بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على بقت مكواج انقويك: منطقة أبيي لم تكن داراً لدينكا نقوك .. بقلم: م. تاج السر حسن عبد العاطى
نشر في سودانيل يوم 20 - 10 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً : محطات تاريخية في قضية ابيي
إن النزاع الطويل الذى إنتهى بإنفصال جنوب السودان رسمياً بدءً من السبت 9 يوليو 2011 و ما يجرى الآن من نزاع و عدم استقرار فى جنوب كردفان و النيل الازرق هو نتاج الكيد الكنسى الغربى الذى الذى تبناه البرلمان البريطانى فى فبراير 1899 عقب دخول جيش كتشنر لام درمان و كان هدفه المعلن إيقاف المد الإسلامى و الثقافة العربية من التغلقل فى أفريقيا وتمثل فى تقسيم هذه المناطق الى مناطق نفوذ بين الكنائس الغربية المختلفةSpheresوبلغ كيد الكنيسة و الإدارة البريطانية مداه بإعلان سياسة المناطق المقفولة عام 1930.
كان الهدف من هذه السياسة خلق مناطق عازلة بين القبائل المستعربة و القبائل الافريقية ومنع التماذج بينها ذلك التماذج الذى لا ينتج إلا إسلاماً كما ذكر صُناع هذه السياسة.
تم تنفيذ هذه السياسة على طول الحدود الإدارية بين الجنوب و الشمال و تم ترحيل القبائل الجنوبية بعيداً عن القبائل العربيه وكان فرع دينكا ماريق ( دينكا نقوك) إستثنائاً حيث رفضوا العودة الى دار آبائهم جنوب نهر اللول رغم الحوافز و الإغراءت التى قدمتها لهم الادارة البريطانية و أصروا على البقاء فى دار عرب المسيرية لأنها دار سلام بالنسبة لهم.
اليوم و بعد أكثر من نصف قرن على هذه الممانعة المُوثقة تقود الجهات التى ظلت و لإكثر من قرن من الزمان تتبنى عملية الفصل الممنهجة بإذكاء النزاع و الفتن فى مناطق التماذج حيث تعذر عليها إيجاد فواصل طبيعية أو إدارية فاليوم تتبنى هذه الجهات كِبرالنزاع الحاصل على منطقة ابييى و تتخذ من الحركة الشعبية واجهة لهذا النزاع ولكن هذه المرة ليس بترحيل قبائل الدينكا لإرض آبائهم كما كانت الدعوة فى السابق ولكن بإدعاء غريب هو ملكية دينكا نقوك الأرضالتى آوتهم عليها قبيلة المسيريةبل إدعاء أن المسيرية غرباء على هذه الأرض لأنهم رحل وغير مقيمين فيها.
الحقائق التاريخية التالية هى محاولة لتوضيح هذا الواقع لأنه و الله أعلم يبدو لى أن جُل الذين يخوضون فى هذه المسألة يجهلون هذا الواقع التاريخى أو يغيبونه عن قصد و مكواج انقويك مثال:
المسيرية
يرجح المؤرخون ( هندرسون و الرحالة التونسي) وصول المسيرية الحُمر إلى منطقة أبيي حوالى 1780م ويؤكد ذلك وجود ضريح زعيمهم الشيخ على أبوقرون ( أبونفيسة) جنوب بحر العرب.
فى عام 1850م إستطاع الناظر على مسار (أبوسليمان) توحيد فروع المسيرية تحت نظارته و إتخذ من رجل الفولة مقراً لنظارة دار المسيرية. و فى عهده إمتدت دار المسيرية جنوباً حتى نهر اللول ( بحر الحُمر) حدود مناطق رعيهم.
خلف الناظر نمر على الجُلة الناظر أبو سليمان على نظارة دار المسيرية و فى عهده وصلت دينكا ماريق ( نقوك) شمال بحر العرب الى دار المسيرية حيث أحسن وفادتهم.
إتخذت قبيلة المسيرية منطقة ابيي شمال بحر العرب مصيفاً لهم (اكتوبر و حتى مايو من كل عام) و ذلك لرعى ماشيتهم شمال و جنوب بحر العربفى فصل الصيف و يرحلون عنها مع بداية هطول الامطار فى أواخر مايو من كل عام و تبقى آثارهم فى منطقةأبييى الحالية كأطلال طرفة بن العبد فى برقة ثهمد التى قال فيها( لخولة أطلال ببرقة ثهمد * تلوح كباقى الوشم فى ظاهر اليد وهذه حال الرحل من قديم.
دينكا نقوك وتاريخ هجرتهم لدار المسيرية:
سكنت مجموعة الدينكا ماريق ( دينكا نقوك) الجزء الشمالى من جزيرة الزراف بأعالى النيل الى أن طردهم منها نوير لاو فى بداية القرن التاسع عشر كما ان الفيضانات و المسنتنقعات دفعتهم الى الهجرة شمالاً حتى بلغوا مصيف المسيرية ( منطقة ابيي ) شمال بحر العرب و إكتمل وصولهم الى دار المسيرية عام 1905 وكان على رأسهم السلطان أروب و الشيخ ريحان .
أحسن المسيرية وفادة قبائل الدينكا فالمنطقة تسع الجميع و مجموعات الدينكا الوافدةتعتبر ضعيفة نسبياً وقليلة العدد و لا تشكل خطورة على نفوذ المسيرية فى منطقتهم الشاسعة بل إستفادوا منهم فى عمارة مصيفهم حيث أنهم يمتهنون الزراعة و الرعى كما إنها و فرت الكثير من العمالة التى كان يحتاجها المسيرية لرعى قطيعهم المتعاظم.
قابل سلاطين الدينكا ( الجانقى) المهدى و على رأسهم السلطان أروب بيونق فى قدير ودخل عدد كبير منهم فى الاسلام ومازال الاسلام فاشياً بينهم الى يوم الناس هذا فإمام مسجد أبييى اليوم هو ابراهيم بن السلطان دين مجوك ( أخ لفرانسيس دينق) ولكن المنظمات التبشيرية التى أوكل لها الانجليز مهمة التعليم و التدريب إستطاعت أن تخطف مجموعات كبيرة من ابناء الدينكا و خاصةً ابناء زعماء القبائل و ان تزرع في عقولهم البغضاء و الكره للعرب و ثقافتهم فلم يعودوا يروا فيهم غير صورة تجار الرقيق البغيضة تلك المهنة التى امتهنها ومارسها الرجل الابيض ورمى بجريرتها أبناء الشمال ( العرب).
تم تأطير العلاقة بين المسيرية و دينكا نقوك فيما عرف بميثاق الإخاء الذى تم إبرامه عام 1905 بين زعيم المسيرية الناظر نمر على الجلة و السلطان كوال أروب و الذى يعطى الدينكا حق الاقامة فى منطقة أبيي ولكن لا يعطيهم حقوق الدار على الارضبمعنى أنه يعطى عشيرة السلطان كوال حق المساكنة و الرعى و الزراعة فى دار المسيرية من غير أن يكون لهم حق فى الدار فدارهم جزيرة الزراف بأعالى النيل. هذه الاريحية كانت مقدرة و معلومة للسلطان كوال ومن بعده ابنه السلطان دينق مجوك.
كان من نتائج هذا الميثاق هجرة المزيد من الدينكا الى منطقة أبيي شمال بحر العرب و إستمرت العلاقة بين المسيرية و دينكا نقوك تتسم بالود و الصداقة لعقود من الزمن كما شهدت بذلك تقارير المفتشين الانجليز الذين حاولوا مراراً و تكراراً إعادة دينكا نقوك الى جنوب بحر اللول لفصلهم طبيعياً عن إخوانهم المسيرية حتى لا يتأثروا بالثقافة العربية الغالبة و الديانة الاسلامية التي تتغلغل في أفريقيا تغلغل الماء في الاسفنج الجاف.. كما قال اللورد تشيرشل.
عندما أعلنت الحكومة االبريطانية سياسة المناطق المقفولة فى عام 1930 طلبت من سلطان دينكا نقوك كوال أروب بالانضمام الى الجنوب و أتت بعدد من سلاطين الدينكا ليقنعوه بالعودة الى أهله و موطن أجداده و عدم مساكنة العرب لأن هذا يهدم الركن الاساسى فى سياسة الفصل بين الشمال و الجنوب ولكن السلطان كوال رفض و أعتذر بأنه يحترم رغبة والده بالاقامة مع المسيرية.
فى عام 1943 مات السلطان كوال أروب و تم تعيين ابنه دينق مجوك خلفاً له . فى عام 1947 وفى اطار الاستعداد لمؤتمر جوبا التقى المفتش البريطانى بالسلطان دينق مجوك و طلب منه مراجعة قرار والده و العودة للجنوب ولكنه رفض و إعتذر باحترامه لقرار والده.
فى عام 1949 تم تأسيس مجلس ريفى دار المسيرية فى حدوده القديمة على عهد الناظر على مسار وقد قام هندرسون بوضع خريطة دقيقة للمجلس كما كانت فى عهد الناظر مسار غير أن وجود دينكا نقوك الذى إستجد داخل الحدود التاريخية لدار المسيرية سبب مشكلة جديدة لم تكن موجودة فى عهد الناظر مسار.
فى عام 1950 قام مفتش المركز مايكل تيبس بزيارة ابيي فى معية عدد كبير من الادارة البريطانية وقدم لدينكا نقوك ثلاثة خيارات الإنضمام الى مجلس ريفى قوقريال فى بحر الغزال أو الى مجلس جديد يتم تأسيسه فى بانتيو بأعالى النيل أو الانضمام الى مجلس دار المسيرية الجديد وبالرغم من المحاولات المضنية و الإغراءت الكبيرة لإعادتهم للجنوب قرر دينكا نقوك الإنضمام الى مجلس ريفى دار المسيرية.
فى عام 1951 عُقد فى ابيي اجتماع آخر ضم مجموعة كبيرة من الاداريين البريطانيين و زعماء دينكا نقوك و نوقشت المسألةباستفاضة وانتهى الإجتماع الى تخلى الإدارة الإستعمارية نهائياً عن ترحيل دينكا نقوك الى أيمنطقة فى بحر الغزال.
بعد أن تخلى الانجليز عن فكرة ضم دينكا نقوكلبحر الغزال أجرى الناظر بابو نمر و السلطان دينكا مجوك مشاورات مستصحبين فيها ثوابت ميثاق الإخاءإنتهى بإدخال دينكا نقوك فى مجلس ريفى دار المسيرية وفى عام 1953حضر السلطان دينق مجوك أول اجتماع له فى المجلس. ظلت علاقة دينكا نقوك و المسيرية مثالاً للتواصل و التماهى الذى تكرهه الحضارة الغربية و السياسة الاستعمارية كما تحدث بمثل ذلك تشيرشل فى مقدمة كتابه حرب النهر.
بلغ الاخاء بين المسيرية و الدينكا أعلى مراحلة عندما اختار مجلس ريفى دار المسيرية عام 1955 السلطان دينق مجوك رئيساً لمجلس ريفى دار المسيرية ينوب عنه الناظر بابو نمر و قد أدت هذه المعاملة الكريمة الى أن تعتنق مجموعات كبيرة من أبناء دينكا نقوك الاسلام و على رأسهم أبناء السلاطين و خاصةً ابناء السلطان دينق مجوك.
فى عام 1969 مات السلطان دينق مجوك و خلفة ابنه عبد الله الذى قتل فى نزاع عائلى كان للكنيسة و المدارس التبشيرية دور كبير فيه.
ثانياً : الكنائس الغربية و الشيوعيون وراء الصراع بين الدينكا و المسيرية
ظل رجال الكنيسة الغربيين ( المبشرين) و بعض رجال الادارة الاستعمارية يبذرون فى صبرٍ واناةٍ غريبين بذور الشقاق بين أهل الشمال و الجنوب حتى بعد ان أعلنت الدولة البريطانية فشل سياسة المناطق المقفولة عام 1945. أفلحت جهود الكنيسة فى زرع الكراهية و البغضاء فى نفوس ابناء الجنوب تجاه إخوانهم فى الشمال بعد أن فشلت فى إستقطاب رجال مثل السلطان كوال أروب و السلطان دينق مجوك وقد نفذت الكنيسة سياستها تلك بتوليها خدمات التعليم و الصحة فكانت المناهج تصور أبناء الشمال بأنهم تجار رقيق و أنهم السبب فى تخلف و شقاء الجنوب و عمدت الى سحب أبناء الجنوب من المدارس فى الشمال و إرسالهم الى مدارس الجنوب التى تسيطر عليها الارساليات و فرانسيس دينق خير مثال لذلك حيث أفلح مفتش المركز الانجليزى باقناع والده السلطان دينق مجوك بتحويله من مدرسة خورطقت الثانوية الى مدرسة رمبيك حيث تم تعميده وإعطاءه اسماً كنسياً " فرانسيس" وله اليوم القدح المعلى فى الدعوة لطرد المسيرية من منطقة ابيي و تنفيذ المخطط الكنسي الصهيونى الماسونى خلافاً لما كان عليه آبائه و أجداده.
أفلحت سياسة الكنيسة فى أن لا يرى المتعلمون من أبناء منطقة ابييى فى المسيرية إلا أعداء و رفعوا راية الإنضمام الى الجنوب خلافاً لرأى زعمائهم التقليديين كانت تلك هى البذرة التى بذرتها الكنيسة عام 1899 وبدأت فى قطف ثمارها الكريهة عام 1955 و إستمرت تتعهدها بالإستلاب الفكرى و المال و بذر الفتن الى أن بلغت الحصاد الأكبر فى 9 يوليو 2011 .
تمثل ذلك أول مرة فى دعوة مجموعة من المتعلمين بقيادة أحمد بن السلطان دينق مجوك الى ضم أبيي الى الجنوب خلافاً لرأى آبائهم و إنتهت هذه المجموعة الى الإلتحاق بالانيانا -1 فى التمرد الاول عام 1963.حاولت هذه المجموعة الى جر دينكا نقوك الى التمرد فبعد أحداث متفرقة استهدفت رعاة و قطيع المسيرية قامت مجموعة من انيانا -1 بشن هجوم غادر على المسيرية( أولاد عمران) فى مارس 1965 فى الرقبة الزرقاء قتلوا فيه 142 منهم و مثلوا بجثثهم.
وعلى أثر هذا الحادث الشنيع قامت قبيلة المسيرية بمهاجمة أبناء الدينكا فى ابيي و المجلد و الضعين و بابنوسة و كانت تلك هى النهاية المحزنة لفترة التآخى و التماهى الذى كانت هى سمة التعامل بين المسيرية و دينكا ماريق . و كانت تلك بداية لحقبة جديدة ما زالت تتكشف لا يدرى أحد غير الله بما تنتهى اليه فدعاة الفتنة و الشقاق فى أقوى حالاتهم و دعاة الوحدة و التعاون و السلام فى أضعف حالاتهم ولكن يظل الحق أبلج.
فى عهد الديمقراطية الثانية 1964 -1965 جرت محاولات من الاحزاب الشمالية و الجنوبية لتوصيف مشكلة الجنوب واقتراح الحلول كان أهمها مؤتمر المائدة المستديرة ولكن لم تتفق الاحزاب على وصفةٍ للحل فالدور الكنسى السالب ظل يقف حجر عثرة فى وجه أى اتفاق بين الشمال و الجنوب لا ينتهى بالانفصال الذى تحدث عنه ضباط حملة كتشنر.
فى عام 1969 مات السلطان دينق مجوك و خلفه ابنه عبد الله ولكنه قتل فى نزاع عائلي قسم عائلة السلطان و أضعف دورها التقليدي.
عندما وقع الانقلاب الشيوعي/ اليسارى عام 1969 كان أحد أهم اطروحاته وصفة لحل ما عرف بمشكلة الجنوب و تمثلت تلك الوصفة فيما عرف ببيان 9 يونيو 1969و الذى أمن على الاختلافات التاريخية و الثقافية بين الشمال و الجنوب و أكد أن الوحدة بين شطري البلاد لا يمكن أن تتحقق إلا بالإعتراف بتلك الإختلافات و وعد بإعطاء الجنوب حكماً إقليمياً ذاتياً و بادر بانشاء وزارة شؤون الجنوب تولاها جوزيف قرنق عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السودانى.
بالرغم من الخلاف الذى وقع بين نميري و الشيوعيين و الذى إنتهى باعدام مجموعة من قيادات الحزب الشيوعي من ضمنهم جوزيف قرنق الا أن رؤية الحزب ظلت باقية بعد ذلك و لعل إتفاقية أديس أبابا 1972 هى من مخرجاتها و تاريخ الإنفصال فى 9 يوليو 2011 ليس بالمصادفة.
ومن أخطر قرارات ثورة مايو/ الشيوعية التى كان لها أثر كبير على السلام الاهلي فى منطقة المسيرية حل الادارة الاهلية وإبعادها عن دائرة صنع القرار و حل النزاعات كما تم الغاء المجالس الريفية التى أنشأها الإنجليز على أساس قبلى مثل مجلس ريفى الكبابيش, و مجلس ريفى دار حامد و مجلس ريفى دار المسيرية الخ و أصبحت الأرض فى عموم السودان ملكاً مشاعاً (ميري) وتَمَلُك الأرض يتم بصفة المواطنه فقط وإنتهز أبناء الدينكا المتنفذين فى حكومة مايو السياسة الجديدة و دعوا الى ملكية الارض فى منطقة أبيي بحق المواطنة ولم يستطيع أبناء المسيرية الدفاع عن حقهم لأنهم أولاً كانوا مثالاً للإدارة الأهلية التى تتوكأ عليها الطائفية و خاصةً طائفة الأنصار التى قادت المواجهة ضد النظام الشيوعي وأن مساندة المسيرية للإمام الهادي لم تكن خفيه و أنهم فوق ذلك رعاة رحل لا يسكنون أرضاً.
الأستفتاء على منطقة ابيي يظنه الكثيرون انه من مخرجات نيفاشا ولكنه فى الحقيقة يرجع الى إتفاقية أديس أبابا فالمادة3-3 منها تنص على أن "المديريات الجنوبية بالسودان تعنى مديريات بحر الغزال و الاستوائية و اعالى النيل وفقاً لحدودهما التى كانت قائمة فى 1/1/1956 و أي مناطق أخرى كانت ثقافياً و جغرافياً جزءاً من المجتمع الجنوبي حسبما قد يتم تحقيقه بواسطة استفتاء)
استغل المتعلمون من ابناء منطقة ابيي الجفوة بين النميرى و قيادة المسيرية المحسوبة على كيان الأنصار المدموق بدعمه للامام الهادى و على رأسهم السفير النافذ فرانسيس دينق مجوك و الدكتور زكريا دينق مجوك و زير الصحة بالاقليم الجنوبى و جستين أقوير مساعد المحافظ لمنطقة ابيي و دفعوا بضرورة قيام إستفتاء حسب المادة 3-3 من اتفاقية أديس ابابا ولكن الحكومة و بعد ادراكها لقوة المسيرية و مكر ابناء الدينكا و من هم ورائهم قررت أن النص لا يُلزم الحكومة باجراء استفتاء لتحديد تبعية منطقة أبيي بناءً الفتوى القانونية التى دفعت بها لجنة المرحوم القاضى دفع الله الرضى. وأنهت هذه الفتوى دعوة أبناء دينكا ماريق بخصوص الإستفتاء خاصةً بعد ان تخلت حكومة أبيل الير عنها لأنها كانت ترى فى الإتفاقية مكسباً للجنوب يجب عدم التضحية به فى سبيل أرض ليست لهم.
ثالثاً : إتفاقية نيفاشا و مقترح الطريق الثالث
بقيت منطقة ابيي جزءً من ولاية جنوب كردفان الى أن تم التوقيع على إتفاقية نيفاشافى 9 يونيو 2005حيث نصت اتفاقية السلام الشاملCPA فى فصلها الرابع على مبادىء الاتفاق بشأن ابيي و هو ذات النص الذى دفع به للطرفين المبعوث الأمريكى القس جون دان فورث و الذى ارتضاه الطرفان أساساً لحل النزاع بشأن ابيي حيث جاء فى ديباجته:
تعرف منطقة ابيي بأنها منطقة المشيخات التسعة لدينكا نقوك و التى حولت الى كردفان في عام 1905 ( تعريف بحدود المنطقة)
تحتفظ المسيرية و غيرها من البدو الرحل بحقوقهم التقليدية برعى ماشيتهم و التحرك عبر منطقة ابييGrazing Right
وعندما بدء تطبيق برتكول ابيي و الذى ينص على استفتاء سكان المنطقة على تبعيتها للشمال أو الجنوب أثارت الحركة الشعبية ما سكت عنه سلاطينهم وإدعت بأن الارضملكاً لهم وحدهم و أن المسيرية ليس لهم الحق فى التصويت لأنهم رحل و غير مقيمين بالمنطقة اقامة دائمة و أن اثبات حق الرعى لهم بالمنطقة لا يعطيهم حق التصويت.
ونسبةً لأن عدد المسيرية هو أضعاف أعداد الدينكا فى المنطقة فان أى استفتاء يشارك فيه المسيرية يعنى بقاء ابيي حيث هى مع الشمال كما ان دينكا نقوك لا يمكنهم العودة لأرض آبائهم فى منطقة بحر الزراف لأن نوير لاو لن يسمحوا لهم بذلك ويكون مصير قبائل المورلي في إنتظارهم إضافةً الى أن المتعلمين من ابناء دينكا نقوك لا يريدون البقاء فى الشمال و فى معية إخوانهم المسيرية لإستلاب ثقافي و نفسي لا يمكن علاجه كما ان المسيرية لا يمكنهم التخلي عن حقهم في أرض آبائهم للغرباء وحقهم يقره و يؤكده التاريخ و الجغرافيا و الأعراف القانونية الراسخة وأود هنا أن أنقل هذا الرأي القانوني حول أن حق الرعي الذي أثببته إتفاقية نيفاشا يعادل بل يضاهي حق المواطنة و حق الملكية العينية/ الخاصة.
Grazing Right by the PCA and its consequences
حق الرعي الذى أثبتته اتفاقية السلام الشاملة و ما يترتب عليه
The Permanent Court of Arbitration (PCA), in The Hague, has given the Messiria the grazing right, this will imply the right on the common ownership of the land see[38][39][40][41] RACHAEL E. GOODHUE 2008 , McCarthy 1996, 2003, and 2004, by all means of modern laws , if a person has right on the common ownership of a specific land this will directly imply the right to decide on the future of his property see McCarthy 1996, 2003, and 2004.This common ownership of the land is different from and should not to be confused with private ownership of private property. As an example, the southern Sudanese had the right on the common land of the south and thus were eligible to vote, thus voting was not determined by the private property ownership. It's obvious that if someone has own private property this will not give him the right to vote. It's also clear that over the decades the Messiria have established their ownership by further having their own homes and own properties in the land as different form the common ownership of the land. On contrary while the NajokDinka right on the voting is established, it is to be noted that a large number of them are not currently resident in the Abyei area, and have fled the region further North to Khartoum, thus creating theoretically a scenario where a Messiria born and raised in the region has no right to vote whereas a Najok who has not seen the region before has the right to vote which may violate equality standards.
أرجو أن تكون الحقائق قد تجلت للأستاذ بقت مكواج انقويك و أن يعلم أن ثقافة الكراهية غير المبررة تهدم و لا تبني وهي أحد أعراض التخلف و على المتعلمين من ابناء الجنوب التداوي منها و ذلك لا يتاى إلا بالإنعتاق من اسر ثقافة تجار الرقيق الحقيقيين..... الرجل الابيض و الكنيسة الغربية.
م. تاج السر حسن عبد العاطى
جامعة الجزيرة – كلية الهندسة
"[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.