لا شك في أن مبدأ تكريم المبدعين قديم قدم الإنسانية بل سيظل ما دامت السموات والأرض لأنه مبدأ اقره الله الخالق ودعا له رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (من أسدى إليكم معروفا فكافئوه) إن التكريم الذي قام به أبناء الجالية السودانية في سلطنة عمان بتاريخ الخامس من نوفمبر 2009م للأخ/ احمد الأمين عثمان (كرامة) كاتب الشؤون الإدارية بالسفارة السودانية والذي أمضى حوالي أل 22 عاما في خدمة أبناء الجالية كان حلة زاهية بهية اقر فيه أبناء الجالية بالفضل لأهله بعد إن تنادوا حبا واخاءا وصداقة للرجل العظيم (كرامة) . جاءوا جميعا ليشهدوا كيف استطاع هذا (الكرامة) أن يضع يديه كلتيهما على ما يوحدهم جميعا ويربطهم معا رباطا قويا على إنسانيتهم على فرحهم بالحياة على احتفاءهم بالصداقة على إحساسهم بالعدالة وعلى عشقهم للسودان ، كيف لا وقد تعلمنا من كرامة إن الدبلوماسية هي التواصل والمحبة حيث كنا نراه في كل موقع وفي كل مناسبة اجتماعية تعلمنا منه التواضع والشهامة والبشاشة والصبر وعفة اللسان ، حيث كان اقرب أفراد البعثة إلى قلوب أبناء الجالية و لم يشعر أحدا منهم بالقرب إلا في (كرامة) ربما جاء ذلك من انتماءه إلى تلك البقعة التي ترقد على أحضان جبل حيدوب الأم الرؤوم مدينة (النهود) التي تشرب من أصالتها ومن قيمها الاجتماعية حيث كان كرامة كالغيث أينما وقع نفع لذلك جاءوا إليه جميعا رجالا ونساءا وشبابا وأطفالا وقد بحت حناجرهم عربونا ومحبة وتكريما له . ما أروع التكريم وما أروع الكلمة الودودة حين تنساب من بين شفاه شخص مقر بالفضل والمعروف مثل سعادة/ جمال الشيخ احمد عثمان سفير جمهورية السودان المعتمد لدى السلطنة إلى آذان شخص أبلى بلاءا حسنا فاق ما انتظره الآخرون ، كان حديث السفير متوازنا خاليا من المجاملة والشعارات الجوفاء المحفوظة التي تعودنا عليها خاطب عقول أبناء الجالية بكل احترام (بغض النظر عن توجهاته الفكرية) ربما ادراكا منه بان الدخول للدبلوماسية السودانية قبل انقلاب يونيو 1989م دونه خرط القتاد ، حيث دخل الخارجية بعد منافسة شديدة خرج منها ناجحاً ثم سجل رسمياً ( كملحق دبلوماسي) و بعد اختبار طويل أعتبر دبلوماسياً بدرجة سكرتير ثالث ، ثم بدأ في عملية الصعود إلى سكرتير ثاني ثم سكرتير أول ثم مستشاراً ووزيراً مفوضاً ثم ( سفيراً ) بعد إن مر بفترات عصيبة من الشد والجذب . وربما ادراكا منه أيضا بأن الذين دخلوا في غفلة من الزمان لهذه المؤسسة العملاقة الهامة أساءوا لها وأصبحوا ( هتافون) ، وأصبحت عندهم الدبلوماسية ارتزاقاً ومصدر عيش ومحاولة للقفز بالعمود وحرق المراحل للوصول إلى الهدف بأسرع ما يمكن خطابه كان جديدا وبلهجة متزنة بعيدة عن التشنج والعنترية وهو نهج قد يوفر على بلادنا الكثير من الدماء ويكفيها شر القتال لك التحية سعادة السفير وللشاب الأبنوسي الجريء المتألق طه التوم الأمين الذي لم يجد في نفسه حرجا ولا خشية بأن يتحدث بالإنابة عن أعضاء اللجنة المنظمة حيث كان شجاعا في طرحه جسد سيرة المحتفى به العطرة بكلمات لا تعرف المحازير ولا البروتوكولات الدبلوماسية . لقد حب كرامة (السودان الوطن الواحد) الذي عاش من اجله وكان حبه نوعا من الفيض الذي يشبه مسرى النيل كما حب كرامة مدينة (النهود) وكانت طاقته على الحب تنمو مع نمو المحبوب وتسمو مع سموه حتى قرر بان يعود إليها بعد إن أمضى معنا أياما حلوة ترفرف على أجنحة حلم سرمدي صحونا منه فجأة مصابين بالدهشة والانبهار إلا انك يا (كرامة) ستظل في دواخلنا وتحيا فينا وتكتب خلودك الخاص بخلود المعاني .