بسم الله الرحمن الرحيم حاطب ليل في مطلع عام 1989 قمت بزيارة بوركينا فاسو التي تشهد الان احداثا ساخنة حيث اطيح برئيسها بليس كومباوري اعتبرها البعض مقدمة لربيع افريقي وكنت في معية صديقي الدكتور الامين الصديق عوض الكريم في مهمة اختيار طلاب للمركز الاسلامي الافريقي جامعة افريقيا الان واقتضت المهمة منا الطواف على بعض المؤسسات التعليمية وكان قد شد انتباهي تردد كلمة سنكارا في كلام الناس باللغة المحلية التي لانفقه فيها كلمة واكثر منها في لغة البلاد الرسمية وهي الفرنسية التي نفهم فيها القليل ولعل المفارقة ان صورة سنكارا هذة الايام منتشرة في كل مكان في واغدوغو عاصمة بوركينا كما عكستها القنوات خاصة الفرنسية منها فمن هو سنكارا هذا ؟ توما سنكار كان ضباطا ينتمي لعامة الشعب استطاع اقناع بعض اصدقائه من الضباط بالانقلاب على الحكم وكان اقربهم اليه بليس كومباوري فنجحوا في الاستيلاء على الحكم في انقلاب ابيض في ( 1983 – 1987 ) وغيروا اسم البلاد من فولتا العليا الي بوركينا فاسوا التي تعني ارض الرجال الشجعان وكان كل الجديد الذي اتوا به هو ما يمكن تسميته بسياسة القدوة اذ اكتفوا بمرتباتهم كضابط في القوات المسلحة وقام سنكارا بالاخلاء القصر الرئاسي وسكن باسرته في بيت عادي وفي حي شعبي ولما كانت وسيلة المواصلات الداخلية للطبقة الوسطي هي الدراجة العادية اقتنى سنكارا دراجة ولايستعمل السيارة الا في حالة وجود ضيف في البلاد او يكون في رحلة خارج العاصمة وكان يتناول فطوره وهو عبارة عن سندوتش في المكتب ويتغدى بالمنزل ويتعشى في السوق في مطاعم شعبية عادية وقد قفت بنفسي على بعض المطاعم التي كان يرتادها وقد كانت ساعتها اشبه بالمزارات من شدة اقبال الناس عليها بعد الاطاحة به بعامين بعد ان اوصل سنكارا الصرف الحكومي لدرجة التصفير شجع الانتاج اذ كان يعمل بنفسه في عملية جنى القطن الذي كان محصولا رئيسيا للبلاد ويغشى قطعان الثروة الحيوانية ويمكث مع اصحابها الاوقات الطويلة ثم قام بتاميم الشركات التي كانت تعمل في مجال الصادر . لم تمر اصلاحات سنكارا بسهولة فقد تعرض لمعارضة شرسه من اصحاب المصلحة في بلاده ومن معظم حكام غرب افريقيا لابل حتى من فرنسا ولكن بالمقابل كان حب شعبه له كاسحا لدرجة الجنون فقد كفوه شر المعارضة الداخلية ثم سرت سيرته وطريقة حكمه سريان النار في الهشيم في كل شعوب غرب افريقيا خاصة الناطقة بالفرنسية واصبحت بوركينا محجة بالنسبة لهم فكان مايمكن تسميته بالسياحة السياسية مما عوض البلاد عن المقاطعة الفرنسية فمثلا كان الناس ياتون زرافات ووحدانا من ساحل العاج ومن بنين ومن مالي لرؤية سنكارا وهو يعلب كرة قدم في ميدان عادي او يدخل دار عرض سينمائي او يعمل مع مزارع . الحزب الشيوعي الفرنسي والحزب الاشتراكي دعماه . لقد اصبحت مجلة جون افريك الاوسع انتشارا في غرب افريقيا منبره الاعلامي لان محرريها افتتنوا بتجربة سنكارا لم يكن امام القوة المعادية لسنكارا المتمثلة في اصحاب المصالح في الداخل ورؤساء الدول المجاورة وحكومة فرنسا من سبيل للتخلص منه الا باغتياله بواسطة صديقه بليس كومباوري الذي كان قادما معه من تمرين كرة قدم وكانا في ملابس التمرين وبموته انطوت صفحة لتجربة افريقية سياسية نادرة ليس فيها تنظير ولاعميق تفكير انما تقوم على الفطرة الانسانية التي تتجاوب مع كل جميل وتنفر عن كل ماهو قبيح و (انتهى المقال ) (ب ) 10 % يامفترين ؟ قد لانختلف كثيرا في ان الحالة الاقتصادية في بلادنا ظلت في حالة تراجع فكل يوم يمر تصبح الحالة الاقتصادية اصعب ولانحتاج هنا الي اي مؤشرات دولية او نظرية فمعيشة المواطن من اكل وشرب وماوى وصحة وتعليم كفيل بان يجعل اعمى المعرة يبصر هذا التراجع ولكن هناك اختلاف في بداية هذة الازمة الاقتصادية فهناك من يرجعها الي يوم استقلال السودان فمن الاجداد من يقول لك (بعد الانجليز مرقوا ما شفنا عافية ) وهناك من يرجعها الي ازمة النفط العالمية التي اعقبت حرب اكتوبر 1973 حيث بارت المنتجات الزراعية في العالم الثالث وارتفعت الواردات بصورة جنونية وهناك من يرجعها الي بداية تنفيذ السودان لروشتات صندوق النقد الدولي التي على راسها تخفيض قيمة العملة 1976 ومن الناس من يربطها بالانقاذ 1989 . الامر المؤكد ان سرعة معدلات التدهور تختلف من فترة الي اخرى حتى داخل فترة الانقاذ هناك تفاوت ولعل المفارقة ان الاستقرار الاقتصادي النسبي الذي شهدته الانقاذ لم يكن في فترة تصدير النفط انما كان قبلها تحديدا في فترة تولي الراحل المقيم الدكتور عبد الوهاب عثمان (المشلخ ) حقيبة وزارة المالية والاقتصاد من هذة الرمية الطويلة ننفذ الي خلاصة ان علة العلل في حالتنا الاقتصادية الحالية التي تصعب على الكافر تكمن في الادارة نعم الادارة ولاشئ غير الادارة الاقتصادية والمالية فبعد عبد الوهاب استلم زمام الامر الماليون اي المختصون في النقد القادمون من البنوك , البنك الدولي والبنوك الاقليمية والمحلية فالاسماء معروفة وابتعد الاقتصاديون عن الادارة او بالاحرى ابعدو واصبح شغل المسؤلين هو قيمة الجنيه والتحويلات الجاهزة والذي منه لقد اهمل قطاع الانتاج اهمالا تاما وساعد على ذلك وجود النفط يومها لقد تحول السودان ببراميله المتواضعة الي دولة ريعية وبعد خروج النفط ظلت ذات العقلية النقدية –المالية – تقود البلاد واليكم الدليل في مؤتمر اذاعي الذي تبثه الاذاعة يوم الجمعة وفي اخر حلقة قال السيد وزير الزراعة ابراهيم محمود ان الدولة تخصص 10 % فقط من ميزانيتها للزرعة (عشرة في المائة ) وبرضو تقول لي برنامج ثلاثي والتركيز على القطاع الانتاجي ؟ ماذا يملك السودان الان غير القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ؟ كيف يمكن ان يتطور هذا القطاع ويرفد خزينة الدولة بموارد ضخمة وتسعين في المائة من ميزانية الدولة تذهب لغيره ؟ كيف يكون يكون التخريب المتعمد ان لم يكن هذا؟ لم نقل جيبوا المال من تحت الارض وانفقوه على الزراعة بل قلنا من الموجود اعطوه نسبة معقولة ليس حبا فيها يابتوع المال انما حبا في ذات المال لان ماينفق على هذا القطاع يعود الخزينة العامة دولارا ويورو واسترليني وتمني الله اكرم من الذين ينفقون تسعين في المائة في غير الزراعة حيث من على هذة البلاد بانتاج زراعي هذا العام لو انفقت الدولة ثلاثة اضعاف ميزانيتها كاملة لما انتجته ولكن للاسف هذا هو السوق يلقف كل هذة النعمة فتنخفض الاسعار بمعدلات رهيبة ليظل الذرة والسمسم في سيقانه ويدخل زارعوه السجن كما حدث للبصل والبطاطس والبلح في الموسم الشتوي الاخير وبتوع النقد –المال- يتفرجون ويبخلون على حماية المنتجين حتى بالعملة المحلية لاحول ولاقوة الا بالله (ج) امريكا فكي جدادك قبل سبعة عشر عاما اعلنت امريكا حظرا اقتصاديا من جانب واحد على السودان بتهمة انه مصدر لارهاب عالمي يهدد المصالح الامريكية ويضر بالامن القومي الامريكي (الكترااابة ) ولكن الحق يقال ان امريكا كانت قبل اصدار القرار وبعدة سنوات قد وجهت انذارا لكل من السودان والباكستان يشمل مطلوبات محددة الا وانهما سيوضعان في القائمة الامريكية السوداء التي يصعب الخروج منها لتعقيد العلاقة بين متخذي القرار في امريكا بعبارة اخرى قالت لهما ان الدخول في هذة القائمة سهل ولكن الخروج منها صعب فاستجابت الباكستان ورفض السودان او بالاحرى لم يعر الامر اهتماما ولم يقدر خطورته (عدم العرفة مصيبة ) صدر قرار المقاطعة والحصار الامريكي في نوفمبر 1997 فكان رد السودان يتمثل في (ما خوف الغريق من البلل) فامريكا اصلا ليست على ود معنا وضدنا على طول فليس هناك جديد في القرار وهنا تكمن عدم المعرفة لان القرار سوف يحرم السودان من الاستفادة من كافة المؤسسات الامريكية وليس الدولة الامريكية وحدها سوف يحرمه من التعامل مع القطاع الخاص والجمعيات الطوعية والمؤسسات الاكاديمية وكل ماهو بعيد عن السياسة فالدولة في امريكا ليست الفاعل الاساسي . لم يكتف السودان بعدم الاهتمام بقرار المقاطعة بل رفع نبرة التحدي شعبيا واعلاميا ليعضع القرار ضمن استرايجيات القهر والاستبداد والطغيان الدولي وليس للعلاقة الخاصة بين البلدين تحديدا ضمن استهداف امريكا للعالم الاسلامي والعربي يوم ورا يوم (كما غنى صلاح مصطفى) بدات اثار الحصار الامريكي على السودان تظهر ليس على الحكومة السودانية انما على مجمل الحياة في السودان الزراعة السكة حديد الخطوط الجوية الخطوط البحرية الاستثمار التحويلات المالية كل شئ كل شئ فتغيرت نبرة الحكومة من التحدي الي الظهور بمظهر الضحية وهي فعلا كذلك وهناك جهة بحثية قالت ان خسائر السودان من المقاطعة الامريكية تقدر باربعين مليار دولار.الكتراااابة تاني !! (ياربي حا يجي يوم نطالب بتعويضات ؟ ) على الصعيد السياسي اخذت الحكومة تتهم الادارة الامريكية بالكذب والمرواغة والابتزاز فكم مرة طلبت امريكا طلبا مشفوعا بوعد فيفي السودان وتخلف امريكا وعدها وفي اليوم العلينا دا - السودان يرفض استقبال المبعوث الامريكي دونالد بوث بحجة ان لاجديد ولاخير يرتجى منه وامريكا تطالب باستقباله السودان يسال ماذا فعل المبعوثين الثلاثة الذين سبقوه ؟ ومازال الجدل مستمرا في الاخبار الان ان وزير الخارجية الامريكية جون كيري خاطب علي كرتي وان هناك محادثات تجري بين البلدين اخشى ما اخشاه ان تكون منحصرة في المبعوث بوث (يجي ولاما يجي ) ولكن الاهم التفاهمات التي تجري في صعد اخرى ففي الاخبار ان هناك تفاهمات بنكية وان امريكا على استعداد لرفع الحظر الزراعي (طبعا الصمغ خارج اللعبة لانه اصلا مستثنى من المقاطعة) وان الاسبيرات للطائرات والقطارات قد تاتي مباشرة من امريكا .لسان حال امريكا هو ابعدوا الدولة ونحن على استعداد للتفاهم والتعاون ولكن يبقى السؤال هل يستطيع السودانيين افرادا ومؤسسات العمل بعيدا عن الدولة ؟ في تقديري ان الاجابة نعم ولكن بشرط ان تبعد الدولة عن الموضوع وتثق في المؤسسات التي دونها . (د ) زمن اضافي جدنا سلمان لما راى حواشته لاتلبي طموحاته قام ببيعها وشراء بثمنها ابقار على اساس انها الاكثر عائدا من الحواشة فسرقت ابقاره ذات ليلة فعلق شقيقه حاج ابراهيم على تلك الواقعة قائلا (بقر سلمان انسرق الليلة ؟ بقر سلمان اخوى انسرق من يوم باع حواشته ) فالسيد الرئيس سلفاكير الذي غطت عثرته في سلم الطائرة على مجمل زيارته للخرطوم لم تكن الاولى فقد سبقتها عثرات وعثرات يصعب ايجاد نقطة بداية لها فهو بالطبع ليس انسانا سئيا او رئيسا مختلفا انما كان ضحية ظروف قاسية ومتتابعة فهو من الجيل الذي ورث مرارات واحباطات وتطلعات لاحصر لها ولكن في تقديري ان عثرته الكبرى والشخصية هي تلك حدثت عندما كان يلقي خطابا في البرلمان وخرج من النص قائلا ازف لكم خبرا هاما وعاجلا وهو ان قواتنا المسلحة قد دخلت هجليج واحتلت حقول النفط . فحرب الوكالة مع الجار كانت بداية النهاية لطموحات الدولة الوليدة كان يفترض ان يمكث سلفا اربعة ساعات فقط في الخرطوم (هو اصلو كان شايل خبر ولاتحذير ولاشنو ياربي ؟ ) لكنها وبسبب ظرف فني طاري حدث للطائرة او الرئيس (الحتة دي مازالت فيها شوية دغمسة ) وان جاء في الاخبار ان الطائرة قد شوهدت وهي تقلع من المطار في الموعد المحدد سلفا (الطائرة كينية مؤجرة والله يقطع الكان سبب في الذي حل بالخطوط الجوية السودانية ) المهم ان زيارته سيادته قد تجاوزت الاربعة وعشرين ساعة وقد امضى ليلة كاملة في الخرطوم وعلى شاطي النيل الازرق بالتحديد ومن القلب نتمنى ان يكون هذا الزمن الاضافي الاطول من زمن المباراة قد حدثت فيه مستجدات وتولدت فيه قناعات خاصة فيما يتعلق بملف ابيي الذي قيل انه كاد ان يكون القندول (الشنقل الريكة ) تمنينا مستجدات رغم ان البيان الختامي الرسمي للزيارة قال ان هناك اتفاقا تاما على معالجة كل القضايا العالقة بين البلدين وان العلاقة بين البلدين في امان الله ولكن الشاهد انه قبل ان ينتهي الزمن الاضافي الاجباري للزيارة صرح السيد وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين قائلا ان دولة الجنوب مازالت تدعم الجبهة الثورية بالطبع دولة الجنوب تتهم السودان بانه يدعم متمرديها ولاسيما ان الخرطوم قد استقبلت قبل اسابيع رياك مشار في زيارة معلنة ولكن هي الاخرى كان فيها زمن اضافي العلاقة بين البلدين لاتحكمها الامنيات الطيبة ولا التجمل بالبيانات النمطية لابل ولاحتى مصالح الشعبين انما تحكمها استراتيجيات دولية ولعبات اقليمية كبيرة وللاسف الشديد ان النخبة السياسية الجنوبية وضعت نفسها في خدمة تلك الاستراتيجيات المتقاطعة ولكن السودان هو الاشقى بما يحدث في الجنوب وهو الذي سوف يدفع ثمن عدم الاستقرار هناك وربما الاستقرار المتوقع بعد حالة عدم الاستقرار وللمفارقة في نفس الوقت ان السودان هو الاقدر على تسيير مجريات الامور في دولة الجنوب نتيجة للجوار الطويل وقصة المعرفة القديمة ولكن للاسف هذة القدرات تتمثل في حكمة (ابو القدح بيعرف كيف يعضي رفيقه ) سيكون السودان محظوظا وموفقا اذا استطاع تحويل تلك القدرات القدحية الي (الارانب بتعرف كيف تساعد بعضها ) فسرعة الارنب لاتقارن بسرعة ابو القدح (السحلفاة ) وانا ما بفسر وانت ما تقصر (ه ) السيدين لقاء ولقاء دخل لقاء السيدين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني في ديسمبر 1955 التاريخ السوداني الحديث واصبح علامة فارقة لانه انهى رئاسة الازهري للحكومة واستبداله بحكومة يسيطر عليها السيدين سيطرة كاملة فكان ذلك الحدث ضربة موجعة لطموحات الطبقة المتعلمة في السودان التي ظنت انها قد استلمت الدولة السودانية من المستعمر وانها اصبحت صاحبة الحل والعقد فيه الي يوم يبعوث ولكن السيدان نبها تلك الطبقة الي انها مازالت صغيرة ورخوة وضعيفة وانهما كممثلان للقوى التقليدية يضعان كل مفاتيح السياسة في جيبهما وقد وصف احد افراد تلك الطبقة المتعلمة يوم اللقاء بانه اسوا يوم في تاريخ السودان وتكمن المفارقة بان القائل هو السيد محمد احمد محجوب المقرب من السيد عبد الرحمن وانه اصبح اهم وزير في الحكومة التي اعقبت حكومة الازهري ولكنه عندما جلس لكتابة التاريخ خرج منه صوت الحق (انظر كتاب المحجوب ., التجربة الديمقراطية في السودان ) دعونا نقفز من ذلك التاريخ الي امسية الجمعة الماضية الفاتح من نوفمبر 2014 حيث اجتمع السيدين محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي في مدينة الضباب لندن الاول في منفي اختياري والثاني في منفى اجباري ليس لاسقاط حكومة البشير كما فعل السيدان مع حكومة الازهري في 1955 انما لتنسيق المواقف بينهما من اجل ان يكون لهما دور في مجريات الامور السياسية في السودان وحتى في هذا يبدو انهما لم يتفقا اتفاقا كاملا فعلى حسب موقع سودان تربيون ان المهدي عرض على الميرغني عدم دخول الانتخابات التي يدعو لها المؤتمر الوطني في 2015 وان الثاني تحفظ على هذا العرض ويقول بعض المحللين ان اللقاء لايعدو الا ان يكون لقاء علاقات عامة وعلى اقوى الفروض ان اي منهما يريد من لقاء الاخر ان يقوي موقفه التفاوضي مع القوى السياسية الاخرى حكومة كانت او معارضة يبرز السؤال ما الذي جعل السيدين ممسكان بخيوط اللعبة السياسية في 1955 وبعد 59 عاما اي عام 2014 اصبحا على هامشها لابل حتى وجودهما العضوي كان خارج السودان بدلا من بحري وام درمان ؟ اكيد مياه كثيرة قد مرت تحت وفوق الجسر طوال هذة المدة وتتداخل العوامل الموضوعية مع الذاتية في هذة التطورات فانظمة الحكم المتعاقبة خاصة العسكرية منها ثم زيادة حجم الطبقة المتعملة وبعض التحديثات التي طرا على مناطق سيطرة البيتين كل هذا له اثره اما من ناحية ذاتية فالسيدين الاوائل كانا يديران العملية السياسية بالريموت كنترول ولكن السيدين الاواخر دخلا في اتون اللعبة مباشرة فجردا السياسة البيتية من بعض القداسة التي تتمتع بها لذلك كانت المنافي والبعد عن القواعد وتسرب الخيوط من الايدي وقد يقول قائل ان بقاء السيدين مؤثرين على السياسة في السودان وطوال هذة العقود من الزمان هو الجدير بالبحث فان كان ذلك فالنترك الامر لفرصة اخرى ونعرج للسيد الثالث من حيث العمر الذي يتجول في الخرطوم على كيفه ويرسم في الخطط مع انه لم يرث اي سيادة بل جابا ضرب يمين وعرق جبين واسماها مشيخية فالي الغد ان شاء الله (و) ضد النسيان الدكتور حسن الترابي منذ ان ترك عمادة كلية لقانون بجامعة الخرطوم في 1964 وركب قطار السياسة لم يترجل منه حتى اليوم لابل زحف وفي خلال هذة العقود من عربية الفرملة الي كابينة القيادة بطرائق عددا ومكث فيها عقدا من الزمان ثم ترجل منها بطريقة قد تكون مثل طريقة الركوب واتجه الي المعارضة وفرض نفسه عليها لابل اخذ منها كل بريقها وهاهو الان يعود به الي ذات القطار الذي كان يقوده عندما كان السيد الصادق يدعو للحوار مع الحكومة ولم يترك لذلك سبيلا حيث شرق وغرب –بفتح الراء وتشديدها في الحالتين – التزم الترابي الصمت فشغل الناس بصمته وتعب المراقبون في تفسيره هكذا ظل مستقطبا للاعلام في كلامه وفي صمته ولكن بمجرد استجابة الحكومة لدواعي الحوار الذي تمثل في خطاب الوثبة في يناير 2014 ظهر الترابي ببسمته المعروفة وهو يردد عبارة جاءت في خطاب الوثبة (الناس كل الناس) واظن الان ان الناس عرفت ماذا يقصد وهكذا الترابي دوما يرمى الاشارة ويترك فسحة من الزمن للناس لكي يفهموها تعثر الحوار بعد خطاب الوثبة اذ كان اعتقال الصادق ثم خروجه ثم اعلان باريس الي ان وصلت الامر الي ديس اببا –محطة السودان التفاوضية المفضلة – ثم ظهر امبيكي متابطا ملف الحوار مضافا للملفات السودانية الكثيرة التي يحملها مفتوحة حتى دون امل في اغلاقها قريبا فاعقب ذلك لقاء المائدة المستديرة الذي غاب عنه الصادق وزحف الترابي الي الامام مع زهد غازي صلاح الدين او تشاؤمه وكان اصرار الترابي كبيرا وواضحا على ان يكون الحوار والاتفاق مع الحكومة بمن حضر وبما اتفق ثم كان الظهور الكبير للترابي في المؤتمر العام الرابع لحزب المؤتمر الوطني في اكتوبر الاخير حيث كان نجم اللقاء دون منازع وخاطبه بخطاب كان صورة طبق الاصل لخطاب الوثبة في يناير الماضي لدرجة ان كلمة الناس كل الناس قد وردت في متن الخطاب وليس على الهامش او بما يشبه السخرية كما حدث في يناير ثم كان الحضور الاخطر للترابي في فاتحة الدورة الجديدة للبرلمان لخطاب السيد رئيس الجمهورية ولذي كانت اهم نقطة فيه هي اعادة النظر في الحكم اللامركزي وبالتحديد طريقة تولية الولاه والتي كانت سببا مباشرا في اغلاق ذات البرلمان في وجه الترابي الذي كان رئيسا له وابدى الترابي موافقته على المراجعة وزاد الاعلام كيل بعير عندما قال يمكن تاجيل الانتخبات لمدة عام . وعلى حسب شمارات المدينة ان الترابي قد رجع الي بيته من البرلمان تسبقه عربية تشريفة ويو ويو ويوووو في امسية الاحد المنصرم حضر الترابي جلسة الجمعية العمومية للحوار الوطني وكان يجلس خلفه كمال عمر الذي كان قد ابتعثه يوم جلسة البرلمان لطيبة الشيخ عبد الباقي وقدم في ذات الجلسة مقترحا اجرائيا ارسل به رسالة فحواها (نحن ماشين مع بعض الي فوق ما تتصورون ) ولكن الي اين ؟ لااحد يستطيع الاجابة وهكذا الحال دوما يضع الترابي نفسه في حالة لغز ولكن يؤمي دوما الي انه في حالة تحرك تكلم ام سكت فتفهم منه احيانا انه ينفذ في خارطة مرسومة ومتفق عليها واحيانا يشئ بانه يريد يربك اخرون واحيانا تفهم منه انه يتحرك في عدة خيارات ولكنه في كل الاحوال لايقبل ان ينساه الناس كل الناس ولايقبل باي حال من الاحوال اي حالة نسيان فالسؤال لماذا ؟ وماهي خطورة مقاومة النسيان للشيخ ؟ والى متي؟ لاتقل لي اسال العنبة ؟ عبد اللطيف البوني [email protected]