الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    لم تتحمل قحط البقاء كثيرا بعيدا من حضن العساكر    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    الأحمر يعود للتدريبات    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة مع دول عربية في غزة بعد الحرب    الحرس الثوري الإيراني "يخترق" خط الاستواء    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث توريت 18 أغسطس 1955 .. بقلم: م. تاج السر حسن عبد العاطى
نشر في سودانيل يوم 17 - 08 - 2014


2/2
أود أن أخلص بإختصار إلى الأسباب التى ساقها التقرير الإدارى للجنة التحقيق فى حوادث أغسطس 1955 و التى كونها وزير الداخلية آنذاك الشيخ على عبد الرحمن و أختم بقصيدة للاستاذ الهادى آدم وقد كان شاهداً على ذبح الكثير من زملائة المعلمين و هذه القصيدة تحاول جهات كثيرة أن تخفيها من تراث هذا الشاعر ولا تذكر له سوى قصيدة غداً القاك التى تغنت بها أم كلثوم عند زيارتها للخرطوم فى الستينات من القرن الماضى !! لعل هذه المعلومات تسعف بعضهم فيتدبر حقيقة الأمر بدلاً عن السطحية و السذاجة التى يدار بها الحوار حول أسباب تقسيم السودان .
حتى عام 1930 لم يكن معروفاً او مستعملاً مصطلح جنوب السودان فالقارىء لنعوم شقير و سلاطين باشا وغيرها من كتب التاريخ و الدوريات السابقة لهذا التاريخ لا يجد بها هذا المصطلح إسماً و لا رسماً لهذا الجزء من السودان بل يجد الإستوائية و بحر الغزال و فشودة
فى 25 يناير 1930 أعلنت حكومة صاحبة الجلالة سياسة جنوب السودان ( المناطق المقفولة) و هى سياسة مكتوبة و معلنة تهدف لفصل جنوب السودان عن شماله بقيام دولة فى هذه المنطقة أو توزيعه على دول شرق أفريقيا و تمثلت أهم عناصر هذه السياسة فى التالى:
1. نقل جميع الموظفين الشماليين الذين كانوا يعملون بالجنوب من إداريين و فنيين وكتبة و معلمين و عمال للشمال
2. عدم تجديد رخص التجار الشماليين وإبعادهم وإحلال الإغريق و السوريين النصارى بدلاً عنهم
3. إجلاء المسلمين الجنوبيين من مواطنهم و ترحيلهم للشمال ما أمكن ذلك
4. إخماد كل مظاهر الديانة الاسلامية ومنع الجنوبيين المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية علناً
5. الغاء تدريس اللغة العربية كمادة فى المدارس
6. حُرم على التجار بيع الجلاليب و العراريق و الطواقى و العمائم و حددت لهم مهلة للتخلص من ما بحوذتهم
7. يعهد بالتعليم للكنيسة و الإرساليات
8. أما فيما يختص بزعماء القبائل الذين تعودوا لبس الزى العربى فى مجالسهم العامة فيجب منعهم من ذلك و تشجيعهم على التمسك بالعادات و التقاليد – التعرى
9. إرغام من كانوا يتسمون بأسماء عربية لمدة أجيال على تغييرها
10. تبين لاحقاً إن الإنخراط فى قوة دفاع السودان يمثل أكبر مهددات هذه السياسة حيث يلتزم أبناء الجنوب العاملين بهذه القوة بالدين الاسلامى و تنتشر بينهم الثقافة العربية و يغيرون أسمائهم و يحتفي بهم أهلهم حال عودتهم فتم إنشاء ما عرف بقوة دفاع جنوب السودان يجند لها أبناء الجنوب فقط وتكون لغتها الرسمية الإنجليزية و بها قساوسة يشرفون على تعمييد و تنصير أفرادها و هى القوة التى قامت بمذبحة توريت
فى 16 ديسمبر 1946 تم إعلان الغاء سياسة جنوب السودان و إعلان فشلها حيثتأكد للمستعمر الإنجليزي أن جنوب السودان لا يمتلك العناصر الأساسية لمقومات الدولة (الدين– اللغة-الثقافة المشتركة–التاريخ)
هذه السياسة التى إعترف الإستعمار الإنجليزى بفشلها فى سياق مراجعة السياسة العامة لحكومة صاحبة الجلالة بعد الحرب الكونية الثانية و المتمثلة فى الإنسحاب من المستعمرات كانت هي السبب الرئيسي فى حدوث مذبحة توريت و ما نعانية اليوم.
فى سياق ما ترتب على الغاء سياسة المناطق المقفولة تم إلحاق قوة دفاع جنوب السودان بالجيش السودانى تحت إسم الفرقة الجنوبية و قيادتها فى توريت. سبب هذا القرار تذمراً كبيراً وسط جنود هذه الفرقة حيث أُشيع أن القوات الشمالية قادمة للقضاء عليهم و إستعبادهم مرةً أخرىوقد تولى كبر هذه الإشاعة مفتشى المراكز الإنجليز و عدد كبير من رجال الكنيسة الذين وقف بعضهم ضد إلغاء سياسة المناطق المقفولة.
أعطيت التعليمات للبلك نمرة 2 من الفرقة الجنوبية بالسفر إلى الخرطوم للإشتراك فى الإحتفالات بجلاء القوات البريطانية. فى يوم 18/8/1955 تجمع البلك نمرة 2 فى ميدان الطابور داخل مقر القيادة الجنوبية بتوريت و أعطيت لهم تعليمات السفر و التحرك لجوبا فى شكل بلتونات ليستقلوا الباخرة الى الخرطوم يومها وقع التمرد المشئوم وقتل فى توريت و حدها 78 من التجار و الموظفين و المعلمين و النساء و الاطفال هذه صورةٌ مختصرة للسياسة الاستعمارية التى قصدت و أسست الى بذر الكراهية بين أبناء هذا الوطن.
فهذه الكراهية لم تكن موجودة قبل إنفاذ هذه السياسة و الدليل على ذلك أن جل قادة جمعية اللواء الأبيض التى قامت بثورة 1924 كانوا من أبناء الجنوب و كانوا يهتفون بوحدة وادى النيل وحياة الملك فؤاد الاول ملكاً لمصر و السودان.
لا دخل للشريعة و لا الدكتاتورية ولا المؤتمر الوطني و لا القصور السياسي للأحزاب الشمالية بما جرى و يجرى فالإ نفصال كان هدفاً تحدث عنه شيرشل و تبنته الإدارة الإستعمارية سياسةً و تطوعت هيلدا جونسون بتنفيذه تحت غطاء الممثل الأعلى للشرعية الدولية.. الأمم المتحدة !!!!!.
الشاعر الهادى آدم كان شاهداً على هذه الأحداث الرعناء و صورها فى القصيدة التالية الخالدة و أجاب فيها على السؤال المطروح... من قسم السودان بين بنيه.
توريت
الهادي آدم 1955
توريت يا وكر الدسائس والخديعة والدم
قد طال صمتك في الدجى هل آن أن تتكلمي
الغاب مطرقة الغصون على دجاك المعتم
والصمت والليل الرهيب وخادعات الأنجم
لا شئ غير الريح تنفخ في رماد المأتم
ومغارةً فيها المنايا السود فاغرة الفم
ونعيق ضفدعة تنوح بليلك المتجهم
يا قطة أكلت بنيها وهي ظمأى للدم
أمعنت قتلا في النساء وغيلة للمحرم
لم ترحمي حتى صغارهم ،،، ولم تترحمي
والشيخ والحبلى،،، فأي جريمة لم تجرمي
حتى غدوت مع الدجى وكر الطيور الحوم
ومناظر الأشلاء تنهضها الصقور فترتمي
*******
من سد أبواب الجنوب بكل قفل محكم؟
من قسم السودان بين بنيه شر مقسم؟
أهم الشماليون؟،،، هل كانوا هناك ؟،،،، تكلمي
ردي فإن العار كل العار أن تتجهمي
توريت ذاك هو العدو فهمت أم لم تفهمي
توريت إن غدا لناظره قريب المقدم
فستعرفين وتندمين ولات ساعة مندم
مر اليوم أكثر من خمسون عاماً على أحداث ذلك العصيان و المذابح البربرية التي صاحبته لم يكن للمؤتمر الوطنى يدٌ فيها و لم تكن قوانين الشريعة قائمة يومها فالبارات و بيوت الدعارة كانت مفتوحة على مصراعيها فما يحصل من تقسيم اليوم هو سياسة طويلة النفس لتحقيق أهداف كلية أفصح عنها كثير من رجال الارساليات و الاستعمار كما ان الدول الغربية اليوم تنظر بعين الطمع لموارد هذا القطر الشاسع يسرها ان يتمزق و تنتشر فيه الفتن فيسهل على شركاتها سرقة موارده كما يحدث فى جل الدول الافريقية إستعمار جديد تصفق له النخب و تعمل في بلاهة لتنفيذ مخططاته.
المؤسف أن معظم رجال السياسة وكتاب الصحافة و النخب المشتغلة بصناعة الرأى يُقعدها الجهل بحقائق التاريخ و مؤامرات الأعداء فتتلهى بالكيد السياسى و سفاسف الأمور عن مؤامرة تمزيق الوطن و سرقة موارده ... حسبنا الله و نعم الوكيل.
م. تاج السر حسن عبد العاطى
جامعة الجزيرة – كلية الهندسة
"[email protected]
ود مدنى – 7 يوليو 2011
المرجع:
تقرير لجنة التحقيق الادارى فى حوادث الجنوب فبراير 1956
حرب النهر ونستون تشرشل
خلفية الصراع فى جنوب السودان الدكتور محمد عمر بشير
بسم الله الرحمن الرحيم
أبيي بين الفضل العربى
و الكيد الكنسي
منطقة أبيي هل هى دار لدينكا نقوك
إفتراء تدحضه حقائق التاريخ 1/3
إن النزاع الطويل الذى إنتهى بأن ينفصل جنوب السودان رسمياً بدءً من السبت 9 يوليو 2011 و ما يجرى الآن من نزاع و عدم إستقرار فى جنوب كردفان و النيل الأزرق هو نتاج الكيد الكنسى الغربى الذى الذى تبناه البرلمان البريطانى فى فبراير 1899 عقب دخول جيش كتشنر لإم درمان و كان هدفه المعلن إيقاف المد الإسلامي و الثقافة العربية من التغلقل فى أفريقيا وتمثل ذلك فى تقسيم هذه المناطق إلى مناطق نفوذ Spheres بين الكنائس الغربية المختلفة وبلغ كيد الكنيسة و الإدارة البريطانية مداه بإعلان سياسة المناطق المقفولة عام 1930رسمياً.
كان الهدف من هذه السياسة خلق مناطق عازلة بين القبائل المستعربة و القبائل الأفريقية ومنع التماذج بينها ذلك التماذج الذى لا ينتج إلا إسلاماً كما ذكر صناع هذه السياسة.
تم تنفيذ هذه السياسة على طول الحدود الإدارية بين الجنوب و الشمال و تم ترحيل القبائل الجنوبية بعيداً عن القبائل العربيه وكان فرع دينكا ماريق ( دينكا نقوك) إستثنائاً حيث رفضوا العودة الى دار آبائهم جنوب نهر اللول رغم الحوافز و الإغراءت التى قدمتها لهم الإدارة البريطانية و أصروا على البقاء فى دار عرب المسيرية لأنها دار سلام بالنسبة لهم.
اليوم و بعد أكثر من نصف قرن على هذه الممانعة الموثقة تقود الجهات التى ظلت و لإكثر من قرن من الزمان تقود عملية الفصل الممنهجة بإذكاء النزاع و الفتن فى مناطق التماذج حيث تعذر عليها إيجاد فواصل طبيعية أو إدارية فاليوم تتبنى هذه الجهات كبرالنزاع الحاصل على منطقة أبييى و تتخذ من الحركة الشعبية واجهة لهذا النزاع ولكن هذه المرة ليس بترحيل قبائل الدينكا لإرض آبائهم كما كانت الدعوة فى السابق ولكن بإدعاء غريب هو ملكية دينكا نقوك الأرضالتى آوتهم عليها قبيلة المسيرية بل إدعاء إن المسيرية غرباء على هذه الأرض لأنهم رحل وغير مقيمين فيها.
الحقائق التاريخية التالية هى محاولة لتوضيح هذا الواقع لأنه و الله أعلم يبدو لى أن جل الذين يخوضون فى هذه المسألة يجهلون هذا الواقع التاريخى أو يغيبونه عن قصد:
المسيرية
يرجح المؤرخون ( هندرسون و الرحالة التونسي) وصول المسيرية الحُمر إلى منطقة أبيي حوالى 1780م ويؤكد ذلك وجود ضريح زعيمهم الشيخ على أبوقرون ( أبونفيسة) جنوب بحر العرب في منطقة أبونفيسة.
فى عام 1850م إستطاع الناظر على مسار (أبوسليمان) توحيد فروع المسيرية تحت نظارته و إتخذ من رجل الفولة مقراً لنظارة دار المسيرية. و فى عهده إمتدت دار المسيرية جنوباً حتى نهر اللول ( بحر الحُمر).
خلف الناظر نمر على الجلة الناظر أبو سليمان على نظارة دار المسيرية و فى عهده وصلت دينكا ماريق نقوك الى دار المسيرية حيث أحسن وفادتهم.
إتخذت قبيلة المسيرية منطقة أبيي شمال بحر العرب مصيفاً لها (إكتوبر و حتى مايو من كل عام) و ذلك لرعى ماشيتهم شمال و جنوب بحر العرب فى فصل الصيف و يرحلون عنها مع بداية هطول الأمطار فى أواخر مايو من كل عام و تبقى آثارهم فى منطقة أبييى الحالية كأطلال طرفة بن العبد فى برقة ثهمد التى قال فيها ( لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد * تلوح كباقى الوشم فى ظاهر اليد
دينكا نقوك وتاريخ هجرتهم لدار المسيرية:
سكنت مجموعة الدينكا ماريق ( دينكا نقوك) الجزء الشمالي من جزيرة الزراف بأعالي النيل إلى أن طردهم منها نوير لاو فى بداية القرن التاسع عشر كما إن الفيضانات و المستنقعات التي تغمر المنطقة دفعتهم الي الهجرة شمالاً حتى بلغوا مصيف المسيرية ( منطقة ابيي ) شمال بحر العرب و إكتمل وصولهم الى دار المسيرية عام 1905 وكان على رأسهم السلطان أروب و الشيخ ريحان .
أحسن المسيرية وفادة قبائل الدينكا فالمنطقة تسع الجميع و مجموعات الدينكا الوافدة تعتبر ضعيفة نسبياً وقليلة العدد و لا تشكل خطورة على نفوذ المسيرية فى منطقتهم الشاسعة بل إستفادوا منهم فى عمارة مصيفهم حيث أنهم يمتهنون الزراعة و الرعى كما إنها و فرت الكثير من العمالة التى كان يحتاجها المسيرية لرعى قطيعهم المتعاظم.
قابل سلاطين الدينكا ( الجانقى) المهدي و على رأسهم السلطان أروب بيونق فى قدير ودخل عدد كبير منهم فى الإسلام ومازال الإسلام فاشياً بينهم الى يوم الناس هذا فإمام مسجد أبييى اليوم هو ابراهيم بن السلطان دين مجوك ( أخ لفرانسيس دينق) ولكن المنظمات التبشيرية التى أوكل لها الانجليز مهمة التعليم و التدريب إستطاعت أن تجذب مجموعات كبيرة من ابناء الدينكا و خاصةً ابناء زعماء القبائل و ان تزرع البغضاء و الكره للعرب و ثقافتهم فلم يعودوا يروا فيهم غير صورة تجار الرقيق البغيضة تلك المهنة التى إمتهنها ومارسها الرجل الأبيض ورمى بجريرتها أبناء الشمال ( العرب).
تم تأطير العلاقة بين المسيرية و دينكا نقوك فيما عرف بميثاق الإخاء الذى تم إبرامه عام 1905 بين زعيم المسيرية الناظر نمر على الجلة و السلطان كوال أروب و الذى يعطى الدينكا حق الإقامة فى منطقة أبيي ولكن لا يعطيهم حقوق الدار على الأرض بمعنى أنه يعطى عشيرة السلطان كوال حق المساكنة و الرعي و الزراعة فى دار المسيرية من غير أن يكون لهم حق فى الدار فدارهم جزيرة الزراف بأعالي النيل. هذه الأريحية كانت مقدرة و معلومة للسلطان كوال ومن بعده إبنه السلطان دينق مجوك.
كان من نتائج هذا الميثاق هجرة المزيد من الدينكا الي منطقة أبيي شمال بحر العرب و إستمرت العلاقة بين المسيرية و دينكا نقوك تتسم بالود و الصداقة لعقود من الزمن كما شهدت بذلك تقارير المفتشين الإنجليز الذين حاولوا مراراً و تكراراً إعادة دينكا نقوك الى جنوب بحر اللول لفصلهم طبيعياً عن عرب المسيرية.
عندما أعلنت الحكومة االبريطانية سياسة المناطق المقفولة فى عام 1930 طلبت من سلطان دينكا نقوك كوال أروب الإنضمام الى الجنوب و أتت بعدد من سلاطين الدينكا ليقنعوه بالعودة الى أهله و موطن أجداده و عدم مساكنة العرب لأن هذا يهدم الركن الأساسى فى سياسة الفصل بين الشمال و الجنوب ولكن السلطان كوال رفض و إعتذر بأنه يحترم رغبة والده بالإقامة مع المسيرية.
فى عام 1943 مات السلطان كوال أروب و تم تعيين إبنه دينق مجوك خلفاً له . فى عام 1947 وفى إطار الإستعداد لمؤتمر جوبا التقى المفتش البريطانى بالسلطان دينق مجوك و طلب منه مراجعة قرار والده و العودة للجنوب ولكنه رفض و إعتذر باحترامه لرغبة آبائه.
فى عام 1949 تم تأسيس مجلس ريفى دار المسيرية فى حدوده القديمة على عهد الناظر على مسار وقد قام هندرسون بوضع خريطة دقيقة للمجلس كما كانت فى عهد الناظر مسار غير أن وجود دينكا نقوك الذى إستجد داخل الحدود التاريخية لدار المسيرية سبب مشكلة جديدة لم تكن موجودة فى عهد الناظر مسار.
فى عام 1950 قام مفتش المركز مايكل تيبس بزيارة ابيي فى معية عدد كبير من رجال الإدارة البريطانية وقدم لدينكا نقوك ثلاثة خيارات الإنضمام الى مجلس ريفى قوقريال فى بحر الغزال أو الى مجلس جديد يتم تأسيسه فى بانتيو بأعالى النيل أو الإنضمام الى مجلس دار المسيرية الجديد وبالرغم من المحاولات المضنية و الإغراءت الكبيرة لإعادتهم للجنوب قرر دينكا نقوك الإنضمام الى مجلس ريفى دار المسيرية.
فى عام 1951 عُقد إجتماع فى ابيي ضم مجموعة كبيرة من الإداريين البريطانيين و زعماء دينكا نقوك و نوقشت المسألة باستفاضة وإنتهى الإجتماع الى تخلى الإدارة الإستعمارية نهائياً عن إلحاق ابيي بمجلس فى بحر الغزال.
بعد أن تخلى الانجليز عن فكرة ضم دينكا نقوك لبحر الغزال أجرى الناظر بابو نمر و السلطان دينق مجوك مشاورات مستصحبين فيها ثوابت ميثاق الإخاء إنتهى بإدخال دينكا نقوك فى مجلس ريفى دار المسيرية وفى عام 1953حضر السلطان دينق مجوك أول اجتماع له فى المجلس. ظلت علاقة دينكا نقوك و المسيرية مثالاً للتواصل و التماهى الذى تكرهه الحضارة الغربية و السياسة الإستعمارية كما تحدث بمثل ذلك تشيرشل فى مقدمة كتابه حرب النهر.
بلغ الإخاء بين المسيرية و الدينكا أعلى مراحلة عندما إختار مجلس ريفى دار المسيرية عام 1955 السلطان دينق مجوك رئيساً لمجلس ريفى دار المسيرية ينوب عنه الناظر بابو نمر و قد أدت هذه المعاملة الكريمة الى أن تعتنق مجموعات كبيرة من أبناء دينكا نقوك الاسلام و على رأسهم أبناء السلاطين و خاصةً ابناء السلطان دينق مجوك.
فى عام 1969 مات السلطان دينق مجوك و خلفة ابنه عبد الله الذى قتل فى نزاع عائلى كان للكنيسة و المدارس التبشيرية دور كبير فيه. وبموته إنطوت حقبة الحكمة و العقل بين أبناء الدينكا و وبدأت حقبة المتهورين قليلى الخبرة و التجربة نتاج المدارس التبشيرية وهم فوق ذلك غلمان الحرب و التشرد الذى أعقب عصيان 1955 ويصدق فيهم وصف زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم *** وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها، تبعثوها ذميمة *** وتضر إذا أضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها *** وتلقح كشافا ثم تنتج فتئتم
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم *** كاحمر عاد ثم ترضع فتفطم
أحمر عاد هو قدار بن سالف الذي عقر الناقة فحاق بقومه الهلاك و كذلك يفعل أبناء الحروب
م. تاج السر حسن عبد العاطى
جامعة الجزيرة – كلية الهندسة
"[email protected]
ود مدنى – 7 يوليو 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
أبيي بين الفضل العربى
و الكيد الكنسي
الكنائس الغربية و الشيوعيون وراء الصراع بين الدينكا و المسيرية 3/2
ظل رجال الكنيسة الغربيين ( المبشرين) و بعض رجال الادارة الاستعمارية يبذرون فى صبرٍ وأناةٍ غريبين بذور الشقاق بين أهل الشمال و الجنوب حتى بعد أن أعلنت الدولة البريطانية فشل سياسة المناطق المقفولة عام 1945. أفلحت جهود الكنيسة فى زرع الكراهية و البغضاء فى نفوس أبناء الجنوب تجاه إخوانهم فى الشمال بعد أن فشلت فى إستقطاب رجال مثل السلطان كوال أروب و السلطان دينق مجوك وقد نفذت الكنيسة سياستها تلك بتوليها خدمات التعليم و الصحة فكانت المناهج تصور أبناء الشمال بأنهم تجار رقيق و أنهم السبب فى تخلف و شقاء الجنوب و عمدت الى سحب أبناء الجنوب من المدارس فى الشمال و إرسالهم الى المدارس التى تسيطر عليها الارساليات فى الجنوب, و فرانسيس دينق خير مثال لذلك حيث أفلح مفتش المركز الإنجليزى باقناع والده السلطان دينق مجوك بتحويله من مدرسة خورطقت الثانوية الى مدرسة رمبيك حيث تم تعميده و إعطاءه اسماً كنسياً " فرانسيس" وله اليوم القدح المعلى فى الدعوة لطرد المسيرية من منطقة أبيي و تنفيذ المخطط الكنسي الصهيونى الماسوني خلافاً لما كان عليه آبائه و أجداده.
أفلحت سياسة الكنيسة فى أن لا يرى المتعلمون من أبناء منطقة ابييى فى المسيرية إلا أعداء و رفعوا راية الإنضمام الى الجنوب خلافاً لرأى زعمائهم التقليديين فكانت تلك هى نتاج البذرة التى بذرتها الكنيسة عام 1899 وبدأت فى قطف ثمارها الكريهة عام 1955 و إستمرت تتعهدها بالإستلاب الفكرى و المال و بذر الفتن الى أن بلغت الحصاد الأكبر فى 9 يوليو 2011 .
تمثل ذلك أول مرة فى دعوة مجموعة من المتعلمين من أبناء دينكا نقوك بقيادة أحمد بن السلطان دينق مجوك الى ضم أبيي الى الجنوب خلافاً لرأى آبائهم و إنتهت هذه المجموعة الى الإلتحاق بالانيانا -1 فى التمرد الاول عام 1963.حاولت هذه المجموعة الى جر دينكا نقوك الى التمرد فبعد أحداث متفرقة إستهدفت فيها رعاة و قطيع المسيرية قامت مجموعة من أنيانا -1 بشن هجوم غادر على المسيرية ( أولاد عمران) فى مارس 1965 فى الرقبة الزرقاء قتلوا 142 منهم و مثلوا بجثثهم.
وعلى أثر هذا الحادث الشنيع قامت قبيلة المسيرية بمهاجمة أبناء الدينكا فى أبيي و المجلد و الضعين و بابنوسة و كانت تلك هى النهاية المحزنة لفترة التآخى و التماهى الذى كانت هى سمة التعامل بين المسيرية و دينكا ماريق . و كانت تلك بداية لحقبة جديدة ما زالت تتكشف لا يدرى أحد غير الله بما تنتهى اليه فدعاة الفتنة و الشقاق فى أقوى حالاتهم و دعاة الوحدة و التعاون و السلام فى أضعف حالاتهم ولكن يظل الحق أبلج.
فى عهد الديمقراطية الثانية 1964 -1969 جرت محاولات من الاحزاب الشمالية و الجنوبية لتوصيف مشكلة الجنوب واقتراح الحلول لها كان أهمها مؤتمر المائدة المستديرة ولكن لم تتفق الاحزاب على وصفةٍ للحل فالدور الكنسي السالب ظل يقف حجر عثرة فى وجه أي اتفاق بين الشمال و الجنوب لا ينتهى بالإنفصال الذى تحدث عنه ضباط حملة كتشنر.
فى عام 1969 مات السلطان دينق مجوك و خلفه ابنه عبد الله ولكنه قتل فى نزاع عائلي قسم عائلة السلطان و أضعف دورها التقليدي.
عندما وقع الانقلاب الشيوعي/ اليسارى عام 1969 كان أحد أهم اطروحاته وصفته لحل ما عرف بمشكلة الجنوب و تمثلت تلك الوصفة فيما عرف ببيان 9 يونيو 1969و الذى أمن على الإختلافات التاريخية و الثقافية بين الشمال و الجنوب و أكد أن الوحدة بين شطري البلاد لا يمكن أن تتحقق إلا بالإعتراف بتلك الإختلافات و وعد بإعطاء الجنوب حكماً إقليمياً ذاتياً و بادر بانشاء وزارة شؤون الجنوب تولاها جوزيف قرنق عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السودانى.
بالرغم من الخلاف الذى وقع بين نميري و الشيوعيين و الذى إنتهى بإعدام مجموعة من قيادات الحزب الشيوعي من ضمنهم جوزيف قرنق إلا أن رؤية الحزب ظلت باقية بعد ذلك و لعل إتفاقية أديس أبابا 1972 هى من مخرجاتها و تاريخ الإنفصال فى 9 يوليو 2011 ليس بالمصادفة.
من أخطر قرارات ثورة مايو/ الشيوعية التى كان لها أثر كبير على السلام الأهلي فى منطقة المسيرية حل الإدارة الاهلية وإبعادها عن دائرة صنع القرار و حل النزاعات كما تم الغاء المجالس الريفية التى أنشأها الإنجليز على أساس قبلى مثل مجلس ريفى الكبابيش, و مجلس ريفى دار حامد و مجلس ريفى دار المسيرية الخ و أصبحت الأرض فى عموم السودان ملكاً مشاعاً (ميري) وتَمَلُك الأرض يتم بصفة المواطنه فقط وإنتهز أبناء الدينكا المتنفذين فى حكومة مايو السياسة الجديدة و إدعوا ملكية الأرض فى منطقة أبيي بحق المواطنة ولم يستطيع أبناء المسيرية الدفاع عن حقهم التاريخي لأنهم أولاً كانوا مثالاً للإدارة الأهلية التى تتوكأ عليها الطائفية و خاصةً طائفة الأنصار التى قادت المواجهة ضد النظام الشيوعي وأن مساندة المسيرية للإمام الهادي لم تكن خفيه و أنهم فوق ذلك رعاة رحل لا يسكنون أرضاً.
الإستفتاء على منطقة أبيي يظنه الكثيرون أنه من مخرجات نيفاشا ولكنه فى الحقيقة يرجع إلى إتفاقية أديس أبابا 1972 فالمادة3-3 منها تنص على أن "المديريات الجنوبية بالسودان تعنى مديريات بحر الغزال و الاستوائية و أعالى النيل وفقاً لحدودهما التى كانت قائمة فى 1/1/1956 و أي مناطق أخرى كانت ثقافياً و جغرافياً جزءاً من المجتمع الجنوبي حسبما قد يتم تحقيقه بواسطة استفتاء)
إستغل المتعلمون من أبناء منطقة أبيي الجفوة بين النميرى و قيادة المسيرية المحسوبة على كيان الأنصار والمدموقة بدعمها للإمام الهادى و تولى كبر الأمر عصبةٌ على رأسهم السفير النافذ فرانسيس دينق مجوك و الدكتور زكريا دينق مجوك و زير الصحة بالاقليم الجنوبى و جستين أقوير مساعد المحافظ لمنطقة ابيي و دفعوا بضرورة قيام إستفتاء حسب المادة 3-3 من إتفاقية أديس أبابا ولكن الحكومة و بعد إدراكها لقوة المسيرية و مكر أبناء الدينكا و من هم ورائهم قررت أن النص لا يلزم الحكومة بإجراء إستفتاء لتحديد تبعية منطقة أبيي بناءً الفتوى القانونية التى دفعت بها لجنة المرحوم القاضى دفع الله الرضى. وأنهت هذه الفتوى دعوة أبناء دينكا ماريق بخصوص الإستفتاء خاصةً بعد ان تخلت حكومة أبيل الير عنها لأنها كانت ترى فى إتفاقية أديس أبابا مكسباً للجنوب يجب عدم التضحية به فى سبيل أرض ليست لهم.
م. تاج السر حسن عبد العاطى
جامعة الجزيرة – كلية الهندسة
"[email protected]
ود مدنى – 7 يوليو 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
أبيي بين الفضل العربى
و الكيد الكنسي
إتفاقية نيفاشا و مقترح الطريق الثالث 3/3
بقيت منطقة ابيي جزءً من ولاية جنوب كردفان الى أن تم التوقيع على إتفاقية نيفاشا فى 9 يونيو 2005 حيث نصت اتفاقية السلام الشامل CPA فى فصلها الرابع على مبادىء الإتفاق بشأن أبيي و هو ذات النص الذى دفع به للطرفين المبعوث الأمريكى القس جون دان فورث و الذى إرتضاه الطرفان أساساً لحل النزاع بشأن أبيي حيث جاء فى ديباجته:
تعرف منطقة ابيي بأنها منطقة المشيخات التسعة لدينكا نقوك و التى حولت الى كردفان في عام 1905 ( تعريف بحدود المنطقة)
تحتفظ المسيرية و غيرها من البدو الرحل بحقوقهم التقليدية برعى ماشيتهم و التحرك عبر منطقة ابيي
وعندما بدء تطبيق برتكول ابيي و الذى ينص على إستفتاء سكان المنطقة على تبعيتها للشمال أو الجنوب قبل استفتاء حق تقرير المصير,أثارت الحركة الشعبية ما سكت عنه سلاطينهم وإدعت بأن الارض ملكاً لهم وحدهم و أن المسيرية ليس لهم الحق فى التصويت لأنهم رحل و غير مقيمين بالمنطقة إقامة دائمة و أن إثبات حق الرعى لهم بالمنطقة فى اتفاقية نيفاشا لا يعطيهم حق التصويت و تناسى هؤلاء فضل عرب المسيرية عليهم حيث آووهم حين طردهم و قتلهم إخوانهم نوير لاو و إستقووا على فرسان المسيرية بالسلاح و الدعم الكنسي.
ونسبةً لأن عدد المسيرية هو أضعاف أعداد الدينكا فى المنطقة فان أى استفتاء يشارك فيه المسيرية يعنى بقاء أبيي حيث هي مع الشمال كما إن دينكا نقوك لا يمكنهم العودة لأرض آبائهم فى منطقة بحر الزراف لأن نوير لاو لن يسمحوا لهم بذلك و أن المتعلمين من أبناء دينكا نقوك لا يريدون البقاء فى الشمال فى معية إخوانهم المسيرية لإستلاب ثقافي و نفسي لا يمكن علاجه كما ان المسيرية لا يمكنهم التخلي عن هضبة أبيي لأنها مصيفهم الوحيد ومرعى قطيعهم الضخم فى الصيف و لا يوجد بديل له لهذا كان لابد من النظر الى طريق ثالث لحل هذا المشكل.
خيارات الطريق الثالث:
1. تقوم حكومة جنوب السودان و بمساعدة من الدول الغربية التى سعت لكبر هذه الفتنة بايجاد وطن جديد داخل أراضي الجنوب الفسيحة لدينكا نقوك. مثلاً فى منطقة جونقلى حيث يتم توفير مشاريع إعاشة وخدمات تعليم وصحة و مساكن يتم ترحيل أبناء دينكا نقوك لها ليعيشوا وسط أهلهم كما كانت تسعى لذلك الإدارة البريطانية و الإرساليات الغربية. يبقى فى منطقة أبيي و ضمن الشمال من أراد من أبناء دينكا نقوك وتمنح له الجنسية السودانية.
2. يتم تقسيم هضبة أبيي بين المسيرية و الدينكا بعد تطويرها لتلبى حاجة الطرفين على ان يكون للمسيرية حق الفيتو على هذا الخيار و على خط التقسيم لأن الأرض تاريخياً لهم و دينكا نقوك ضيوف عليهم فحق المواطنة لا يعطيهم الأرض حسب العرف السائد فى دولة جنوب السودان و شماله.
من هذا السرد التاريخي الطويل يتضح أن منطقة أبيي ليست داراً لدينكا نقوك و أن رحيل المسيرية عن المنطقة فى فصل الأمطار لا يجعلهم غرباء عن ديارهم و ديار آبائهم و الأمر برمته لا يحتاج لفتوى من محكمة فى لاهاي أو رأي لغرباء ولكنه مثال آخر بعد الذي يجري فى فلسطين لجور و إختلال معاييرالحضارة الغربية و الله المستعان.
م. تاج السر حسن عبد العاطى
جامعة الجزيرة – كلية الهندسة
"[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.