بماذا يفسر سلوك الحركة في تعاطيها مع مقتضيات إنفاذ إتفاقية السلام وحوارها مع شريكها المؤمر الوطني ..؟! ، هل يمكن أن يطلق عليه غير أنه (النشوز) المعلوم لكل الناس ..؟! ، والنشوز سلوك خارج عن اطر الإنضباط يتم علاجه (بالهجر) وهو ما دأب علي فعله المؤتمر الوطني .. ونتائجة عاجلة مثل مايري الجميع ..!! ، الحركة لم ترتقي حتي الآن لدرجة الحزب الناضج المسئول ، أو لنقل هي لم تنفك عن خلفيتها المتمردة التي تقطع الطرق أمام المسافرين والتجار ، ربما لم تدرك الحركة إنها مشاركة في تحول بلد ظل يرزح في دائرة لم يبارحها منذ أن إستقل عن الإستعمار من نحو أربعين عاماً ونيف ، تحول من حالة ديمقراطية معطوبة لنظام عسكري شمولي الي فترة إنتقالية ، لم تستشعر الحركة الشعبية ذلك الدور .. ربما للإسباب الآنفة الذكر أو لسبب آخر يتم ذكره هنا وهناك بعض الأحيان ، وهو أن الحركة تركت أمر التخطيط لبرامجها لعضوية الحزب الشيوعي الذين إستلموا مفاصل العمل التنظيمي والإداري بها ، هم وحدهم الذين يقومون بتقييم المفرغين بأجهزتها التنطيمية وأؤلئك المنتدبين للجهاز التنفيذي علي المستويين الإتحادي أو بحكومة الجنوب ..!! ، والشيوعيين لم يتجاوزوا هزائمهم المتكرة والمريرية التي لقوها علي أيدي الإسلاميين المؤيدين لنظام الإنقاذ الآن في ساحات العمل الديمقراطي العام بالمؤسسات التعليمية والنقابات المهنية ، وإنضمام أهل اليسار للحركة الذي بدأ داوياً بترك (ياسر عرمان) لمقاعد الدراسة بالجامعة وسفرة عبر كسلا (لأديس أبابا) كان هدفه الأساسي هو الثأر من الإسلاميين عبر العمل العسكري الذي توفرة لهم الحركة الشعبية بحملها للسلاح في ذلك الوقت ، وذلك القول يبررة موقف الحركة المتناقض جراء تفكير منظريها الشيوعيين ، فهؤلاء لا يرغبون في سودان مستقر يمكنه الإذدهار والتطور علي أيدي غرمائهم الإسلاميين ، فإن أدبيات الثورة والإنقلاب لم تبارح عقولهم الباطنة .. علي الرغم من أنهم لم ينجحوا في ثورة واحدة قاموا بها ، فثورة مايو التي (إتشربكوا بها) سرعان ما رفضتهم وأبعدتهم عنها بطريقة قاسية ، وحركة (هاشم العطأ) لم تلبث كثيراً علي كرسي الحكم (فقط 72 ساعة) بقاها الرجل مع الرفاق في دهاليز القصر لم يفلحوا حتي بدخول مكاتبة ..!! ، غير أن أهل الحركة الشعبية السلم (بتشديد اللام) لم يقوموا بدراسة ذلك التاريخ لرفقائهم الجدد ، وفي ظني إن كانوا يعلمون فقد قبلوا مكرهين لضعف كادرهم التنظيمي ، والشيوعيين بطبعهم التسلقي لم يقفوا عند حدود الإستشارة .. ذهبوا لأبعد منها .. مثل ما يفعلون الآن بقيادة الحركة الشعبية لمهلكها ، والحركة أيضاً لم تدرك إن إتفاقية السلام أصبحت مكسباً لأهل السودان ولها نصيب في ذلك المكسب مثل نصيب شريكها الأكبر ، فكان الأحري بها أن تحرص علي إنجازها من أجل أهل الجنوب التي خرجت لنصرتهم (كما تزعم) ، ومن أجل السودان ومن أجل مستقبلها السياسي كحزب أيضاً ..!! ، ولكن فيما يبدو أنها أبتليت بأفراد يغلبون أجندتهم الخاصة لاعلاقة لها باهل الجنوب ولا بالسودان ولا بمصالح الحركة كحزب سياسي ، فالأزمات التي لاحقت الحركة أو تلك التي إفتعلتها سواء كانت بإنسحاب وزرائها من الحكومة الإتحادية أو من حكومة جنوب كردفان أو نوابها من المجلس الوطني خلال الفترة التي مضت كان من صنع هؤلاء ..!! ، يجب أن تعلم الحركة أن خط دفاعها الإستراتيجي الأول هو إتفاقية السلام والإتفاقية مع شريك والشريك هو المؤتمر الوطني .. رغم أنف اليسار والمتسلقين بها ..!! ، (فالهجر) الذي يمارسة المؤتمر الوطني مع الحركة جعلها تعود بسرعة أكبر مما كان يظن المراقبين ، فحسناً أدركت ضرورات التنسيق بعيداً عن الصخب الإعلامي والمهاترات والإنقلاب علي إنجازها ، ظل المؤتمر الوطني يقرر أنه بحاجة لشريك قوي متماسك سياسياً من أجل مصلحة السودان ، وليس من مصلحته أو مصلحة الإتفاقية أن يكون الشريك ضعيفاً ، فضعف الشريك يعني ضعف الشراكة وذلك يعني ضعف المشترك فيه وهو الإتفاقية ..!! ، يتوجب أن تكون الحركة قد بلغت خلاصة مفادها أن الإنسحاب من البرلمان أو المعارك الإعلامية الماضية هي آخر أزماتها ، وعلي حكومة الجنوب أن تدرك إنها جزء من الدستور وجزء من حكومة السودان ، وأن رئيسها هو الرجل الثاني في السلطة السودانية وأن تستفيد من تجارب شريكها في إدارة شأن الجنوب ، وأن تتواضع أمامة لتجربته الواسعه وخبرته الرصينه .. لا أن تلهث خلف من يرغبون في تصفية حسابات خاصة بهم عبرها .. لتعي الحركة ذلك ..!! نصرالدين غطاس naseraldeen altaher [[email protected]]