مولانا محمد عثمان الميرغني جالس على كرسي القداسة وهو ينظر بدهاء لعملية الشد والجذب داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي أُرهق من تداعيات غياب المؤسسية والعمل بمسميات شخصية مجموعة مولانا ومجموعة أبو سبيب ومجموعة علي السيد وهلم جرا.. وآثر الميرغني الصمت كعادته وأمسك عليه موقفه الذي يريد أن يبنيه وفقاً لنتائج المعركة بين التيارين تيار المشاركة الذي تماهى مع الحزب الحاكم من مصالحه والتيار الذي يتخذ من ضرورة التغيير الجذري طريقاً برفض الانتخابات المشكوك في صدقية تمثيلها لكل الناس كما حدث في آخر انتخابات ديمقراطية في العام 1985.. ومن ميزات التيار الأخير أنه يحتضن السواد الأعظم من الشباب والطلاب الذين يتقدمون الصفوف مع الآخرين في ميادين النضال. معطيات الأحداث ومجريات الاجتماعات في الصوالين الاتحادية أوضحت بجلاء أن التيار الرافض للمشاركة في الانتخابات تمضي في اتجاه حسم المعركة مؤسسياً لإخراج الحزب من حالة الشخصنة الميرغنية والشاهد على ذلك البيانات التي صدرت من قيادة الحزب بولاية الجزيرة والبحر الأحمر وشمال كردفان وشمال ودارفور والنيل الأبيض، وهناك قيادات بارزة ترفضت الترشح في دوائرها ومنهم طه علي البشير في دائرة الدبة، وعلى نايل في كرري، وميرغني عبدالرحمن في أم روابة، وسليمان دقق في شمال للأبيض. من أزمات الحزب الاتحادي الديمقراطي تقاطع المصالح بين قياداته، فالمعلومات المتدفقة من بيوت أسرار الحزب أن تيار المشاركة الذي يقوده محمد المعتصم حاكم يريد أن يحقق به مكاسب شخصية وأنه موعود بملحقية دبلوماسية على حد قول مصادر مطلعة داخل الحزب، بل تيار المشاركة نفسه يشهد صراعاً حاداً بين أحمد سعد عمر والخليفة عبدالمجيد عراب المشاركة الأولى لأنه يريد للمشاركة الثانية أن تأتي محمولة على أكتافه وليس على أكتاف أحمد سعد عمر الشيء الذي جعله يتخذ موقفاً مغايراً وعزم الرحيل إلى لندن للقاء الميرغني وإقناعه بإيقاف دوران عجلة المشاركة في الانتخابات لكونها ضعيفة، أي المشاركة.. وتتسارع حملة الطعن والتشكيك في دعاة المشاركة، ووردت معلومات تشير إلى وجود صفقات مالية مع محمد الحسن الميرغني نجل الميرغني للدخول في الانتخابات.. وما بين هذا وذاك تمضي الفترة المفتوحة للترشح للدوائر الجغرافية نحو نهاياتها إذ تبقى يومان ولم يسحب الاتحادي الأصل استمارة الدوائر الجغرافية. والجميع في حالة ترقب وانتظار لمعرفة أين يتجه مؤشر بوصلة الميرغني، هل سيضحي بقياداته مقابل ترضية الذات والأشخاص الذين يدورون في فلكه أم يحكِّم صوت العقل ويحافظ على وحدة حزبه أم يتركه لسياسات الحزب الحاكم ليتمزق وحينها يصعب على مولانا الرتق. بلا انحناء الجريدة [email protected]