بسم الله الرحمن الرحيم [email protected] mailto:[email protected]ا المتابع للواقع السياسى السودانى الراهن وللإجراءات التمهيدية للإنتخابات القادمة..لا يسعه إلا وأن يشعر بالقلق إزاء ما سيحدث فى مسرح السياسة السودانية فى مُقبل الأيام القادمة والتى تبدو حبلى بحادثات سياسية قد يلدن كل غريب.. فالساحة تمور بالأحاسيس الجيَّاشة والترقب ، لتنفلت ، يمنة ويسرةً ،الإتهامات المتبادلة والوعيد المتبادل ، بين المؤتمر الوطنى وغرمائه من القوى السياسية المعارضة . هناك إشاعات كثيرة تتداولها الألسن حول السيناريوهات التى ستؤول إليها الأوضاع السياسية فى البلاد فى أبريل القادم حيث موعد الإنتخابات ، وتنصب هذه الإشاعات وتشكك حول إمكانية قيام الإنتخابات فى موعدها ؟ وإذا أُجريت بالفعل هل ستأتى النتيجة وفق ما يتيح لأهل السودان حكماً راشداً يُخرجهم من دوامة الصراع حول السلطة لتتجه البلاد صوب التنمية وتفجير القدرات ؟ الإجابة على مثل هذه الأسئلة سابق لأوانه و لكن دعونا من إستباق النتائج ولندقق فى مواقف أطراف العملية الإنتخابية ولاعبيها الذين سيخضون غمار المعركة السياسية القادمة وهم المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية والقوى السياسية المعارضة ، ونستجلى من واقع إستعداداتها ما ستؤول إلية العملية الإنتخابية المقبلة فى أبريل وهل هذه الدمدمة والشخير اللذان يُنذران بسيلٍ كاسح يقتلع كل شئٍ أمامه صحيحاً أم أن الأمر لايخرج عن كونه مجرد أوهام وتهيؤات أصابتنا جرّاء خيباتنا المزمنة فى الوصول إلى طريقة مثلى لحكم بلادنا تحقن الدماء وتضمن تداول سلمى وسلس للسلطة ؟. نبدأ تحليلنا بالمؤتمر الوطنى ، فالطريقة التى جاء بها إلى السلطة تتناقض تماماً مع فكرة التحول الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة خاصةً وأن السلطة التى أجهز عليها جاءت عبر الإنتخابات ، فهو بخلفيته التى تمثل مثاراً للجدل وإمكانياته المادية والبشرية والظروف التى أوصلته للسلطة فضلاً عن الغموض الذى يكتنف خططه للإنتخابات ، تجعلنا نتوجس خيفة مما يضمره حيال تحولٍ ديمقراطى حقيقى ينقل السلطة بيسرٍ إلى أطراف أخرى بينها وبينه تاراتٍ وضغائن وتصفية حسابات ، فواهم من يظن أن المؤتمر الوطنى سيتخلى عن السلطة بأى وسيلة من الوسائل ، فهو لم يستولى عليها ويبقى فيها منذ 1989م بالسهولة التى يتصورها البعض ورغم أنه وصل إلى السلطة بسهولة لكنه عان كثيراً فى سبيل الحفاظ عليها ، إذ خاض صراعات محلية وإقليمية ودولية مريرة حتى دانت له السلطة ومكث فيها زمناً طويلاً للدرجة التى شعر فيها بأنها حق أصيل لاينبغى لأحد أن ينازعه فيها وهو أمرٌ يجعل للإنتخابات القادمة دوىٌ وأزيز نسمعه اليوم . أما الحركة الشعبية فهى لم تصل إلى ما وصلت إليه من المشاركة الكبيرة الآن فى السلطة إلا بعد قتالٍ دامٍ و مرير ولم تكد تصدق أن هذه الإستراحة من القتال يهدد هجعتها الإنتخابات القادمة ، رغم أن سيرة وأحاديث التحول الديمقراطى وردت ضمن بنود إتفاق السلام الشامل الموقع فى نيفاشا عام 2005م ، ولذا سوف لن تطمئن لنتائج الإنتخابات القادمة وما إذا كانت هناك قوى سياسية جنوبية فاعلة غيرها ستفوز فيها ، خاصة تجمع أحزاب الجنوب الذى ظل يسبب صداعاً مزمناً للحركة على غرار ماتفعله القوى السياسية المعارضة لحكومة الإنقاذ فى الشمال ، ورغم الصراعات المحتدمة هذه الأيام بينها والمؤتمر الوطنى حول القوانين فى المجلس الوطنى وما صاحبه من إنسحاب للكتلة البرلمانية للحركة من قبة البرلمان ، ثم فشل وساطة المبعوث الأمريكى فى جوبا قبل شهرين فى التوفيق بين الشركين حول قانون الإستفتاء ثم فشله مرة أخرى قبل أيام فى الخرطوم ، إلا أن كل التحليلات تُشير إلى أن مصير الشركين مرتبط إلى حدٍ كبير ببقائهما معاً لأطول فترة ممكنة فى السلطة ، فهل ستصدق تلك الإشاعات المتداولة والتى تقول أنه فى حال فشل قيام الإنتخابات القادمة سيكون البديل السياسى هو المشروع الوطني بقيادة المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية، والذى يقضي ، بحسب زعم مروجيها ، بتمديد الفترة الإنتقالية لإتفاق نيفاشا ، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى تأجيل حق تقرير المصير لفترة زمنية أخرى ، عسى ولعّل أن يُسهم ويجود الزمن بحلٍ أكثر نجاعة يخرجهما من ورطة إنتخابت أبريل وإستفتاء عام 2011م ، فهل سيصمت الجنوبيون إذا ما أفرزت الإنتخابات وتفاعلاتها أوضاعاً سياسية جديدة تغمط حقهم فى تقرير المصير وتُهدر المكاسب التى نالوها فى نيفاشا؟. أما الضلع الثالث فى العملية الإنتخابية المقبلة فهو الاحزاب السياسية السودانية المعارضة للمؤتمر الوطنى والتى إشتد عودها وشعرت بثقة كبيرة فى النفس بعد مؤتمر جوبا والذى بث فيها روح الحياة ووفر لها الغطاء المالى والنفقى ، بعد أن كانت مهيضة الجناح كسيرة الخاطر بسبب المضايقات التى ظل المؤتمر الوطنى يسببه لها بدءً من تضييق الخناق على أنشطتها السياسية ومطاردة وإعتقال قيادتها والعمل على تكريس الإنشقاقات بين صفوف أعضائها وتفريقهم أيدى سبأ ، وهو الأمر الذى لم ولن يغفره المؤتمر الوطنى للحركة الشعبية حتى وإن لم يظاهر بغضبه هذا ، على كل حال ، وبعد توقيع مقررات مؤتمر جوبا وتحديد سقف زمنى هو ال 30/11/2009م لتنفيذها وإبتداع آليات للمتابعة أهمها الآلية المكونة من رؤساء الأحزاب وفى حال عدم تنفيذها لن تُشارك فى الإنتخابات أصبح لها مخالب وأنياب تهدد بهما ، إذ بدأت تنشط بوتيرة متصاعدة وتصعد من معارضتها للنظام ولطريقته فى إدارة العملية وتُهدد باللجوء إلى خيارات أخرى إذا ماتم تزوير الإنتخابات، وفى مستهل عملية تسجيل الناخبين والتى تعتبر ضربة البداية للموسم الإنتخابى ، ومن واقع التقارير و المتابعات التى تقوم بها فى مراكز التسجيل ، إتهمت القوى السياسية المؤتمر الوطنى بتلاعب واسع النطاق فى تسجيل الناخبين مع إستخدام وسائل الترهيب والترغيب مع الذين يرغبون فى التسجيل ، وقد تقدمت بمذكرة لمفوضية الإنتخابات تحوى هذه التجاوزات ، فلو صح هذا الإتهام فمن العسير أن تنجح الإنتخابات فى الخروج بنتائج تُرضى أهل السودان ، الجدير بالذكر أن القوى السياسية قد هددت مراراً بأنها حال فشل الإنتخابات القادمة فإنها لديها خيارات أخرى ستنتهجها فى سبيل الوصول إلى السلطة والإطاحة بحكومة الإنقاذ ،إذاً فالقوى السياسية لم تعد القوى السياسية التى تم تدجينها فى عهد الإنقاذ الأول ، ولذا لا يمكن التكهن بما ستفعله حال فشل الإنتخابات القادمة أو تزويرها حسب ماتزعم .