في برنامج (في الواجهة) الذي يقدمه لسان السلطة (البلال) تحدث (كمال عمر) عن ورقة للحوار قدمها المؤتمر (الشعبي) وتحالف المعارضة الذي قبل الحوار مع المؤتمر (الوطني) واحزابه التي تشاركه الحكم سوي كانت تلك الكرتونية او احزاب الفكه وكل له قصة! فحمدا لله ان ظهرت تلك الورقة اللغز والحمدلله انها تناولت قضايا لا تخص الاسلاميين وحدهم وايضا نحمد الله كثيرا ان الاسلاميين يكتبون عن قضايا وطنية خالصة وهو تحسن يحسب لسلوك الاسلاميين وفكرهم فمرحلة العمل بما يكتب تحتاج الي ربع قرن اخر! تضمنت تلك الورقة فيما وصفها (كمال) كل اشكاليات السودان الحالية او التي قد تلوح في المستقبل (القريب او البعيد) وقد وصفها بانها الورقة الافضل والاشمل في طرحها للقضايا السودانية منذ ان نال السودان استقلاله. كذلك تحدث كمال عمر عن تدخل الخارج في طرح الحلول والحوار وعن رفضهم لهذا المنهج (اي تدخل الخارج) في الشان السوداني بحيث انه (اي الخارج) لم يستطيع ان يجمع شمل السودانيين ولا غيرهم حول مشروع يقدم الحلول للقضايا السودانية الاساسية وهو شخصيا قد (فتر) من ذلك الامر. وقد تناول في معرض حديثة - بالتقريح حينا و(بالبصاق) احيانا كثيرة- نال من اعلان (باريس) فاصابها بالضعف والبلل! و(الرهافه) والقصور في تناولها للقضايا الوطنية الملحة وعلي راسها قضية الحريات والعودة الطوعية وغيرها من المواضيع التي تناولتها الورقة. والمتبضع من السياسية في عالم اليوم يعلم مما شاهد وسمع ان هنالك محاولة من المؤتمر الشعبي مدفوعة الاجر من المؤتمر الوطني لتعطيل شئ ما مقابل شيئ في نفس يعقوب! فالورقة التي وقعتها قيادة الجبهة الثورية مع حزب الامة بقيادة الصادق المهدي حسمت مواضيع كثيره كانت محل جدل بين الاطراف الموقعة ززادت الثقة واذا استبعدنا قيادة الجبهة الثورية من تقييمنا لانهم اصلا متواجدون في خانة المعارضة فنفسية الصادق المهدي التي وقع بها علي الاعلان كانت تحمل عناء تجربته مع الاسلاميين في الخرطوم والرجل اليوم ليس ذلك الرجل الذي عرف بالامس القريب! ايضا احباطه من تجربة معارضة الداخل المتمثلة في الاجماع الوطني والتي تطالب بتقديم طلب للحصول علي عضويتها تستهين بمقدرة الرجل ومكانتة الدينية والسياسية وهو الذي دفع به للجلوس مع قيادة الجبهة الثورية في الخارج ومازال في الجراب يا حاوي! قطعا ان المشاهد للبرنامج سيصاب بالدهشة لما يحدث امام عينه! فتبادل الادوار والسيناريوهات المطروحة في الحلقة وطبيعة الاسئلة المبتورة وغير الذكية تحدثك عن اخراج اعلامي مبهر لشئ ما يتكون خلف الكواليس! ويبدوا ان الخطوة الاستباقية للنيل من المشروع المقدم من الجبهة الثورية وحزب الامة في شخص الصادق المهدي بطريقة اعلامية محبوكة تستدعي قتله في مهده او الحد من نتائجه وتاثيراته. وهو كان الهدف المنشود من مقدم البرنامج وهو الشئ الوحيد الذي برع فيه متنفذوا ومنتفعي الانقاذ علي مدار تاريخهم منذ استيلائهم علي السلطة. فهم معروفون بلي عنق الحقيقة والتضليل. والكل يعلم ان هنالك صراع موازين القوي داخل الانقاذ وخارجها! فبالتالي لا بد ان يكون هنالك صراع مصالح بين الاطراف المتحاوره انعكس علي حالة كمال عمر الذي اراد ان يثبت ورقته ومشروع الحوار الاسلامي – الاسلامي في مقابل اعلان باريس والذي يحقق اجندة المعارضة مجتمعة بما فيها حالة الاجماع الوطني. اذا فهو صراع (الترابيز)! وكمال عمر يرفع المصحف لينقذ مشروعة الذي اداره بليل بهيم ووفقا لزيارات خاطفة بين القصر والمنشية وكافوري! مقابل مشروع اجمعت عليه قوي المعارضة المسلحة والسياسية فان لم يكن ذلك بالتوقيع فبالمنهج والفكرة! واذا عدنا بالتحليل لما ورد في مضابط الحلقة نجد ان كمال عمر حاول جاهدا احتكار كل شئ بدءا من اجندت الحوار والمتحاورين ومكان الحوار وصولا الي نتائجة! وعلي لسان كمال عمر جاء انهم لا يعيرون ما جاء متاخرا من اتفاقات اي اهتمام ولن يرتضوا اي بداية من نقطة الصفر وهو تضاد غير مفهوم من رجل يطلق علي نفسه شخص منفتح علي الاخر بل ويطالب اعضاء الجبهة الثورية وقيادتها بالتواجد داخل السودان لادارة الحوار! كما كان يفعل الصادق المهدي مثلا! اما رأيه في قضية الحريات فستصيب الشخص الصحيح المستمع لحديثه مباشرة بمرض ضغط الدم وانسداد الشرايين. ففي هذه الجزئية بالتحديد من اجندة الحوار مقارنة بعطائه في مجال الحريات وتفصيلاتها نجد انه هو نفسه من صادر هذة الحريات بانقلابه المشؤوم في يونيو 89 وقس علي ذلك كل حروبه الجهادية في الجنوب (المسيحي والكافر) وتاريخه المديد الذي شهد ابتداع بيوت الاشباح والتصفيات الجسدية والاعتقالات فيظن المتلقي ان هذا كمال اخر ليس الذي يعرفه الناس! اما ما قدمه محكم تنظيره ومفهومه في هذا المجال (الحريات) فحصاره لها ومصادرتها كان الاسواء علي مدار تاريخ الانسانية كلها وليس منذ الاستقلال القريب. وما قصة ابداعه لبرنامج التوالي ببعيدة فهي حاضره امامنا فهو البرنامج الذي يحصر السلطة ومرشحيها في حزب واحد يتوالي منتسبية فقط دفة الحكم والقيادة للحزب وللدولة الي ملا نهاية! او فنقل متواضعين كما كانوا يروجون حينها الي ان يسلموها الي سيدنا عيسي عليه السلام في عودته الثانية تامة ولامة لا نقصان فيها! اذا هو ليس جدير بالحديث عن الحريات فكمال عمر ومن معه كلنا يعرف الحريات التي يريدونها حاكمين ومحكومين ومعارضين، فلا يخال ان ذاكرة السودانيين بهذا القدر من الضعف حتي ينسوا ويصدقوا ترهاته المخطوطة في ورقة الحوار ويكذبون ما يرونه امام عينهم من اعتقالات بالجملة والقطاعي ومحاكمات يبراء فيها الجاني ويسجن فيها المجني عليه! امثال هؤلاء لا يعرفون حريات ولا يقدرون قيمها! الاوجع حديثه عن الخارج وتدخله في الشان السوداني! فحديث الحريات نعلم بواطنه ومخارجه وهو مزجوج به عنوة واقتدارا في الحلقة لاغفال المشاهدين. اما الشئ الاساسي فهو وصم المعارضين بالاستعانه بالخارج وهو الماخذ الذي اراد ان يرمي به كمال المعارضة العسكرية وهي القضية التي يريد ان يبني عليها كمال ومن معه من شعبيين وحكوميين مدخل لمهاجمة اعلان باريس. وللعلم فان الوثيقة الموقعة هي سودانية خالصة صيغة ونوقشت في اطار المجتمعين فقط ولا وجود لاي قوي او جهات اجنبية في كل مراحلها من الالف الي الياء بل لاتوجد ضرورة لوجودها فهو تم بين اطراف تنادت طوعا للتحاور والاتفاق ولا وجود لاي اشكالية تحتاج ضمانات لتحقيق اهدافها وهو المحور الاساسي الذي تحتاج اليه المعارضة في حالة اي اتفاق مع الحكومة لانها لا تنفذ ما تتفق عليه! وعلي كل حال فالسؤال مردود عليه بسؤال من شاكلته، من الذي جاء بالخارج الي السودان! هذا السؤال اذا قدر لاحد ان يجيب عليه لابد ان يذكر بداية مؤتمر الارهاب الشعبي الذي نظم من قبل الحركة الاسلامية السودانية مجتمعة فحينها لم يكن هنالك الشق الوطني والشعبي للحزب الاسلامي ونتائجة التي انعكست علي شكل تحالفاتهم الاقليمية والدولية واستيعابهم لتنظيمات القاعدة وفروعها ومناصريها لتدريبهم باراضينا ومن ثم الاستعانه بهم وتدخلهم في شؤوننا الداخلية وشؤون غيرنا من الدول المحيطة بنا وغير المحيطة. فقصة محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك ليست ببعيدة وتفجير السفارات الامريكية في تنزانيا وكينيا وتهريب السلاح والتجارة فيه والاستعانة بايران سياسيا وعسكريا والتجارة بالمخدرات يمثل اقل بكثير من الذي رشح في الاعلام الحكومي ذات نفسه والقائمة تطول وتطول! اذا هو ذاته الخارج الذي دفع ثمن الصواريخ والبراميل التي تبيد في اهلنا بجبال النوبة ودفع فاتورة شراء الابواق والمندسين وشراء الملشيات المسلحة لقتل اهلنا في دارفور ومن ثم شراء السياسين للتوقيع نيابة عنهم. وهو ايضا الخارج الذي دفع بخبرائه العسكريين لخوض حربهم ضد مواطنينهم العزل الا من كرامتهم وحقوقهم، الا يوجد الخارج اصلا في كل قضايا السودان! ابتداءا من البنك الدولي في قضايا الانهيار الاقتصادي والديون مرورا بالامم المتحدة وتشريعاتها في حماية المدنيين والمحكمة الدولية والقوات الاممية لحماية الافراد والحدود وعدد الي ماشئت من المواضيع، فمن جاء بالخارج يا استاذ (كمال) وما الجديد في حضورة! اما السؤال الاهم علي الاطلاق ففي من يثق السودانيين سوي كانوا معارضيين ام غير معارضين الخارج ام الحكومة! ان هدتك بصيرتك وفطرتك السليمة (ان وجدت) علي الاجابة ستفهم لماذا يستعين الاخرين دائما بالخارج!! ! [email protected]