اذكر جيدا ان جددودنا المزارعين كانو ممولين اساسيين للاحزاب السياسية. هم ما بترشحوا لكن بقدمو مرشحم وبوافق عليهو الحزب المعين وكان عندنا في اسرتنا "جدين" واحد حزب امة والتاني وطني اتحادي . لكل جد تحالفاته من كبار وصغار المزارعين الذين يسهموا في تمويل الحملة الانتخابية لمرشح الحزب في الدائرة . كان في قريتنا "عامل واحد" هو عمنا الطيب عبدالباقي . كان يعمل في الهئية القومية للكهرباء كفني مشهود له بالكفاءة وتدرج فيها تدرجا مشرفاً. في ديوان جدي الحاج عبدالله كان يتجمع القوم للغداء ويتحدثون عن الانتخابات ،وكانت القرية تعج بالمهرجانات السياسية " ولعلمكم حلتنا اسمها غرسلي –شفت كيف- وهي حلة صغيرة جدا لكنها غنية جداً وغنية دي بالجد جد" . الانتخابات كانت "حاجة ظريفة" لانو باجزوا لينا من المدرسة ويُسمح لنا ان نسرح ونمرح بين المكرفونات. اها في ديوان الحاج عبدالله وقت الغدا يتسامر القوم عما جرى وتوقعاتهم لنتيجة الانتخابات ،ثم يسألون الناس بخبث عن مرشحيهم واحزابهم. كانو بقولو" الجنيات" لمجموعة محدودة من طلبة مدرسة سنار الثانوية "جبهة اسلامية " ويسخروا منهم .لكن تعجبهم مخالفة الراي . يتركوهم يتضامنوا مع مرشح الجبهة الاسلامية وهم علي يقين انه لن يفوز وعلي يقين ايضا ان ليس بينهم "شيوعي " والشيوعي يجي من وين؟ كان الطيب عبدالباقي صامتاً طوال المناقشة لحدي ما فاجأه جدنا عبدالله، اها يا الطيب وانت صوت لي منو؟ لم يتردد الطيب: صوت للحزب الشيوعي . ضحك القوم لحدي ما "تشنقلو " ..شيوعي!!!! في حلتنا شيوعي !! من وين؟؟ ما فهمت القصة الا متأخر جداً ..ايوة عمال ومزارعين في "المشاريع الزراعية البتجمعهم مصلحة الموية . لمن اتخلقت اطراف في المصلحة والحكومة طرف في المصلحة اتخلقت تحالفات المزارعين ،ولمن دور القطر واشتغلت السكة حديد، اتخلقت نقابات السكة حديد وهكذا اتحادات الطلبة . ديل عندهم مصلحة حقيقية في التغيير ،تغيير الحياة للافضل ،متطلعين وبتزدهر حياتهم في اجواء الاستقرار بحكم انهم اصحاب مهن بتزدهر بازدهار السوق وبتطور نحو خلق شروط الحياة الافضل . لكن الشاهد انو لكي يحدث الاستقرار لابد من نظرة عميقة وذكية للريف والي طبيعة مشاكلو . اهم خطوة في الكلام ده "تبطل الطنقعة " عشان تقدر تتكلم مع العمد والمشايخ والقيادات الاهلية والمواطنين عن ضرورة اصلاح علاقات الانتاج في الريف. دي كان ممكن تكون خطة احزاب زي الحزب الشيوعي وحركات اليسار عموما ،انها تستفيد من جيوش الخريجيين ليس للتكدس في العاصمة وانما لخلق نهضة في الريف. في ندوة في واشنطن اقامها الجمهوريون في ذكرى الاستاذ محمود محمد طه، حكى صلاح الزين قصة عجيبة حدثت له مع الاستاذ محمود . قال صلاح انه عندما جاء الي جامعة الخرطوم " لو قلت في الستينات فيها حاجة!" كان متطلعا للذهاب لزيارة الاستاذ ،وعندما سنحت له الفرصة وزاره بمنزله في الحارة الاولى ،دعاه الاستاذ للجلوس الي جانبه ،ساله من اين جاء الي الجامعه؟ اجاب صلاح،من ابوقوته! حدثه الاستاذ عن الرجال الصالحين وعن ابقوته واثار معه موضوعات ذات صله بالريف! سأل الاستاذ محمود صلاح ان كان يقضي اجازته في ابو قوته ولا في الخرطوم ؟ وقال له لازم ترتبطو بمشاكل اهلكم . قال صلاح "كنت ممعوطا من هذه الموضوعات ،فلقد جئت الي الاستاذ لاناقش معه الفكر والفلسفة ،فاذا به يعيدني الي ابوقوته ومشاكلها. إهتم الاستاذ محمد ابراهيم نقد بعلاقات الريف ،واستغرق وقتاً طويلا يفكر في كيفية اصلاح علاقات الارض في السودان لتكون مدخلاً لتنمية الريف. كتب الاستاذ نقد منقحاً وشارحا ومحققاً لثلاث مراجع مهمة اهمية مبالغ فيها –زي ما بقولو- . ثلاث اسفار للبروفيسر محمد ابراهيم ابوسليم عن الارض عند الفونج والارض في المهدية و الارض في سلطنة الفور . والتنظير في علاقات الارض بعيدنا الي اساس مسألة الحكم في السودان . بدون اصلاح الارض واقتراح مشروعات بديله لاقتصاد الحرب بيبقا التنظير عن الحرب كلام ساي . اذا انت بتنفي وجود مجموعات كاملة من حسابات المستقبل ،ستستمر هذه المجموعات مسمرة في الحرب كبديل مقنع لتحقيق المنفعة ،المنفعة البتتمثل في الحفاظ علي الارض واحتمال الشرف! أها دحين نحن هسة في حالة حرب ،يعني حتى الاساس الكان مفروض يكون مدخل لنهضة الريف انتهى واتحول الي حروبات ورا بعض. مره بين القبائل العربية وقبائل الفور والمساليت والزغاوة ،ثم بين العرب نفسهم ،بين المسيرية والرزيقات وبين الرزيقات والبني حسين وبين الرزيقات والمعاليا وبين الحمر والرزيقات، وان ضاقت علينا التصنيفات بين ديلك وديلك –باعتبار انهم ملثمين ولم نتعرف عليهم ،ونتعرف عليهم كيف؟ مثلاً كلام والي جنوب دارفور الاخير في 4 يوليو عن عزل المتفلتين ده منطقي! والي جنوب دارفور ما وجد مناسبة الا ودعا المواطنين الي عزل المتفلتين ! المتفلتين ديل منو والكل لابس "كدمول" ؟ يجيب الوالي، طيب ما مشكلة نحن علينا بالكدمول وانتو عليكم بالحجارة والعزل .فقد جاء في خطة الوالي جار النبي ان كل من يخالف امر الطوارئ ويتجول في الشوارع بالدراجات النارية وهو لابس كدمول علي المواطنين رميه بالحجارة ومن ثم الاتصال بالاجهزة الامنية! الاجهزة الامنية؟؟ نتصل بي منو يعني ؟ حرس الحدود ،ولا ابوطيره ،ولا الدعم السريع ولا نتصل بيك انت شخصياً؟؟؟؟؟