تعودنا ان نسرف في أحلامنا ، ونرى من خلالها "السراب" حقيقة ماثلة ، ونبني على أحلامنا ربما استراتجيات مستقبلية ، ومن هذه الأحلام مايدور حاليا من حديث حول وحدة السودان ، وذلك بأن يذهب آهل الجنوب عند حلول موعد الاستفتاء عام 2011م ليصوتوا من اجل الوحدة، باعتبار ان أمر الوحدة الجاذبة حسم وفقا لبرتوكولات نيفاشا ، التي تحدثت عن عمل طرفي اتفاق السلام من اجل تحقيق الوحدة الجاذبة ، وان يبتعدا كليا عن الانفصال المنفر ، غير ان شواهد الأمور كلها منذ ان دخل قادة التمر إلى العاصمة الخرطوم ، واستقبلوا بالزهور والورد ، ظلوا يتحدثون في مجالسهم السرية عن حتمية "الانفصال" ، ولم يمض غير وقت قصير حتى أصبح حديث السر شأن معلن في تصريحات عدد كبير من قادة التمرد في الحركة الشعبية . ورغم التصريحات المتعددة لصقور الحركة الشعبية حول الانفصال ، إلا ان كثير من أهل الشمال كانوا يعقدون الآمال على القائد سلفاكير ميارديت ، الذي قال في وقت مبكر : انه سيصوت للوحدة ، وكان يمكن لهذا الحديث ان يعطي الضوء الأخضر لأهل الجنوب ان يمضوا على طريق قائدهم باعتبار ان الوحدة تعني ضمان سلامة الوطن ، وتوظيف خيراته لأهله ، غير ان القائد " سلفا" كما يناديه رئيس الجمهورية .. أطلق تصريحات "من إحدى كنائس الجنوب" التي رممت حديثا ، أدهشت قادة المؤتمر الوطني ، وأربكت بعض الجنوبيين المتشبثين بالوحدة، عندما دعا أهل الجنوب للتصويت للانفصال حتى لايكونوا مواطنين درجة ثانية ، وبلغت الدهشة الحد الذي جعل مستشار رئيس الجمهورية د. مصطفى عثمان إسماعيل يطير إلى القاهرة التي زارها قبله سلفاكير ، ويسلم رسالة للرئيس المصري حسني مبارك ، ويقول للإعلام : من الضروري ان نستوثق مما ورد في تصريح سلفاكير" باعتبار ان مواقف سلفاكير داعمة للوحدة . نعم تعودنا ان نسرف في أحلامنا ، حتي نغالط أنفسنا في عز نهار ابريل بأن الذي أمامنا ليس سرابا وإنما ماء.. وكلما أسرعنا الخطى لانجني غير مزيد من الظماء، فالقصة كلها سراب في سراب!! صقور الحركة الشعبية وفي مقدمتهم باقان اموم لايمكن لهم ان يحلموا أبدا بوحدة مع الشمال ، باعتبار ان الوحدة تعني أمور كثير من بينها الانتخابات العامة التي ينبغي ان تجري في البلاد بصفة دورية ، والتشكيلات الحكومية المحكومة بصناديق الانتخابات ، وبطبيعة الحال ان حدث هذا الأمر فربما كثير من الصقور يخرجوا من الأبواب الخلفية ، ويصبحوا نسياً منسيا ، وبالتالي هم يريدون ان يحولوا دون الوحدة لضمان ان يمضوا حياتهم كلها حكاما ، وربما قادة للاستقلال ،الذي تغذيه سرا دول لها مصالحها الحقيقية في الانفصال لضمان وجودها في المنطقة عبر وكلاء لايعنيهم ان غير ان يمضوا حياتهم حكاما!!. ..ربما نفى أو سينفي "سلفا" انه لايقصد تماما الدعوة للانفصال ، ولكن لن يقنع أي نفي عاجل أو اجل حقيقة رغبة الجنوبيين في الانفصال ، حتى ان خالف ذلك العهود والمواثيق ، ومن لايعجبه ذلك " فليتحسس بندقيته"!. مصطفى محكر