توطئة: يعتمد هذا المقال على معلومات تم تسريبها من قبل حركي في الحركة الشعبية ومن قبل اخواني ناقم على اخوانه، أخضعت المعلومات الى التحليل من جانبي أفضى الى توقعات قد تصدق وقد تخيب، وقليل من الامنيات. أولاً : مقدمة تمهيدية، لإنعاش الذاكرة و الربط هاجس البشير تركز في سؤال الخلافة: من الذي سوف يخلفه؟ ظل دائم التفكير للوصول الى إجابة مناسبة، حيث قرر ان لا يترك أمر الخلافة لتتم بشكل طبيعي وموضوعي وكنتيجة لتوازن القوى ودراسة للشخصية الاصلح. لا، بل تم الاختيار وفقاً لرغبة البشير في الحماية. حيث أنه يخشى من أن يعمد خليفته إلى تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية أو أن يبادر الخليفة المرتقب بمحاكمته تحت مواد تتعلق بالاغتيال والفساد، لذلك بحث عن خليفه مأمون الجانب و لايغدر به ويسلمه ولا يبادر فيحاكمه. لا يثق عمرالبشير في أركان نظامه من قادة الجبهة الاسلامية القومية ( الاخوان المسلمين) يعرف انهم يعتبرونه مرحلة مؤقتة و إن استطالت. فعمد الى ضربهم ببعضهم، استعان بعلي عثمان طه ليهزم حسن الترابي و أجج الصراع لاحقاً بين علي عثمان ومجموعته و بين نافع علي نافع و كوادره لاضعاف الطرفين، وعينه ترٌقب عوض الجاز و مؤامراته، وذلك بعد ان اجهز على صلاح قوش وعلى قادة السائحون، من ضباط القوات المسلحة وعلى الحركة الاسلامية التي حولها الى اداة باهتة لاحول لها ولاقوة، وتحكم في تسريبات قصص وحالات الفساد واستخدمها لاضعاف غرمائه و ارهابهم و وشغلهم بتوجيه الضربات لبعضهم. إعفاء علي عثمان ونافع و الجاز من مناصبهم كان الخطوة قبل الاخيرة في تهيئة الاوضاع لمصلحة بكري حسن صالح، هو فقط الذي يأمل البشير، في حالة التنازل له، ان يوفر له ولافراد اسرته الحماية اللازمة. غير أن هواجس البشير المتعلقة بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، او محاكمته جدياً في الخرطوم، بتهم كبيرة تتعلق بالتصفيات الجسدية و الفساد، فإن البشير كذلك يواجه عدة مشاكل أخرى نحصرها في النقاط التالية: 1- صحة البشير ليست مستقرة ويبدو انه يعاني من مرض عضال، وقد كثرة حالات غيابه عن مسرح الاحداث، وبان الوهن عليه في الحالات القليلة التي ظهر فيها للانظار. 2- تدهورت علاقة السودان بدول الجوار ذات العلاقات التاريخية و تحديداً مع السعودية و الإمارات ومصر وهي جميعها دول مؤثرة في الشأن السوداني ونال البشير القسط الاكبر من تداعيات تدهور العلاقات، فوجهت له صفعة من قبل السعودية عندما منعت طائرة غير سودانية وغير رسمية امتطاها الرئيس وحاول ان يعبر بها متخفياً تماماً كما يفعل اي مجرم ملاحق هارب، اساءت هذه المحاولة "الغبية" إلى سمعة البشير جداً واهانت المنصب السوداني الاول وتواترت الاسئلة عن سبب تخفي رأس الدولة وتحولت شكوك السعودية في تحالف البشير مع ايران الى التأكد التام واليقين وكذلك تمنعت الإمارات عن استقبال البشير ولم تحاول السلطة معالجة الازمة مع الإمارات كحكومة "محترمة" ومسؤولة، و شاهدنا جميعاً ان التواصل مع الحكومة الاماراتية تم من خلال وفد غير رسمي وضم شخصية مصنفة كمشعوذ دجال . 3- البشير اول رئيس سوداني، بل أول رئيس على مستوى العالم يتم توجيه اتهام له ويطلب منه تسليم نفسه الى المحكمة الجنائية الدولية، وتتم ملاحقته مع توجيه الدول بان تلقي عليه القبض حال مروره باراضيها او اجوائها وتسليمه، هذا الوضع أثر على فعالية منصب رئيس الجمهورية والحق الضرر والحرج بالبلاد. 4- البشير اول رئيس سوداني تهتف الجماهير بفساده شخصياً، فعلها الاشاوس من شباب هبة سبتمبر 2013 المجيدة. هتفوا وصدورهم عارية تواجه رصاص البشير ب(يا خرطوم ثوري ثوري، لن يحكمنا لص كافوري) هذه اهانة غير مسبوقة واتهام مباشر وصريح، جعل السلطة كلها متوترة و عنيفة و من ثم قاتلة. 5- الازمات الطاحنة تلاحق نظام البشير، كل يوم ازمة جديدة ومختلفة حيث ازمة اقتصادية احالت معيشة المواطنين الى ضنك وعذاب يومي ومكابدات لاتنتهي، ولا تجد السلطة حلاً غير تحميل المواطن كل العبء حتى اثقلت كاهله وبات جيش الجوع يحاصر الجميع و أزمة أمنية، حروب في عدة جبهات، جيش ضعيف ، سلطة تحولت من واجبها بتوفير الأمن و الحماية للمواطنين الى متسببة في الرعب والانفلات وباتت العاصمة تحت رحمة الجنجويد، وانتشر العنف والاغتيالات و السرقة وتعددت حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي بالنساء والاطفال حتى دخلت البلاد في أزمة أمنية وأزمة أخلاقية ارتفع بموجبها عدد الاطفال مجهولي الابوين الى نسب مخيفة، وباتت التسريبات بفاحش القول والفعل الذي وصل الى أسماع الجميع، حتى الاسر في البيوت في خطة قصدتها الحكومة لصرف الأنظار عن متابعة قضايا الفساد. الشاهد أن الازمات المتلاحقة والتدهور المريع على كافة المستويات وتفشي الفساد وغياب الأمن والأمان، عجز الاجهزة.. قد وسمت البلاد وباتت تحت ملاحظة معظم دول العالم ، وكشفت انتفاضة سبتمبر 2013 الحجاب عن النظام ، حتى فهم مؤيدو السلطة انها على كف عفريت مالم يحدث انتقال سريع للسلطة يمس رأسها وبرنامجها، ابرز اولئك المؤيدين هم (التنظيم الدولي للاخوان المسلمين) بزعامة تركيا/اوردغان، الذي رأى بعد الضربة التى وجهها السيسي للاخوان المسلمين في مصر، العمل على احداث تعديل في النظام السوداني ليمد به عمر النظام، بعد ان تصاعدت نذر سقوط النظام، حيث وضح ان قيام ثورة في السودان مسألة وقت وان شروط الثورة اصبحت تسير بمحاذاة بعضها والنظام الحاكم يضعف يومياً وعاجز عن ايجاد اي حل لازماته المتفاقمة بينما تتصاعد نبرة الرفض له وسط الجماهير، وتعمل القوى السياسية على تجميع صفوفها، اي ان شرطي الثورة في طريقهما للاكتمال. النظام يسير في اتجاه العزلة الكاملة والعجز التام، والشارع يجمع صفوفه ببطء وباصرار، واللحظة الحاسمة على وشك، لذلك بادرت تركيا وقطر وسعيا لاقناع البشير بالتنازل مع وعود لتجنيبه المثول امام قضاة المحكمة الجنائية الدولية وتوفير الحماية له وملاذ آمن خاج السودان، وغالباً سوف يتنحى البشير خلال الربع الاول من العام 2015 ويصعد بكري حسن صالح رئيساً. ثانياً: نظام الرئيس المشير بكري حسن صالح شهورقليلة تفصلنا عن موعد تسلم الفريق اول (المشير) لاحقاً بكري حسن صالح منصب رئيس الجمهورية، والملامح الاساسية للرئيس المرتقب، انه ليس عضو في تنظيم الاخوان المسلمين وان اختياره لعضوية مجلس انقلاب يونيو 1989 كان من قبل صديقه عمر البشير، وفي كل الوقت خلال 25 عاماً ظل بكري موالي للبشير ويحفظ له الفضل. اتهامات راجت عن ضلوع بكري حسن صالح شخصياً في وقائع التعذيب التى جرت فيما عرف ببيوت الاشباح والتي افضى بعضها الى موت بعض من تم تعذيبهم او الحاق اذى جسيم بهم، كما ذكر أن بكري كان احد المشرفين على تنفيذ حكم الاعدام في ضباط حركة رمضان 1990، هذا فضلاًعن حكايات كثيرة عن استعمال بكري لقبضته مع خصومه، وحتى مع بعض زملانه، الامر الذى يشيئ عن عنف الرجل وميله للصدام ، فهل ستكون ملامح النظام المعدل هي ذاتها ملامح رئيسه؟ هذا ماسوف تجاوب عليه الايام القادمات بعد تولي بكري الرئاسة . الاحتمالات المرجحة، ان يجري التالي، فور تولي بكري الرئاسة : 1- سوف يوافق ومن ثم ينفذ الرئيس بكري كل الترتيبات المعدة لينعم عمر البشير بملجأ مريح واّمن للتقاعد وان تتم حمايته من اي ملاحقات جنائية 2- الرئيس بكري مثل سلفه لا يثق في بقايا المؤتمر الوطني، وبحكم تجربة بكري خلال 25 عاماً معهم يعرف المؤامرات والدسائس والاغتيالات تماماً لذلك سوف يسعى لتجنب كل ذلك عبر توجيه ضربة استباقية تأمينية يجهز بها على ماتبقى من روح لدى علي عثمان طه ونافع والجاز وغيرهم وذلك عبر محاكمات سريعة تتعلق بالفساد وبعض الجرائم، اي تردد في ذلك سوف يعني نهاية بكري المبكرة . 3- اذا خرج بكري منتصراً، وهذا مرجح، فانه سيكون ضعيفاً بسبب الطاقة التي استهلكها في الصراع وتثبيت اركان سلطته ودعاماتها، وحتي يتمكن تماماً من ذلك اتوقع أن يسعى الي اجراء محادثات مع اطراف من الحركة الشعبية وفي حال نجاحها يتم بناء تحالف جديد بين سلطة بكري وتلك الاطراف، التي سوف يكون دورها توفير الحماية للنظام وفق شروط محددة يصاغ علي اساسها التحالف تركز علي انهاء الحرب ومعالجة كافة اثارها والمشاركة في السلطة علي مستوي عال، غالباً هذا التحالف سوف يكون مع مالك عقار صاحب الطموح العالي وقد يعين نائباً أول للرئيس بكري. 4- ايقاف الحرب وتوفير تكلفتها العالية ومحاولة استعادة الاموال المنهوبة أو جزء منها، ثم العون الاقليمي والدولي دعماً لعملية السلام، سوف تمنح بكري الفرصة لاحداث اختراق في الأزمة الاقتصادية وأثارها من ضائقة معيشية بحيث يتم تخفيفها بدعم السلع والحاجات الاساسية وهذا سوف يؤدي الي أن يكسب بكري وتحالفه مؤيدين ومن ثم قبول نظامه. 5- سوف يسعي بكري وحلفائه الجدد الي الانضمام لمعسكر مصر،السعودية والامارات، مع تطمينات الي الجانب التركي والقطري وسيستخدم التحالف في عملية اصلاح شامل ومعالجات مطلوبة لمختلف الاوضاع التي تأزمت بفعل سياسة وممارسات سلفه ونظامه. وقد تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفن بكري حسن صالح وحلفائه الجدد، حيث يتوقع التالي: 1 . أن يكون ايقاف الحرب جزئياً، وتشتعل باقي الجبهات في دارفور حيث تتقاطع المصالح وتتعدد الحركات، وفي جنوب كردفان (جبال النوبة) بقيادة عبدالعزيز الحلو، وبذلك تكون ميزة ايقاف الحرب والاستفادة من تكلفتها قد ذهبت ادراج الرياح وتستفحل الضائقة المعيشية من جديد. 2. في مواجهة تحالف بكري مع عقار سوف ينشأ تحالف جديد يضم الحركة الشعبية جناح الحلو وبعض حركات دارفور مع اطراف من قوى الاجماع في الشمال. 3. ليس مستبعداً أن تتوحد الاجنحة المتصارعة في المؤتمر الوطني، في مواجهة بكري ونظامه ومخططاته، وينشأ تحالف المبعدين يضم علي عثمان طه ونافع علي نافع وعوض الجاز وصلاح قوش واطراف من السائحين والعسكريين الملتزمين. قد ينجح هذا التحالف في فرملة بكري وهزيمته، وبالتالي ينشأ وضع جديد قديم سوف يسعي بدوره لاجتراح مصالحات وتفاهمات أو أن يخرج بكري منتصراً، ولكنه ضعيفاً مضعضعاً، وفي الحالتين سوف يدب الضعف في جميع اجنحة المؤتمر الوطني وتتهيأ ظروف أفضل لتحالف قوي الاجماع مع عبدالعزيز الحلو وبعض الحركات في دارفور، وتعود الثقة للشارع وتنتظم الحركة الجماهيرية مما يجعلها تبادر بالتخطيط والتصدي لمن يخرج منتصراً في صراع مجموعة بكري وتحالف المبعدين عبر النضال السلمي بالاضراب السياسي العام والعصيان المدني بعد أن تستعيد الجماهير نقاباتها وتنظيماتها. كل الاحتمالات متوقعة ونشملها في ثلاث: (1) نجاح بكري وحلفائه واستقرار السلطة وتقديم بعض الاصلاحات.. في هذه الحالة اذا ما سار بكري قدماً في الاصلاحات والمصالحات ونجح في حل الضائقة المعيشية والازمة الاقتصادية، سيكتب لنظامه عمر، وقد يحدث العكس تماماً بأن يسير بكري في ذات خطى عمر البشير الشمولية الاقصائية ويزيد الاحتقان الوطني. (2) ان ينجح تحالف المبعدين في اسقاط بكري، وفي هذه الحالة سوف ينفتح الباب علي احتمالات عديدة افضلها أن تعترف هذه المجموعة بفشلها وجرائمها وتقبل تسوية تصالحية تقود الي نظام انتقالي يعد الاوضاع الدستورية والقانونية ويجري انتخابات تعددية نزيهة. أو أن يعود الصراع مجدداً بين أطراف هذا التحالف بما يعجل بسقوطهم النهائي. (3) أن ينشأ تاحلف مؤقت ومحفوف بالمخاطر بين بكري وحلفائه وبين تحالف المبعدين، يعيد انتاج الازمة والفشل وتحيط به العزلة مجدداً ويحاصره الضعف. (4) أن تنجح الحركة الجماهيرية في استعادة قدراتها ويلتقط شعبنا القفاز ويثور ويفعلها للمرة الثالثة وباتقان ويقوم نظام تعددي ديمقراطي. وللسودان رب يحميه وشعب يفديه.