، و للأسف لم يفكروا و لو للحظة من سيدفع هذه الديون و الفوائد لم يفكروا فى الأجيال القادمة التى كان من المفترض أن نمهد لهم الطريق ليقوموا بواجبهم نحو وطنهم بل بالعكس أغرقناهم فيما لا طاقة لهم به و زجوا بهم فى غيابت الظلم و إستولوا على حقهم من عائدات البترول و أعطوهم بدلاً منها ديون القروض. و إستخدموا عبارة من ليس معنا فهو ضدنا فشردوا العمال و الموظفين و العلماء. لم يثور و يفور الشعب السودانى و لم يقف وقفة شعب واحد (لا حزبية، لا طائفية، و لا أيدولوجية) و بعد 25 سنة من سيطرة و حكم الإنقاذ بإزلال الشعب السودانى الذى كان يُعرف من صفاته عدم القبول بأى حقارة صار يحتقر و يُمسح به الأرض تارة بالترهيب و تارة بإسم الدين المزيف و المحرف لخدمت أغراضهم. ماذا يبقى للشعب السودانى الآن ليقف وقفة شعب واحد (لا حزبية، لا طائفية، و لا أيدولوجية)، تبقى للسودان آخر حرف و هو حرف الألف الأخير الذى يبدأ به آخر شهر وهو شهر أغسطس. فإذا عدى شهر أغسطس من هذا العام فعليهم الإنتظار لمدة سنة أخرى و هكذا حتى يأذن الله بشهر أغسطس حتى يكسر الشعب السودانى قيوده و يتحرر و شهر أغسطس هو ما تبقى من الزمن، فهل سيسير الشعب على هذه القاعدة الله أعلم. الله المستعان و متواصلين. 20/7/2014م [email protected]