لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكري 61 لتأسيس الجبهة الديمقراطية .. بقلم: تاج السر عثمان
نشر في سودانيل يوم 02 - 11 - 2014

تأسست الجبهة الديمقراطية في نوفمبر 1953م، باعتبارها تحالف ثابت بين الطلاب الشيوعيين والديمقراطيين وسط الحركة الطلابية السودانية، ومنذ تأسيسها لعبت دورا كبيرا في الدفاع عن قضايا الطلاب النقابية والاكاديمية وفي مقاومة النظم الديكتاتورية التي تعاقبت علي البلاد، وساهمت في مقاومة الاستعمار البريطاني حتي تم استقلال االسودان عام 1956م، وفي مقاومة ديكتاتورية عبود حتي تمت الاطاحة بها في ثورة اكتوبر 1964م، وفي مقاومة ديكتاتورية النميري حتي اطاح به شعب السودان في انتفاضة مار- ابريل 1985م، ومازالت الجبهة الديمقراطية في طليعة مقاومة الطلاب لديكتاتورية نظام الأخوان المسلمين الحالي الفاشي وقدمت الشهداء وساهمت في اشعال الانتفاضات الطلابية المتواترة ضده.
وبمناسبة الذكري ال 61 لتأسيس الجبهة الديمقراطية، اقدم لمحة من نضال الجبهة الديمقراطية في جامعة الخرطوم ، من خلال تجربة عشتها في الفترة (1973- 1978م):
* في جامعة الخرطوم اخذ منى النشاط السياسي في الجبهة الديمقراطية وقتا كبيرا، فقد كانت الفترة التى كنت فيها في الجامعة عصيبة، كنت السكرتير السياسي للجبهة الديمقراطية في الفترة: 1975-1977م ، وكانت المعارك السياسية في قمتها ، كنا نطالب باستقلال الجامعة وعودة الاتحاد واطلاق سراح الطلاب المعتقلين في سجون كوبر ودبك..الخ ، كما كنا نطالب بديمقراطية التعليم وتحسين احوال الطلاب في السكن والمعيشة والاستقرار الاكاديمي وعود الطلاب المفصولين سياسيا..الخ، لقد تم اعتقال اغلب كادر الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية في تلك الفترة وتم الزج به في سجون كوبر ودبك ،ولذلك تحملنا اعباء جسيمة ، واستطعنا المحافظة على تأميننا ونظمنا مقاومة سرية تمثلت في العرائض والمذكرات واصدار صحيفة "مساء الخير" في "البركس" بعد قفل مقهى النشاط ودار الاتحاد، كما كنا نصدر البوستر في شكل شعارات محددة ، كما كنا ننظم المخاطبات والندوات والمواكب والاعتصامات .. الخ اذكر كنت مسئولا عن تأمين الدرداقه التى نطبع بها المنشورات في غرفتى لفترة طويلة كانت بيانات الجبهة الديمقراطية منتظمة وكانت عناصر الامن تعتقد ان طباعة المنشورات تتم خارج الجامعة بينما في الواقع كانت تتم من داخل الجامعه، حتى تم انتزاع شرعية الاتحاد وتحقيق بعض الانفراج السياسي بعد المصالحة الوطنية عام 1977 م، كما ثابرنا في الجبهة الديمقراطية من اجل تحقيق اوسع تحالف طلابي من اجل دستور التمثيل النسبي ، حتى نجح هذا التحالف في تحرير جامعة الخرطوم من ديكتاتورية الاخوان المسلمين عام 1979 بفوز قوى التمثيل النسبي ، اضافة ل"مساء الخير" كان للجبهة الديمقراطية اركان نقاش ، وصحف في الكليات مثل: "المطارق" في كلية الاقتصاد ، "الطريق" في كلية العلوم و"الملايين" في كلية الطب و"الراصد" في كلية التربية والتى انشئت عام 1975 م بعد تحويل معهد المعلمين العالى لجامعة الخرطوم ، اضافة للمجلات الثقافية التى كانت تركز على القضايا الفكرية والثقافية ، وكان فرع الحزب الشيوعي يصدر صحيفة باسم "السلام"، اضافة للنشاط السياسي، اهتميت بالنشاط في الروابط مثل رابطة طلاب كلية العلوم التى كانت تهتم بالشئون الاكاديمية والاجتماعية للطلاب وتمكنت الجبهة الديمقراطية من الوصول لقيادتها، اضافة لجمعية التصوير والسينما ، التى كانت تحت قيادة الجبهة الديمقراطية ، كما ساهمت في جمعية اصدقاء الثورة الاريترية ، وتمكنت الجبهة الديمقراطية من الوصول لقيادتها، كما شاركت بنشاط في رابطة ابناء عطبرة بجامعة الخرطوم وتمكنت الجبهة الديمقراطية من الوصول لقيادتها ونظمت انشطة اجتماعية متعددة ومتنوعة في الاجازات، مثل فصول التقوية وندوات صحية واخرى عن الخفاض الفرعونى وليالي ترفيهية ، كنا نجلب لها فنانين من العاصمة. ومن اهم الاحداث في تلك الايام اضافة الى انتفاضة اغسطس 1973 م ، المظاهرة بسبب زيادة سعر السكر 1974 ، واحتلال الجامعه في ديسمبر 1973 ، حتى تمت عودة الاتحاد، والمظاهرات في كلية الطب ضد نميرى اثناء احتفالها باليوبيل االذهبي عام 1974 م، وانقلاب 5 سبتمبر 1975 بقيادة المقدم/ حسن حسين ، وبعد فشل الانقلاب تم تطويق الجامعه بواسطة الجيش وتم تفتيش داخليات "البركس" بحثا عن اسلحه مزعومه في الجامعه ، وبعد محاكمات و"ادى الحمار" التي تقع بالقربم عطبرة، تم اعدام عباس برشم الذي كان طالبا في كلية الاقتصاد بتهمة المشاركة في الانقلاب ، وكنا في حالة حزن شديد لذلك وازددنا حقدا على نظام نميرى وصممنا على مواصلة المقاومة حتى اسقاطه.
كان خط الحزب بعد دورة اللجنة المركزية في يناير 1974 ، الاضراب السياسي العام والانتفاضة الشعبية، التى تبدأ من وحدة قوى المعارضة من اجل الغاء القوانين المقيدة للحريات واطلاق سراح المعتقلين والغاء الزيادات في الاسعار وخلق اوسع جبهة من اجل استعادة الديمقراطية واوسع حملة تضامن مع شعب السودان ، وأن تراكم المعارك سوف يفضى الى تحول نوعى في تغيير النظام ، وهذا يتطلب العمل اليومى الدؤؤب الصبور،وثابرنا على هذا الخط في نشاطنا السياسي الجماهيري وعملنا على خلق اوسع جبهه طلابيه من اجل استعادة حرية الجامعة واطلاق سراح الطلاب المعتقلين وحرية البحث الاكاديمى ورفض تدخل الجيش والامن في الجامعه وحرية النشاط السياسي والفكرى في الجامعه وقانون ديمقراطى للجامعه.. الخ. وبعد ذلك جاءت احداث العمل المسلح في 2 يوليو1976 م التي قامت بها الجبهة الوطنية(تحالف الامة والاخوان المسلمين والاتحادي بقيادة الشريف الهندي) ، اذكر اننا كنا نائمين على سطوح داخلية الدندر ب"البركس" ، وفي صبيحة يوم الجمعه صحونا على صوت طلق نارى ودانات ، صحونا منزعجين وبعدها عرفنا أن هناك محاوله انقلابيه وتجمعنا في داخلية "البركس" لمعرفة الحاصل ، بعد فترة جاءنا ابراهيم السنوسى الذي كان مشاركا في الحركة عن الاخوان المسلمين وخاطب جمعنا وشرح اهداف الحركة وبعدها توالى الضرب ، اذكر أن قذيفة آربجى جاءت طائشه في احد الغرف ولحسن الحظ لم يكن بها شخص وحرقت الغرفة ، بعدها حوالى الساعة واحدة تسللنا من الداخلية بعد كثرة الضرب ومع الزميل محجوب محمد ميرغنى ، وتابعنا شارع النيل متجهين الى كبرى برى ، وبعد أن قطعنا كبرى برى تم الصدام بين قوات الحركة والجيش ونجونا باعجوبة ، ثم بعد ذلك ،تابعنا سيرنا على الاقدام ، حتى وصلت الى ام درمان وتوجهت الى منزل حسام زاهر بحى الموردة ، قضيت تلك الليله معه في متابعة الاحداث ، وبعد ان انجلى الموقف عدنا الى الداخلية، بعد حملات تمشيط كانت تجرى في الشوارع وداخلية الجامعة ، بعد ذلك صدر بيان الحزب حول الاحداث ووزعناه في الجامعه وعلقناه بالقرب من سفر الداخليات ومقهى النشاط.
بعد ذلك جاءت المصالحه الوطنيه بعد فشل الجبهه الوطنيه التى كانت تضم(الامه، الاتحاديين، الاخوان المسلمين.. الخ)، في يوليو 1977 م ، اصدرت مركزية الجبهه الديمقراطية بجامعة الخرطوم بيانا حول المصالحة الوطنية، اشرنا فيه أن من شروط المصالحة هو الغاء القوانين المقيدة للحريات واطلاق سراح المعتقلين وشككنا في جدية نظام نميري في عمل مصالحة حقيقية ، كما طالبنا باطلاق سراح الطلاب المعتقلين وعود الاتحاد وحرية الجامعه.. الخ، وكنا قد استبقنا بيان اللجنه المركزية للحزب الشيوعي السوداني الصادر في اغسطس 1977 م بعنوان( الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية)، والذي وزعناه على الطلاب وعلقناه بمقهى النشاط ، وجاء ذلك البيان متوافقا مع مزاجنا الرافض لاساليب الخداع والتضليل باسم المصالحه بدون استيفاء شروطها الحقيقية، هذا وقد شارك حزب الامة بقيادة الصادق في النظام، كما شارك الاخوان المسلمين بقيادة الترابي، ومحمد عثمان الميرغني عن الاتحادي الديمقراطي في الحكومة ومؤسسات النظام وظللنا ننتقد ذلك حتي خروج الصادق من النظام واعتقال الترابي ومجموعته ، واكدت التجربه ان النظام كان يهدف للمراوغه والمناورة باسم المصالحه الوطنية.
اضافه للنشاط السياسي كنا متابعين للترفيه سواء كان ذلك في الحفلات التى كانت تقوم في الجامعه أو في نادى الضباط ودار الاطباء الذي كان مجاورا للجامعة أو في حديقة الموردة مع الاصدقاء ايام الخميس ونعود بعدها متاخرين للداخليه.
في تلك الفترة حافظنا على وحدة وتماسك الجبهه الديمقراطية كتحالف ثابت بين الديمقراطيين والشيوعيين ، كنا نركز على أن التحالف يجب أن يقوم على الندية واسهام الديمقراطيين في النشاط القيادى وأن الدور القيادي لفرع الحزب لايأتى بالوصايه، بل بالنشاط والاقناع واخذ اراء الديمقراطيين في الاعتبار، واجرينا مناقشات واسعه مع بعض اعضاء الجبهه الديمقراطيه الذين كانوا يرون تغول الحزب الشيوعي على الجبهه الديمقراطية وتم تصيح بعض الاخطاء في نشاط الحزب تجاه الجبهه مثل عدم اصدار بيانات باسم الجبهه، كما طرحنا ضرورة تنوع عمل الجبهة من نشاط ثقافي وفنى وترفيهى ورياضي ، كما كان لفرع الحزب نشاطه المستقل عن الجبهه الديمقراطيه ، اضافه لصحيفة "مساء الخير" كان فرع الحزب يصدر جريدة "السلام" التى كانت تهتم بقضايا فكريه وفلسفية اضافة الى تعليق صحيفة "الميدان السرية" وبيانات الحزب في مقهى النشاط والداخليات.كما ركزنا على العمل الفكرى وتقديم المحاضرات مثل: برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ، وديمقراطية التعليم ، والديالكتيك والمفهوم المادى للتاريخ وقواعد التامين والعمل السرى وكيف نواجه الاستجواب في حالة الاعتقال.. الخ.وكان لذلك اثره الكبير في صمود الجبهه الديمقراطيه وفرع الحزب الشيوعى، ومواجهة تلك الفترة حالكة السواد في تاريخ جامعة الخرطوم حتى تم انتزاع شرعية الاتحاد وحرية العمل السياسي والفكرى في الجامعه.
كما لاننسى الصداقات التى قامت مع الاخوه الاريتريين والفلسطيينين والاثيوبيين الذين كانوا يدرسون في الجامعة والتضامن معهم في تلك الايام ، حيث تابعنا احداث الثورة الاثيوبية وطالبنا لنجاح الثورةالاثيوبيه باطلاق الحريات العامة وضمان حق تقرير المصير للشعب الاريترى ، وكانت علاقاتنا جيدة مع كل الفصائل الاريترية ، كنا لانتدخل في صراعاتهم ، وكنت منتدبا مع زميلى محمد صالح فرح للتفاوض مع الاريتريين ، ومن اصدقائى من الاريتريين عمر يس والذي سكنت معه في غرفه بداخلية السوباط في "البركس".كما كنت في لجنة جمعية اصدقاء الثورة الاريتريه.كما تابعنا الاحداث العالمية التى تمت في تلك الفترة وشرحناها للطلاب من خلال مقالات في "مساء الخير" مثل: استقلال انغولا وموزامبيق من الاستعمار البرتغالى ، كما تابعنا التحولات الديمقراطية التى تمت في البرتغال اثر انهيار ديكتاتورية سالازار والتحولات التى تمت في اسبانيا بعد انهيار نظام فرانكو الفاشى وانهيار الحكم الديكتاتورى في اليونان واستعادة الديمقراطية فيها، كما استنكرنا اعدامات الشيوعيين العراقيين ، وعملنا اجتماعا مشتركا مع قيادة حزب البعث في الجامعة ووصلنا لهم وجهة نظر الحزب الشيوعي واستنكاره لاعدامات الشيوعيين العراقيين والذي لايساعد في بناء تحالف يقوم على احترام اطرافه ، كما كتبنا سلسلة مقالات في "مساء الخير" حول طبيعة نظام صدام حسين والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق وتحليل طبيعة الجبهة التقدمية في العراق والذي كان يهيمن عليها حزب البعث. كما انجزنا في الجبهه الديمقراطيه دراسه عن التغيير الاكاديمى في الجامعه بعد نظام "السمستر" الذي تم ادخاله في الجامعه عام 1976 وجرت مناقشات واسعه حوله وقاطعه الطلاب في معركة سميت معركة "السمستر".
كما واصلت النشاط الثقافي في جامعة الخرطوم ، اضافة لمكتبة الاقتصاد بجامعة الخرطوم كنت مواظبا في مكتبة المركز الثقافي السوفيتي الذي كان يقع قرب الجامعه على شارع الجمهوريه اضافة للمركز الثقافي البريطاني، كما كنت متابعا لانتاج دار النشر بجامعة الخرطوم وقارئا نهما لانتاجها السوداني ، وكنت متابعا بطريقة منتظمه لمجلة "الثقافة السودانية" التى كانت تصدرها مصلحة الثقافة السودانية ، وكذلك مجلة "الخرطوم" ومجلة "الدوحة" التى كان رئيس تحريرها د. محمد ابراهيم الشوش ومجلة العربي ، كما كنت مداوما على مكتبات العاصمة العامة مثل مكتبة امدرمان المركزية والتى كانت في حالة يرثى لها ، عموما المكتبات العامة في ذلك الوقت في العاصمة كانت بائسه مقارنة بمدينة "اتبرا" التى جئت منها، كما كنت زائرا دائما لمكتبات العاصمة التجارية مثل مكتبة "السودان" ومكتبة "مروى" التى كان يملكها اسكندر فهمى واستمرت علاقتى بمكتبة "مروى" حتى الآن ، كما كنت متابعا لمكتبة الجامعة التابعة لدار النشر في جامعة الخرطوم والتى كانت تقع في كلية العلوم وكان مسئولا عنها نور الهدى محمد نور الهدى (صاحب دار عزة الحالية) ، كان نور الهدى يختار الجياد من الكتب التقدمية واليسارية وخاصة في ذلك الوقت الذي كان يتميز بردة سياسية بعد احداث يوليو 1971 م وكنا نطل على الجديد من المطابع البيروتية، كما لاانسى مكتبة دار المعارف السودانية التى انشأها د.محمد سعيد القدال وابوزيد محمد صالح بعد فصلهما من العمل وكانت نافذة ايضا كنا نطل منها على الجديد من انتاج مطابع بيروت والقاهره ودمشق في تلك الايام حالكة السواد كما كنا زوارا دائمين لمكتبة عباس ابوالريش التى كانت تقع في مكان عمارة الدهب الحالية ومكتبة الثقافة الوطنية بالخرطوم بحرى ومكتبة امدرمان التى كانت تقع في الجهه الشمالية من المحطة الوسطى ام درمان.كما كنت متابعا لمعارض الكتب مثل معرض الكتاب السوفيتي ومعرض الكتاب العربي الذي كانت تقيمه دور النشر العربية، كانت الكتب باسعار زهيدة واستطعت تكوين مكتبه لابأس بها في ذلك الوقت، كما كنت متابعا للانشطة الثقافية في الجامعه وفي نادى السينما .. الخ. كما كنت متابعا للحركة الفكرية في الجامعه وكانت لى حوارات مع الاخوان الجمهوريين وربطتنى بهم صداقات مثل : احمد المصطفي(دالي) وعمر القراى..الخ ، وبعد ذلك طورت ذلك الحوار واطلعت على مؤلفات محمود محمد طه واستطعت انجاز بحث بعنوان: (تقويم نقدى للفكر الجمهورى)، امل أن يرى النور قريبا، كان الجمهوريون يتمتعون بالسماحه واتساع الصدر والصبر ومناقشة الرأى الآخر عكس الاخوان المسلمين الذين كانوا يتسمون بضيق الصدر ويبادرون بالعنف لاسكات وقمع الرأى الآخر.
وفى سفرى خلال سنوات الدراسة الجامعية لبعض مناطق السودان مثل مدنى وبورتسودان كنت مواظبا على مكتباتها في السوق اذكر اننى اشتريت اكثر من نسخه من كتاب اليسار السودانى في عشرة اعوام لمحمد سليمان من مكتبة الفجر بمدنى التى كان يملكها المرحوم محمد سيد احمد والذي كان يستقبلنا هاشا باشا. كما تابعت على صفحات مجلة "دراسات اشتراكية" المناقشات التى كانت دائرة حول "الشيوعية الاوربية"، وحول الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول الديمقراطي للسلطة وحياد جهاز الدولة، كما اطلعت على مؤلف كاريللو سكرتير الحزب الشيوعي الاسباني حول الشيوعية الاوربية ، واتجاه الحزب الاسبانى لحذف اللينينيه من برنامجه باعتبارها ظاهره خاصه بروسيا،وكان تلك مناقشات مثيره للاهتمام ، كما تزامنت تلك المناقشات مع دورة اللجنه المركزية للحزب الشيوعي السوداني في اغسطس 1977 م بعنوان: "الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية" والتى طرحت ضرورة الوصول للنظام الوطنى الديمقراطي بطريق ديمقراطي تعددى وكانت من الوثائق الهامة في تاريخ الحزب، واجرينا حولها مناقشات واسعه في فرع الحزب بجامعة الخرطوم وفي الجبهة الديمقراطية.
وفي فرع الحزب والجبهة الديمقراطية كنت ناشطا في العمل الثقافى وفى التعليم الحزبي: كنا نقدم ونناقش دورات اللجنة المركزية التى صدرت في تلك الفترة مثل دورة يونيو 1975 ودورة يناير 1974 ودورة مايو 1973 ، اضافة لمحاضرات مكتب التعليم الحزبي التى صدرت في ذلك الوقت مثل: "الحزب الشيوعي : استرتيجيته وقضاياه" ، "الانقسامات وقانون نمو الحزب" و"الجبهة الوطنية الديمقراطية".. الخ.كما عملنا مناقشات حول وثيقة "الحزب الشيوعي وقضية الجنوب 1977م" والتى ناقشت آفاق تطور البلاد بعد اتفاقية اديس ابابا، اضافة لوثيقة: "القطاع التقليدي والثورة الوطنية الديمقراطية 1976م" ، والتى خرجنا بعد مناقشتها بوجهه حول ضرورة التركيز على ابناء المناطق الاكثر تخلفا في التجنيد للحزب والجبهة الديمقراطية واحرزنا نتائج كانت حصيلتها ايجابية. اضافة لمناقشة وثيقة "الماركسية ومسألة اللغة في السودان" والتى صدرت ضمن سلسلة "كاتب الشونه" ، اضافة لوثيقة "نحو حساسية شيوعية تجاه الابداع والمبدعين" التى دارت حولها مناقشات واسعة،.. الخ.
وفي الاجازات كان يتم توصيلى بفرع الحزب بعطبره ضمن سياسة الحزب في ذلك الوقت : توصيل الزملاء في الجامعات لمناطقهم، وكنت اساعد في توصيل المطبوعات وتوزيعها ومناقشتها ، كما كنت اقدم المحاضرات للاعضاء الجدد "المرشحين" من العمال بطريقه مبسطه كانت مفهومه للمستمعين من العمال.كما كنت اساعد الزملاء من طلاب الثانويات في تدريس الرياضيات من خلال حلقات التقوية وتقديم المحاضرات لهم ، اضافة لتقديم المحاضرات للزملاء الشيوعيين والديمقراطيين من جامعة الخرطوم ، اذكر في احد الاجازات والامتحانات تبقى لها شهرين ، وكنت قد سلمت مهامى كسكرتير سياسي للجبهة الديمقراطية الى صديق الزيلعى على امل ان اتفرغ واستعد للتخرج ، تم اعتقالى في عطبرة، كان ذلك في منتصف نوفمبر عام 1977 وبعد المصالحة الوطنية ، كان الحزب قد اصدر بيانا كشف فيه اسماء الشيوعيين المعتقلين ، وزعنا هذا البيان بكميات كبيرة في اتبرا، وتم اعتقالى وتحويلى الى سجن كوبر وكان معتقلا معى حسن احمد خليل اضافة لمعتقلين وجدتهم في سجن كوبر من البعثيين : عز الدين الطيب على موسى وآخر قريب بدرالدين مدثر( نسيت اسمه)، وبعد فترة واثناء احتفال برأس السنه احضروا معتقلين شيوعيين من بورتسودان وهم : سيد الامين،عبد العاطى محمد السيد ، حاج موسى ، خيرى ، وعبد الجليل عثمان محمد خير... الخ، احتفلنا بهم احتفالا كبيرا واستقبلناهم بالهتافات والاناشيد ، وكنت الوحيد المعتقل من جامعة الخرطوم بعد اطلاق سراح كل الطلاب بعد المصالحة الوطنية ، وقامت الجبهة الديمقراطية بحملة كبيرة من اجل اطلاق سراح : السربابو ، ونجحت تلك الحمله في الضغط على اتحاد الطلاب الذي كان على قيادته الاتجاه الاسلامى وزارنى في المعتقل رئيس الاتحاد وقتها: التيجانى عبد القادر ومعه عميد الطلاب التيجانى حسن الامين وبعد فترة ، تم اطلاق سراحى بعد أن قضيت اكثر من شهر في كوبر، اذكر بعد اطلاق سراحى اخطرنى عميد الطلاب أن كنت تريد أن تجمد العام لأن الامتحانات اصبحت على وشك الابواب، قلت له سوف امتحن ولن اجمد ، وبذلت جهدا خارقا وبمساعدة د.فاروق هبانى الذي راجع معى كل التجارب في الفيزياء التى فاتتنى وبمساعدة زملائى الطلاب في نقل كل المحاضرات وتسليمها لي في كراسات وتمكنت من الجلوس للامتحان وتخرجت بدرجة البكالوريوس في الرياضيات والفيزياء. كما اذكر ايضا أنه خلال تبادل الجامعات الافريقية رشحتنى كلية العلوم للدراسة في جامعة اكرا بغانا بقسم الهندسة ولكننى لم اذهب لمسئولياتى في العمل السياسي والنشاط الواسع في العمل السري الذي كنت اقوم به ، هذا فضلا عن اننى كنت قد قبلت في كلية الهندسة بعد السنه الاولى في الجامعه ولكننى ، رجعت لدراسة الرياضيات رغم رغبة الوالد الذي كان يريد أن ادرس بكلية الهندسة.بعد التخرج حاولت أن اواصل في الدراسة العليا ولكن اتجاهى اصبح في مسار اخر هو دراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادى للسودان.والذى انجزت فيه ونشرت 14 كتابا.
كما تم اعتقالى في المرة الاولى بعد التحاقى بالجامعة في اغسطس 1973 وبعد الانتفاضة الطلابية المشهورة ، اذكر اننى سجلت ووضعت شنطتى في الغرفه بداخلية "البركس" وتوجهت للجامعة لاجد الاستعداد للخروج في مسيرة كبرى بقيادة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي كان رئيسه المرحوم احمد عثمان مكى، في الموكب اخذت موقعى في صفوف اعضاء الجبهة الديمقراطية وبهتافاتهم بالمكرفون الاحمر وبالشعارات المحددة : ضد قانون امن الدوله ، اطلاق سراح المعتقلين ، وكان تقدير الجبهة الديمقراطية أن هذه معركة في سلسلة طويلة من المعارك تتوج في النهاية بالاطاحة بالنظام ، بينما كان تقدير الاخوان المسلمين واحزاب الجبهه الوطنية( امه اتحاديين...)، أن هذه المعركه هى الفاصله ، واثناء المعارك تم استشهاد طالب وظنوا أن ذلك سوف يكرر تجربة اكتوبر بشكل ميكانيكي، ولما لم يتم ذلك كانت هتافاتهم المحبطه: "الشعب جعان لكنه جبان!!" وقد انتقدت الجبهة الديمقراطية ذلك الشعار واشارت الى أن اسقاط النظام يتم عبر تراكم نضالى ومعارك طويله تنضج بعدها الازمه الثورية ويتم الاطاحه بالنظام ، وبالفعل تم هذا التراكم حتى سقط النظام في انتفاضة مارس ابريل وبعد 12 عاما من انتفاضة شعبان، تم اعتقالى من المشرحه في وقت متأخر من الليل وبعد مداهمة البوليس للمشرحة بالغاز المسيل للدموع لأخذ جثة الشهيد، قبل أن يخرج به الطلاب في موكب هادر في اليوم التالى ، وبعد اعتقالى تم تحويلى مع زملائي الطلاب الى حراسات الخرطوم بحرى جوار مجلس بلدى بحرى وبعدها تم تحويلنا الى كوبر ، كان عدد الطلاب المعتقلين كبيرا ، وتم وضعهم في خيام في حوش الطوارى، وبعد شهرين تم اطلاق سراحى ورجعت للبركس الذي كان محتلا بواسطة البوليس ودخلت غرفتى واخذت متاعى ورجعت الى عطبرة في اليوم التالى. من المعتقلين من الطلاب معى كان: حموده فتح الرحمن ، حافظ عمر، احمد خير تيراب،.... الخ.
كما لازلت اذكر الحملة الواسعه التى خضناها لتغيير التركيبة السياسية لكلية التربية والزراعة شمبات والتى كانتا شبه منطقتين مقفولتين للاتجاه الاسلامي ، وتمكنا بعد نشاط جم واركان نقاش في الكلية اضافة للعمل الفكرى والنشاط الدعائى المكثف من تغيير التركيبه لمصلحة الجبهة الديمقراطية.كما اسهمت في تنشيط مركزية الجباه الديمقراطية للجامعات والمعاهد العليا التى كانت تتكون من المسئولين السياسيين للجباه الديمقراطية في جامعة الخرطوم والتى كنت امثلها، والمعهد الفنى وجامعة القاهره الفرع والجامعة الاسلامية، اذكر بعد التخرج تم ترشيحى لاكون مندوبا الجبهة الديمقراطية في "اتحاد الطلاب العالمى"، ولكنى لم اتحمس للفكره ولم اسافر ، وسافر بدلى بعد فترة : عبد السلام سيداحمد، بديلا لفتحى فضل.
* خلاصة هذه اللمحة من تاريخ الجبهة الديمقراطية، أن للجبهة الديمقراطية تاريخ نضالي زاخر في مختلف مجالات الحياة الطلابية: السياسية والثقافية والفنية والادبية والنقابية والاكاديمية، والرياضية والاجتماعية ، يحتاج لتوثيق من قيادات الجبهة الديمقراطية التي عاصرت الفترات التاريخية المختلفة منذ تأسيسها وحتي يومنا، فهي ارث عظيم من تاريخ ونضال الحركة الطلابية السودانية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.