السلام عليكم ورحمة الله إذا نظرت إلى ما آلت إليه حال البلد اليوم، من تصدع جغرافي وتمزق ديموغرافي، واختلاف وتباين في الرؤى والأهداف تجاه الوطن ومصلحة الوطن، وانقسامات للأحزاب ظاهرة وخفية، وتحزب حتى داخل جسم الحزب الواحد، وصراعات بين مؤسسات الدولة وتشرذم حتى داخل المؤسسة الواحدة.. الجنوب آيل للانفصال، طبخة دارفور في الفرن الأمريكي، وهناك ... "أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام". اقتصاديا ... مشروع الجزيرة في حالة موت سريري، والآن يقتل مع سبق الإصرار العلني ..عفوا أقصد والترصد (بس على مبدأ القتل الرحيم)، على السكة الحديد "دمعنا للثياب بلّ، التعليم توسع أفقي كمي أثقل كاهل المواطن في الأقاليم بتحمل عبء البناء ومصاريف التسيير وشراء الكتب المدرسية، مع انعدام كامل للكيف. صيانة البيئة تلك الثقافة الغائبة عندنا، شأنها شأن مفهوم الجودة. الكهرباء حدث "قصور" بسبب انصهار الفاصمة بسبب تماس فيما بين بعض مؤسسات الدولة، والضحية المواطن في بيته وفي سرير العملية، وفي مختبرات البحث العلمي، إن كان. والأدهى وأمر، سلة غذاء العالم به فجوة غذائية ومهدد بمجاعة لأن "طعام الجوعى في حقائب رجال الاقتصاد" بعد أن اتخموا من كثرة التوصيات والمقترحات والمقررات وغيرها من أنواع الأطباق التي تقدم مجانا من خلال المؤتمرات والندوات و... إذا نظرنا لهذا وسألنا أنفسنا ... لم يحدث كل هذا؟ ولمصلحة من يحدث؟ ومن المستفيد ومن الخاسر؟ لماذا يتسع الفتق ولا رتق؟ لو طرحنا هذه الأسئلة على أنفسنا، لأتت الإجابات أيضا متباينة ومتشعبة ومتناقضة ومتضاربة، بكل ما اتسع له المضمون من مثل هذه المترادفات، إن جاز التعبير، ذلك انعكاسا لدواخلنا ومردود لأفكارنا –وليس فكرنا. نعم إن واقع الحال هو الناتج الحقيقي لما يتشبع به عقلنا الباطن، ومهما جملنا صورتنا بجميل القول، أو حاولنا أن نكابر و"نمثل" أحيانا بعمل أشياء غير ما نكن، فإن الأيام سرعان ما تبدي حقيقتنا بفعل أو قول منا يمحى ويدحض تلك الصورة الوهمية، إذن ما هو الحل يا ترى؟ يا أمة "عزة" تعالوا نضع رؤيتنا لما نريد لوطن العزة أن يكون، تعالوا نرى السودان موحدا مزدهرا ينعم مواطنه بكل خير .. وفائض خيره على الغير، هيا نحدد أهدافنا التي يكون بها السودان كما "رأيناه" وأن نسخِّر كل مواردنا وجهودنا، شعبا وقادة، للوصول لتلك الغاية، هيا نرتق الفتق. تعالوا نقول للملأ أننا لا ينطبق علينا قول القائل: "إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر" بل أننا وبما فينا من قيم التسامح وسعة الأفق وقبول الآخر، سنجبر الكسر ونكون على قلب رجل واحد ... تعالوا نقول للدنيا سنصلح بإرادتنا وصدق توجهنا "ما أفسده الدهر"، وسيكون منطلقنا قوله تعالى: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ... تعالوا نبدأ بتغيير أنفسنا أفرادا وجماعات، قيادة وشعبا، أحزابا ومؤسسات، هيا نفكر بأن مصلحة الوطن هي الغاية ونسموا بها عن كل أهواء وأغراض شخصية أو حزبية أو قبلية أو جهوية... فليكن شعارنا "رؤية واحدة لسودان واحد" ... فمن أجل هذه الأمة نناشد "الأمة" أن يلم شمله ويرأب صدعه ليغدو الحزب كما كان جسما واحدا وليجلسوا ليضعوا لأنفسهم فكرا ونهجا يبني به هذا الوطن. ومن أجل وحدة هذه البلاد نناشد "الاتحادي" أن يلم شتاته ويرتق فتقه ويضع له فكرا ونهجا يثمر خيرا لهذا الوطن. ويا أهل جنوبنا الحبيب، لقد حاربتم سنينا عددا من أجل قضاياكم، وستنعمون إن توحدتم رؤىً وهدفا، لتنالوا أحد خياريكم، المهم أن تجتمعوا على مصلحة شعبكم الذي مازال ينتظر منكم الكثير والكثير. يا أهل غربنا الخصيب، يا أهل القرآن، أتبعوا نهج القرآن، لا وعود الأمريكان، وتعالوا إلى كلمة سواء، نفلح بها في الدنيا والآخرة. من أجل السودان وطنا ومن أجل السودان شعبا، كونوا يا أيها "المؤتمر" شعبا واحدا لوطن واحد، ضموا صفوفكم، صلوا ما انقطع وارأبوا ما انصدع ... ولتكن "هي لله" فرفعكم لها شعارا تكونوا قد أشهدتم الله وخلقه أنكم تبتغون وجه الكريم، إنه العهد. إلى سادتنا وقادتنا... إلى كبرائنا وأمرائنا وزرائنا.. إلى كل من جعله الله راعيا لأمر من أمور هذا الوطن، وحدوا رؤاكم وأهدافكم وغايتكم ... لتكن لخير هذا الوطن ولشعب هذا الوطن، وليكن منطلق أفعالنا منهج سوي نتبعه، وترجمة لفكرنا وإيماننا وتمسكنا برسالتنا تجاه السودان الواحد الذي يريده الشعب لا السودان الذي يريده الأمريكان. كلمة أخيرة أقول لإخواننا في جنوبنا الحبيب وغربنا الخصيب، وإلى الأحباب قادة الأحزاب والله شكواكم للأمريكان لا تأتيكم إلا ب"الديموقراطية" ... نعم ستدخل أمريكا السودان بناء على طلبكم ورغبتكم وتعاونكم معهم وستأتيكم ب"الديموقراطية" التي ينعم بها أهلنا في العراق الآن، ويعيشها أمنا وسلاما ورفاهية أخواننا الأفغان. ذلك هو "الخير" الذي ستجلبونه على الأمة. أفيقوا من أحلامكم الوردية، ولا أقول لكم أقرؤوا التاريخ، قريبا كان أم بعيدا، بل أقول لكم أقرؤوا الواقع الذي يعيشه الشعب العراقي والشعب الأفغاني، ألم يكن هو "تتويجا" لجهود كل من يسمي نفسه أحزاب معارضة. لتكن المعارضة، ولتكن أحزاب المعارضة لكن علينا أن نسعى لما نبتغي بالحكمة، لنقدر لرجلنا قبل الخطو موضعها، وللنظر بمصداقية وعقلانية وبعين البصيرة للعواقب. Abdulqadir Kasir [[email protected]]