شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالفيديو.. وسط حضور مكثف من الجيش.. شيخ الأمين يفتتح مركز طبي لعلاج المواطنين "مجاناً" بمسيده العامر بأم درمان    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص مساء متوتر وموسم الهجرة الى الشمال .. بقلم: د. أمير حمد_برلين _المانيا
نشر في سودانيل يوم 12 - 11 - 2014

ذيل عنوان الكتاب (مساء متوتر على نهر هافل) بهذه القصة التي ذُكر فيها مصطفى سعيد (بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال) لكونه معروفا باستراتيجيات إغرائه للنساء. ما أكثر وأكذب مثل هذه الاستراتيجيات التي يجيدها الأجانب في أوروبا لصيد النساء!، لاسيما في المراقص كمرقص (إم) في هذه القصة. وعليه تجدني ألج إلى عالم موسم الهجرة إلى الشمال من جديد فأدرج هذا المقال لإنعاش هذه الرواية، في مسرح (مساء متوتر) وما أكثر ما كتب عليها حتى أصبحت حرثا في حقول محروثة.
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
مساء متوتر
(وانت أيها الأخير ياهذا الجد العتيق ذو الرأس الاسد انت تحرس هذا المكان الذي ضاع من ضحكة كل امراة ومن كل ابتسامة ذابلة) (سنغور)
بطيئا ...يمر هذا الوقت اللعين1, 2, 3 ,4, 5 .لا أستطيع أن
أعد إلى أن يغلبني النعاس كما علمتني أمي في طفولتي . لم أزل شابا بعد «لا يهمني نبض الوقت سريعا او بطيئا ...لايهم .
لدي متسع في الحياة ثم إني عاطل عن العمل ليس بدافع مني .يقولون سيتظاهرون احتجاجا على العطالة, من سيقدم لهم عملا ومن منهم في الحقيقة راغبا فيه 1, 2, 3, 4 ,5 . اللعنة !! هذا المنبه القديم ينظر إلي كروح شريرة . هل يغير العد للدقائق تصاعديا تنازليا من شيئ هل يلفت انتباه ما اويختزل الرتابة هذه !!!
أود أن يكون هذا اليوم جديرا بالذكر.يوم واحد يكفي . دعني أفكر بهدوء
1 , 2 و 3 .... آه هذا ما يمكن أن أفعله اليوم . لقد خسرت كل علاقة مع الأصدقاء لإنصرافهم إلى هموم يومية وتكتلات مقاومة لا أدري إلى أين ستعصف بهم . نعم أود التعرف على إمرأة ليس على نمط ومزاج ( ود الريس) 1 أو ربما كذلك لا أدري .
_ لماذا لا تخابرني .
هل حدث شيء؟
لا ولكن ! أنا متأهب للخروج الآن .....
إلى أين !
لم أحدد بعد ،سأترك الأمر ...هكذا محض الصدفة , كما أفعل كثيرا أو ربما أذهب إلى مرقص هل ترغب في مرافقتي!
هذه فكرة حسنة رغم أني لا أجيد الرقص ومداعبة النساء
أنا كذلك . الساعة الحادية عشر ليلا.
- اتفقنا , ولكن منذ متى تعير الزمن اهتماما.
- لا يهم . إلى اللقاء .
لا أعرف عن هذه المرقص كثيرا سوى أن صديقا لي كميروني كان يرتاده , ويخرج كل أسبوع بفتاة( صيد ثمين ), حسب قوله « لم أرد أتهامه
بالكذب . سألته ما هي إستراتيجية إغرائه لم يقل شيئا وانعطف عن الحديث قال ثمة من يتجارون بالمخدرات في هذا المرقص ومن يمارس الجنس خفية في المرحاض , وكذلك من يبحث عن إقامة ودعم مادي من النساء الهرمات . ربما الامر كذالك فقد كنت اشاهد من وقت لاخر نسوة تجاوزن الستين بملابس أنيقة يدلفن مساءا إلى هذا المرقص , ما اسمه !! سأحاول سأحاول التذكر 1 , 2 ,3 , 4, 5 ,6 , 7 ، نعم لافتة نيونية
زرقاء الى جواره متجر افريقي لبيع المنحوتات الخشبية . سلم صغير يقود إليه في الأسفل . إنه قبو في الواقع . لماذا أشغل نفسي بهذه التفاصيل !!
وهذا ....هذا الوقت اللعين يمر بطيئا , يدفع بي إلى الوراء. لا شيء يثير الفضول في هذا اليوم الشتوي : طرقات شبه شاغرة من المارة , وجليد ناصع البياض يسترقد أهاب الأرض وقمر شبه مبت بنظر في حياء .
تمهل !! ما من داعي للعجلة .
احس بالبرد ، رغم هذا المعطف الشتوي ..
لقد تحول هذا الطريق بمرور الوقت إلى ساحة ثقافية في قلب برلين لم يكن مميزا من قبل عن أي طريق آخر تتوزعه بعض المحلات التجارية .... مطعم أو حانة عند منعطف ما .سيدات انيقات يسرن تخطرا في اتجاه المرقص سرت وزميلي بهدوء بعد أن بذلت جهدا لإبطائه وهو يحاول الانفلات مني كما يحاول كلب التخلص من طوق حول عنقه .هنا المرقص اذا . خطوة , خطوة إلى الأسفل .درجات سلم عتيق يقود إليه .... قبو تحول إلى مرقص !!! من قال ان « ود الريس يبدل النساء كما يبدل الحمير» .2
تعالت موسيقى محتدمة وكلمات جاك لو»المطرب السنغالي ... تأز لهب إفريقي يذيب الجليد حولنا . هذه الرائحة الخانقة المشوبة بعطور نسوية وضحكات ساحرة معلم أساسي لكل المراقص هنا . هكذا ذكر لي أودينغا الكميروني الخبير بحانات الليل .
اتجهت لاعلق معطفي في زاوية شبه معتمة في نهاية الممر الضيق المفضي بدوره إلى بهو ساحة رقص واسعة وإلى مقصف حيث نادلة إفريقية تقدم المشروبات والكحول للرواد. لا ادري ماذا صنع زميلي أو أين هو .!!كنت ألاحظها منذ انزلاقنا إلى قبو المرقص. سيدة أنيقة في منتصف الخمسين , ابتسمت في وجهها إلا أنها تشاغلت عني. سأغامر مرة أخرى ..لن أخسر شيئا .. كان الراقصون في غيبوبة ولذة وضحكات مهد لها( ديكور ) المرقص بأضوائه الخافتة المركزة على زوايا متباعدة وأخرى متقاطعة ومتداخلة بدربه في منتصف دائرة الرقص ثمة تماثيل أفريقية وأقنعة مترهلة الافواه زجاجات نبيذ بألوان مغرية تتوهج في غمزات اشعة الضوء المتقطعة الملونة المنفلتة من منتصف ساحة الرقص. أين أنت يا صديقي (مصطفى سعيد؟ ) 3 كيف ستكون إستراتيجية الإغراء هذا المساء ! أنا لا أريد قتل أوروبية ....قتل حب مهين كما فعلت انت .اود فقط تزجية الوقت ,لاغير . كانت تنقر بخاتم مذهب حول خنصرها على كأس نبيذ أمامها . اقتربت منها :
إنك سيدة أنيقة وجذابة
أحقا ؟
لا أجد سببا لخداعك
حاولت أن أقترب منها أكثر فلم تترد من الاقتراب مني .
لاحظت تجاعيد على جبينها وتورم طفيف حول جفنيها.
لا يهم !! انسابت موسيقى ري شارلس لأغنيته المعروفة «جورجيا في ذاكرتي» لا أدري ماذا دهاني ساعتها جذبت يدها بلطف :
أريد أن تراقصيني ولو لهذه الأغنية فقط.
لم تترد . إمرأة غريبة حقا !!! تحولت ساحة الرقص إلى حب كلاسيكي حوله بعض الرقصين إلى حالة نزوة شيطانية ا؟ هذه الأجسام المتلاصقة والأنفاس الحارة التي تلسع الأعناق والآذان كما كانت تفعل هذه السيدة معي لا تترك مجالا لغير النزوة والانفعال . كانت تضغط بخاصرتها في حركة شبه دائرية على نصفي الاسفل ونحن متعانقان نرقص معا .تناهت موسيقى البلوز إلى مسمعي فاثارت خيالي واضرمت حزنا قديما قابعا في الاعماق .هذا لايناسب الطقس المحموم هنا.
(نركب وننزل كأنك فحل الحمير .... الفحل ما عواف ......كنت افعل كل شيئئ لأدخل الانثى في فراشي) 4
هذا اليق بهذا المكان .
لماذا لا تحدثني ...؟
لا أدري ماذا أقول لك ؟ أنا كما ترين إفريقي.
نظرت الي متفحشة ومتفحصة .
ليس تماما
حسنا إفريقي عربي ؟
هذا أقرب إلى الحقيقة ، أنا أعرف إفريقيا جيدا ولي أصدقاء كثر من هناك .
خسرت اللعبة يا مستر مصطفى سعيد !!!! لقد تغير الوقت ولم تعد استراتيجية إغرائك فعالة.
هل تدري بأننا في افريقيا لم نزل نعاني من وطأة الاستعمار المبطن ؟
لا أحب الحديث في هذا الأمر .أنا لا أحب السياسة. حدثني عن الناس في إفريقيا.
اه ,خسرت اللعبة للمرة الثانية يا مستر مصطفى سعيد. أنا أنا وأنت أنت وزمانك غير هذا الزمن المتوحش كذلك .
.غمر مسمعي نتف أحاديث بعض راقصين من فتيات وشباب وأنا أراقص هذه السيدة التي لاتفتأ تلسعني بأنفاسها والتصاق نهديها على صدري .طافت بذهني أحاديث وضحكات مثيرة لفتاتين ورجل إفريقي خليع:
أعرف ثمة من يبيعون المخدرات سرا في هذا المرقص،بل ومن يضاجعون في مراحيضه . أنا أطبخ جيدا,يمكنك زيارتي....
أنا لا أريد رجلا للطبخ؟
للجنس إذا.
مثلا
ضحكات مثيرة من ثم. هذا المرقص قنبلة موقتة لا تليق بمراهق بعد مثلي وغير درب بمثل استراتيجيات إغراء كهذه . وهذه السيدة الشرقية الملامح ترقص في محاولة لإعادة سنين شبابها كما يبدو ؟سألتها من أين هي
لم ترد.عرفت من حارس المرقص بأنها كانت متزوجة من شرقي وأنها بالفعل تود الرقص فقط وليس اصطحاب الرجال كما تفعل معظم النساء هنا .قال بأنه لم يرها ولو ليوم واحد تصطحب احد الراقصين معها . من يدري !! ثمة نسوة يبادلن بعض الراقصين أرقام هواتفهن فيتم اللقاء بدهاء دون إثارة شك. ساوا , ساوا , ساوا يي «تنغ,تنغ, تنغ, تنغ تنغ تنغ» ... إيقاع سريع وأغنية لا يعرف فحواها إلا قلة . لا يهم فقط الرقص.اهتزت الأرداف والنهود وتمايلت الخصور في أغراء ودلال . رائحة العرق الإفريقي تطبق بشدة وهذا الكميروني لا يفتأ يدور ويترنح ويقفز سريعا وببطئ ثم يطوق برفق خصر فتاة . من هنا نبدأ اللعبة اذا. ما من خلاص .كأني أسمع مصطفى سعيد يردد «أنت يا سيدتي قد لا تعلمين , ولكنك مثل كا نافون حين دخل قبر توت عنخ آمون. قد أصابك داء فتاك لا تدرين من أين أتى سيؤدي بك عاجلا أم آجلا»5.
سحبني زميلي المترهل من كتفي وأنا أرقص مع هذه السيدة.
سرقوا معطفي
من اين جاء هذا ! من اين وقد اختفظت به طيلة الوقت .
كيف ذلك ؟ ولماذا سحبتني بهذه الطريقة العشوائية
شممت رائحة الكحول تندلق من فيهه وهو يقترب مني .أعرف بأنه أذا شرب لا ينتهي الا ليبدأ من جديد . أخذته بعيدا من ساحة الرقص .سألت النادلة . ضحكت وقالت لي بأن معطفه هو ثالث معطف على المشجب.
لا فائدة !! سيرهقني ....يجعلني وصيا عليه!!تسنحت فرصة وخرجنا . كنت غاضبا حقا فقد افسد مسائي . استند الى ساعدي خيفة أن يسقط جراء السكر
وظل يهذي سرقوا
معطفى ,حقراء وتافهون . أريد معطفى .
هكذا ظل يهزي طوال الطريق ومعطفه يطوقه وقد اتشح بندف الثلج المتهامي برفق !!.
..... أنا الآن وحدي أفكر من جديد ماذا أفعل بفيض الوقت القادم، ربما أطيل عد دقات الساعة 1, 2 , 3 , 4 , 100 , 3000 .....
لماذا يزعجني الوقت إلى هذه الدرجة !!- كل شيء هنا حولي منوط بالوقت اللعين ...دقاته الرتيبة الوئيدة .كل شيئ ...المنبه العتيق ، المذكرة الجدارية على نمط اللوح المسماري البابلي ولوحة الزمن السوريالية لدالي « هل يمكن أن أعلق الزمن مثله على جذع شجرة وأنام.أهمله ولو مؤقتا – سأعد بالكسور 2/1 , 4/1 , 8/1 ,...... لا هذا مزعج كذلك كغضيض جاري المسن.وحده بوبي كلبه الأرقط الضامر ما لا يعير الوقت اهتماما . يتمطى في كل مكان, لا بل وينام واقفا ويهبط ببطء سلم العمارة كعروس تخشى التعثر فوق فستان زفافها.
ليس غريبا أن يبحلق في المتسول الأشيب في طريق «رسيدنس» كلما نظرت إلى ساعة الساحة الضخمة فيصرخ بصوت عالي «اللعنة على القوانين وأرباب الرأسمالية الى الجحيم يا حقراء».
أمجنون هو ونحن العقلاء!! ولكن ما شأني به سأكمل كتابة مذكرات نزيل مصحة..... لا سأقرأ في البدء كتابا ربما أهدأ من ربقة هذياني هذا .نعم أفتح ضفحتي الكتاب بحذر حتى لا يتذلق منه البحر كله! أريد أن أبقى على جزء منه بين الأسطر والفراغات.ماذا بعد الصفر!ّّ !!لم أنتهي من العد بعد سأبدأ تنازليا فالكسور لا تزيدني إلا نقصا وقلقا.رأسي يؤلمني.أشعر بنبض صدغي كقرع على باب.آه اللعنة.الأفارقة يحلون مشاكلهم في المرقص ,يتخلصون منها كما تنزلق الافعى من جلدها .أأخطأت أن احتذيت نصيحة الكميروني ...ذهبت إلى المرقص!!. لم يحدث شيء! لا شيء البته. كيف تنصهر كل هذه الترهات والهذيان في بوتقة واحدة تتناغم في انسياب مع نبض الوقت كتناغم الوان المساحيق على خدي تلك السيدة في بؤرة الضوء الخافت بالمرقص .ربما يتوجب علي تعتيم الضوء هنا.
اااااااه من هذا الصداع .اترى ستنتظرني مساء السبت القادم ؟بارحتها على غرة دون وداع و لهفة لقاء، ستسألني مجددا برغبة جارقة (حدثني عن الناس في افريقيا والفتية الهائجين خلف القطيع ومنبع النيل المقدس وطقوس التعميد. قل لي شيئا عن ظلال الغابات الداكنة هناك واقراص النجوم الدانية .ارو لي بحق السماء ولو شذرات عن الماساي ,حرابهم المديدة العتيقة والحلقات التبرية المترادفة حول اعناق نسائهم السامقات). مالي انا وكل هذا !!! استنقذني هي من انشوطة الوقت !! ستسلو دون شك ما كان بيننا بمرور الوقت أو بفعل الارواح والطواصم الخيرة التي تزين ردهة المرقص وتحرسه بحنو وحرص .
اشارات
ا ودالريس عجوز شهواني احد ابطال رواية موسم الهجرة الى الشمال للاديب السوداني الطيب صالح.
2 نقس الشخصية اعلاه .
3 اشارة الى بطل الرواية السابقة الدنجوان زير النساء الذي اعتال زوجته الانجايزية .
4الرواية السابقة الذكر.
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
في شخصية البطل مصطفى سعيد و استراتيجية الاغراء
الرجل الذئب :
لقد كان البطل فاقدا للانتماء يعيش حياة رافضة للضوابط فالعالم, في زعمه , يقوم على أسس واهنة بل هو أكذوبة . ( ) يقول كولن ولسن في كتابه الامنتمي
( إنه الإنسان الذي يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس,والذي يشعر بأن الاضطراب والفوضى أعمق تجذرا من النظام الذي يؤمن به قومه ....)
إن تذكرنا لمصطفى سعيد اللامنتمي، الخارج على القانون بجريمته وعلى القيم بعلاقاته المتطرفة بالنساء والحياة وبتصدع ذاته يعود بنا ليربطه .
يقول كولن ولسن في كتابه65 الامنتمي متحدثا في رواية ذئب البوادي:
" ... ولكي يوضح هالر شقاءه، قسم نفسه إلى شخصين، إلى إنسان متحضر وإلى ذئب. فأما الإنسان المتحضر فإنه يحب كل ما يمت بصلة إلى عالم أميل شكلير الأول كالنظام والنظافة والشعر... ولا يسكت إلا في البيوت التي تحتوي على مدافئ أنيقة وأرضيات لماعة نظيفة. أما نصفه الثاني فهو المتوحش الذي يحب العالم الثاني: عالم الظلام. إنه يفضل الانطلاق والخروج على القانون، فإذا أحب امرأة فإنه ليشعر بأن الطريقة الوحيدة للحصول عليها هي في قتلها واغتصابها، وهو يعتبر الحضارة البورجوازية وكل خطئها نكته كبيرة. ( )
(أما مصطفى سعيد فقد استقر في قرية ود حامد البسيطة وما فتئ يتصارع مع أنصافه المتضادة في غرفته تلك ذات المدفئة التي أسسها على نمط أوروبي وسط بيوت القرية الطينية.
إن مصطفي سعيد اللامنتمي، كان يجد في معالجته لفن الرسم، وقرض الشعر، كما تبين للراوي حينما ولج عرفته بعد انتحاره – إرضاءً لحاجته في التخلص من واقعه المرير، ونصفه الشرس باعتباره ذئبا وإنسانا متحضرا معاً.( كان ولابد أن تكون نهاية المطاف نهاية تراجيدية فالبطل لامنتمي هازئ من القيود والضوابط التي تسود عالما لا يقدم له من منظوره سوى التناقضات، ومثلما يدعي العدل فهو ظالم ومعتد.هذه النهاية التراجيدية تمثلت في رفع الستار من مسرحه الوهمي الذي تسبب في انتحار ثلاثة نساء وجدن فيه الرجل ولم ير فيهن سوى دمى يحركها في مسرحه حيث شاء )
( أليس صحيحا إنك كنت تعيش مع خمس نساء في وقت واحد ؟
بلى
ومع ذلك كنت تكتب وتحاضر عن الاقتصاد المبني على الحب لا على الأرقام ......
بلى
.... ....... كانت لندن خارجة من الحرب ومن وطأة العهد الفيكتوري عرفت حانات تشيلي , وأندية هامند , ومنديات بلو مزيري , اقرأ الشعر , وأتحدث في الدين والفلسفة ...... أفعل كل شيء حتى أدخل المرأة إلى فراشي....."
عاش البطل حياة مزدوجة فتارة هو أستاذ اقتصاد أقرب إلى المصلح الاجتماعي والداعي إلى القيم الإنسانية , وتارة أخرى " ذئبا" يتصيد النساء طالبا للذة.....
هنا نرى أن البطل كان قلقا في حياته كهالر بطل رواية " ذئب البوادي " للكاتب الألماني هيرمان هسة . كان هالر قلقا روحيا ولا منتميا مستمتعا بإنتاج الغرب والرفاهة المادية إلا أنه ينتقد ويحس بالتصدع الاجتماعي وسيادة الجشع والفوضى .إن هذا القلق الروحي إلا ثأر من الغرب المستعمر ،إذ حول مصطفى سعيد في ذهنه النساء الانجليزيات إلى صورة للاستعمار يضاجعهن فيحس انتصارا وانتقاما من الاستعمار الانجليزي للسودان .
نلمس هذه الصورة في بعض استراتيجيات إغراء البطل للنساء " ألف ليلة وليلة، دور السيد وآلامه . رغم أن الاستعمار الانجليزي لم يؤذ البطل في شيء بل علٌمه وبعثه كممنوح للدراسة في أوروبا إلا أنه كان يقاومه " بطريقة عوجاء، مطاردة النساء الانجليزيات وتحطيم قلوبهن ومن ثم بالخديعة . كان هالر بطل ذئب البوادي قلقاً كذلك منتقدا للعالم الرأسمالي وعصر الآلة ومتمتعا منعما برفاهيته في ذات الوقت . هذا هو الحال مع البطل مصطفى سعيد تجاه الاستعمار. فقد ترفه و تعلم في كنفه وعاش كإنجليزي أسود وسط الطبقة الانجليزية الأرستقراطية ،غير أنه كان بالمرصاد لهذا العالم، مرحلة الاستعمار ينتقدها ويقاومها وفق تصوره مقاومته الهزلية "أتيت لأفتح أوروبا بعيري ......"
لقد ظل البطل يجند كل قواه ضد الاستعمار ليبرر خطأه وأكذوبة حياته وجريمة قتله لجين موريس ,فهو كما رأينا في المحكمة قد أثار الذاكرة التاريخية ليعري مساوئ الاستعمار وإذلاله للمستعمرين .
إن شخصية ( الرجل الذئب) شخصية معهودة في الحياة الواقعية يمارسها البعض صراحة, ويعيشها البعض سرا, أو في خيالهم , فالإنسان في حد ذاته بشقيه " الحيواني والإنساني " في صراع مع تضاد ذواته فإما أن ينتصر(لذات) دون الأخرى أو يوفق بينهما على نحو أعوج فاقد لرباط ديني , الذي لم يعشه طيلة حياته إلا متصنعا ممثلا في قرية ود حامد! ....." كان يصلي الجمعة في المسجد...... لقد عاش البطل متنقلا خوفا من الاستقرار الذي لا يعني له سوى الثبوت أي الموت الذي ظل يسوفه بعد أن عزم على الانتحار بعد قتله لزوجته جين مورس وما تشظي شخصيته إلا مرآة لهذه الحيوات _النقل الذي عاشه بلندن وفي دول أخرى وفي السودان.
" .... إن لذة التنقل والارتحال هي لذة منبعها الخوف من الموت فيكون العالم من غير حنين ....بخوف هلع , ولم يعد ( الفرد) يلتفت إلى الماضي ... فلا وطن ولا تاريخ . الوطن والتاريخ يكمنان في الماضي الذي انتهى بالنسبة إليه فمات فيه حس النوستا لجيا موتا نهائيا .... فلا حنين إلى مكان ولا تمسك بزمان...................) ( )
( ) تفاحة آدم \ حنا عبود \ صفحة 105 \ الطبعة الأولى 1980 \ دار المسيرة بيروت .
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
نساء حول البطل مصطفى سعيد
أربع نساء انتهت حياتهن بمأساة أليمة .... ثلاثة منهن انتحرن لاكتشافهن – في نهاية المطاف – لخديعة البطل لهن , والرابعة جين موريس زوجته اغتتلها طعتا لأنها كانت تخونه وتستفزه , وتتأبى عليه حتى بعد تزوجه بها . كانت جين موريس امرأة لا مبالية تبحث عن الموت بأي وسيلة فوجدت البطل خيرمن يمنحها له فقد كان هو الآخر لامبالي معتقدا في مسرح الوهم \ أكذوبة حياته الى حد التماهي فيه فلم يميز بين دوره على خشبة مسرحه الذي أنشأه بذاته وبين الحياة الواقعية .
نقول " قد أطال التمثيل فصعب عودته الى الواقع !!!!!
كانت شيلا غرينور احدى ضحاياه الاربعة من مجتمع انجليزي ريفي لا يقبل الارتباط بالأجنبي لا سيما الرجل الأسود غير أن شيلا لم تكترث للمقايس العنصرية والتعالي فاستسلمت لحبها للبطل مصطفى سعيد الذي أدرك ايمانها بمستقبل الطبقة العاملة . لم يهمه شيء – سوى أنانيته – فأغراها باستراتيجية اغراء- عطور الصندل والبخور الشرقي والعوالم الافريقية بمكنوناتها وصورها , فوقعت في فخ حباله " كانت تتأملني كل مرة كأنها تكتشف شيئا جديدا . تقول لي ما أروع لونك الأسود , لون السحر والغموض والأعمال الفاضحة ......".
أثر أن دخل الراوي غرفة البطل كان كل ملمح وصورة فيها – كصور ضحاياه الأربع من النساء – يضيئ ذاكرته -كمصباح يدوي - فيستحضر حياة ومغامرات هؤلاء النساء مع البطل .
ما أن وضع الراوي صورة شيلا غرينود الجميلة السابققة الذكر , الا وانتدت يده الى صورة ضحية أخرى – ايزابيل سيمور – فتذكر ما رواه البطل عنها , سيدة متزوجة من جراح ناجح , قضت معه أحدى عشر عاما في حياة زوجية سعيدة فاصطادها البطل .
كانت ايزابيل سيمور مريضة بالسرطان تبحث عن السعادة بأي شكل كان حتئى تنسى ألم هذا الداء العضال فوجدتها عند البطل المتمرس في الأكاذيب والوهم .
وفي المحكمة لم يشن زوجها الجراح عداءا ضد البطل ولكنه أبدى فقط حزنه لفقد زوجته. بارحت ايزابيل سيمور مسرح الحياة تاركة رسالة اعتذار وطلب صفح من زوجها . لقد اعترفت له قبل موتها بعلاقتها بالبطل مصطفى سعيد , أما هو فزوج صفوح لم يثأر من البطل وانما كان ينظر الى الأمور بموضوعية في محكمة الأولدبيلي . كان شاهد دفاع لا اتهام ...." أما البطل مصطفى سعيد فكان يرى في كل دفاع عنه تآمر عليه ليسجن فيعذب , بدلا عن الحكم بالموت الذي جبن من تنفيذه بنفسه منذ أن شهقت جين موريس زوجته وهو يقتلها طعنا قائلة " تعال معي .... لا تتركني لوحدي ..... كانت حياتي وقتها قد اكتملت وما من ثمة داع للبقاء ....."
يقول الراوي وهو يلتقط صور ضحايا البطل واحدة تلو أخرى ويتذكر مجرى الأحداث وماأساتها " والتقط صورة في اطار من الجلد, هذه آن همند ...." كانت آن " ابنة كولونيل من عائلة أرستقراطية تدرس الفلسفات الشرقية ومترددة بين اعتناق الاسلام والبوذية فاصطادها البطل مغريا لها بتراث الشرق – وأشعار أبو نواس – وبغرفته المسحورة بالعطور , والتمناثيل الافريقية والخطوط العربية فأوهمها بقصص خيالية حتى أصبح الوهم حقيقة في واقعها والعكس تماما . قلب البطل الأدوار في استراتيجية اغراءه فجعلها الخادمة وهو السيد \المستعمر " قلت لها بصوت آمر " تعالي
فأجابتني بصوت خفيض " سمعا يا مولاي ........"
ومثلما تركت شيلا غرينور رسالة وداع لاكتشافها للا حبه لها ومسرح وهمه تركت آن همند كذلك " وجدوها في شقتها في هامستد ميتة انتحارا بالغاز ورسالة تقول فيها " مستر سعيد لعنة الله عليك " هكذا كانت نهايتها حينما اكتشفت خديعة البطل لها , وخواء مسرح الوهم الذي أنشأه ومهدت له دون أن تدري معنية الأمر في آخر مطاف
كان الراوي ينتقل ببصره في متحف الشمع \مسرح الوهم \ غرفةالبطل
فما أن أبصر صورة شيلا غرينود , وآن همند , وايزابيل سيمور , الا والتفتت نظراته بصورة البطل اليافع السن مع عائلة روبنسون في القاهرة . كانت مسز روبنسون تكاتب الراوي متفقدة لأسرته " زوجته وولديه .كانت مسز روبنسون بمثابة الأم النموذجية للبطل اذ منحته الحب والاهتمام وكانت حاضرة في محاكمته . لقد حذرته من جين موريس فلم يهتم بتحذيرها ,وبكي على صدرها حينما حكم عليه بالسجن لمدة سبعة أعوام . تذكر الراوي كل هذا وهو يسرح نظره في صورتها وزوجها مستر روبنسون المستشرق الذي أحب القاهرة وأسلم ودفن في مقبرة الأمام الشافعي وبعد وفاته شرعت مسز روبنسون في كتابة سيرة حياته وحياة البطل " انني أشعل نفسي بتأليف كتاب عن حياتنا ...." وتقول واصفة للبطل " .... كان مشهورا غير قادر على تقبل السعادة الا لمن أحبهم وأحبوه حبا حقيقيا مثلي ( وزوجي ) ..... لقد لفت الأنظار هنا الى البؤس الذي يعيش فيه أبناء قومه سأكتب عن الدور العطيم الذي لعبه تحت وصايتنا كمستعمرين ......
..... لقد كان طفلا معذبا ولكنه أدخل على قلبي وقلب زوجي سعادة لا حد لها ....."
نعم لقد كان البطل مأساة نتيجة طفولته الحزينة " برود أمه, وموت أبيه مبكرة , وانعدام الأهل والأقارب حواليه , فنشأ وسافر محتذيا ذاته كنموذج فأخطأ وفشل اجتماعيا , ولم يتخلص من أنانيته , ودوره كممثل في الحياة ورده المتطرف على الاستعمار " معادلة الجنس – الاستعمار" الى ان بارح الحياة انتحارا .
بعد ان تمعن الراوي في هذه الصور الشخصية للنساء الثلاث وعائلة روبنسون تذكر حسنة أرملة البطل و حبه لها , ورحيلها من الحياة منتحرة وقاتلة ل ود الريس لواد اهل قرية ود حامد لحريتها وتقرير مصيرها " يقول الراوي متذكرا للبطل .".... لا يوجد عدل في الدنيا ولا اعتدال
وأنا أحس بالمرارة والحقد , فيعد هؤلاء الضحايا جميعا توج حياته بضحية أخرى , حسنة بنت محمود المرأة الوحيدة التي أحببتها
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.