" إن قلما باهتا خير من ذاكرة حديدية " مثل صيني إن مجتمع (المشافهة) في السودان ينسينا أن نوثق لعماليق، وتمنعنا مجالس الأنس عن التدوين، ويسرق الزمن من ذاكرتنا طعام الذكريات ثم ينساهم حتى أقرب الأقربين. في الزومة نبتت شجرة العائلة (تقع الزومة علي الضفة الشرقية لمنطقة الشايقية علي نهر النيل وتبعد حوالي 18 كلم شمال مدينة كريمة) ، وفي مدني درس الأولية والوسطي حيث كان والده الخليفة عبد الوهاب ممرضا بمستشفي ودمدني والمدرسة الثانوية كانت الأحفاد بأم درمان. دخل كلية القانون جامعة الخرطوم في فترة الرئيس الراحل إبراهيم عبود 61-1964م وفصل لأسباب سياسية. ثم ذهب في بعثة دراسية لجامعة أنديانا بأمريكا علي حساب المعونة الأمريكية في العام 1967م ثم قطعت البعثة عام 1968م لموقف الخرطوم من حرب 1967م المعروفة بحرب النكسة. بدأ رحلة العمل بالتلفزيون السوداني في مارس 1969م وبعد حكومة مايو دخل السجن مع آخرين لمدة 3 شهور لاتهامهم بانتمائهم لجماعة الاخوان المسلمين. في عام 1978م أختير رئيسا للوفد الإعلامي المرافق للرئيس نميري في رحلته الي ألمانيا حيث أصيب بها بداء الفشل الكلوي وأصدر النميري قرارا بابقائه بألمانيا مستشارا إعلاميا بسفارة السودان ببون وبقي بها حتي احالته للتقاعد في فترة الديموقراطية الثالثة، وما زال موجودا بألمانيا للعلاج والمتابعة حتي اليوم. في خلال عمله بالتلفزيون قدم برامجا مميزة أشهرها برنامج قوافل الزمان، وقدم لقاءات مع عدة زعماء أفارقة علي هامش مؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية في الخرطوم 25 مايو 1978م منهم مثالا لا حصرا: روبرت موقابي، أول رئيس لناميبيا، سامورا ميشيل أول رئيس لموزمبيق، الرئيس السادات ووزير خارجية الجزائر عبد العزيز بوتفليقة حينها. ولقاءات مع أدباء وكتاب، أنيس منصور، عبد الصبور شاهين، محمد أركون وجيمي كليف أول وزير خارجية زيمبابوي. وجمع الرئيس نميري والمستشار الألماني هلمت شمت في رحلته لألمانيا تلك. وفي سهرة استثنائية بمناسبة العيد الذهبي للتلفزيون حاور الخبير الإعلامي أستاذ الأجيال علي شمو في أواخر 2012م وغاص في بحره واستخرج منه اللآلئ. للأستاذ حسن عبد الوهاب رأي واضح في مشكلة الجنوب والتي أدت في النهاية الي قيام دولة للجنوب مستقلة عن السودان، يري انه لم تكن هناك حرب أهلية بين الشمال والجنوب لعدم قتل أي جنوبي خارج نطاق الحرب الدائرة، وان تعدد الديانات والأعراق موجود في كل الدنيا، ومشكلة الجنوب لعب الاعلام دور أساسي فيها وزاد الأمر سوءا بعد طرد المبشرين من الجنوب بواسطة الرئيس الراحل عبود بعد أن كان الأمر بيدهم. ويأتي مؤتمر الرجاف عام 1922م ليقر بأن الديانة المسيحية هي الديانة الرسمية للجنوب واللغة الانجليزية هي اللغة الرسمية ومن ثم طبقت سياسة المناطق المقفولة عام 1924م. ويفرق بين الجنوب الجغرافي والعسكري والاثني ويقول ان الجنوب العسكري-السياسي لم يكن يوما جزءا من السودان. أخذ الأستاذ حسن عبد الوهاب من ديار الشايقية الحنين وصدق العشرة بين الأرض والانسان، ومن النيل العطاء، ومن الجزيرة البساطة ومن السودان كله التسامح والتواضع فهو متواضع كالعشب، كل كامل لا ينافق ولا يحابي، قنوع لدرجة إهمال حقوقه ومستحقاته، كل شيء لديه ملفوف في الحشمة والتقشف ونكران الذات. يتحدث معك عن أي شيء إلا عن نفسه. [email protected]