تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    إبراهيم نصرالدين (درمي).. صخرة دفاع أهلي الكنوز وطمأنينة المدرجات    والي ولاية كسلا يشهد ختام دورة فقداء النادي الاهلي كسلا    بعثة نادي الزمالة (أم روابة) تغادر إلى نيروبي استعدادًا لمواجهة ديكيداها    الخارجية البريطانية: مستقبل السودان يقرره شعبه    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدعة الوثيقة السرية وعملية التضليل باللَّحمة المفرومة .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 04 - 10 - 2014


(1)
إن الوثيقة السرية المتداولة عن اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية تقليد بائس وسرقة غبية للخدعة الرائعة التي كان نفذتها أجهزة الأمن البريطانية ضد ألمانيا النازية في العام 1943. فيما اطلق عليه "عملية مينسميت"، أي "عملية اللحمة المفرومة"، أو إذا شئت "عملية الكُفتة"، ونحن في عيد الأضحى..
قصدت سلالة الإنقاذ خدع المعارضة. والسودانيين بصورة عامة. بصناعة الوثيقة، وتسريبها عمدا ليتم تصديقها على أنها محضر لاجتماع حقيقي.
(2)
بالتفكيك
فبإجراء عمليات تفكيكية بسيطة لنص الوثيقة، توصلت بسهولة إلى أنه لم يكن هنالك أي اجتماع للجنة الأمنية العسكرية. ولا محضر. ولا خرق أمني. وأن الوثيقة كتبها شخص واحد في جهاز الأمن مثلا، بالاستعانة ببعض الأشخاص منهم من وردت أسماؤهم في الصفحة الأولى. ومن ثم تم تسريب الوثيقة بخدعة إضافية تضليلية أيضا. عبر أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة أمريكية. وعبر الأستاذ فتحي الضو. كلاهما من الذين يمقتون نظام الإنقاذ. وهنا نجد أن جهاز الأمن كان عبقريا. لابد أن نعترف لهم في هذه الجزئية المتعلقة بتنقيل الوثيقة وتسريبها وتوصيلها. فنجحت الخدعة. حين تم تصديق الكذبة.
إلى أن أخضعتُها لمبضع التفكيك، بينما كانت تغالبني النعسة. فصحوت. وما لبثت الوثيقة الاحتيالية أن بدأت تفصح عن أسرارها وتنهار. بسرعة مذهلة. بسبب النقل غير الخلاق من قبل جهاز الأمن للعبة لعبوها البريطانيون زمان.
فأقدم هنا الخطوط العريضة لبيان الخدعة. وأشجع القراء أن يقرأوا الوثيقة مجددا من خلال العدسة التي أقدمها لهم في هذا المقال القصير. أن الوثيقة السرية لم تكن محضر اجتماع، بل كانت بقلم كاتب فرد. وآمل أن أكتب عنها مقالا أطول في المستقبل القريب.
(3)
الخدعة البريطانية الرائعة
ألخص الخدعة البريطانية التي سرقها جهاز الأمن السوداني وفشل في أن يخدع بها الجميع. بينما كان جهاز الفبركة البريطاني نجح قبل سبعين عاما في غش الألمان الما بيتغشوا!
قصة عملية اللحمة المفرومة معروفة في الكتب والسينما والإنترنيت. لكن أفضل مرجع عنها هو كتاب نشرته جامعة أكسفورد في العام 2010 لدينيس سميث وعنوانه "الخداع الموتي: عملية اللَّحمة المفرومة" (بالدارجي).
كنت قرأت هذا الكتاب في سياق دراستي عن "الخداع" في السلطة القضائية الفاسدة. وهي القراءة التي شكلت العدسة التي قرأت بها الوثيقة عن محضر الاجتماع الذي لم يتم أبدا. مثل اسم الفيلم عن العملية البريطانية، "الرجل الذي لم يكن هناك أبدا"
تتلخص قصة عملية اللحمة المفرومة في أن جهاز الأمن البريطاني خطط ونفذ لتمرير معلومات مضللة استراتيجية إلى القادة العسكريين النازيين في العام 1943.
فكتب المخططون البريطانيون المعلومات المضللة في وثيقة وضعوها في جيب البزة العسكرية لجثة رجل بريطاني عادي اسمه غليندوار مايكيل.كان أصلا مات بسم الفئران. وكانت العملية متخيلة بروعة، وتم تفعيلها بعبقرية، ونفذوها بجرأة غير عادية. كما يقول المؤلف.
فقد كان هدف الحلفاء البريطانيين والأمريكيين هو غزو صقلية (وإيطاليا من شمال أفريقيا). فقرروا أن يخدعوا القادة النازيين بأن اليونان هي الهدف للغزو، وليس صقلية. لكي يسحب الألمان قواتهم من الهدف الحقيقي إلى الهدف الزائف. فتتم مباغتتهم في صقلية.
فأرسل البريطانيون إلى الألمان الرسالة المضلِّلة مع الجثة. وكأن الجثة كانت لضابط بريطاني، العميد وليام مارتين، وكأنه كان مات غرقا وجرفته المياه إلى الشاطئ الاسباني، حيث توجد قوة ألمانية.
فوجد الألمان الجثة المهترئة ملقاة على الشاطئ. وقرآوا الأوراق في جيب الضابط الغريق، وفيها القصة المضللة. وصدقوها. بالطبع بسبب أن البريطانيين الشداد اللضاد أضافوا حركات زيادة، مثل حركات عمر البشير لما طلع من المستشفى.
والقصة معروفة في الثقافة العسكرية العالمية. لأنها من أروع قصص الخداع في الحرب والأكثرها إمتاعا، بسبب المكر الفظيع الذي اكتنفها والمتمثل في استخدام جثة لحمل الرسالة المضللة.
فاستلف جهاز الفبركة في حكومة الإنقاذ هذه القصة، أو هو سرقها. وصمموا رسالة زائفة تتحدث عن خططهم، وسطوتهم، وهيمنتهم، ومعرفتهم التي تضارع معرفة رب العالمين بكل صغيرة وكبيرة. غرضهم ترويع شباب السودان ليصدقوا أنه لا يمكن هزيمة نظام عمر البشير.
(4)
تفكيك الوثيقة
إن التفكيك لنص الوثيقة لكشف ترنحها ومواطن ضعفها وكذبها واحتيالها عملية معقدة وطويلة. لن أرهق بها القارئ. لكني أنبه القراء إلى ما سيعينهم على مواصلة التفكيك بالنظر في الآتي، وهم سيتوصلون إلى ذات النتيجة:
أولا، الوثيقة صادرة من حكومة الإنقاذ. لم أسمع نفيا. بينما المعتاد عند كل مجرم يتم القبض عليه أنه ينكر مباشرة. فالإنقاذ بسكوتها تدعم الخدعة لتمر.
ثانيا، الوثيقة تكذب عن نفسها حين تقول إنها المحضر لاجتماع الأربعة عشر شخصا من القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين في حكومة الإنقاذ. وفي تقديري، كتبها شخص واحد بالاستعانة بأشخاص من بين الأربعة عشر المذكورين أو بكل واحد منهم.
فلاحظ الآتي:
(ألف)
كل واحد من الأربعة عشر إنقاذيا قدم محاضرة متسقة وكاملة. مما لا علاقة له بلغة الكلام في الاجتماعات. فلغة الكلام في الاجتماعات، بما فيها الاجتماعات الأمنية، مختلفة جذريا من اللغة المكتوبة. فيها المقاطعة، وطلب التوضيح، والإضافة المباشرة، والجمل الناقصة، والترتيب غير الصحيح أحيانا، والعبارات المجتزأة، و التكرار، وعدم الاتساق، ولها تركيبات لغوية نحوية مختلفة. بالمقارنة مع لغة الكتابة الإنشائية.
وقد عرف الكاتب المخادع هذه النقطة ، فغطى عليها باستخدام اللغة العامية. لكنها لا تسعفه. فاللغة العامية يمكن كتابتها بالطبع كما نعرف. لكنها تختلف عن لغة الكلام في اجتماع.
(باء)
نجد أن القصص التي يرويها كل متحدث كاملة من بدايتها إلى نهايتها، بتفاصيلها الدقيقة. وكأن كل متحدث كان يخاطب أطفالا في المدرسة الابتدائية. وكأن السامعين الآخرين في "الاجتماع" ليست لهم أية معرفة سبقية بأية جزئية من القصة، وكأنهم تحت التدريب، وكأنهم يجتمعون للمرة الأولى. لأن القصص التي أوردوها لم تكن وليدة اجتماع باريس. بل أغلبها إن كانت صحيحة كانت ستكون معروفة لجميع أعضاء اللجنة فلا معنى لتكرارها في الاجتماع للجنة الأمنية والعسكرية التي تجتمع بانتظام.
والتبيين لخبث نظام الإنقاذ عنده سبب. ليعطي الوثيقة مصداقية.
فالذي فعله الكاتب المفبرك هو إعداد قائمة بالموضوعات. ومن ثم حبكها في قصة موجهة للمعارضة ودول الخليج، وأمريكا، والحركات المسلحة، وياسر عرمان، وهكذا.
(جيم)
مسألة شكلية لكنها تتمثل جزءا من نسق فيكون لها معنى قوي في إثبات الاحتيال. انظر ترتيب نصوص المتحدثين وهو يتسق مع الترتيب للأسماء في القائمة من تحت إلى فوق. فالكاتب بعد أن حدد الموضوعات والمتحدثين، وضع المتحدثين في قائمة. قم بدأ يكتب من تحت إلى فوق. بالترتيب الدقيق. وهذا لا يحدث في محاضر الاجتماعات.
(دال)
انظر للتركيبات للربط بين النصوص، وإلى وضع إيران في بداية النص دائما حين يتم ذكرها، وإلى العبارات الاستراتيجية في كل نص أن من الصعب يشيلونا، ونحن نعلم كل شيء، ونراقب كل واحد. إلخ.
...
فالوثيقة تكذب عن نفسها. وأشجع القراء أن يقرأوها قراءة لصيقة. وسيعرفون زيفها.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.